20 مايو، 2024 7:03 ص
Search
Close this search box.

بعد فوز “بوتين” بولاية رئاسية جديدة .. إلى ماذا يسير الاقتصاد الروسي وكيف ستكون علاقته بالغرب ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

داخليًا وخارجيًا؛ عّزز الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، (71 عامًا)، موقفه، بنّيل ثقة الروس مجددًا بولاية خامسة لمدة (06) سنوات، بعدد قياسّي من الأصوات.

ذلك الفوز الانتخابي والتقدم العسكري لـ”روسيا” في حرب “أوكرانيا”، له أسبابه، لكنه إجمالاً سيُزيد من التوتر بين “بوتين” والغرب، كذلك قد يكون له تأثيرات داخلية سياسيًا واقتصاديًا.

ويترتب على ذلك أيضًا؛ بحسّب تلك المصادر، أن “موسكو” ستكون أقوى في أي مفاوضات مرتقبة بشأن التهدئة في “أوكرانيا” مع تواجد روسي أكبر بالمنطقة على حساب “أوروبا” و”الولايات المتحدة”.

فوز تجاوز الـ 87%..

والاثنين؛ قالت لجنة الانتخابات المركزية الروسية، إنه بعد فرز ما يقرب من: (100) في المئة من الأصوات في جميع الدوائر الانتخابية، حصل “بوتين” على: (87.29) في المئة من الأصوات، بعد ما أدلىّ ما يقرب من: (76) مليون ناخب بأصواتهم لصالحه، وهو أعلى عدد من الأصوات له على الإطلاق.

فيما قال المتحدث باسم (الكرملين)؛ “دميتري بيسكوف”، في مؤتمر صحافي، إن نتائج الانتخابات الرئاسية الروسية: “هي التأكيد الأبلغ لمسّتوى الدعم من سكان البلاد لرئيسها، والتفافهم حوله”، رافضًا الانتقادات الأميركية للانتخابات.

وقال إن “روسيا” لا تسّتمع لمثل هذه الآراء؛ ووصف المحاولات الغربية لتصّوير الانتخابات على أنها غير شّرعية: بـ”السّخيفة”.

انتقاد غربي..

وكان “البيت الأبيض”؛ قال إن الانتخابات الرئاسية الروسية: “ليست حرة ولا نزيهة؛ لأن بوتين زّج بمعارضيه في السجن ومنع آخرين من الترشّح أمامه”.

وقال الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، إن “بوتين” يُريد أن يحكم إلى الأبد، واصفًا الانتخابات الرئاسية الروسية؛ بأنها: “محاكاة” تفتّقر إلى الشّرعية.

فيما قالت “الخارجية البولندية”؛ في بيان، إن: “الانتخابات الرئاسية في روسيا غير قانونية وغير حرة وغير نزيهة”، لافتة إلى أنها جرت: “في مناخ من القمع الشديد”، وفي المناطق المحتلة من “أوكرانيا”، مما يُشّكل انتهاكًا للقانون الدولي.

تحديات داخلية وخارجية..

وتعليقًا على انعكاس النتائج الانتخابية علي الاقتصاد الروسي؛ أكد الأستاذ في مدرسة “موسكو” العُليا للاقتصاد؛ الدكتور “رامي القليوبي”، في تصّريحات خاصة لموقع (اقتصاد سكاي نيوز عربية)، أن: التحديات الاقتصادية الداخلية لها الأولوية القصّوى لدى؛ بوتين، بعد فوزه في الانتخابات، تلك التحديات يأتي على رأسها الوفاء بالوعود الانتخابية التي قدمها الرئيس المنتخب بدعم مختلف الشرائح السّكانية، ولعل في مقدمتها العائلات متعددة الأبناء، وهو ما يتطلب توفير الكثير من الموارد للميزانية الفيدرالية وكذلك الميزانية المحلية”.

تلك الالتزامات تتطلب إجراء إصلاح للمنظومة الضريبية؛ وإعادة العمل بالضريبة التصّاعدية.

تعويم “الروبل” ودفع عجلة التعاون مع دول ليس عليها عقوبات..

ويتوقع أن يُصّدر قرار جديد بتعويم سعر صرف “الروبل”؛ لأن “روسيا” تحصل على عوائد “النفط والغاز” بالعُملة الأجنبية، وحتى تفّي بالتزاماتها الداخلية تحتاج لخفض سعر صرف العُملة المحلية لتزداد قيمة عوائد هذه الصادرات بما تُعادله بـ”الروبل”.

أما بالنسبة للتحديات الخارجية؛ فذكر أن الأولوية القصّوى لدى “بوتين” هي دفع عجلة التعاون مع الدول التي لا تنضم للعقوبات الغربية ضد “روسيا”، وتحديدًا الدول العربية والإفريقية والآسيوية وبلدان مجموعة (بريكس)؛ حتى تُشّكل بديلًا كاملاً عن فقدان الشراكة مع “الاتحاد الأوروبي”.

وبحسّب وزير التنمية الاقتصادية الروسي؛ “مكسيم ريشيتنيكوف”، في مقابلة مع (سكاي نيوز عربية)، قبل أيام، فإن “روسيا” أعادت توجيه البضائع إلى أسواق مختلفة، منها “الصين”؛ التي ازداد حجم التبادلات التجارية معها، ليس فقط مع “الصين”، لكن مع (20) دولة أخرى أيضًا.

كما أشار إلى أن حجم التبادلات التجارية مع الدول الأخرى سّجل أرقامًا قياسّية مع “الهند وتركيا وإيران” ودول في “أميركا اللاتينية”؛ بما فيها “البرازيل”، ودول جنوب شرق آسيا؛ “وبالطبع أيضًا الدول العربية”.

ويتوقع أنه على المدى القريب من المُرجّح أن يُسّجل الاقتصاد الروسي نموًا واستقرارًا، معللًا بأنه استطاع أن يكسّر الصورة النمطية التي تقول إن الدولة في حالة حرب تُعاني مجاعات وإفقار للسكان، بينما تبّين العكس بأن الدولة في حالة حرب الحكومة عليها بالتطور الاقتصادي لأن الأموال التي سيتم ضخها في قطاع التصنيع الحربي ودفع أجور العسكريين المحاربين في نهاية المطاف تعود إلى الدورة الاقتصادية وتُنشّطها.

ارتفاع نسّب التضخم على المدى البعيد..

أما على المدى البعيد؛ فتوقع أن هذا سيتُرجم إلى ارتفاع نسّب التضخم، وكذلك حدوث مخاطر طويلة الأجل لأن هذه النفقات لا تحل محل نمو الاقتصاد الحقيقي.

يتجاوز التضخم: (7) بالمئة على أساس سنوي؛ وفق أرقام كانون ثان/يناير، حيث استقر التضخم عند: (7.4) بالمئة على أساس سنوي، كما كان الحال في كانون أول/ديسمبر 2023، بعد سبعة أشهر من الزيادة المستمرة، وفق أرقام (روستات). وتهدف السلطات إلى احتواء التضخم السنوي عند مسّتوى: (4) بالمئة.

تأثيرات على “أوروبا” والعالم..

من جانبه؛ يُلفت الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي؛ “أبو بكر الديب”، إلى أن: ولاية الرئيس؛ “فلاديمير بوتين” الجديدة لن تؤثر فقط على “روسيا”، وإنما سيمّتد تأثيرها خلال الست سنوات المقبلة إلى “أوروبا” والعالم أيضًا.

ويُصّر الرئيس الروسي على تحقيق أهداف العملية العسكرية في “أوكرانيا”، خاصة مع تراجع وضعف الدعم الأميركي والغربي بشكلٍ عام.

وفي هذا السيّاق؛ يعمل “بوتين” على تطوير هيكل الاقتصاد ليُصبّح أكثر كفاءة وحداثة وابتكارًا ما سيضمن التقدم والازدهار لبلاده.

ويوضح أن “بوتين” نجح؛ خلال ولايته السابقة، في تخطّي وتجاوز أكثر من (16) ألف عقوبة فرضتها “الولايات المتحدة الأميركية” وحلفائها الأوروبيين ضد “روسيا”، وتجاوز تداعياتها بعد أن كانت تسّتهدف انهيار الاقتصاد الروسي.

ويعتقد بأن “موسكو” اتخذت هذا النجاح كنقطة انطلاق لتنفيذ خطة اكتفاء ذاتي استهدفت تطوير الزراعة والصناعة والخدمات، وكذلك التجارة مع “الهند والصين” وتوطيّن الصناعات التقنية والابتكارات، كما نجحت في احتلال المرتبة الخامسة عالميًا لتُنافس “اليابان” على المرتبة الرابعة، وهو النهج الذي يسّير عليه “بوتين” في ولايته الجديدة.

كما يتوقع أن تشهد الولاية الجديدة زيادة قوة “روسيا” العسكرية وتطوير الأسلحة الهجومية والصواريخ الدفاعية.

اقتصاد صّلب للغاية..

ويعد ذلك؛ من بين أبرز أولويات الإنفاق للاقتصاد الروسي في المرحلة الحالية والمقبلة. لكن “الديب” يُشّير إلى أن الاقتصاد الروسي مازال صلبًا للغاية، مسّتدلًا على ذلك بعدد من الشواهد منها، تحقيق: “معجزة في معدلات النمو”، رُغم فرض الدول الغربية و”أميركا” آلاف العقوبات على “روسيا”، حيث استطاع تحدي التوقعات الخاصة بانهياره.

كما أن القطاعات الرئيسة للاقتصاد الروسي حققت انتعاشًا، رُغم العقوبات الغربية غير المسّبوقة.

والمحافظة على مبيعات الطاقة، بما جعل الميزانية في وضع أفضل على الرُغم من ارتفاع تكاليف الحرب، مع استمرار الصادرات الروسية من “النفط والغاز”، إلى الدول الأوروبية وغيرها من الدول، مثل “الهند والصين”. علاوة على الاستفاد من زيادة أسعار “النفط” في السوق العالمية.

ويُبيّن مستشار المركز (العربي) للدراسات؛ أن الرئيس؛ “فلاديمير بوتين”، سّعى إلى تعزيز العلاقات مع دول مثل: “الصين والهند”، في الوقت الذي خفّض فيه “الاتحاد الأوروبي” الروابط التجارية مع “روسيا”، بما في ذلك واردات “النفط والغاز”، في جولات متكررة من العقوبات.

وأشار إلى إعلان الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، أخيرًا أن هيكل الاقتصاد الروسي يتغيّر بشكلٍ إيجابي وللأفضل، قائلًا أن هذا غير مسّبوق في تاريخ “روسيا” الحديث، متابعًا: “لقد نمّا قطاع الطاقة لدينا بنسّبة تزيد عن: (3) بالمئة، وبلغ النمو الإجمالي للصناعات التحويلية: (43) بالمئة.. وهذا غير مسّبوق في تاريخ روسيا الحديث”.

زيادة التوتر بين الغرب و”بوتين”..

وحول تأثير فوز “بوتين” على علاقاته مع الغرب؛ قالت الأميركية المتخصصة في الشؤون الدولية؛ “إيرينا تسوكرمان”، إنه سوف تزداد التوترات بين الغرب و”بوتين” وسوف تسّتمر في التزايد لأن سياسة “بوتين” الخارجية لا تقتصّر على “أوكرانيا”، وسّط مسّاعٍ منه لتحقيق الهيمنة البحرية في “البحر الأسود”، واحتكار الموارد الطبيعية في “إفريقيا”، والاستحواذ على المصالح في “الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية”، وزيادة التعاون مع القوى المعادية لـ”أميركا”؛ كـ”الصين وإيران وكوريا الشمالية”.

كما أن الغرب سيُزيد من مساعداته لـ”أوكرانيا” لمواجهة التهديد الروسي، عبر زيادة ميزانيات دول الـ (ناتو)، وتحركات القوات إلى المناطق الحدودية الحيوية، وتوسّيع عضوية الـ (ناتو)، وزيادة التعاون الدبلوماسي والضغط.

كما قال المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الدولية؛ “ميتشل بيلفر”، إن إعادة انتخاب “بوتين” ستؤدي إلى تدهور العلاقات مع “أوروبا” إلى مسّتوى جديد، خاصة بعد المؤشرات الأخيرة التي تُفيد بأن بعض الأعضاء الأوروبيين في الـ (ناتو) يشّعرون بالارتياح لإرسال قوات للقتال ضد “روسيا” في “أوكرانيا”.

موضحًا أنه سيكون هناك إعداد لعقوبات جديدة ضد “روسيا”؛ وهذا لا يُمثل في الواقع انعكاسًا للانتخابات نفسها، بل هي قضايا أخرى تُخيّم على العلاقات الأوروبية مع “روسيا” منذ عام 2022.

لا تهدئة ولا وقف لإطلاق النار..

وعن تأثير ذلك على الحرب بـ”أوكرانيا”؛ أضاف “بيلفر”، وهو مدير مركز أبحاث في “روما”، أنه لا علامة على التهدئة أو حتى وقف إطلاق النار في “أوكرانيا”، ويبدو أن المسّار بين “أوروبا” و”روسيا”؛ يقوم على التوتر وانعدام الثقة.

كما أن إعادة انتخابه ستُعيّد تنشّيط الدعم الأوروبي لـ”كييف”، ومعروف أن ما يوفره الـ (ناتو) و”الاتحاد الأوروبي” يكفي من الأسلحة لمواصلة القتال في “أوكرانيا”، ولكن ليس بما يكفي لمواجهة “روسيا” بنجاح.

كما أنه يبدو أن الغرب على استعداد لمحاربة “روسيا” حتى آخر أوكراني. وفي الوقت نفسه، يبدو أن “بوتين” على استعداد لمحاربة “أوكرانيا” حتى آخر شخصية روسية معارضة.

تعزيز موقف “بوتين”..

وعن أسباب الفوز وتأثيراته؛ تحدث “رامي القليوبي”، الأكاديمي في جامعة “موسكو”، قائلاً إن التقدم الروسي في الفترة الأخيرة يعود بالدرجة الأولى إلى تراجع دعم الغرب لـ”أوكرانيا” بعد انشّغال الغرب بالحرب الإسرائيلية في “قطاع غزة”.

هذا التراجع أتاح لـ”روسيا” التفوق في “أوكرانيا” وإحكام السيّطرة على بعض المدن والبلديات الصغيرة.

كما تأثرت الجبهة الداخلية بـ”روسيا” بهذا التقدم، واستطاع “بوتين” تحقيق أعلى نسّبة تصّويت ومشاركة، وعادة أثناء الحروب كما يقول علم الاجتماع السياسي تشهد تلك الأوقات التفافًا حول الدولة، مثلما نرى في المباريات الحاسّمة.

والعامل الثاني الذي ساعد “بوتين” على الفوز؛ أن استمرار نجاحه بـ”أوكرانيا”، جعل الروس يتناسّون صدمات وقت بدء الحرب والتعبئة وبدء حالة اطمئنان بأن الدولة ستّفي بضمان قدر من الأمن والرخاء وهذه المعادلة ساعدت الرئيس الروسي.

كما أن سبب فوز “بوتين” أيضًا؛ هو أن المعارضة فشلت في أن تتحدث بصوت واحد وانقسّمت بين التصّويت أو المقاطعة وهذا ما أثر على فرص هزيمة “بوتين”.

تمهيدًا لإجراء مفاوضات بشأن “أوكرانيا”..

وعن تأثير ذلك الفوز والتقدم العسكري؛ يرى الأكاديمي بجامعة “موسكو” أن زيادة التوتر من السابق لأوانه أن نرصده على الفور، لكن الغرب سيستمر في عدم تحبّيذ “بوتين”، وحديثه عن عدم قانونية الانتخابات، لكن لن يستطيع إنكار شّرعيته عقب الفوز الكبير.

بالإضافة إلى تعّزيز مواقف (الكرملين) في مواجهة الغرب؛ وسيكون الفوز تهميدًا لإجراء مفاوضات بشأن “أوكرانيا”، وستكون أوراق “روسيا” في موضع قوة.

أمان داخلي وقوة خارجية..

ويرى “نبيل ميخائيل”؛ أستاذ العلوم السياسية بجامعة “جورج واشنطن”، فوز “بوتين” على هذا النحو: أن الفوز يعني أن “بوتين” يتمتع بشعبية كبيرة بين مواطني “روسيا” الاتحادية، وأنه استطاع بسّهولة حصد ذلك، وهذا يعني أن الروس لا يزالون يثقون في سياسته ضد الغرب والإدارة الأميركية في الحرب بـ”أوكرانيا” وقضايا الحريات.

وسيكون موقف “بوتين” بعد هذا الفوز آمنًا داخليًا وسيّزداد قوة خارجيًا، لا سيما في موقفه من الغرب.

ويجب على “أميركا وأوروبا” أن يتقبلوا الفوز فلن يسّتطيعوا الإطاحة بـ”بوتين” من (الكرملين).

توقعات بقرارات هامة من “بوتين”..

وعن مستقبل هذا الفوز؛ يُضيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة “جورج واشنطن”، قائلا: بعد هذا الفوز أتوقع قرارات هامة من “بوتين” بشأن إنهاء الحرب في “أوكرانيا”، والتواجد بشكلٍ أكبر بالمنطقة، كما يعني ذلك الفوز تطورات إيجابية متعلقة بالأمن القومي العربي عبر إنهاء صراعات؛ لا سيما في “سورية وليبيا”.

وعلى العكس سوف تسّتمر العلاقات متوترة وتزداد بين “بوتين” والغرب، وسنّرى تهدئة وشيكة بشأن “أوكرانيا”، ولكن لن يؤثر ذلك على العلاقات ولن نرى مبادرة سلام بينهما مثلاً قريبًا.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب