8 أبريل، 2024 3:30 ص
Search
Close this search box.

بعد منحهم “نوبل للطب” .. اكتشف أهمية الساعة البيولوجية لجسم الإنسان !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – بوسي محمد :

منحت “جائزة نوبل للطب” لعام 2017 إلى الباحثين الأميركيين “غيفري س. هال”، و”مايكل روسباخ”، و”مايكل دبليو يانغ”؛ لاكتشافهم كيفية التحكم في إيقاعاتنا البيولوجية. وهنا يطرح تساؤل: “ما هو الضوء الذي يلقيه على دورة الحياة ؟”.

يقصد بـ”الساعة البيولوجية”، بأنها الآليات التي تضبط إيقاع الأفعال الحيوية لدى الكائنات الحية بما فيها البشر، على مدار اليوم، وتتحكم في مواءمتها مع عناصر تشمل البيئة وشدة الضوء ودرجات الحرارة ودورات التأكسد، حسبما أوردت صحيفة “الغارديان” البريطانية.

نجحت فكرة “ساعة الجسم الداخلية” أن تسيطر على فكر الإنسان، الذي يطرح تساؤلات عدة حول أهميتها وكيفية عملها ودورها ؟.. وكان هذا هو الحال بالنسبة لثلاثة من علماء الأحياء الأميركيين، “غيفري هال”، “مايكل روسباخ” ، و”مايكل يونغ”، الذين حصلوا على “جائزة نوبل في الطب”، أو علم وظائف الأعضاء هذا العام، لاكتشافهم للجينات الرئيسة التي تسيطر على إيقاعات الساعة البيولوجية للجسم.

بدايتها..

بدأت التلميحات تشير لأول مرة إلى “ساعة الجسم الداخلية” في وقت مبكر من القرن الثامن عشر، عندما لاحظ العالم الفرنسي “جان جاك أورتوس دي ميران” أن النباتات قد حافظت على إيقاعها اليومي في فتح وإغلاق أوراقها رغم وضعها في أحد أنواع الأكياس في غرفة معتمة تماماً بعيداً عن أشعة الشمس، فعندما جاءت ساعة الشروق بدأت تفتح أوراقها مثلما اعتادت في الطبيعة، وهذا يعني أنها تحتوي على ساعة تنبيه داخلية.

ومن هنا جاءت الفكرة للعلماء الأميركيين الثلاثة، الذين حصلوا على جائزة نوبل في الطب لعام 2017، وهي التعمق في تفاصيل آلية عمل تلك الساعة المنبهة الحيوية، والتي كانت سبباً في نيلهم نوبل للطب.

ووفقاً للصحيفة البريطانية، عندما كان “هول وروسباخ ويونغ” يستخدمون ذباب الفاكهة لعزل الجين الذي يسيطر على إيقاع الحياة اليومية للكائن الحي، حصل العلماء على أول لمحة حقيقية عن آلية حفظ الوقت التي “تشرح كيف تتكيف النباتات والحيوانات والبشر مع الإيقاع البيولوجي، بحيث يتزامن مع ثورات الأرض”.

وقالت لجنة جائزة نوبل، أنه باستخدام ذبابة الفاكهة، حدد الفريق الجينات “فترة”، التي تشفر بروتين داخل الخلية خلال الليل والتي تتدهور بعد ذلك في فترة النهار، أثناء دورة ردود الفعل التي لا نهاية لها.

وقال البروفيسور “روسباخ”، 73 عاماً، وهو عضو هيئة التدريس في جامعة “برانديز في والثام”، ماساتشوستس، إنه عندما نشرت ورقته البحثية في الثمانينيات، لم يكن لديه “أفكار عظيمة” حول أهمية الاكتشاف.

وقال: “من الواضح أن الساعة البيولوجية لديها دور هام في جميع أنواع العمليات الأساسية من خلال التأثير على جزء هائل من الجينوم”.

اكتشف العلماء نفس الجين موجود في الثدييات، وأنه يتم التعبير عنه في منطقة الدماغ الصغيرة، والتي تسمى “نواة سوبراشياسماتيك”، وهي ترتبط بشبكية العين، وعلى الجانب الآخر توجد بين الغدة الصنوبرية في الدماغ، الذي يضخ هرمون النوم “الميلاتونين”.

وقال “يونغ” إنه اكتشف مؤخرًا وجود طفرة جينية في بعض الأشخاص الذين يمتلكون مشاكل مزمنة في النوم. لافتاً إلى أن هذا منحهم هدفاً للعمل وطرقاً للتفكير لم يمتلكونها في السابق.

وقال أحد الفائزين الثلاث، “غيفري هول”، أن الاكتشاف قد يفتح الفرصة لعدد من الأشخاص الذين يعانون من أمرض مزمنة عضوية أو نفسية أمام تحسين صحتهم وحياتهم.

قد لا تكون أنماط الحياة الحديثة مقيدة بشروق الشمس وغروبها، ولكن يبقى الضوء واحداً من أقوى التأثيرات على سلوكنا ورفاهيتنا. وقد أدى هذا الإدراك إلى تأجيج حركة الجسم، والتي يشير مؤيدوها إلى أن التعرض للأضواء الساطعة قبل النوم أو قضاء اليوم بأكمله في مكتب خافت الإضاءة يمكن أن تضعف دورة الإيقاع الطبيعي.

أهميتها..

يرحب “روزسباخ” بهذا الوعي الجديد قائلاً: “لقد تم التغاضي عن الساعة البيولوجية لفترة طويلة كمشكلة صحية، فكل المجتمع الغربي محروم قليلاً من النوم، وعندما أقول قليلاً، أعني مزمناً، وهناك أدلة متزايدة على أن الانفصال عن الدورة البيولوجية يمكن أن يكون له عواقب صحية طويلة الأجل أكثر بكثير من بعيدة المدى من التعب”.

في البداية، كان من المفترض أن “الساعة الرئيسة” للمخ هي ساعة التوقيت الداخلية الوحيدة للجسم في العقد الماضي، على الرغم من أن العلماء أظهروا أن الجينات على مدار الساعة تكون نشطة في كل نوع من الخلايا تقريباً في الجسم. وقد وجد العلماء أيضاً أن نشاط ما يقرب من نصف جيناتنا تحت السيطرة اليومية.

لم تتوقف أهمية الدورة البيولوجية في الحفاظ على النظام فيما يتعلق بالعالم الخارجي، إنما له دور كبيراً داخل الجسم، حيثُ تساعد في إفراز الهرمونات، لإعداد الإنزيمات الهضمية في القناة الهضمية، للتغيرات في ضغط الدم.

وقال “كليفورد سابر”، أستاذ علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد: “إن الفكرة الخاطئة الأكثر شيوعاً لدى الناس حيث يعتقدون أنهم لا يجب عليهم اتباع قواعد البيولوجيا، ويمكنهم فقط تناول الطعام والشراب والنوم واللعب والعمل في أي وقت وإينما شاءوا”. مشدّداً على أهمية ودور الساعة البيولوجية في بعض من أهم الجوانب الأساسية في حياتنا؛ مثل الطاقة والصحة والخصوبة، مستنداً في قوله على اكتشاف العلماء الأميركيين الثلاثة، الذين أكدوا على أن هناك ثمة علاقة قوية بين الجسد والزمن.

ومن جانبه يقول البروفيسور “راسل فوستر”، رئيس علم الأعصاب في جامعة أكسفورد: “تتكيف الساعة الرئيسة بسرعة مع مستويات الضوء المتغيرة، ولكن أعضاء جسدك أبطأ بكثير في التكيف مع مستويات الضوء وتفعل ذلك بسرعات مختلفة”.

وتابع: “يساعد الاكتشاف الجديد، الذي توصل إليه العلماء الثلاثة الحائزين على نوبل في الطب لعام 2017، على شرح مجموعة واسعة من المخاطر الصحية التي يواجهها عمال المناوبة، الذين هم أكثر عرضة للمعاناة من أمراض القلب والخرف والسكري وبعض أنواع السرطان، الذين يتجاوزن بيولوجيتهم ولا يعيرون اهتماماً بها”.

مخاطر إهمال الساعة البيولوجية..

اثبتت الأبحاث والدراسات العلمية، أن الأشخاص الذين يعانون من أنماط النوم غير المنتظمة تزداد فرص إصابتهم بـ”داء السمنة”، مقارنة بأولئك الذين يعيرون اهتماماً بساعتهم البيولوجية.

وقد وجد فريق “كليفورد سابر”، أن الحيوانات التي لا تحصل على قسط كافِ من النوم، ولكنها تحافظ على نمطها اليومي، لا تكتسب وزناً زائداً. ولكن عندما يتم وضعهم في دورة ضوء مظلمة لمدة 20 ساعة، يزداد شعورها بالجوع لدرجة الشراهه.

وقال “سابر”، أن الأشخاص الذين يبقون في وقت متأخر من الليل أمام شاشات التلفاز مع تعرضهم لمستويات عالية من الضوء الأزرق، وتناول الأطعمة الغنية بالدهون، قد يكون سبباً رئيساً لإصابتهم بالبدانة وداء السكري.

وأضاف: “الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية بين الساعة السادسة صباحاً والثانية عشرة ظهراً من أي وقت آخر من اليوم بنسبة 49٪، نفس الوضع ينطبق مع النوبات القلبية، ويرجع هذا إلى ارتفاع الساعة البيولوجية في ضغط الدم في الصباح الباكر، والذي يحدث حتى لو كنت مستلقياً في السرير لا تفعل أي شيء، لذا يستوجب على مرضى الضغط  تناول عقاقير ضغط الدم أول بأول، قبل النهوض من السرير”.

وتابع: “تقوم العقاقير المستخدمة في خفض نسبة الكولسترول في الجسم بدورها بكفاءة أفضل؛ إذ تم تناولها قبل الذهاب إلى السرير ليلاً”.

ولفتت “الغارديان” إلى أن العلماء اليوم أصبحوا يدركون أن ساعات الجسد تؤثر على الانتباه والجوع وعمليات الخصوبة والحالة المزاجية، وبدأ الباحثون بدراسة آثار النوم غير المنتظم وأنماط العمل أو الأطفال الذين يظلون مستيقظين لساعات متأخرة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب