وكالات – كتابات :
عقب مداهمة محققي “مكتب التحقيقات الفيدرالي”؛ منزل الرئيس السابق؛ “دونالد ترامب”، بمنتجع “مار إيه لاغو” في “بالم بيتش”؛ بولاية “فلوريدا”، على خلفية التحقيقات التي تُجريها “وزارة العدل” الأميركية للاشتباه في انتهاكات لقانون مكافحة التجسس، والاحتفاظ بوثائق دفاعية حساسة؛ أجتهد الخبراء القانونيون للنظر في تداعيات ذلك على فرص ترشح “ترامب” لفترة رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية المُقبلة؛ في تشرين ثان/نوفمبر 2024، كما تسبب الأمر في جدل سياسي واسع في الأوساط الأميركية بين فريقين؛ يرى أولهما ضرورة دعم الرئيس السابق سياسيًا كي يترشح في الانتخابات الرئاسية المُقبلة، لا سيما في ضوء تسييس عملية التفتيش والتحقيقات الجنائية والتعاطي معها إنطلاقًا من نظرية المؤامرة، فيما يرى ثانيهما ضرورة الزج بمرشح جمهوري آخر؛ بحسب التحليل الذي أعده مركز (إنترريغونال) للتحليلات الإستراتيجية.
تراجع فرص “ترامب”..
يستند أنصار الرأي القائل بتراجع فرص الرئيس الأميركي السابق في الترشح للانتخابات الرئاسية المُقبلة؛ على جملة من الحجج يمكن الوقوف عليها تفصيلاً في النقاط الآتية:
01 – اتهامات بانتهاك القانون الأميركي: ينص القانون الفيدرالي لعام 1978؛ على تجريم قيام أي شخص لديه سجلات أو وثائق حكومية، بإخفاء أو إزالة أو تشويه أو محو أو تزوير أو إتلاف تلك الوثائق عن عمد وعلى نحو غير قانوني.
وفي حالة الإدانة، فمن الممكن تغريمه أو الحكم عليه بالسجن فترة تصل إلى ثلاث سنوات. وإذا كان يشغل منصبًا فيدراليًا، فإنه يُفقده، ويُحرم من تولي أي منصب في الحكومة الأميركية.
وعليه، فإن إدانة “ترامب” بانتهاك القانون؛ بإزالة أو إخفاء أو تدمير وثائق حكومية، تعني أنه لن يكون مؤهلاً لتولي الحكم مرة أخرى، ومن ثم لا يمكنه الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة.
02 – احتمالات تقديم “ترامب” للمحاكمة: تُمثِّل مداهمة “مكتب التحقيقات الفيدرالي”؛ منزل “ترامب”، والتحقيق معه بسبب إتلاف سجلات حساسة، وعرقلة العدالة، وانتهاك قانون التجسس؛ تصعيدًا كبيرًا يُزيد من فرص اندلاع معركة سياسية إذا تم تقديمه للمحاكمة، وهي المعركة التي من المحتمل أن تُقوِّض فرصه في خوض السباق الرئاسي في عام 2024، لا سيما أنها تفاقم الضغوط القانونية عليه وعلى الجبهات الأخرى التي يتم التحقيق معه فيها، بما في ذلك دوره في أحداث اقتحام “الكونغرس”؛ في 06 كانون ثان/يناير 2021.
03 – إمكانية اتجاه الحزب (الجمهوري) إلى ترشيح بديل: في اتجاه مضاد لنظرية المؤامرة التي يرُوج لها “ترامب” وعدد من أنصاره لكسب تعاطف وتأييد أنصاره والحصول على مزيد من المكاسب في الانتخابات المُقبلة من ناحية، وبالتوازي مع عدد من استطلاعات الرأي البارزة التي دللت على تراجع تأييد “ترامب” شعبيًا، وعدم رغبة المواطنين في ترشحه مرة أخرى من ناحية ثانية؛ قد يتجه الحزب (الجمهوري) إلى الدفع بمرشح جديد للرئاسة، لا سيما مع وجود بعض الأصوات الجمهورية التي ترفض مزاعم تزوير الانتخابات الرئاسية الماضية، وترى أن “ترامب” أضر بالديمقراطية الأميركية.
وفي هذا السياق؛ يرى البعض أن التحقيقات الجنائية بحق “ترامب” تُنذر بسقوطه المحتمل؛ ما يعني بالضرورة فتح المجال أمام مرشحين آخرين.
04 – التعرض للملاحقة القضائية في قضايا متعددة: عقب مرور عام ونصف العام على مغادرته “البيت البيض”، يواجه “ترامب” جملة من التحديات القانونية؛ يأتي في مقدمتها تحقيقان جنائيان؛ يتعلق أولهما بدوره في تغيير نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية، ويتصل ثانيهما بالتهرب الضريبي وبتهم مالية أخرى.
ولا يمكن غض النظر عن مصير تحقيقات اقتحام “الكونغرس”؛ في 06 كانون ثان/يناير 2021. وعليه، يدفع البعض بأن نتيجة تلك التحقيقات السياسية والجنائية قد تقوض مستقبل “ترامب” السياسي في ظل مجهولية مصيرها وصعوبة توقع نتائجها.
إمكانية الترشح..
يستند أنصار الرأي القائل بإمكانية ترشح “ترامب” في الانتخابات الرئاسية المُقبلة؛ على جملة من الحجج المضادة التي يمكن الوقوف على أبرزها من خلال النقاط الآتية:
01 – احتمالية الحصول على دعم جمهوري واسع: تسبب تفتيش منزل “ترامب”؛ والتهم الموجهة إليه في احتقان سياسي واسع، عبَّر عنه عدد من أعضاء الحزب (الجمهوري)، وهو ما قد يُلقي بظلاله على دعمهم المحتمل لترشحه في الانتخابات المقبلة، لا سيما أنه كان يُفكر بالفعل في إعلان نيته الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2024؛ في الأشهر القليلة المقبلة، وتحديدًا قبل انتخابات التجديد النصفي لـ”الكونغرس”؛ في تشرين ثان/نوفمبر 2022.
02 – انتفاء الموانع القانونية: لا يمكن الجزم بمنع “ترامب” من الترشح للانتخابات المُقبلة؛ حتى إن ثبتت إدانته بإتلاف الوثائق الرسمية؛ فقد أكد عدد من الخبراء القانونيين أن القانون السابق الإشارة إليه، لا يتصل بالترشح للرئاسة من عدمه، وإنما الدستور الأميركي الذي يُقصر شروط الترشح على معايير تتصل بالسن والجنسية ومقر الإقامة، ولا يتطرق إلى مسألة الإدانة الجنائية بوصفها سببًا محتملاً يحول دون الترشح.
ولا يمكن الجزم بأن المدعين الحكوميين سيتهمون “ترامب” في نهاية الأمر؛ فلا شك أن إدانته ستفتح الباب لاختلاف الآراء بين الفقهاء، وإن كان من المستبعد أن تُعرقل عودته المحتملة إلى “البيت الأبيض”.
03 – وجود سوابق قانونية لرؤساء أميركيين: سبق أن أدين الرئيس السابق؛ “جورج دبليو بوش”؛ بالقيادة تحت تأثير الكحول، إلا أنه تولى الرئاسة في نهاية المطاف، كما سبق التدقيق في القانون السابق الإشارة إليه في عام 2015؛ عقب استخدام “هيلاري كلينتون” خادمًا خاصًا للبريد الإلكتروني في الأعمال الحكومية أثناء توليها “وزارة الخارجية” الأميركية، وقد صاحب ذلك جدالٌ قانونيٌّ مماثلٌ بين مختلف الفقهاء القانونيين، وإن خاضت “كلينتون” السباق الرئاسي في نهاية المطاف، لا سيما أن الدستور الأميركي يُحدد معايير أهلية الترشح للرئاسة، كما تُشير أحكام “المحكمة العُليا” إلى أن “الكونغرس” لا يمكنه تغييرها.
ويسمح الدستور لـ”الكونغرس” بعزل بعض الأشخاص من مناصبهم بما في ذلك رئيس الجمهورية، دون أن يملك القانون الجنائي تلك الصلاحية.
أزمة قضائية جديدة..
ختامًا.. يواجه “ترامب” أزمة قضائية جديدة في الوقت الذي يتأهب فيه الجمهوريون والديمقراطيون لانتخابات التجديد النصفي لـ”الكونغرس” والانتخابات الرئاسية القادمة.
وفي ظل ضبابية نتائج التحقيقات الجنائية المحتملة، يصعب الجزم بفرص ترشح “ترامب” للرئاسة، وإن أشار بعض الخبراء إلى أن اتهامه وإدانته المحتملة قد تدفع المدعين كي يطلبوا من “المحكمة العُليا”؛ (التي يُهيمن عليها المحافظون)، النظر في مسألة أهلية الرئيس السابق للترشح للانتخابات القادمة من عدمها.