20 أبريل، 2024 5:41 ص
Search
Close this search box.

بعد عام من الانقلاب في “زيمبابوي” .. هل يمكن للانقلابات توليد الديمقراطية ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

قبل عام تقريبًا، في 21 تشرين ثان/نوفمبر، أطاحت القوات المسلحة الزيمبابوية بـ”روبرت موغابي”؛ بعد أسبوع من المحاولات لإجباره على الإستقالة من الرئاسة. فاجأ الانقلاب العديد من المراقبين، حيث دعمت القوات المسلحة لفترة طويلة رئيسهم، “موغابي”. بعد ذلك، حاول متآمري الانقلاب إقناع المراقبين، سواء في الداخل أو على المستوى الدولي، بأنه لم يكن في الحقيقة انقلابًا. وبدلاً من ذلك، كان هدفهم هو إصلاح ما اعتبروه ظروفًا سياسية واجتماعية واقتصادية متدهورة في “زمبابوي” أو هكذا حاولوا إقناع العالم. على سبيل المثال، بعد فترة وجيزة من توليه السلطة في كانون أول/ديسمبر، وعد الرئيس الجديد، “أيمرسون منانغاغوا”، بإجراء انتخابات “حرة ونزيهة” في خلال فترة من “أربعة إلى خمسة أشهر”.

في بعض الأحيان.. هل يمكن أن تؤدي الانقلابات إلى “الديمقراطية” ؟

بعد وقوع الانقلاب، كان يأمل المراقبون أن تكون “زيمبابوي” على أعتاب الديمقراطية الحقيقية، وكان لديهم سبب ما للتفاؤل..

واقترح الاقتصادي، “بول كولير”، قبل عقد من الزمان، أن الانقلابات يمكن في بعض الأحيان أن تنحي الدكتاتوريين، مع ذكر “موغابي” على وجه التحديد كهدف محتمل. وقد توسع عالم القانون الدستوري، “أوزان فارول”، في هذه الفكرة، في كتابه الذي يحمل عنوان (The Democratic Coup d’État) أو (الانقلاب الديموقراطي)، والذي يعتقد أن الانقلابات التي تشجع تعزيز الديمقراطية؛ يمكن أن تكون كارثية ومع ذلك، تتبع الديمقراطية الانقلابات في كثير من الأحيان أكثر مما يتخيل معظم الناس.

تناقش صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية بحثًا عن العلاقة بين الانقلابات العسكرية وتأثير ذلك على مسار الديمقراطية، وحددت الأسس التي قام على أساسها البحث باستخدام بيانات مشروع مؤسسة “مستقبل الأرض الواحدة” الأمريكي، حول الحكام والانتخابات والحوكمة غير النظامية، لإختبار مدى ظهور الديمقراطيات في الدول التي تشهد الانقلابات.

احتمالية الدمقرطة بعد الانقلاب..

أوضحت الصحيفة الأميركية أن هناك إتجاهين رئيسين لاحتمال حدوث الديمقراطية عقب الانقلابات، الأول أن الآفاق الديمقراطية للبلدان الإفريقية بعد الانقلابات تتماشى مع تلك الموجودة في بقية العالم، على الرغم من أن الكثيرين في المجتمع الدولي ينظرون إلى احتمالات الديمقراطية في إفريقيا ببعض التشاؤم. ثانيًا، من الأرجح أن تؤدي الانقلابات إلى الديمقراطية بعد الحرب الباردة. وهذا ملحوظ بشكل خاص، بالنظر إلى الكيفية التي تتحول بها الدول نادرًا من الاستبداد إلى الديمقراطية المطلقة.

وقد توصل الباحثون، الذين يحققون في أسباب قيام الانقلابات، في بعض الأحيان إلى حدوث الديمقراطية، مؤكدين على أن متآمري الانقلاب الناجحين يحاولون في بعض الأحيان إقامة ممارسات ديمقراطية مثل إجراء الانتخابات. وعلى جانب آخر، فإن حزبًا سياسيًا راسخًا سابقًا كان يحكم بشكل غير ديمقراطي، مثل “الاتحاد الوطني الإفريقي الزيمبابوي”، (الجبهة الوطنية)، قد يطيح بقائد معين دون أن يرغب في الإبتعاد عن السلطة تمامًا، وذلك يمكن أن يكون عقبة خطيرة أمام الديمقراطية.

زيمبابوي بعد الانقلاب..

بعد إسقاط “موغابي”، سعى “منانغاغوا” و”حزب الاتحاد الوطني الإفريقي الزيمبابوي”، في البداية، إلى تهدئة المخاوف بشأن عدالة الانتخابات المقبلة، حيث سمح النظام الجديد لمزيد من مراقبي الانتخابات الدوليين أكثر من القديم. وكانت حملات 2018 سلمية نسبيًا، بالمقارنة مع الحملات الانتخابية في عهد “موغابي”.

ومع ذلك؛ فإن بعض الناخبين تعرضوا للترهيب والتهديد بالعنف، وكانت تلك التهديدات موجهة بشكل رئيس إلى أولئك الذين دعموا “نيلسون تشاميسا”، مرشح حزب المعارضة الرئيس من “حركة التغيير الديمقراطي”. ولاحظت جماعات المجتمع المدني أن تغطية الحملة الإعلامية المحلية كانت تفضّل بشدة “حزب الجبهة الوطنية” الحالي ونادرًا ما كان يذكر مرشحين آخرين.

بيد أن أكبر عجز كان في انتخابات 30 تموز/يوليو نفسها التي أجريت بطريقة لم ترق إلى المعايير الدولية، حيث حدت المعارضة عملية فرز الأصوات، بحجة أن “حزب الجبهة الوطنية الزيمبابوي” زور الانتخابات، وعندما تجمع المحتجون بعد أن أعلنت مفوضية الانتخابات الزيمبابوية فوز “منانغاغوا”، أطلقت الشرطة والقوات المسلحة النار عليهم، مستخدمين الذخيرة الحية وقتلوا ستة أشخاص على الأقل، بينما كان المحتجون يقاتلون بالحجارة، ثم داهمت الشرطة مقر المعارضة، وأحتجزت العمال لإستجوابهم.

أقترح المراقبون الدوليون أن نتائج الانتخابات لم تكن ذات مصداقية، ورفع زعيم المعارضة، “تشاميسا”، دعوى ضد فوز “منانغاغوا” في المحكمة، لكن قرار المحكمة الدستورية في “زيمبابوي” أيد هذا الفوز.

وأفاد وفد “الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي”؛ بأن البلاد لم تثبت أنها قد وضعت تدابير لضمان انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية. كما حددت بعثة المراقبين العديد من الصعوبات، بما في ذلك الإفتقار للشفافية في فرز الأصوات وتأخير جلسات الإستماع في المحكمة لأولئك الذين يعارضون نتائج الانتخابات، وخلصوا إلى أن الانتخابات لم تستوف المعايير الدولية.

ومع ذلك؛ رحبت بعثات مراقبة عدة منظمات حكومية دولية إفريقية، بما في ذلك “الاتحاد الإفريقي”، و”السوق المشتركة لشرق إفريقيا والجنوب الإفريقي”، و”الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي”، بالعملية الانتخابية في “زيمبابوي”، ووصفتها بأنها “حرة ونزيهة إلى حد كبير” وتمثل “نقطة تحول بالنسبة للبلاد”.

غالبًا ما تنقض الأحزاب المسيطرة على السلطة بعد الانقلابات..

من المؤكد أن انتخابات عام 2018؛ كانت أفضل من انتخابات “زيمبابوي” السابقة، على الأقل في نسبة الإقبال المرتفعة للناخبين والهدوء الذي لوحظ في يوم الانتخابات. لكن لا يبدو أنها كانت نقطة التحول نحو الديمقراطية. وطوال فترة الانتخابات، أظهر “حزب الجبهة الوطنية” أنه سيبذل قصارى جهده لضمان إحتفاظه بالسلطة، مثل كثير، من “موغابي” وغيره من الدكتاتوريين الذين يتلاعبون بالانتخابات.

كان ذلك نموذجًا للحكومات التي يهيمن عليها حزب سياسي واحد..

في ذلك الصدد؛ حددت الصحيفة الأميركية، من خلال بيانات مشروع مؤسسة “مستقبل الأرض الواحدة”، أنه يكون هناك احتمال للديمقراطية، إذا تمت الإطاحة بالأنظمة المختلفة عن طريق الانقلاب، وتبين أن قيام الانقلابات ضد الأحزاب الحاكمة مثل “حزب الجبهة الوطنية الزيمبابوي”، يخلف الديمقراطية إذا كان الانقلاب ضد الحزب وليس قائده، حيث تبين أنه من بين 19 انقلاب قاموا على نفس الأساس، أخلف انقلابًا واحدًا فقط حالة مستمرة من الديمقراطية.

احتمالية الديمقراطية عقب الانقلاب وفقًا لنظام الحكم..

وطرحت الصحيفة الأميركية تساؤلاً عن ماهية أنواع الأنظمة التي تمت الإطاحة بها، والتي حل مكانها الديمقراطية، فوجدت أن هذا حدث بعد الإطاحة بالدكتاتوريات العسكرية والدكتاتوريات التي يتم فيها إحتجاز السلطة بشكل غير شرعي من قِبل شخص واحد. وفي الدول التي كانت ديمقراطية بالفعل أو في الأنظمة التي صممت لتكون انتقالية، مثل تلك التي تلت الاحتلال الأجنبي أو الحرب الأهلية.

وبمراجعة الدكتاتوريات القائمة على الأحزاب، والتي تضم الجيش أو السلطة الممثلة في فرد واحد، وجدت أن 20 انقلابًا ضد مثل هذه الحكومات لم يؤدِ أي منها إلى الديمقراطية في غضون ثلاث سنوات.

ومن بين 39 انقلابًا ضد الدكتاتوريات التي كانت بطريقة ما تستند إلى حزب مهيمن، أدى انقلاب واحد فقط  في عام 1960 في “تركيا” إلى الديمقراطية.

وأكدت الصحيفة، من خلال بحثها، أنه عندما يسقط الدكتاتوريون، قد تكون هناك بالفعل نافذة يمكن أن تنتقل فيها البلاد إلى الحكم الديمقراطي. لكن ذلك يكون أكثر صعوبة إذا كان المستبد جزءًا من حزب سياسي مهيمن لا يزال في السلطة، مثل “حزب الجبهة الوطنية في زيمبابوي”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب