8 أبريل، 2024 3:24 ص
Search
Close this search box.

بعد قرارها “طلاق” الدولار .. هل تنجح إيران في إنقاذ اقتصادها ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة من أجل إنقاذ اقتصادها من الإنهيار، أعلنت “إيران”، الأربعاء 18 نيسان/أبريل 2018، تحولها من “الدولار” إلى “اليورو” في معاملاتها الأجنبية.

وكان نائب الرئيس الإيراني، “إسحاق جهانغيري”، قد أعلن يوم 10 نيسان/أبريل الجاري، توحيد سعر صرف “الدولار” الأميركي مقابل “الريال” الإيراني، وحظر كافة التعاملات غير المنظمة بعد أن سجل سعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار أدنى مستوياته على الإطلاق، وقال “جهانغيري”، في تصريح نقله التليفزيون الرسمي، إن سعر الدولار الأميركي سيكون 42 ألف ريال؛ اعتبارًا من يوم الثلاثاء الموافق 10 نيسان/أبريل 2018، مضيفًا أن التداول بأي سعر آخر سيعد محظورًا، وسيتم اعتباره “تهريبًا”، وحدد “البنك المركزي الإيراني” أسعار الصرف الرسمية للجنيه الإسترليني عند 59330 ريالًا واليورو عند 51709 ريالات.

القرار جاء بعد ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية لمدة يومين، والذي شهد تداول الدولار بسعر 62 ألف ريال، وهو انخفاض بنسبة 18%.

تغيير السياسة سينجح في ضبط الإنهيار..

من شأن هذا إبقاء الأمور تحت السيطرة، في الوقت الحالي، بحسب “هنري روما”، الباحث الإيراني بمجموعة “أوراسيا”، موضحًا أن تغير السياسة مقترنًا بالقيود الجديدة على أرصدة العملات الأجنبية ستنجح على الأرجح في ضبط إنهيار الريال على المدى القريب، لكنها ستواصل التأثير على صادرات وواردات الإيرانيين الذين يواجهون صعوبة في الحصول على العملة من الحكومة ويعتمدون أكثر على أسعار الصرف بالسوق السوداء.

وقال المتحدث باسم الحكومة، “محمد باقر نوباخت”، إن إيران تحصل على ما يقرب من 95 مليار دولار سنويًا من العملة الصعبة، وتأتي معظمها من صادرات النفط الخام التي استأنفت تصديره بعد الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، فيما تنفق ما يقرب من 80 مليار دولار سنويًا على الواردات.

مطالب بإعدام السماسرة..

كان المرجع الديني الإيراني، “ناصر مكرم شيرازي”، قد دعا إلى إعدام عدد من العناصر الرئيسة لسماسرة العملة، قائلًا: إن “عدم القيام بعمل إستباقي، سيفرض علينا دفع تكاليف باهظة لاحقًا”، مضيفًا: أنه “من الأعمال التي يجب القيام بها هو التعامل مع عدد من العناصر الرئيسة لسماسرة العملة الذين يحاولون بهذه الطريقة إحداث الفوضى في البلاد؛ وتجب محاكمتهم كمفسدين في الأرض وإعدامهم ليكونوا عبرة للآخرين”.

وأعلن رئيس شرطة طهران توقيف 12 تاجرًا بتهمة التلاعب في سوق العملة الأجنبية، الثلاثاء الماضي، وضبط ما بحوزتهم.

الحكومة تتهرب من الأسباب الحقيقية..

ترفض الحكومة الإيرانية الاعتراف بالأسباب الداخلية والاقتصادية لهذا الإنهيار؛ وتحاول ربطه بعوامل سياسية وتأثيرات خارجية، وتحاول الإيهام بأن ارتفاع سعر العملة الصعبة غير مرتبط بأسباب غير اقتصادية، وتحمل العوامل السياسية الخارجية والضغوط الدولية مسؤولية إنهيار عملة إيران.

إيران ستظل معزولة..

صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، أشارت إلى أن إيران ستظل معزولة إلى حد كبير عن الشبكات المالية الدولية بسبب العقوبات الأميركية، فيما يرى محللون، أن تراجع الريال الإيراني نتج عن المخاوف من إنسحاب إدارة “ترامب” من الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية، وفرض عقوبات جديدة، ومثل رئيس البنك المركزي الإيراني، “والي الله سيف”، أمام البرلمان – في اليوم ذاته – لشرح الإجراء، وقد قوبل باحتجاجات غاضبة وطالبه المشرعون بتقديم استقالته.

وقال محافظ البنك المركزي الإيراني، “والي الله سيف”، إن الزعيم الإيراني الأعلى، “علي خامنئي”، رحب باقتراحه إحلال “اليورو” محل “الدولار” في المعاملات الأجنبية لإيران، نظرًا لأن “الدولار ليس له مكان في معاملاتنا اليوم”.

المعاملات بالدولار صعبة بسبب المخاطر القانونية..

ظلت طهران، على مدى أعوام، تسعى للتحول بعيدًا عن الدولار بسبب التوترات السياسية مع واشنطن؛ على الرغم من أن غالبية التجارة الخارجية للبلاد ما زالت تتم بالدولار، كما يستخدمه الإيرانيون في السفر والإدخار.

والمعاملات المصرفية المستخدم فيها الدولار صعبة بالفعل بالنسبة لإيران بسبب المخاطر القانونية، التي جعلت البنوك الأميركية غير راغبة في العمل مع طهران.

ويمكن للشركات الأجنبية أن تكون عرضة للعقوبات إذا أبرمت صفقات مع إيران بالدولار حتى في العمليات التي تشمل فروعًا غير موجودة في الولايات المتحدة.

بمثابة الإتجار بمواد ممنوعة..

كان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قد هدد بالإنسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات جديدة على إيران الشهر المقبل، إذا لم يتم وضع قيود جديدة على برامجها الصاروخية والنووية، وهو ما تسبب في تسارع هبوط الريال، منذ منتصف تشرين أول/أكتوبر الماضي، في وقت كان يتم تداول الدولار بسعر 40 ألف ريال.

ويقول محللون إن هذا التهديد شجّع الإيرانيين على شراء الدولار أملًا في بيعه لاحقًا لتحقيق مكاسب إذا ما إنهار الريال.

وحذر “جهانغيري” من أن بيع العملات بأسعار أعلى من سعر الصرف الرسمي سيعتبر بمثابة “الإتجار بمواد ممنوعة”.

وشدد: “مثل تهريب المخدرات، لا يحق لأحد بيعها أو شراؤها، إذا عرض سعر صرف آخر في السوق، سيتعامل القضاء والأمن معه”.

سيبعد المستثمرين الأجانب..

في حال إنسحاب الولايات المتحدة، فمن المتوقع أن تعيد فرض العقوبات الاقتصادية المعلقة حاليًا بحق إيران، ما سينعكس على اقتصاد البلاد وسيبعد المستثمرين الأجانب.

ولم تحدد السلطات سعر صرف ثابت لـ”اليورو” أو “الجنيه الإسترليني” اللذين حققا مكاسب كبيرة مقابل “الريال” الإيراني خلال الشهور الأخيرة.

وقال رئيس بنك الاستثمار الحكومي الفرنسي، “بي. بي. آي فرانس”، في شباط/فبراير الماضي، إنه “نتيجة لذلك، ستبدأ فرنسا في طرح ائتمانات مقومة باليورو لمشتري السلع الأوروبية الإيرانيين في نهاية العام الحالي لإبقاء تجارتها بمنأى عن العقوبات الأميركية”.

عاجزة عن جذب استثمارات..

“مال نحاس” مستشارة في الشؤون الإستراتيجية وشؤون الطاقة، عن (فوربس) الأميركية، تقول في تقرير لها أن موقع (بي. بي. سي) يرى أن أزمة هبوط سعر “الريال” ليست ناجمة عن خلل تجاري. فإلى صادرات النفط، تصدر إيران سلعاً قيمتها نحو 40 بليون دولار. وتستورد سلعاً بـ 50 بليون دولار.

والمشكلة هي مرآة عجز طهران عن العودة بالأموال إلى البلاد. فعلى رغم رفع العقوبات الدولية إثر إبرام الاتفاق النووي، إيران عاجزة عن جذب مصارف دولية كبرى إلى البلاد. وأبرز ضحايا الأزمة هذه هو عالم الأعمال الإيراني الوثيق الإرتباط بحركة الاستيراد والتصدير. فالشركات الإيرانية لا يسعها الحصول على النقد من الحكومة وتعتمد على أسعار الصرف غير الرسمية في إبرام الصفقات. واليوم، تنقضّ الحكومة على متاجر الصيرفة التي لا تلتزم التسعيرة الموحدة، ويتعاظم تعثر قطاع الأعمال.

وتضيف: يبدو أن إيران ترفع صادراتها النفطية لزيادة وارداتها من الدولار. ووفق (إس. أند بي. غلوبل بلاتس)، رفع إنتاج إيران النفطي ارتفاعاً طفيفاً إلى 3.83 مليون برميل يومياً في شباط /فبراير بعد أن كان 3.80 مليون برميل يومياً في تشرين ثان/نوفمبر الماضي. ولكن قطاع النفط الإيراني عاجز عن زيادة الإنتاج زيادة أضخم.

وعلى رغم أن منظمة (أوبك) حددت تقنياً عتبة إنتاج النفط يومياً بـ 3.797 مليون برميل، تسمح بإنتاج 4 ملايين برميل يومياً شرط ألا يزيد متوسط الإنتاج طوال إثني عشر عاماً عن 3.797 مليون برميل يومياً.

لافتة إلى أنه ذاع صيت تلاعب طهران بكوتا، (حصص)، “أوبك” في الماضي، ويرجح أن تزيد إنتاج النفط وصادراته للمساعدة في تخفيف الضغوط عن عملتها إذا قيض لها مثل هذا الإنتاج. ولكن ليس في مقدور قطاعها النفطي زيادة الإنتاج زيادة يعتد بها، فهو يفتقر إلى القدرات التقنية.

الأزمة خطوة على طريق إنهيار الاقتصاد..

لا ريب في أن أزمة العملة الإيرانية هي خطوة على طريق إنهيار الاقتصاد الإيراني – ودارت التوقعات على تعافيه بعد توقيع الاتفاق النووي. وفي الأشهر الأخيرة، حملت المصاعب الاقتصادية الناس على تنظيم احتجاجات في مدن إيرانية كثيرة، على رغم أن الاحتجاجات قمعتها الحكومة. ولطالما إرتبطت الأوضاع الاقتصادية في إيران بالاستقرار السياسي. ففي البلد هذا السوابق التاريخية كثيرة على إرتباط الاضطرابات السياسية بالاقتصاد.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب