خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة أخيرة، يستغل بها أزمة وباء “كورونا” للحيلولة دون محاسبته من تهم الفساد، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، الثلاثاء، نداء علني إلى رئيس كتلة (كحول لفان)، “بيني غانتس”، يدعوه فيه إلى الاجتماع به فورًا للتفاوض حول تشكيل حكومة وحدة بين حزبيهما أو معسكريهما، وحذره من دفع “إسرائيل” إلى انتخابات رابعة. ورد “غانتس” بالقول إنه يُريد حكومة وحدة؛ ولكن برئاسته هو وليس برئاسة، “نتانياهو”، مشككًا في صدق عرض “نتانياهو”. وقال على (تويتر)؛ إن: “نتانياهو وأي شخص يُريد الوحدة لا يفرض إنذارات ويستخدم تسريبات جزئية؛ وبالتأكيد لا يضر بالديمقراطية أو المواطنين ولا يشل البرلمان”.
الكنيست يستأنف جلساته في تحدٍ لـ”نتانياهو”..
وفيما يُمثل تحديًا جديدًا أمام “نتانياهو”، وتطبيقًا لقرار المحكمة، عقد “الكنيست” باكورة جلساته، في خطوة اعتبرت انتصارًا لمعسكر اليسار الوسط على اليمين.
وعاد “الكنيست” إلى العمل، الثلاثاء، حينما صوت أعضاؤه على إنشاء أربع لجان برلمانية له، وهي: “لجنة لمكافحة كورونا”، و”لجنة لمكافحة العنف في المجتمع العربي في إسرائيل”، و”لجنة خاصة للإعداد للسنة الدراسية المُقبلة والتعليم الخاص”، و”لجنة لشؤون العمل والرفاه الاجتماعي”.
وقاطعت الأحزاب اليمينية الجلسة، باستثناء رئيس الكنيست، “إدلشتاين”، الذي طُلب منه إدارة الجلسة، وصوت لصالح إنشاء اللجان الأربع.
نصر لمعسكر اليسار..
ويُعتبر إنشاء اللجان، نصرًا لمعسكر اليسار والوسط على معسكر اليمين، الذي كان رافضًا لإنشاء اللجان.
وتوجه “اليسار-الوسط” إلى المحكمة العليا في “إسرائيل”، التي ألزمت اليميني، “إدلشتاين” بافتتاح عمل “الكنيست”، في قرار قضائي غير قابل للطعن.
عودة الديمقراطية يسبق تشكيل الحكومة..
وبعد التصويت في الجلسة؛ نشر “بيني غانتس”، رئيس كتلة (أزرق-أبيض)، أكبر كُتل معسكر اليسار والوسط في البرلمان الإسرائيلي، (الكنيست)، منشورًا في حسابه على (Facebook)، أشار إلى أن: “عودة الديمقراطية الإسرائيلية، (الكنيست)، إلى العمل، يسبق تشكيل الحكومة”، علمًا بأن خصمه السياسي اليميني، “بنيامين نتانياهو”، يؤمن أن: “تشكيل الحكومة يجب أن يسبق تفعيل الكنيست، بسبب أزمة كورونا”.
وأضاف “غانتس”: “باديء ذي بدء، سأعيد الديمقراطية الإسرائيلية إلى العمل الكامل دون خوف. ثم أنوي مناقشة جميع السُبل الممكنة، لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تُكافح كورونا، وتتعامل مع التحديات الأخرى التي نواجهها”.
وتوجه “نتانياهو” إلى “غانتس”، على حسابه في (تويتر)، ودعاه مرة أخرى إلى تشكيل حكومة وحدة بينهما؛ فقال: “هذا امتحان للقيادة والمسؤولية الوطنية. مواطنو إسرائيل يحتاجون إلى حكومة وحدة، تعمل من أجل إنقاذ حياتهم وسُبل عيشهم. هذا ليس وقت إجراء انتخابات رابعة. كلانا يعرف أن الفجوات بيننا صغيرة، يمكن التغلب عليها وتشكيل حكومة. فلنجتمع الآن ونُشكل حكومة اليوم. أنا بانتظارك”.
وردًا على دعوة “نتانياهو” للوحدة، كتب “غانتس” على (فيس بوك): “نتانياهو، الفجوات بيننا كبيرة. أنا أناضل على واجب تفعيل الديمقراطية الإسرائيلية، وآمل أن تنضم إليَ في هذه الجهود. والأهم من ذلك، يجب أن تُخبر الشعب الإسرائيلي بوضوح، أن أحكام المحكمة مُلزمة، وأنه لن تكون هناك فوضى في إسرائيل”.
قرار قضائي بالتصويت لاختيار رئيس جديد للكنيست..
وكانت “المحكمة العليا” في “إسرائيل” قد أصدرت قرارًا يوجه رئيس الكنيست، “يولي إدلشتاين”، العضو في حزب (الليكود)؛ وحليف رئيس الوزراء، “بنيامين نتانياهو”، بإجراء تصويت لاختيار رئيس جديد لـ”الكنيست”.
ويأتي هذا القرار بعد أن نظرت المحكمة في الطلب المُقدم من قِبل تحالف (أزرق-أبيض)، أبرز منافسي (الليكود) وجمعيات حقوقية، بإجراء التصويت الذي من المُرجح أن يُزيح “إدلشتاين” عن رئاسة “الكنيست”.
وبهذا أمهلت المحكمة، “إدلشتاين”، حتى مساء يوم الإثنين الماضي؛ ليجيب عما إذا كان سينظم التصويت حتى اليوم الأربعاء أم لا، لكنه رفض هذه المهلة.
وكتب “إدلشتاين”؛ على (تويتر): “مع كل احترامي، ليس بوسعي أن أوافق على الإنذار الموجه إليَ والبرلمان الإسرائيلي لعقد دورة البرلمان في موعد لا يتخطى الـ 25 من آذار/مارس”.
وأصر رئيس “الكنيست” على أن تحديد جدول أعمال البرلمان جزء من صلاحياته، وليس من صلاحيات المحكمة.
وعزى “إدلشتاين”، عدم رغبته في عقد الدورة؛ إلى أزمة فيروس “كورونا” في البلاد ودعوة “نتانياهو” لتشكيل “حكومة طواريء وطنية”.
دعوات يمينية لرفض قرار المحكمة..
وبعد صدور القرار الرسمي من المحكمة، والذي يُطالبه بإجراء التصويت، لم يدل “إدلشتاين” بأي رد فعل. كما لم يعلق “نتانياهو” على الموضوع على الفور، لكن العديد من قيادات حزب (الليكود) دعوه، في وقت سابق، لرفض مطالبة المحكمة، لكنهم لم يقدموا على حث “إدلشتاين” لعدم الإمتثال لقرار قضائي رسمي في حال صدوره.
فقالت وزيرة الرياضة والثقافة، “ميري ريغف”، إن المحكمة منقطعة عن الجمهور ومعاناته وتتجاهل أن “نتانياهو” يُدير شؤون الدولة بشكل رائع لتنتصر على فيروس “كورونا”.
وقال وزير السياحة، “ياريف ليفين”، إن: “المحكمة العليا تقود إسرائيل إلى حالة فوضى؛ وإنها تتصرف كأن الدولة ملك لها، وإن المحكمة تستهدف أساس الديمقراطية، وهو مبدأ فصل السلطات، عندما استولت على الكنيست وتولت إدارة الهيئة العامة للكنيست”.
وقال حزب (الليكود)، في بيان له؛ إن: “تحالف كحول لفان وأفيغدور ليبرمان والقائمة المشتركة، سلبوا من الكنيست 2.5 مليون من ناخبي اليمين. وبهمجية غير مسبوقة، قرروا تشكيل 6 لجان مؤقتة، وقرروا أن في جميعها توجد أغلبية لأنفسهم ومندوب عنهم برئاستها، خلافًا لتقاسم المقاعد والقواعد المتبعة. ومعسكر اليمين لن يشارك في هذه المداولات والتصويت غير الديمقراطية”. ولكن وزير الطاقة المُقرب من “نتانياهو”، “يوفال شطاينتس”، قال: “سوف ننفذ قرار المحكمة العليا، رغم أننا نعتقد أنها أخطأت بقرارها، ولن نصل إلى حالة فوضى”.
أهمية تفعيل الكنيست..
ومن جهتها؛ عقبت كتلة (كاحول لفان) بأنه: “ثمة أهمية في هذه الفترة أن يكون الكنيست فاعلًا من أجل مساعدة الدولة في مواجهة أزمة كورونا. والآن، بعد أن حققنا ذلك، ما زلنا ندعو ياريف ليفين والليكود إلى وقف السياسة الصغيرة، والتوقف عن التحريض والمس بمؤسسات الدولة والمجيء إلى حكومة وحدة معنا”.
تضعف موقف “نتانياهو”..
المراقبون يرون إلى أن إزالة “إدلشتاين” من رئاسة “الكنيست” ستُضعف موقع “نتانياهو”، الذي يواجه ملاحقة قضائية بتهم الفساد، والذي تم تكليف منافسه، “بيني غانتس”، بتشكيل الحكومة في أعقاب الانتخابات، التي جرت يوم 2 آذار/مارس الجاري.
كما اعتبر آخرون أن نداء اللحظة الأخيرة من “نتانياهو”؛ بمثابة محاولة أخيرة لمنع “الكنيست” من انتخاب رئيس جديد ولجان جديدة تمنح معسكر “غانتس” أكثرية ضامنة للسلطة، لأن ذلك يعني تنفيذ إجراءات محاكمته بتهم الفساد.
وأكدت مصادر مقربة من (كحول لفان)، أن “غانتس” اضطر، بضغط من حلفائه في المعسكر ورفاقه في الحزب، إلى التراجع عن نيته تشكيل حكومة وحدة برئاسة “نتانياهو”، يتناوب معه على رئاستها بعد سنة ونصف السنة. ويسعى إلى السيطرة على المؤسسة البرلمانية أولًا، حتى يفاوض “نتانياهو” من مركز قوة أكبر.