بعد طلب قائد أركان الجيش إعلان خلو منصب رئيس الجمهورية .. هل ينقسم الشارع الجزائري ؟

بعد طلب قائد أركان الجيش إعلان خلو منصب رئيس الجمهورية .. هل ينقسم الشارع الجزائري ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

ما بين مؤيد ومعارض، طالب قائد أركان الجيش الجزائري، “أحمد قايد صالح”، الثلاثاء الماضي، بإعلان خلو منصب رئيس الجمهورية، تطبيقا للمادة 102 من الدستور، في خطوة اعتبرت مفاجئة، وتطوي كل المبادرات التي قدمتها السلطة لإحتواء تداعيات الحراك الشعبي الذي بدأ في 22 شباط/فبراير الماضي.

وقال “قايد صالح”، في كلمته خلال زيارة إلى المنطقة العسكرية الرابعة: “يتعين؛ بل يجب تبني حل يكفل الخروج من الأزمة، ويستجيب للمطالب المشروعة للشعب الجزائري، وهو الحل الذي يضمن احترام أحكام الدستور واستمرارية سيادة الدولة”.

مضيفًا أن: “هناك حل من شأنه تحقيق توافق رؤى الجميع، ويكون مقبولًا من كافة الأطراف، وهو الحل المنصوص عليه في الدستور في مادته 102”.

وتنص المادة 102 من الدستور الجزائري، على أنه في حالة استقالة الرئيس أو وفاته أو عجزه يخلفه رئيس مجلس الأمة، (البرلمان)، لمدة 90 يومًا تنظم خلالها انتخابات جديدة.

دعوة رئيس أركان الجيش الجزائري أثارت ردود فعل ودارت حولها نقاشات كثيرة، في الوقت الذي رحب بها البعض، رآها آخرون تدخلًا من الجيش في السياسة، فيما نظر إليها البعض بأنها خطوة نحو منع إنزلاق البلاد إلى نفق لا نهاية له.

وفي أول رد على تصريحات رئيس أركان الجيش، قال “عبدالله جاب الله”، رئيس جبهة العدالة والتنمية، إن: “تفعيل المادة 102 أصبح لا يلبي مطالب الحراك الشعبي”.

لا تضمن تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة..

فقد اعتبر رئيس الوزراء السابق، “علي بن فليس”، أحد الداعمين لـ”بوتفليقة”، (في 1999)، قبل أن يصبح منافسًا شرسًا له، (في 2004)، أن خطة قايد صالح “لا تضمن تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة”؛ لأن الهياكل التي ترعى قانونية السير العادي للمؤسسات، أي المجلس الدستوري والبرلمان، “لا تتمتع أصلًا بالشرعية”.

وطالب “بن فليس”، وهو محامٍ وزعيم حزب “طلائع الحريات”، في تصريحات لوسائل إعلام جزائرية ودولية؛ بـ”استقالة بوتفليقة فورًا وتهيئة الظروف لانتخابات نزيهة”، مقترحًا في الوقت ذاته، “رئاسة مؤقتة”، تدير شؤون البلاد. ودعا إلى التحكم إلى المادة 7 من الدستور الجزائري، والتي تنص على أن: “الشعب هو أساس السلطة وصاحب السيادة الوطنية”، مشيرًا بالتالي إلى أن الشعب قال كلمته بوضوح في الشارع.

مطالب بتقديم استقالته..

من جهته؛ طلب الأمين العام لـ”التجمع الوطني الديمقراطي”، “أحمد أويحيى”، رئيس الحكومة المقال، في 11 آذار/مارس الجاري، من الرئيس “بوتفليقة”؛ تقديم استقالته.

وجاء في بيان: “يوصي التجمع الوطني الديمقراطي باستقالة السيد رئيس الجمهورية طبقًا للفقرة الرابعة من المادة 102 من الدستور بغية تسهيل دخول البلاد في المسار الانتقالي المحدد في الدستور”. وطالب أيضًا بـ”تعيين عاجل للحكومة، (من قِبل بوتفليقة)، لإجتناب أي فراغ أو تأويلات حول الجهاز الحكومي في هذه المرحلة الحساسة”.

عرض من النظام لـ”بوتفليقة”..

من جانبها؛ قالت أستاذة القانون الدستوري، “فتيحة بن عبو”: إن “اقتراح قايد صالح يُعد بمثابة عرض من النظام” قبله “بوتفليقة”. وأوضحت أن العرض “جاء من الجيش كي لا يرفضه”؛ لأنه “لو جاء من الرئاسة قد يرفض من الشارع”.

وذكرت “بن عبو” أن الجزائريين متمسكون بالمؤسسة العسكرية، والدليل، على حد قولها، أن المظاهرات الأخيرة سارت تحت شعار “الجيش، الشعب.. خاوة، خاوة، (بمعنى إخوة)”.

محاولة انقلاب ضد إرادة الشعب..

ووصف حزب “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” المعارض؛ دعوة “قايد صالح”، بـ”الخطيرة”، وأنها “محاولة انقلاب ضد إرادة الشعب”.

ورفض الحزب ما سماه “نقل المهام داخل النظام”؛ داعيًا إلى “انتقال ديمقراطي يضع أسس الجزائر الجديدة”.

لا يتيح تحقيق الإصلاحات..

وشدد حزب “حركة مجتمع السلم” الإسلامي، في بيان، على أن “تطبيق المادة 102 من الدستور لا يتيح تحقيق الإصلاحات بعد الشروع في تطبيقها ولا يسمح بتحقيق الانتقال الديمقراطي والانتخابات الحرة والنزيهة”.

ودعت الحركة إلى “تعيين رئيس حكومة توافقي وطاقمه بالتوافق مع الطبقة السياسية يرضى عليه الحراك الشعبي”، إضافة إلى “تعديل قانون الانتخابات” وتأسيس لجنة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات.

العرض يستجيب لمطالب الحركة الشعبية..

وفيما أكد الحقوقي والناشط البارز، “مصطفى بوشاشي”، على “ضرورة استمرار المظاهرات وتغيير النظام”، قال “مقداد سيفي”، رئيس الحكومة؛ بين نيسان/إبريل 1994 وكانون أول/ديسمبر 1995، إنه استقبل “برضى” كبير اقتراح “أحمد قايد صالح”. واعتبر “سيفي”، في تصريح لموقع (تي. إس. آي) الإلكتروني، أن العرض “يستجيب تمامًا لمطالب الحركة الشعبية” و”يسد الطريق أمام جميع الإنتهازيين والمغامرين الذين يرغبون استخدام هذه الحركة لمصالحهم الشخصية ولأجندات أجنبية”.

أما رئيس حزب “جيل جديد” المعارض، “سفيان جيلالي”، فشدد على أن: “رحيل بوتفليقة خطوة، ولكن المخاطر تبقى قائمة”. وقال “جيلالي”، في شريط فيديو نشره على موقع (فيس بوك)، إن عزل الرئيس المنتهية ولايته “يشكل نجاحًا” للحراك الشعبي المناهض للنظام، ولكنه أشار إلى أن المعارضة والشعب “لن يقبلا أن تشرف المؤسسات الحالية” على تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة.

لوضع حد للحركة الاحتجاجية..

من جانبه؛ قال الناشط، “عمر رداد”، أحد مؤسسي جمعية “تجمع حركة شباب”، الشبابية المطالبة بالديمقراطية في “الجزائر”، إن: “الشعب الجزائري يطالب برحيل النظام بمن فيهم أحمد قايد صالح”، مشيرًا إلى أن الهدف وراء طلب قائد أركان الجيش، (من المجلس الدستوري)، إعلان عجز “بوتفليقة” عن أداء مهامه “وضع حد للحركة الاحتجاجية” المستمرة منذ 22 شباط/فبراير 2019.

وختم “رداد” قائلًا: “هذه المرة، لن نقبل أن يتم إجهاض حركة معترف بها دوليًا تكشف صورة رائعة” عن الجزائريين.

مهمة ولكنها ليست كافية..

تعقيبًا على ذلك، قال “سليمان شميم”، النائب بالبرلمان الجزائري، ورئيس تحرير جريدة (الرائد) الجزائرية السابق، إن: “المادة رقم 102 تتحدث عن تفعيل منصب الرئيس بعد الاستقالة”، مشيرًا إلى أهمية خروج الرئيس بشكل مشرف، ثم إعلان شغور منصب الرئاسة لمدة 24 ساعة، ومن ثم يتولى رئيس مجلس الأمة القيادة لمده 45 يومًا.

مؤكدًا على أن صاحب القرار هو “المجلس الدستوري”، الذي تخطره المؤسسات بهذا الشغور في مقعد الرئاسة، منوهًا إلى تحفظ الحراك والمعارضة من أن الذي سياتي بعد الرئيس قد يكون له ولاءات بالعهد السابق.

وتوقع “شميم”، أن تشهد “الجزائر” حوارات في المرحلة القادمة للتوافق بين كل القوى؛ بما فيها المعارضة والحراك، مضيفًا: “الحالة الجزائرية ليست تنافسية، إنما هي حالة الحرص على البحث عن مرشح توافقي يرضي كل الأطراف، وأن من السابق لأوانه، الحديث عن شخصيات مرشحة  للرئاسة”.

واعتبر أن الخطوة التي إتخذها الجيش  مهمة، ولكنها ليست كافية، مشددًا على أهمية أن يتولى وجه جديد قيادة البلاد.

انقلاب عسكري لا يطابق الواقع..

ويرى المحلل السياسي، “عبدالعالي رزاقي”، أن السؤال الذي يجب أن يطرح: “من يملك قوة القرار ؟.. شقيق الرئيس أم القايد صالح ؟”.

وأكد على أن تسمية حديث “القايد صالح” عن المادة 102، “انقلابًا عسكريًا”، لا يطابق الواقع.

لافتًا إلى أن علاقة “بوتفليقة”، بـ”القايد صالح”، وطيدة منذ حرب التحرير، لكنه يشك في كون العلاقة بين شقيق الرئيس، “سعيد بوتفليقة” و”صالح”.

ويقول “رزاقي”: “أفترض أن قراره بخصوص المادة 102 موجه لإزاحة سعيد؛ وليس بوتفليقة، ومن ثم لا يوجد مجال للحديث عن انقلاب؛ بل الأمر مجرد رجوع للشرعية فقط”.

أما عن الرافضين لتصريح، “القايد صالح”، فيرد “رزاقي”: “وهل أبتعد الجيش يومًا عن السياسة، في الجزائر، وأغلب البلدان العربية ؟”

ويواجه نظام الرئيس، “عبدالعزيز بوتفليقة”، منذ 22 شباط/فبراير الماضي، انتفاضة شعبية غير مسبوقة، وقالت المعارضة إن قرابة 20 مليون مواطن شاركوا خلالها في مظاهرات تطالب برحيله لخمس جمعات متتالية.

وتطورت مواقف قيادة الجيش، الذي يُعد أهم ركائز الدولة الجزائرية بشكل مضطرد، من التحذير من إنحراف المظاهرات، إلى الإشادة بها، وفي النهاية إعلان واضح بالوقوف إلى جانب الشعب والاستعداد لحمايته، والمطالبة بحل عاجل للوضع القائم.

وكان ذلك في آخر خطاب لقائد الأركان، الفريق “قايد صالح”، خلال زيارة إلى المنطقة العسكرية الثالثة، بـ”تندوف”، (جنوب غرب)، 18 آذار/مارس الجاري.

وأعلن “بوتفليقة”، 11 آذار/مارس الجاري، سحب ترشحه لولاية خامسة، وتأجيل انتخابات الرئاسة إلى جانب عقد مؤتمر للحوار لصياغة دستور جديد قبل تنظيم انتخابات رئاسة مبكرة لن يترشح فيها، وذلك على وقع انتفاضة شعبية رافضة لاستمراره في الحكم.

ورفضت المعارضة والحراك الشعبي مقترحات “بوتفليقة”، وأكدت في عدة مناسبات على أن مطلبها هو رحيله مع وجوه نظام حكمه.

والسبت الماضي، عرضت أبرز القوى المعارضة في البلاد خارطة طريق لتجاوز الأزمة؛ تقوم أساسًا على اختيار هيئة رئاسية لخلافة “بوتفليقة”، وحكومة توافق، وهيئة مستقلة لتنظيم انتخابات جديدة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة