بعد شهرين من إنطلاق “ثورة تشرين” .. مخاوف من إنزلاق العراق نحو الفوضى !

بعد شهرين من إنطلاق “ثورة تشرين” .. مخاوف من إنزلاق العراق نحو الفوضى !

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

يسير “العراق” نحو منزلق غامض وخطير في ظل استمرار المظاهرات وتفكك مؤسسات الدولة. ولا يزال أفق الحل السياسي غائبًا رغم مرور قرابة شهرين على انتفاضة الشعب العراقي، لذا فإن الفوضى تتفاقم يومًا بعد يوم في أرجاء البلاد، لا سيما مع إصرار حكومة “عبدالمهدي” على الحلول الترقيعية دون تحقيق المطالب المشروعة للمتظاهرين، لكن هذا الوضع قد يجعل البلد ينزلق إلى متاهات خطيرة.

المتظاهرون يبدأون مرحلة التصعيد !

قال نشطاء من مدن وسط وجنوب “العراق” إنهم يعتقدون أن استمرار التظاهرات وسط حياة طبيعية لا معنى له، مشيرين إلى أن الإضراب عن العمل والدراسة سيشل حركة الحكومة ويجبرها على الإنصياع لمطالب المتظاهرين.

وتم تطُبيق العصيان المدني والإضراب مبكرًا، في مدينتي “البصرة” و”الناصرية”، وسرعان ما انتقل إلى “الديوانية والمثنى وبابل والنجف وكربلاء”.

فيما تميزت احتجاجات، أمس الأربعاء، باتفاق المتظاهرين، في جميع المحافظات، على إغلاق أكبر عدد من الطرق والتقاطعات والدوائر الحكومية والمدارس.

ويدرك المتظاهرين أن حكومة “عبدالمهدي” تراهن على سياسة النفس الطويل والصبر، لذلك لم يعودوا الى حشد أعداد كبيرة في الساحات، قدر اهتمامهم بوجود أعداد متظاهرين كافية للحفاظ على مواقع الاحتجاج أو التأثير على الحياة العامة.

“عبدالمهدي” يحذر من إنهيار النظام !

حذّر رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، من “إنهيار للنظام وصِدام أهلي خطير”؛ مع استمرار التظاهرات وأعمال العنف المرافقة لها.

وخلال اجتماع لمجلس الوزراء، بيّن أن: “الناس تريد أن تعود إلى مصالحها؛ لأنها تضررت كثيرًا، والدولة لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام مثل هذه الأمور وإلا سينهار النظام العام، واذا إنهار النظام العام فهذه خسارة للجميع، لأنه سيُحدث هناك صِدام أهلي خطير”.

وأضاف “عبدالمهدي”: “هناك من يحمل السلاح ومن يقتل ولا يمكن أن نقف أمام ذلك دون معالجة، فواجبنا حفظ النظام مثلما نحمي المتظاهرين، ولا يمكن للدولة إلا أن تدافع عن حق المواطنين”.

بيان لـ”السيستاني”..

كما وجه شيوخ ووجهاء من وسط وجنوب “العراق” بيانًا مشتركًا إلى المرجع الديني، آية الله “علي السيستاني”، ناشدوه فيه إتخاذ موقف مما وصفوه بـ”إنهيار للدولة وإنعدام للقانون وإنفلات العصابات وأصحاب الإتاوات تحت غطاء التظاهرات”. وحذر الشيوخ، في بيانهم؛ من إمكانية أن يؤدي المشهد إلى حرب أهلية، مطالبين إياه بالتدخل لوقف نزيف الدم، معبرين عن جاهزيتهم لمواجهة الأحزاب والفساد وإبعاد كل من يحاول استغلال التظاهرات للتكسب.

ويرى بعض المحللين؛ أن “السيستاني”، الذي يدلي بتعليقات خجولة تساند المتظاهرين، هو من بين القلائل القادرين على إجبار الحكومة لتنفيذ أمر ما، لكنه لم يفعل ذلك حتى الآن.

وهناك مَن يُحمِّل، “السيستاني”، مسؤولية تمادي الحكومة في قتل المحتجين، لكن أنصار المرجع الأعلى يقولون إن “مرجعية النجف” تتحدث بصيغة الإرشاد غير المُلزم، وإلا تحول الوضع العراقي إلى “ولاية فقيه”، وفقًا للنموذج الإيراني، حيث يمثل رجل الدين أعلى سلطة سياسية في الدولة.

العراقيون يرفضون التدخل الإيراني..

تعبيرًا عن رفض التدخل الإيراني في الشأن العراقي، قام محتجون عراقيون، مساء أمس الأربعاء، بإحراق مقر “القنصلية الإيرانية”، في مدينة “النجف”، على الرغم من استخدام قوات الأمن العراقية الرصاص لتفريقهم وتعزيزها إجراءاتها الأمنية في محيط القنصلية.

وكان المحتجون قد أحرقوا “القنصلية الإيرانية”، في “النجف”، بالكامل، فيما فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين في منطقتي “خان المخضر” و”الحنانة”، حسبما أفاد مراسل (سكاي نيوز عربية).

والواقعة تكرار لما حدث، في مطلع تشرين ثان/نوفمبر الجاري، حيث حاصر متظاهرون عراقيون مقر “القنصلية الإيرانية”، في مدينة “كربلاء”، المجاورة، وحاولوا إحراقها، معتبرين أن “إيران” تقف “خلف النظام السياسي العراقي الفاسد”.

سيناريوهات الحسم !

بحسب بعض المحللين العراقيين؛ فإن الواقع المؤلم والحياة القاسية هي التي دفعت شباب “العراق” للإتّجاه نحو المظاهرات أو الثورة الحالية؛ لأنّهم ينظرون لأنفسهم على أنّهم من المسحوقين في كلّ الأحوال، وبالتالي أستوت لديهم صور الحياة والموت !

هؤلاء الشباب، ورغم ما لحقهم من بطش حكومي، هم وحدهم القادرون على ترجمة شعارات الثورة على أرض الواقع، ويزرعون نبتة إعادة بناء “العراق” من جديد.

ومن المتوقع حسم نتيجة المظاهرات، إمّا بيد الجماهير الغاضبة؛ وذلك بالصبر والصمود حتى تحقيق مطالبهم المشروعة، أو بيد القوّات الأمنيّة المكلّفة بحماية السياسيّين، وذلك بوقوفها مع الشعب، لتدخل الثورة حينها نقطة الحسم الكبرى.

أمّا السيناريو الأسود؛ فهو ذهاب الحكومة لأساليب أكثر دمويّة لسحق المتظاهرين، وسيدخل “العراق” حينها في مرحلة لا يمكن التكهّن بنهايتها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة