بعد طرد “داعش” .. الغرب لن يتحمل ثمن إهمال العراق

بعد طرد “داعش” .. الغرب لن يتحمل ثمن إهمال العراق

خاص : كتبت – لميس السيد :

بعد إستكمال تحرير مدينة الموصل العراقية وإستردادها من ايادي تنظيم “داعش” الإرهابي بعد ثلاث سنوات من السيطرة على المدينة التي اتخذوها مقراً لخلافته المزعومة، لم يعد هناك أي إحتمال لسيطرة “داعش” مجدداً على أجزاء كبيرة من الأراضي.

يقول الزميل الزائر بمعهد “بروكنغز” بالدوحة “رانج ألالدين”, في مقاله المنشور بصحيفة “الغارديان” البريطانية, أن الإحتفال بإسترداد الموصل لا يعني نهاية “داعش”، إذ أن التنظيم لايزال يسيطر على مناطق إستراتيجية هامة مثل “الحويجة وتلعفر”، ما قد يمكنهم من شن هجمات إرهابية جديدة، كل ذلك بالإضافة إلى مواجهة العراق الحقيقية مع التحدي طويل الأمد في العراق المتمثل في الصراع الطائفي والصراع بين الجماعات السياسية المختلفة.

الطائفية والتناحر السياسي سوف يعيد الجماعات المسلحة أكثر شراسة..

قد أدت الحرب على “داعش” إلى أزمة إنسانية, دمرت عدة مدن عراقية وشردت أكثر من 3 ملايين شخص, بينما يحتاج 11 مليون شخص إلى المساعدة، وفقاً لإحصاءات المنظمات الدولية.

إعتبر الكاتب أن حكومة بغداد غير مستعدة إلى دفع البلاد للأمام, بالرغم من تلقي بلايين الدولارات دعماً واستثماراً من المجتمع الدولي على مدى العقد الماضي، بالرغم من كفاءة إدارة “حيدر العبادي” للعراق، إلا أن الخلافات بين الطبقة السياسية, بدءاً من مجموعات الميليشيات الشيعية إلى القبائل العربية السنية وقوات “البيشمركة” الكردية, تحول دون أي تقدم بعد “داعش”. وسيزدهر “داعش” والجماعات المسلحة الأخرى إن لم ينشأ حكم ذا مصداقية وشرعية وقابل للإستمرار, وإن إستمرت الحكومة في النظر إلى عرب السنة على أنهم طائفيين ومعاقبة الميليشيات الشيعية وإهمال سكان شمال العراق.

ويهيمن على شمال العراق حالياً الميليشيات الشيعية القوية الموالية لإيران, (من بينها الجماعات التي حاربت الجيش العراقي في الماضي). وقد تحدوا مراراً الحكومة الفيدرالية العراقية وسوف يمثلون مشكلة مستمرة للدولة العراقية. ولن تذهب هذه الميليشيات الشيعية العراقية, الموالية لإيران, إلى أي مكان – فقد استفادت من الحرب على “داعش” لتثبيت أقدامها في شمال العراق، وخاصة في “تلعفر”، وكلاهما يقعا بالقرب من المناطق الرئيسة المتنازع عليها ويشكلان نقطة عبور مهمة لتعزيز المقاتلين المسلحين في سوريا، حيث تقاتل الميليشيات الشيعية العراقية والنظام الإيراني دعماً لنظام “الأسد”.

هل توجد حكومة مركزية أو ساسة يعوضون ما دمره “داعش” بالدولة ؟

إن وجود هذه المجموعات لا يبشر بالخير بالنسبة لأزمة السلطة والحكم في العراق, وتخشاهم السكان السنة العرب المحليين بسبب إرتكاب الفظائع الطائفية بحقهم وانتهاكات حقوق الإنسان.

ورأى الكاتب أنه ليس من الواضح وجود أي شكل من أشكال الهيكل السياسي والإداري سيحل محل “داعش” أو يعالج مخاوف وتظلمات السكان المحليين. والحكومة المحلية الصالحة للحياة ليست منوطة بالمسألة الأمنية فقط, بل هي أيضاً أساسية لتفعيل جهود التعمير والدعم الدولي الذي تعتمد عليه ولن تكون هناك فرصة أخرى للعراق ما لم تبدأ في تأسيس حركة استثمار ضخم.

ووسط الخمول والفساد الذي تعاني منه الحكومة في بغداد والدولة العراقية، ظهر مجتمع مدني مزدهر في السنوات الأخيرة التي قد يمثل أفضل أمل للمستقبل. المجتمع المدني في العراق قد جادل الجهاديين والميليشيات الشيعية والنخبة الفاسدة ببذل قصارى جهده لتعزيز التعددية والتعايش، ويحاول محاسبة النخبة السياسية أيضاً.

ويوضح الكاتب أن الشعب العراقي هو الأفضل للقيام بتلك المهمة أكثر من الجهات الفاعلة الخارجية, ولكنه يفتقر إلى الدعم الكافي على الصعيد الدولي. والواقع أن مواجهة الغرب وتحدياته في الداخل، لا يعني إهمال العراق، كما فعل من قبل، في السنوات السابقة لظهور ما يسمى بـ”الخلافة”، حيث تعزى كثير من مشاكل العراق إلى إخفاقات المجتمع الدولي في التعامل معه والمشاركة الطويلة الأمد ومبدأ الاستباقية والإبداعية مع الدولة العراقية والسكان من الممكن أن يسهم في تقليل المساحة التي تتمتع بها جماعات مثل “داعش” أو الميليشيات الشيعية لصالح الجهات الأجنبية. ولا شك عندما تتفكك الروابط بين الولايات المتحدة وحلفاؤها، غالباً ما يزدهر أعدائها، والعراقيون الإصلاحيون المعتدلون هم من يدفعون ثمن ذلك.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة