خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد صمت دام أكثر من 7 أشهر، وفي مفاجئة لم تكن بالحسبان، كشف الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، كواليس أزمة رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الحريري”، الأخيرة مع “المملكة العربية السعودية”.
وتطرق، خلال مقابلة مع قناة (BFM TV)، إلى أهمية السياسة الخارجية لبلاده، مشيراً إلى دورها في لبنان، وخاصة أزمة رئيس الوزراء، “سعد الحريري”، الأخيرة مع الرياض.
وأكد “ماكرون”، على أن “توقفه في الرياض، دون ترتيب مسبق أثناء رحلة جوية، لإقناع ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، بذلك وما أعقبه من توجيهه دعوة إلى الحريري لزيارة فرنسا، كان السبب في إنهاء الأزمة”.
تدخله منع اندلاع حرب بين السعودية ولبنان..
وقال “ماكرون”: “هذه هي الدبلوماسية الفرنسية، وهذا هو توجهنا، توجهت إلى الرياض لإقناع ولي العهد السعودي، وبعدها إستدعيت رئيس الوزراء الحريري، وهو ما جعل لبنان يخرج من أزمة خطيرة”، مؤكدًا على أنه “لو لم يكن صوت فرنسا مسموعًا لاندلعت الحرب في لبنان”.
وأضاف قائلاً: “أذكر.. رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، تم التحفظ عليه في السعودية لأسابيع عدة”.
أعلن استقالته من السعودية بحجة رفضه تحريض إيران و”حزب الله” على الفتنة..
كان رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الحريري”، قد أعلن استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية في الـ 4 تشرين ثان/نوفمبر الماضي، في خطاب متلفز من العاصمة السعودية، “الرياض”، بسبب ما أسماه “تحريض إيران وحزب الله على الفتنة في المنطقة”.
واتهم لبنان، حينها، السعودية رسميًا بإحتجاز “الحريري”، على الرغم من نفي “الرياض” لذلك، حيث قال الرئيس اللبناني، “ميشال عون”، إن رئيس الوزراء المستقيل، “سعد الحريري”، محتجز في “السعودية”، وإن ذلك يعتبر عملاً عدائيًا ضد لبنان.
كما نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، تقريرًا عن إحتجاز رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الحريري”، في “السعودية” وتعرضه لضغوط من أجل تقديم استقالته، مؤكدة على أنه تم إعطاء “الحريري” خطاباً مكتوباً لإعلان استقالته على التليفزيون السعودي.
نفت علمها بما ذكره “ماكرون”..
من جانبها؛ سارعت الإعلامية والبرلمانية اللبنانية، “بولا يعقوبيان”، بنفي علمها بالوقائع التي ذكرها “ماكرون”، عن تحفظ السعودية على “الحريري”.
وغرّدت النائب “يعقوبيان”، عبر حسابها على (تويتر)، قائلة: “كل كلمة قلتها بعد اللقاء مع سعد الحريري كانت صادقة وتعبر عن حقيقة ما شاهدت. كان حرًا في منزله عندما وصلت بعد أكثر من أسبوع على الاستقالة وكان معه مرافقوه الذين ذكرت أسماءهم”.
كلام غير صحيح..
كما سارعت “وزارة الخارجية السعودية”؛ بتكذيب ما ذكره الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”.
ووفقًا لوكالة الأنباء السعودية، (واس)، صرح مصدر مسؤول في “وزارة الخارجية”، بأن ما ذكره الرئيس الفرنسي في لقائه مع قناة (بي. إف. إم) التليفزيونية؛ أن المملكة إحتجزت دولة رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الحريري”، هو كلام غير صحيح.
وذكر المصدر، بأن “المملكة العربية السعودية” كانت ولا تزال تدعم استقرار وأمن “لبنان”؛ وتدعم دولة الرئيس، “الحريري”، بكافة الوسائل، مضيفًا: أن “كافة الشواهد تؤكد أن من يجر لبنان والمنطقة إلى عدم الاستقرار هو، إيران، وأدواتها مثل ميليشيا حزب الله الإرهابية المتورطة في اغتيال دولة رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري؛ وقتل مواطنين فرنسيين في لبنان، إضافة إلى مد إيران للميليشيات الإرهابية بما فيها ميليشيات الحوثي بالأسلحة والصواريخ (الباليستية)، التي تستخدمها ضد المدن السعودية”.
وختم المصدر المسؤول تصريحه؛ بأن “المملكة تتطلع للعمل مع الرئيس الفرنسي، ماكرون، لمواجهة قوى الفوضى والدمار في المنطقة، وعلى رأسها إيران وأدواتها”.
“الحريري” يرد على “ماكرون” بالسفر للسعودية..
وبعد تصريحات “ماكرون”، بيوم واحد، وفي رد عملي عليه، وصل رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الحريري”، إلى السعودية في ثاني زيارة يقوم بها منذ إعلان استقالته من هناك، والشكوك التي دارت حول إحتجازه.
يشكل الحكومة للمرة الثالثة..
تم تجديد “رئاسة”، الحريري، للمرة الثالثة بعد الانتخابات النيابية التي جرت، في 6 أيار/مايو المنصرم.
وخسر “الحريري” وحزبه السياسي، “تيار المستقبل”، ثلث مقاعده في البرلمان اللبناني؛ بعد أن تراجع التأييد الشعبي له بشكل ملحوظ في الانتخابات الأخيرة، فيما إنتصر التيار المناويء له بقيادة “حزب الله” بالانتخابات النيابية وسجّل نقاطًا كثيرة على الساحة اللبنانية.
ويعمل “الحريري”، (48 عاماً)، حالياً، على تشكيل حكومة ائتلافية جديدة في لبنان، في مهمة تعتبر شاقة، خصوصًا بعد خسارته السياسية الفادحة، وتغيير موازين القوى في لبنان التي باتت تميل كفّتها إلى تيار “حزب الله”.
حراك دبلوماسي فرنسي..
لإحتواء أزمة التصريحات، حصل حراك دبلوماسي فرنسي، حيث استقبل وزير الخارجية السعودي، “عادل بن أحمد الجبير”، وفدًا رفيعًا من الخارجية الفرنسية؛ برئاسة السفير، “غيروم بونافون”، رئيس إدارة إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط بالوزارة.
وقالت وكالة الأنباء السعودية: إن “اللقاء جرى بالرياض، مساء الأربعاء الماضي، وبحث عددًا من القضايا الإقليمية والدولية ومستجداتها”، مع “إستعراض مجهودات المملكة الرائدة في الأعمال الإنسانية والإغاثية والتنموية المقدمة للشعب اليمني وسبل تعزيز التعاون المشترك في هذا الإطار”.
ستنعكس على شعبية “الحريري”..
تعقيبًا على ذلك، قال المحلل السياسي اللبناني، “توفيق شومان”: إن “الرئيس الفرنسي سجل في التاريخ إحتجاز السعودية لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريرى”، معتبرًا أن تصريحات “ماكرون” ستنعكس ضعفًا على شعبية “سعد الحريري” وتياره، “الرابع عشر من آذار”، وليس على تشكيل الحكومة.
ليمتلك ورقة ضغط على السعودية..
من جانبه؛ قال المحلل السياسي، “طارق عجيب”: إن “الرئيس الفرنسي، ماكرون، لديه أهداف سياسية في أكثر من إتجاه، أولها بأن يكون داعم للرئيس، سعد الحريري، لكي يمتلك ورقة ضغط بيده على السعودية لتحقيق مكاسب على المستوى السياسي، والأهم على المستوى الاقتصادي، فضلاً عن رغبته في تعديل كفة التوازنات في لبنان”.