11 أبريل، 2024 6:31 م
Search
Close this search box.

بعد فقدها للدعم الإيراني والتركي .. يجب على تل أبيب أن تكون أكثر حزمًا مع “حماس” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

إن الإنهيار الاقتصادي في كل من “إيران” و”تركيا”، بالإضافة إلى استمرار الخصومة بين حركتي “فتح” و”حماس”، يجعل الفرصة مواتية أمام “إسرائيل” لممارسة مزيد من الضغط على “قطاع غزة”، ولا سيما على حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.

وفي هذا السياق نشر موقع (ميدا) العبري مقالاً تحليليًا للمستشرق الإسرائيلي، “مردخاي كيدار”، أكد فيه على أن أهم دولتين داعمتين لحركة “حماس”، وهما “إيران” و”تركيا”، تتعرضان حاليًا لعقوبات اقتصادية أميركية، لذا فإن “إسرائيل” يجب أن تستغل ذلك لفرض شروطها في اتفاق التسوية مع “حماس”.

اتفاق محدود..

يقول “كيدار”: حتى كتابة هذه السطور، (أمس الأربعاء)، لم نعلم بتفاصيل اتفاق التسوية بين “إسرائيل” و”حماس”، وما نسمع عنه من هنا أو هناك فهو مجرد معلومات غير مؤكدة. ووفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام، فإن اتفاق التسوية لن يشمل إعادة جثث الجنود أو المدنيين الإسرائيليين المحتجزين لدى “حماس”، ولن يتطرق إلى ضرورة نزع سلاح “قطاع غزة” أو حتى عودة “السلطة الفلسطينية” للسيطرة على القطاع.

وسيقتصر الاتفاق على إدارة الشؤون الحياتية بين “إسرائيل” و”غزة” مثل: وقف الأنشطة الإرهابية، بما فيها إرهاب الحرائق، مقابل أن تستأنف إسرائيل إمداد القطاع بالمواد الغذائية والأدوية والوقود والمياه والكهرباء.

ولن يتطرق اتفاق التسوية إلى أي قضايا جوهرية؛ لأن كل من “إسرائيل” و”حماس” لا تريدان خوض مفاوضات حول ذلك، وكل له أسبابه الخاصة. ولقد دار الحديث مؤخرًا عن ثلاث قضايا من هذا القبيل، وهي إقامة ميناء بحري ومطار لخدمة “قطاع غزة”، بالإضافة إلى عودة “السلطة الفلسطينية” للسيطرة على القطاع.

مُقترح بإنشاء ميناء لـ”قطاع غزة”..

بحسب “كيدار”؛ فقد شهدت الآونة الأخيرة طرح عدة مقترحات لإقامة ميناء بحري لـ”قطاع غزة”، وكان أحد تلك المقترحات عبارة عن مبادرة؛ تقدم بها وزير الاستخبارات والنقل الإسرائيلي، “يسرائيل كاتز”، دعا فيها لإنشاء جزيرة اصطناعية في البحر على بُعد بضعة كيلومترات من “قطاع غزة”، ويربطها بالشاطيء الغزي طريق خاص. كما ستضم الجزيرة ميناء بحريًا ومطارًا، وسيكون من حق إسرائيل إجراء التفتيش الأمني على البضائع القادمة بحرًا وجوًا إلى الجزيرة.

لكن “حماس” تعارض، حتى الآن، تلك المبادرة لأنها تتيح لإسرائيل منع إرسال حمولات تزعم أنها تضر بأمنها، مثل بعض المواد الخام بحجة أنها تُستخدم لإنتاج الأسلحة.

وهناك مقترح آخر لإنشاء الميناء البحري على الشاطيء القبرصي، بحيث تصل إليه جميع السلع والبضائع المتجهة إلى “قطاع غزة”، ثم يتم تفتيشها أمنيًا، وبعد ذلك تُرسل للقطاع.

وتعارض “إسرائيل” ذلك المقترح؛ لأنه لم يحدد الجهة المسؤولة عن التفتيش الأمني، ولم يوضح كيفية التأكد من أن السفن التي تحمل بضائع من “قبرص” إلى “غزة” لن تتلقى في الطريق، (الممتد قرابة 300 في عرض البحر)، شحنات إضافية، قد تأتي على سبيل المثال من “حزب الله” اللبناني.

فيما ترفض “حركة حماس” أي مقترح لا ينص على أن يكون الميناء البحري في “غزة” نفسها، ومن دون أي تدخل إسرائيلي، إضافة إلى عدم السماح لإسرائيل بمنع استيراد أي شيء للقطاع. وبالطبع، فإن “إسرائيل” تعارض ذلك، وبالتالي فإن مسألة الميناء البحري عالقة.

مطار لـ”غزة” في “سيناء” !

يُضيف “كيدار”؛ بأن الأمر نفسه يكاد ينطبق على فكرة إنشاء المطار، حيث كان هناك مقرح بأن تخصص “مصر” منطقة في “سيناء”، بالقرب من “قطاع غزة”، لإنشاء الميناء الجوي تحت إشراف “إسرائيلي-مصري” مشترك.

غير أن المصريين ليسوا متحمسين لتلك الفكرة، خشية أن يكون المطار مجرد بداية لمقترحات مستقبلية بتوسيع تلك المنطقة في “سيناء” لتوطين الفلسطينيين فيها. ولا يريد المصريون أن يبدون وكأنهم عملاء لإسرائيل.

وفي هذا الشان أيضًا يُطالب قادة “حماس” بإنشاء مطار مستقل في “غزة”، من دون أي تدخل إسرائيلي، حتى يمكنهم من استيراد ما يشاؤون، بما في ذلك الصواريخ من “إيران”. وهذا ما تعارضه “إسرائيل” بشدة، وبالتالي فإن مسألة المطار عالقة أيضًا.

بين المطرقة والسندان..

يضيف “كيدار”؛ أن القضية الجوهرية الثالثة هي عودة “السلطة الفلسطينية” للسيطرة على “غزة”. وكما هو معروف فإن “حماس” طُردت “السلطة الفلسطينية” عندما سيطرت على القطاع، في منتصف حزيران/يونيو 2007، أي قبل أكثر من 11 عامًا.

وفي تلك الأحداث؛ قامت “حماس” بإعدام العشرات من أفراد الأمن التابعين لـ”السلطة الفلسطينية”، التي ظلت عبر سنوات تدفع الرواتب لموظفيها الذين أُقيلوا من وظائفهم لضمان استمرار ولائهم. ولكن السلطة خفضت تلك الرواتب في الآونة الأخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعانيها، أما “حركة حماس” فهي لا توظفهم بسبب ولائهم للسلطة الفلسطينية.

وبما أن “حماس” تعارض عودة “السلطة الفلسطينية” للتحكم في الملفات الأمنية، لذا فإن السلطة ترفض دفع تكاليف الكهرباء والوقود والغذاء لـ”قطاع غزة”، ونتيجة لذلك تخفض “إسرائيل” من إمدادات الكهرباء والوقود. وعليه فإن أهالي “قطاع غزة”، الذين يقعون بين مطرقة “حماس” وسندان “منظمة التحرير الفلسطينية”، يعيشون في معاناة شديدة ولا يسمعون سوى اتهامات متبادلة تجعل رجل الشارع يمقتهم جميعًا.

يستحيل رأب الصدع..

يوضح “كيدار”؛ أن “السلطة الفلسطينية” لا تزال، من الناحية الرسمية، هي المسؤولة عن “قطاع غزة”، ويُعد “محمود عباس” هو رئيس القطاع، الذي لم يزره منذ أكثر من عشر سنوات، أما رئيس وزرائه وكذلك رئيس أجهزته الأمنية فقد نجيا من القتل المحقق، في آذار/مارس من هذا العام، عندما دخلا “قطاع غزة” في زيارة رسمية. ومنذ ذلك الحادث يتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن محاولة الاغتيال.

وتضع “السلطة الفلسطينية” من جانبها شرطًا أساسيًا لإستعادة سيطرتها على “غزة”، يتضمن نزع سلاح “حماس” وعودة سيطرة “السلطة الفلسطينية” فعليًا على جميع الملفات الأمنية في “قطاع غزة”. لكن “حماس” تعارض بشدة تسليم أسلحتها إلى “السلطة الفلسطينية”، وهذا ما يرفضه أيضًا الحليف الدائم لـ”حماس”، وهي “حركة الجهاد الإسلامي”.

وتخشى “حماس” من التعاون الأمني بين “السلطة الفلسطينية” و”إسرائيل”، ويتخوف قادة الحركة من أن تقوم “السلطة الفلسطينية” بإغلاق جميع مصانع الأسلحة التابعة لـ”حماس”، وتدمير الأنفاق التي حفرتها الحركة على مر السنين، وتزويد “إسرائيل” بمعلوملت عن الإنجازات العسكرية التي حققتها “حماس”.

اتفاق هش..

في ظل تبادل الاتهامات والسباب بين “السلطة الفلسطينية” و”حركة حماس”، منذ عام 2007 وحتى اليوم، يمكن للمرء أن يستشعر عمق الكراهية والإحباط بين الفصيلين الفلسطينيين، وبحسب رأي “كيدار” فإن احتمال عقد مصالحة بين “منظمة التحرير الفلسطينية” و”حماس” يعتبر أبعد بكثير من احتمال إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. لذا فلن تنجح أي محاولة لإشتراط اتفاق تسوية في “غزة” بإجراء مصالحة بين “حماس” و”منظمة التحرير الفلسطينية”، لأن الإنشقاق بين “قطاع غزة” و”السلطة الفلسطينية” بات وكأنه سيظل إلى الأبد.

لذلك؛ فإذا أرادت “إسرائيل” التوصل إلى أي اتفاق للتسوية، فلن يكون إلا مع “حركة حماس” بمفردها. ويمكن التوصل إلى ذلك بمساعدة جهات خارجية مثل “مصر”.

ومع ذلك؛ فإن اتفاق التسوية سيواجه بعض المشاكل والصعوبات، إذ لا نعرف ماذا يمكن أن يحدث لو قام أحد ما في “غزة” – سواء كان “مارقًا” أو “بإيعاز من حماس” – بإطلاق صاروخ على “إسرائيل”، فهل ستحتفظ إسرائيل لنفسها بحق الرد ؟.. وماذا سيحدث أيضًا لو اكتشفت “إسرائيل” أن “حماس” تقوم بإنشاء مصنع للصواريخ المتطورة التي تغطي المنطقة بأكملها بين بلدتي “ميتولا” و”إيلات”، بما في ذلك “ديمونة” و”تل أبيب” ؟

وهناك احتمال آخر: كأن تكتشف “إسرائيل” وجود نفق هجومي تقوم “حماس” بحفره لاستهداف الدولة العبرية. فما الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله لإحباط تلك التهديدات في ظل اتفاق التسوية ؟.. وإذا  قامت إسرائيل بالرد عسكريًا لتدمير مصنع الصاروخ أو الأنفاق، ثم ردت حركة “حماس” على الهجمات الإسرائيلية، فماذا سيكون مصير الاتفاق ؟

تصفية قادة “حماس” لاستعادة الردع الإسرائيلي !

مع استمرار المساعي لإبرام اتفاق التسوية تعاني إسرائيل من فقدان عامل الردع في مواجهة “حركة حماس”، لذا لا تتمكن “تل أبيب” من إملاء شروطها. وبالطبع فإن الأعداء الآخرين لإسرائيل – وخاصة “حزب الله” – يراقبون ما يجري ويستخلصون العبر.

إن فقدان سلاح الردع الإسرائيلي في مواجهة “حماس” يجعل الدولة العبرية في وضع مُهين، وهذا يُعيق إحراز السلام ويُشجع الآخرين على خوض الحرب. والطريقة المُثلى لاستعادة قوة الردع الإسرائيلية هي التهديد بتصفية قادة “حماس”. ولن تستعيد إسرائيل سلاح الردع إلا بالتهديد الفعلي، إلى جانب الإصرار والإرادة والقدرة على التنفيذ.

الوضع الاقتصادي في إيران وتركيا يؤرق قادة “حماس”..

يجب أن تدرك الحكومة الإسرائيلية، ورئيسها “نتانياهو”، بأن “حركة حماس” تواجه حاليًا ضغوطًا اقتصادية هائلة: فـ”السلطة الفلسطينية” لا ترسل الرواتب إلى موظفيها في القطاع؛ ولا تستطيع حكومة “حماس” فرض ضرائب عليهم. لكن الشأن الإيراني أكثر خطورة من ذلك؛ فمع فرض مزيد من “العقوبات الأميركية” على “طهران”، يشتد الخناق على الاقتصاد الإيراني فتتراجع قدرة “طهران” على دعم “حماس”. أضف إلى ذلك، أن الشارع الإيراني بات يُعارض تحويل الأموال إلى جهات خارجية، بما فيها “حماس”، حيث يُطالب باستثمار تلك الأموال داخل “إيران”.

ومن المعروف أن “تركيا” تدعم هي الأخرى “حركة حماس”، وهذا الدعم أيضًا قد بات في خطر بعدما دفعت “العقوبات الأميركية” اقتصاد “تركيا” وعملتها المحلية إلى حافة الهاوية.

إن تدهور الوضع الاقتصادي في “إيران” و”تركيا” يؤرق قادة “حماس”، وبالتالي فإن اتفاق التسوية بات يُعد ضرورة مُلحة وآنية بالنسبة لهم. ومن هنا يتوجب على الحكومة الإسرائيلية أن تُحسن استغلال الضغوط التي تواجهها “حماس” في كل بند من بنود اتفاقية التسوية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب