16 ديسمبر، 2024 5:44 ص

بعد مقتل “البغدادي” .. ماذا سيكون مصير “داعش” ؟

بعد مقتل “البغدادي” .. ماذا سيكون مصير “داعش” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

أثار مقتل “أبوبكر البغدادي”، زعيم تنظيم (داعش) الإرهابي، ردود  فعل عالمية ما بين مهنيء ومحذر ومتخوف لما سيترتب على ذلك من نتائج.

وبينما يتفق البعض على أن مقتل “البغدادي” من غير المحتمل أن يمثل ضربة موجعة للتنظيم؛ بعدما فقد كثيرًا من عناصر قوته وأصبح مشتتًا وقليل الحيلة، إلا أن نهاية “البغدادي” تُغلق فصلاً حاسمًا من إنهيار دولة ما يُسمى “الخلافة”، التي أطلقها “البغدادي” نفسه في خطاب طويل عقب إستيلاء (داعش) على مدينة “الموصل”، ثاني أكبر مدن “العراق”، في حزيران/يونيو 2014، وتمكنه بعدها من جلب حوالي 40 ألف أجنبي من حول العالم، بعدما دعا إلى ما وصفه بالجهاد إنطلاقًا من دولة الخلافة.

“جيه بيرغر”، مؤلف كتاب (داعش.. دولة الرعب والإرهاب)، يقول إن مقتل “البغدادي” يطرح سؤالاً عن مصير هوية التنظيم في المستقبل، وهل سيتبنى من سيخلف “البغدادي” على رأس التنظيم عباءة الخلافة، أم أن إستراتيجية الخلافة ستموت مع موت “البغدادي” ؟.

سيناريوهات مصير التنظيم..

وفي محاولة للإجابة على هذه التساؤلات، قال “عمرو فاروق”، الباحث في شؤون الإسلام السياسي، إنه بعد أنباء مقتل “أبوبكر البغدادي” هناك عدة سيناريوهات محتملة يمكن حدوثها بشأن بقاء تنظيم (داعش)، أولهم وجود نائب كـ”أبوعمر قرداش”، والذي كان يعمل كضابط بالجيش العراقي، الأمر الذي ربما يدفع التنظيم لمزيد من القوة وإعادة ترتيب الصفوف مرة أخرى، خاصة وأن التنظيم بعد خسارته في “سوريا” و”العراق”؛ لديه عدة ولايات بالمنطقة العربية وآسيا وإفريقيا.

وأضاف “فاروق” أن السيناريو الثاني لموقف (داعش)، بعد مقتل “البغدادي”؛ هو أن يتحول التنظيم إلى مجموعة من الخلايا العنقدية أو ما أُطلق عليها “الذئاب المنفردة”، والتي يتم توظيفها في عملية استهداف بعض المؤسسات الغربية، خاصة أن هناك عدة دول ما زالت راعية للإرهاب توظف (داعش) لتحقيق مصالحها في المنطقة العربية والشرق الأوسط؛ مثل “إيران” و”تركيا” و”قطر”.

وتابع أن السيناريو الثالث يتمثل في تفكيك التنظيم نهائيًا، ويتم قيام العناصرالقيادية بالسيطرة على بعض الفروع المتبقية من التنظيم، وتحويلها لمجرد كيانات خاصة بذاتها، بحيث يتحول كل فرع من الفروع المتفككة من التنظيم لنموذج منفرد بذاته في شكل نسخة جديدة من تنظيم (داعش)، ولكن بآليات مختلفة، ولكن دون وجود قيادة مركزية للتنظيم والتي ستنهار تمامًا في حالة حدوث هذا السيناريو. وأوضح أن وجود “أبوعمر القرداش”، الذي وصفه بالشخصية المسردبة في المشهد، قد يعيد ترتيب تنظيم (داعش) من جديد خلال المرحلة القادمة، في إشارة إلى أنه يعتبر السيناريو الأقرب من وجهة نظره.

سترد بضرب المصالح الأميركية بالشرق الأوسط..

أما عن رد فعل التنظيم على “أميركا”، بعد مقتل “البغدادي” على يد قوات العمليات الخاصة، (دلتا فورس)، فقال من جانبه أن الخلايا العنقودية المتبقية من التنظيم إذا أرادت الانتقام فسوف يكون هذا من خلال ضرب المصالح الأميركية بالشرق الأوسط والمنطقة العربية وإفريقيا.

يجب مسائلة “إردوغان”..

وحول كيفية وصول زعيم تنظيم (داعش) الإرهابي إلى “إدلب”؛ قال “حسام طالب”، المحلل السياسي والخبير بالجماعات التكفيرية، إن: “البغدادي بإعتراف الأميركي وبإعتراف الـ (سي. آي. آيه) الأميركية قالت أنه متواجد على الحدود (السورية-العراقية) في صحراء الأنبار، وانتقل بالتأكيد إلى تركيا إما عن طريق البر أو على متن المروحيات الأميركية، البغدادي دخل إلى إدلب عبر الحدود (التركية-السورية)، والإستخبارات التركية والجيش التركي المنتشر على الحدود هم من أدخلوا البغدادي مع الآلاف من الإرهابيين المدجيين بالسلاح والمدعومين بعتاد عسكري ثقيل كامل من أجل أن ينفذوا معارك وعمليات قتالية داخل سوريا؛ وليس لإنشاء منطقة آمنة كما يدعي التركي، وأمام هذه المعطيات يجب أن يتحمل الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، المسؤولية، ويجب على الحليفين الروسي والإيراني مسائلة الرئيس إردوغان كيف نقض الاتفاقات، لأن البغدادي وعناصره الإرهابيين لم يكونوا ليستطيعوا الدخول إلى إدلب إلا من خلال التنسيق مع (جبهة النصرة) الإرهابية بدعم تركي، إذاً اليوم نحن أمام واقع مؤكد بعد هذه العملية ومقتل البغدادي في إدلب؛ أن إردوغان لا يريد التوقف عن دعم الإرهابيين، ولا يريد أن تنتهي الحرب في سوريا من خلال توافق كما يدعي”.

ترامب” يستثمر الحادث في الانتخابات..

وحول ما سيحققه “ترامب” من هذه العملية، قال “طالب”: “بكل تأكيد ترامب سوف يستثمر هذه العملية سياسيًا، ونحن نذكر أنه على أبواب الانتخابات الأميركية في عهد الرئيس، جورج بوش الأبن، قُتل أبومصعب الزرقاوي، وفي عهد أوباما، وقبل الانتخابات أيضًا، قُتل أسامة بن لادن، واليوم نرى أنه وعلى أبواب الانتخابات مرة جديدة يتم قتل زعيم تنظيم (داعش) الإرهابي، يعني هم مجرد أوراق بيد الأميركي يستخدمها قبل الانتخابات ولتحقيق أهدافه، وهذه الأوراق، هي هؤلاء القيادات التي لم تعد تصلح للاستعمال. القيادات الإرهابية تحتاج إلى دم جديد وهذا الأمر ينفذه الأميركي وفق مصالحه. ترامب سوف يستثمر مقتل البغدادي داخليًا ويتوجه بالاتهام ضد الديمقراطيين الذين يقومون بالضغط عليه ومحاصرته ويطالبون بمحاسبته، ليتهمهم بأن هم من أسسو تنظيم (داعش) الإرهابي، وأنه هو من خلص العالم من هذا التنظيم الإرهابي”.

يستنزف بعض الوقت للحصول على مكاسب سياسية..

عن أثر مقتل “البغدادي” على تنظيم (داعش) الإرهابي؛ قال “طالب”: مشروع (داعش) إنتهى في “سوريا” و”العراق”، بعد أن انتصر الجيشين، العربي السوري والعراقي مع القوات الرديفة، ونحن نتذكر غرفة العمليات المشتركة في “بغداد” بين “روسيا وسوريا والعراق وإيران”، هذه الغرفة هي من قضت على تنظيم (داعش) الإرهابي، وليس الأميركي الذي كان يقتل الأطفال والنساء والمدنيين بحجة محاربة (داعش). اليوم الأميركي يريد إطالة أمد الحرب على “سوريا”، هذا كل ما يمكن أن يفعله.

وتابع بقوله: لا يمكن أن نقول أن “الولايات المتحدة” هي من أنهت الإرهاب أو المشروع التكفيري؛ لأنها هي من أسسته بإعتراف الأميركيين أنفسهم، بهدف تدمير الدول من الداخل. الأميركي حافظ على الجماعات الإرهابية في “أفغانستان”، منذ التسعينيات حتى عام 2003؛ وجاء بها عندما احتل “العراق”، وبعد عام 2006 – 2007؛ خبأها حتى عام 2011، وأتى بها لنشر الفوضى في الدول العربية من خلالها في ما سمي بـ”الربيع العربي”، إذ الأميركي إنهزم في “سوريا” و”العراق”؛ ولم يعد يستطيع استثمار الإرهابيين أكثر من ذلك، والأمر عسكريًا محسوم لدى الدولة السورية وحلفاءها وحتى عند الأميركي أيضًا، لذا يريد الأميركي استنزاف بعض الوقت ليحصل على مكاسب سياسية وسوف يحتفظ بالإرهابيين وقياداتهم ليستثمرها في جبهة أخرى بقائد جديد، لكن ليس في “سوريا” لأن الأمر كما قلنا حسم في “سوريا”.

خلق “خلافة جديدة”..

من جهته؛ يؤكد الخبير العراقي في شؤون الجماعات المتطرفة، “هشام الهاشمي”، أن مقتل زعيم تنظيم (داعش)، “أبوبكر البغدادي”، لا يعني نهاية التنظيم، إنما يعني سعي ما تبقى من عناصر التنظيم إلى خلق “خلافة جديدة”.

وأوضح إن المتطرفين “وبعد قتل خليفتهم، أبومصعب الزرقاوي، في 2006، ظهر خليفة من بعده، وهذا ما حصل في 2010 أيضًا، وهذا ما سيحصل”.

إما السكون أو الانقسامات..

وأضاف أن المرحلة الحالية للتنظيم ستشهد “السكون والهدوء”، وربما تشهد “انقسامات أو خلافات” إلى حين التوافق على قائد جديد، وخلال هذه الفترة ربما نشهد هروبًا “لخازن المال” أو مسؤول الإمدادات المالية، إذ أن تحصيل المغانم المالية ستكون أيضًا هدفًا للعديد من عناصر الصف الأول من التنظيم.

ويرجح “الهاشمي” أن يتسلم الخلافة شخص من الجنسية التونسية أو منطقة الجزيرة السورية، “جزراوي”، إذ يرى أنها خرجت من عهدة القادة من الجنسية العراقية الموجودين في التنظيم.

توقعات بتكثيف غارات التحالف..

ويعتقد “محمد حسن”، الباحث في سياسات الأمن القومي في “مصر”؛ أن التنظيم موجود على الأرض، والحرب ضده يجب أن تستمر.

مشيرًا إلى أن: “الخلافة من بعد البغدادي كانت مقررة أصلًا بتعيين، عبدالله قرداش، والذي يُعد من أخطر القيادات في (داعش)”.

ويرى أنه من المحتمل أن “نشهد انقسامات لبعض فرق أو أجزاء من التنظيم؛ ويمكن أن تكون متوزعة في عدة مناطق جغرافية، إذ أن هيكل التنظيم سيختلف بمقتل البغدادي”.

و”قرداش”؛ هو تُركماني الأصل من قضاء “تلعفر”، غرب “الموصل”، وكان معتقلًا في سجن “البصرة” مع “البغدادي”، وهو خريج كلية “الإمام الأعظم”، في مدينة “الموصل”، ويتسم “قرداش” بالتسلط والتشدد.

ويتوقع “حسن” أن يؤثر مقتل “البغدادي” على الخلايا التابعة للتنظيم بـ”سيناء”، في “مصر”، بشكل كبير، وقال إنها: “ستشهد انقسامًا في القيادة، خاصة وأن البغدادي يمثل قيمة روحية ومعنوية هامة لأتباعهم هناك”.

ويتوقع “حسن” أن يكثف “التحالف الدولي” من الهجمات والغارات العسكرية ضد خلايا التنظيم، الذي أصبح الآن في أضعف حالاته، لكنه لم يخف مخاوفه من إعادة تموضع الخلايا في مناطق جغرافية أخرى ربما تكون جديدة، خاصة في دول شمال إفريقيا.

الحرب مع التنظيم ستستمر لـ 10 سنوات قادمة..

فيما يقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، “منير أديب”، إنه رغم مقتل “البغدادي”؛ فإن قوات “التحالف الدولي” سوف تحتاج إلى حرب تستمر لما لا يقل عن 10 سنوات، من أجل هزم (داعش) والقضاء عليه أمنيًا وعسكريًا وفكريًا.

وأوضح أن تنظيم (القاعدة)؛ الذي يُعد المظلة الأساسية لـ (داعش)، كان قد شهد خلافات بعد مقتل “أسامة بن لادن”، حتى اتفق على تسليم “أيمن الظواهري” الخلافة من بعده، وكذلك الأمر سيحصل مع (داعش)، فمقتل “البغدادي” يعني مهلة إلى حين الاتفاق على خليفة جديد لهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة