بعد قرار “المفوضية العليا” .. هل ينتهي جدال الانتخابات العراقية بـ”حرب أهلية” ؟

بعد قرار “المفوضية العليا” .. هل ينتهي جدال الانتخابات العراقية بـ”حرب أهلية” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعدما صوت البرلمان العراقي، الإثنين الماضي، في جلسة استثنائية، على قرار ينص على إعادة عد وفرز 10 في المئة على الأقل من أصوات الناخبين، وكذلك إلغاء نتائج انتخابات العراقيين في الخارج، حسمت “مفوضة الانتخابات” في العراق الجدل السياسي حول وجود تزوير في الانتخابات التشريعية، معلنة، الأربعاء 30 أيار/مايو 2018، إلغاء نتائج 1021 محطة انتخابية في داخل وخارج العراق، بعد ثبوت حصول تلاعب فيها، وذلك قبل ساعات من إفادة لبعثة “الأمم المتحدة” في العراق أكدت فيها على حدوث عمليات تزوير وترهيب رافقت العملية الانتخابية.

“المفوضية” قالت، في بيان، إن الإلغاء جاء بعد ورود شكاوى حمراء من قبل وكلاء الكيانات السياسية تجاه هذه المراكز، وأيضًا بعد تدقيق مستقل أجرته “المفوضية” لعدد من محطات الاقتراع.

وتوزعت المراكز الملغاة على تسع محافظات وست دول؛ هم: “دهوك 224 مركزًا – نينوى 195 مركزًا – كركوك 186 مركزًا – الأنبار 101 مركز اقتراع – السليمانية 96 مركزًا – أربيل 80 مركزًا – صلاح الدين 47 مركزًا – بغداد 23 مركزًا – ديالى مركزين – الولايات المتحدة 31 مركزًا – الأردن 22 مركزًا – ألمانيا 10 مراكزًا – السويد مركزين – بريطانيا مركز واحد – تركيا مركز واحد”.

تشكيل لجان تحقيق لمحاسبة المقصرين..

وأشارت “مفوضية الانتخابات”، في بيانها، إلى “تشكيل لجان تحقيق لمحاسبة المقصرين وإتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم”.

ولم تكشف المفوضية عن مجموع أصوات الناخبين في المحطات الملغاة، وإن كان هذا سيؤثر على أصوات المرشحين الذين أعلن فوزهم في الانتخابات التي جرت في 12 أيار/مايو الجاري.

الجماعات المسلحة قامت بعمليات تزوير وترهيب..

من جانبه؛ أعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، “يان كوبيتش”، في إفادة أمام “مجلس الأمن”، الأربعاء، بأن جماعات مسلحة قامت بعمليات تزوير وترهيب خلال الانتخابات، وأن البعثة الدولية طالبت السلطات العراقية بإعادة فرز الأصوات في عدد من المناطق؛ ومنها “كركوك”.

وأوضح المسؤول الأممي، أن نسبة الإقبال على التصويت في الانتخابات كانت منخفضة، قدرت بحوالي 44%، لافتًا إلى أن أكثر من نصف المقترعين، قرروا عدم ممارسة حقهم الديمقراطي.

وقال إنه بعد إنتهاء الانتخابات والإعلان عن النتائج الأولية، برز العديد من القادة السياسيين وأيدوا علنًا العملية الانتخابية، وبينهم رئيس الوزراء، “حيدر العبادي”، والجمهورية، “فؤاد معصوم”.

احتجاجات ضد نتائج الانتخابات..

منذ إعلان نتائج الانتخابات، تتحدث قوى سياسية ونواب من كتل مختلفة عن حصول خروقات وعمليات تزوير شهدتها بعض مراكز الاقتراع، وخاصة في محافظات “السليمانية وبابل وكركوك”، التي شهدت مؤخرًا توترًا ملحوظًا واحتجاجات ضد نتائج الانتخابات.

وشكلت الحكومة العراقية، الخميس الماضي، لجنة رفيعة المستوى للتحقيق في مزاعم حصول عمليات تزوير وتلاعب في نتائج الانتخابات.

تحذير من اندلاع حرب أهلية..

كانت “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات” في العراق قد حذرت من إمكانية اندلاع حرب أهلية؛ على خلفية القرارات التي أصدرها البرلمان العراقي، حيث قال رئيس الدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات، “رياض البدران”: إن “هناك خطورة لمحاولة الانقلاب على نتائج الانتخابات التي أعلنتها المفوضية في وقت سابق”. مضيفًا: أن “الانقلاب على نتائج الانتخابات قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية في البلاد”، مشيرًا إلى أن “القانون لا يسمح بإلغاء انتخابات الخارج الذي طالب به البرلمان”.

وكان قرار البرلمان العراقي قد شمل إلغاء انتخابات الخارج والتصويت المشروط في مخيمات النازحين في محافظات “الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى”؛ نظرًا لما عده توفر أدلة على حصول عمليات تزوير إرادة الناخبين باستثناء أصوات الأقليات المشمولة بـ”الكوتة”، والقيام بالعد والفرز اليدوي بما يقل عن 10‎%‎ من صناديق الاقتراع في المراكز الانتخابية، وفي حال ثبوت تباين بنسبة 25 في المئة‎ عما تم فرزه وعده يدوياً تتم إعادة العد والفرز يدوياً لجميع المحافظات وتزويد الكيانات السياسية وفوراً بنسخة إلكترونية وصور ضوئية لأوراق الاقتراع ونتائج الانتخابات.

من جانبه، أكد “ائتلاف النصر”؛ بزعامة رئيس الوزراء، “حيدر العبادي”، وفي أول رد فعل له على قرار المفوضية؛ أنه يتوجب مراعاة الإجراءات القانونية والدستورية في معالجة الشكاوى والخروقات. وقال المتحدث الرسمي باسم الائتلاف، “حسين درويش العادلي”، في بيان؛ إنه “من الضروري الحفاظ على سلامة وشرعية المسار الديمقراطي والعملية السياسية في البلاد وما يبنى عليها من مؤسسات حاكمة”.

وأضاف “العادلي”: أن “ذلك يتطلب الإلتزام بالأُطر القانونية والدستورية بالتعاطي مع ملف الانتخابات تحقيقًا للعدالة وحفاظًا على أصوات الناخبين”.

تحذيرات من فوضى سياسية..

كما قال متحدث باسم زعيم التيار الصدري، “مقتدى الصدر”، إنه ليس من صلاحيات “مجلس النواب” إلغاء أو تعديل نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت أخيرًا، وحققت فيها قائمة “سائرون”، المدعومة من “الصدر” المرتبة الأولى، وحذر المتحدث من ما أسماها “فوضى سياسية”.

مطالبا “جعفر الموسوي”، المتحدث باسم “الصدر”؛ في بيان: “بالنظر بجدية بطلبات الكتل السياسية المعترضة على نتائج الانتخابات، لكن من خلال الطرق القانونية”.

وقال “جعفر الموسوي”: “ليس من صلاحيات مجلس النواب إلغاء أو تعديل نتائج الانتخابات؛ ولو كان من خلال تشريع قانون (…)، لأننا سنكون هنا أمام مهام بعيدة عن مفهوم التشريعات وقريبة من التأسيس إلى الفوضى”.

وتابع: “نحن مع أتباع الطرق القانونية السلمية للنظر في الشكاوى والخروق التي رافقت العملية الانتخابية”، مطالبا: “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والهيئة القضائية المختصة بالنظر بجدية وعدالة بتلك الطلبات وسرعة حسمها وفق القوانين المرعية”.

وأوضح: أن “قانون مفوضية الانتخابات رسم طرف الطعن والشكاوى والآلية، التي يجب إتباعها عند ظهور النتائج، تضمن تخصيص هيئة قضائية من محكمة تمييز العراق للنظر بالطعون وفقا للقانون”.

وختم المتحدث باسم “مقتدى الصدر”: “هذه الهيئة القضائية ينحصر دورها في النظر لما هو معروض عليها ولا تتعدى ذلك”، مشيرًا إلى أن “ما يقوم به مجلس النواب أو ما يريد الشروع به؛ هو زحف على صلاحية السلطات الأخرى”.

ورجح خبراء قانونيون عدم إلزامية ما صدر من قرارات للسلطتين القضائية والتنفيذية.

الدستور العراقي لا يعطي الحق للبرلمان في إلغاء الانتخابات..

الخبيرة القانونية، “بشرى العبيدي”، تقول: إن “الدستور العراقي لم يعط الحق للبرلمان في إلغاء نتائج الانتخابات”.

وتضيف: أن “القانون العراقي وضع آليات واضحة للاعتراض على النتائج، تتمثل في قيام مجموعة قضاة ضمن مفوضية الانتخابات بالنظر في هذه الاعتراضات، وفي حال استمرت الشكوك بالنتائج يتم اللجوء إلى المحكمة الاتحادية العليا”.

ووفقًا للنتائج التي أفرزتها الانتخابات العراقية، التي جرت في 12 أيار/مايو 2018، فإن نحو 70 في المئة من نواب البرلمان الحالي لم يتمكنوا من الحصول على أصوات تؤهلهم للبقاء لدورة برلمانية جديدة.

وتؤكد “العبيدي” على أن “الغالبية العظمى من النواب الذين حضروا جلسة الإثنين كانوا من النواب الخاسرين، وهذا يفسر القرار المثير للجدل الذي تم إتخاذه”.

أمر وارد..

فيما أكد الخبير القانوني، “طارق حرب”، على أن “قرار البرلمان بإعادة عمليات العد والفرز لنحو 10 في المئة من أصوات الناخبين، أمر وارد، لأنه يعد بمثابة تدقيق وتفتيش، وتأكد من صحة النتائج وهذا لا يخالف القانون”.

لكن “حرب” اتفق في تفسيره الدستوري مع “العبيدي” بشأن إلغاء أصوات ناخبين، وأكد على أن الدستور لم يعط البرلمان صلاحية إلغاء أصوات ناخبين.

وقائع الجلسة الاستثنائية وما يترتب عليها غير قانوني..

وكان الخبير القانوني والمستشار، “جمال الأسدي”، قد أوضح: أن “وقائع جلسة البرلمان الاستثنائية غير قانونية، وبالتالي لا يترتب عليها أي إلتزام من قبل مفوضية الانتخابات، وبالتالي إنتهى عملها من هذه الناحية”.

مضيفًا: أن “المتضرر من النتائج لم يعد أمامه سوى اللجوء إلى الطعن بالطرق القانونية المعروفة قانونًا، وذلك عن طريق الهيئة القضائية، وهي وحدها التي تبت فيما إذا كان هناك تزوير في عموم الانتخابات أو في مناطق أو محافظات معينة، بالإضافة إلى تصويت الخارج والتصويت المشروط”، مبينًا: أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاء قانون صَوت عليه مجلس النواب نفسه بقرار، لأن ذلك يتطلب تشريع قانون جديد، وهو أمر يصعب تصوره لأن البرلمان لن يبق سوى مدة شهر، فضلاً عن أنه يتمتع بعطلة تشريعية الآن، وأي جلسة استثنائية تعقد لمرة واحدة ولغرض معين”.

رئاسة البرلمان فتحت الجلسة الاستثنائية لتجعلها قانونية..

ردًا على سؤال حول إبقاء جلسة البرلمان الاستثنائية مفتوحة، قال “الأسدي”: “لا توجد جلسة مفتوحة لا استثنائية ولا سواها، سواء بحكم الدستور أو تفسير المحكمة الاتحادية”، موضحًا: أن “الهدف الذي أرادت تحقيقه رئاسة البرلمان عبر هذه البدعة هو عد الجلسة التي عقدت قانونية، وبالتالي حين حصول أي جديد يعقدون جلسة سريعة حتى لو لم تكن كاملة النصاب، بوصفها مفتوحة لإتخاذ قرارات جديدة، وهو كله مخالف للدستور، لأن المجال الوحيد للطعن هو أمام الهيئة القضائية والمحكمة الاتحادية العليا”.

جلسة الخاسرين..

في السياق نفسه؛ وصفت، الدكتورة “ماجدة التميمي”، عضو البرلمان العراقي المنتهية ولايته والفائزة بأعلى الأصوات بين النساء في الدورة الحالية الجديدة، (حصلت على 55 ألف صوت في بغداد)، الجلسة التي عقدها البرلمان الإثنين بأنها؛ “جلسة الخاسرين”.

موضحة: إن “مفوضية الانتخابات السابقة أنا من تولى إستجوابها، والجميع يعرف ذلك، وحين طالبت بسحب الثقة منها؛ غالبية هؤلاء الخاسرين اليوم، الذين يهاجمون المفوضية، لم يصوتوا، بل خرجوا من القاعة، لكن النتائج الحالية أظهرت حجومهم الحقيقية بسبب أجهزة العد والفرز الإلكتروني”. وأضافت: أن “غالبية هؤلاء الذين يتباكون اليوم على النتائج هم نتاج أحزاب وقوى سياسية أدمنت التزوير”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة