27 سبتمبر، 2024 2:26 ص
Search
Close this search box.

بعد مرور أسبوعين على التسلل الأوكراني للأراضي الروسية .. ما النتائج ؟ وهل تنسحب ؟

بعد مرور أسبوعين على التسلل الأوكراني للأراضي الروسية .. ما النتائج ؟ وهل تنسحب ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

بعد أسبوعين على تسُّللها المفاجيء لغرب “روسيا”؛ باتت “أوكرانيا” أمام معُضلة تكتيكية، أثارت العديد من التساؤلات حول ما يمكن أن يحدث مستقبلاً وكم يتبقى الوقت ؟ ومتى تنسحب “كييف” ؟ وكيف تفعل ذلك بأمان مع الاحتفاظ بالميزة الاستراتيجية طويلة الأجل ؟

والآن تُكافح “أوكرانيا” من أجل إيجاد توازن بين الاستيلاء على الأراضي عبر الحدود في “كورسك” وخسارتها في قلب الجبهة الشرقية في وسط “دونيتسك”.

القائد العام لأوكرانيا؛ “أوليكساندر سيرسكي”، يقول إن التقدم يتم على مسافة تصل إلى ميلين يوميًا داخل “روسيا”، لكن قوات “موسكو” اكتسّبت حوالي ثلاثة أميال هذا الشهر، حيث يُراهن (الكرملين) بشدة على الاستيلاء على مركز “بوكروفسك”.

سذاجة الخطوط الحمراء..

قال الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، الإثنين، إن القوات الأوكرانية سيّطرت على أكثر من: (1250) كيلومترًا مربعًا و(92) تجمعًا سكنيًا في منطقة “كورسك” الروسية.

وحث “زيلينسكي” حلفاء “أوكرانيا” على السماح بشّن ضربات بأسلحة غربية في عمق “روسيا”؛ قائلاً إن منع ذلك هو السبب الرئيس لعجز القوات الأوكرانية عن وقف تقدم القوات الروسية على خط المواجهة في الشرق.

وقال في كلمة أمام مجموعة من السفراء: “إن المفهوم الساذج الوهمي لما يسُّمى بالخطوط الحمراء؛ فيما يتصل بروسيا، والذي هيّمن على تقييّمات الحرب من قبل بعض الشركاء، قد انهار في هذه الأيام في مكان ما بالقرب من سودغا”، في إشارة إلى مدينة حدودية في “كورسك” الروسية أصبحت الآن تحت السيّطرة الأوكرانية.

النتيجة النهائية غير مؤكدة..

صحيفة (الغارديان) البريطانية؛ تقول إنه في أذهان العديد من الأوكرانيين، النتيجة النهائية غير مؤكدة، إذ كان من المتوقع أن تنقل “روسيا” قوات كبيرة من الشرق للدفاع عن “كورسك”.

لكن “هانا شيلست”؛ زميلة بارزة في مركز تحليل السياسات الأوروبية، قالت إنه في حين أن الهجوم الأوكراني الجريء: “سار بشكلٍ أفضل من المتوقع”، فإن الواقع هو أن: “روسيا ربما لم تُحرك قوات كافية من الجهة الشرقية كما كان متوقعًا”.

وأفاد معهد دراسة الحرب؛ وهو مركز أبحاث أميركي، أنه يعتقد أن: “عناصر مختارة من الوحدات الروسية غير النظامية” فقط هي التي يتم إعادة نشرها في “كورسك”، وأن (الكرملين) من المُرجّح أن: “يرفض فكرة سحب الوحدات العسكرية الروسية المنخرطة في القتال” بالقرب من قطاع ذي أولوية مثل “بوكروفسك”.

تفجير جسِر استراتيجي..

وكانت “وزارة الخارجية” الروسية قد اتهمت “أوكرانيا”؛ يوم الجمعة الماضي، باستخدام صواريخ (هيمارس) الأميركية الصنع لتفجير جسِر استراتيجي شمال “غلوشكوفو” في “كورسك”، على بُعد سبعة أميال شمال الحدود الدولية – وهي الخطوة التي قد تؤدي إلى قطع جزء من الأراضي الروسية على طول خط المواجهة إلى الجنوب الغربي من القرية.

في غضون ذلك؛ كثف المسؤولون عمليات إجلاء المدنيين في “بوكروفسك”. وحذر “سيرغي دوبرياك”، رئيس الإدارة العسكرية للمدينة، من أن القوات الروسية: “اقتربت تقريبًا” من المدينة؛ وأن القلق بشأن مستقبلها يتزايد.

“بوكروفسك” كانت منطقة آمنة..

وقبل عام؛ كانت “بوكروفسك” تُعتبر آمنة بما يكفي لتكون بمثابة قاعدة إقليمية، حيث يمكن للصحافيين وعمال الإغاثة المبيّت فيها. وتربط اتصالات الطرق والسّكك الحديدية بها مدينة “دنيبرو” المركزية مع “كراماتورسك وسلوفينسك”. ومن شأن الاستيلاء عليها قطع جزء من منطقة “دونيتسك”؛ التي لا تزال في أيدي الأوكرانيين إلى نصفين.

وأوضح الرئيس؛ “فولوديمير زيلينسكي”، أيضًا؛ الجمعة، أن التوغل في “كورسك” كان: “بهدف تدمير اللوجستيات للجيش الروسي واستنزاف احتياطياته”، وأضاف أن “سيرسكي” أطلعه: “على خطواتنا الدفاعية في دونباس” بما في ذلك تلك الموجودة في “بوكروفسك”: “وكذلك تقدمنا في منطقة كورسك”.

وعلى الرُغم من أن الجنود الأوكرانيين في منطقة “سومي”؛ في شمال شرق البلاد؛ سعداء بالنجاح المبكر الذي حققوه عبر الحدود في “كورسك”، فليس من الصعب أن نجد من يُشّكك في الاستراتيجية الشاملة.

ومن بين هؤلاء “أوليكسي”، وهو أحد أفراد سلاح المشاة، رُغم أنه لا يُريد أن يتم التعرف على وحدته أو علامة النداء التي ينتمي إليها.

وقال: “ينبغي لنا أن نُدافع عما لدينا. فمهاجمة كورسك تُحرم الجنود الجيدين من بوكروفسك ـ وإذا نجحت في تحويل مسّار بعض القوات الروسية، فإنها لن تؤدي إلا إلى نقل مشكلة أعدادهم من مكان إلى آخر”، قبل أن يُضيف: “كانت والدتي تقول لي دائمًا: دافع عن أرضك”.

الإقالة لمعارضة التوغل..

وانتشرت شائعات مستمرة مفادها أن القائد الشعبي للواء الثمانين الأوكراني؛ العقيد “إميل إشكولوف”، والذي أصبح بين أولئك الذين شاركوا في التسلل في “كورسك”، قد أقيل من منصبه في نهاية تموز/يوليو؛ لأنه كان يُعارض التوغل في “روسيا” – لأنه لم يكن متأكدًا من أن وحدته لديها القوة اللازمة لهذه المهمة، وفي ذلك الوقت أصدر جنود من الوحدة نداءً عامًا غير ناجح لإعادته إلى منصبه.

وقالت “إستونيا”؛ التي يُعد مسؤولو استخباراتها من بين أفضل المحللين للنوايا الروسية، يوم الجمعة، إنه لا توجد أي علامة على أن “موسكو” حشّدت حتى الآن ما يكفي من القوات لشّن هجوم مضاد كامل في “كورسك”، وأن ردها لا يزال غير منسُّق – مما يعكس ربما إعطاء الأولوية لـ”دونباس”.

اتخاذ قرارات تكتيكية صعبة..

وتناول تقرير لـ”مايكل إيفانز”؛ في صحيفة (تايمز) البريطانية، ما بعد “المفاجأة” للقوات الروسية في “كورسك”، إذ يُشير إلى أنه يتعين الآن على “كييف” اتخاذ قرارات تكتيكية صعبة بشأن متى وكيف تنسّحب.

وكان عبور الحدود ومفاجأة (الكرملين) أمرًا سهلاً نسّبيًا، وتحت غطاء منطقة حدودية كثيفة الغابات، والتي كانت محروسة بشكلٍ غير كافٍ من قِبَل قوات حدودية عديمة الخبرة وخفيفة التسليح، إذ لم تواجه أقوى وحدات القتال في “أوكرانيا” أي مقاومة تُذكَر.

لكن مع حالة التأهب القصوى التي تعيشها “موسكو” الآن؛ بعد بداية بطيئة منذ تسلل “كييف” إلى “كورسك”، يتساءل “إيفانز”: كم سيكون من الصعب على ما يُقدر بنحو (10) آلاف جندي أوكراني ومئات المركبات أن يسّتديروا ويعودوا إلى الجانب الآخر من الحدود ؟”.

تحويل التركيز عن شرق “أوكرانيا”..

أعلنت “كييف” أنها لا ترغب في احتلال الأراضي الروسية التي استولت عليها بشكلٍ دائم، لكنها تأمل في أن يؤدي وصول آلاف الجنود المجهزين تجهيزًا جيدًا والمدربين على مهارات الأسلحة المشتركة على الطراز الغربي إلى إجبار “موسكو” على تحويل تركيزها بعيدًا عن شرق “أوكرانيا”، وإقناع الرئيس؛ “بوتين”، في نهاية المطاف بالتفكير في التفاوض على إنهاء الحرب.

لكن؛ يرى “إيفانز” أنه إذا لم يُقدم “بوتين” أي تنازلات ورفض التسامح مع المفاوضات؛ إلا بشروطه، فلن يكون أمام “كييف” أي بديل سوى البقاء في “كورسك” والتقدم إلى الأمام لتكثيف الضغوط على “موسكو”.

إنشاء مكتب قائد عسكري..

وفي تحسّب لهذا السيناريو؛ أنشأت “أوكرانيا”؛ “مكتب قائد عسكري”، في “كورسك” المحتلة كدليل على خط المواجهة الجديد في مواجهة “موسكو”.

وقالت القوات الأوكرانية في بيان؛ عبر (تليغرام): “أنشأنا مكتب قيادة عسكرية لضمان الأمن؛ وتلبية احتياجات السكان المحليين”.

وأعلنت “كييف” أنها ستنُّشيء منطقة عازلة في “كورسك” بعد اجتياحها.

ورقة مساومة..

وعلى الرُغم من النجاحات العسكرية؛ لم تسّر كل الأمور في صالح “أوكرانيا”.

فقد واصلت القوات الروسية تقدمها في “شرق أوكرانيا”، مهددة بالاستيلاء على أراض جديدة، وخاصة في منطقة “بوكروفسك” الاستراتيجية داخل “إقليم دونيتسك”.

وفي مرحلةٍ ما؛ قد تكون الوحدات الأوكرانية في “كورسك” مطلوبة في الوطن، أو قد تُخاطر بترك فجوات هشة في “شرق أوكرانيا” تستغلها القوات الروسية، كما يقول التقرير.

وبحسّب “إيفانز”؛ فإن “كييف” سوف ترغب في التمسك بالأراضي الروسية التي استولت عليها لأطول فترة ممكنة، كورقة مساومة مع “موسكو”، إلا أنه ستأتي لحظة قد ترغب فيها في العودة، وخاصة إذا تمكن الرئيس الروسي من إطلاق هجوم مضاد واسع النطاق على قوات الاحتلال الأوكرانية في “كورسك”، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعثر التوغل عبر الحدود الذي تشُّنه “كييف”.

ويُشير التقرير إلى أن الدعم اللوجستي: “الوقود، والغذاء، والذخيرة، وقطع الغيار”، سيصنع الفارق بين النجاح العسكري والفشل.

وتساءل “إيفانز”؛ حتى الآن، كانت القوات الأوكرانية في “كورسك” تتلقى إمدادات جيدة. ولكن ماذا سيحدث إذا بدأت القاذفات والمدفعية الروسية في قصف خطوط الإمداد ؟، قبل أن يُضيف: “الانسحاب تحت النيران أو من دون استراتيجية واضحة قد يكون قاتلاً بالنسبة لكييف”.

لكن القوات الأوكرانية في “كورسك” تتمتع بأربع مزايا مميزة.. هي:

  • تُخطط للانسحاب فقط عندما تُقرر قيادة “كييف” أن هذا هو الوقت الأكثر ملاءمة، سياسيًا واستراتيجيًا.
  • لديها القوة النارية بما في ذلك أسلحة الدفاع الجوي لحماية نفسها.
  • هناك أرضِ غابات كثيفة توفر الغطاء.
  • لديها مئات من أسرى المجندين الروس.

لن تؤدي للفوز بالحرب..

وقال معهد دراسات الحرب؛ إن التسلل الأوكراني في “كورسك” والهجوم الروسي في شرق أوكرانيا: “ليسا في حد ذاتهما عمليات عسكرية حاسمة من شأنها أن تؤدي إلى الفوز في الحرب”.

إلا أنه حتى لو نجحت القوات الأوكرانية في الانسحاب عندما تُعطي “كييف” الأمر، فقد أُخطرت “موسكو” بأن الحدود التي تشترك فيها مع “أوكرانيا”؛ على طول: (720) ميلاً في المناطق الغربية من “كورسك وبيلغورود وبريانسك” لن تكون أبدًا في مأمن من الهجوم.

وقد أثبت التوغل الأوكراني غير المتوقع هذا الأمر، بحسّب ما ذكره تقرير صحيفة (تايمز).

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة