10 مارس، 2024 1:32 ص
Search
Close this search box.

بعد رفض “الإطار التنسيقي” مهلة “الصدر” .. هل يتجه “العراق” نحو انتخابات جديدة أم يتدخل القضاء ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

دخل “العراق” انسدادًا سياسيًا لا يبدو أنه قد يرى طريقًا للنور قريبًا.. فمؤخرًا أعلنت قوى (الإطار التنسيقي) الشيعي رفضها تحديد مدد زمنية لتشكيل الحكومة العراقية، عادةً أن هذا الأمر لا يُنتج سوى إطالة الانسداد السياسي.

وكان زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، أعلن، قبيل بدء “شهر رمضان”، اعتكافًا سياسيًا يمتد 40 يومًا، تاركًا المجال لخصومه في “البيت الشيعي”؛ قوى (الإطار التنسيقي)، لتشكيل الحكومة المقبلة من دون “التيار الصدري”.

وقال (الإطار التنسيقي)، في بيان يوم الثلاثاء، إنه ناقش خلال اجتماع عقده لقياداته: (دولة القانون)؛ بزعامة “نوري المالكي”، وتحالف (الفتح)؛ بزعامة “هادي العامري”، و(عصائب أهل الحق)؛ بزعامة “قيس الخزعلي”، وتيار (الحكمة)؛ بزعامة “عمار الحكيم”، و(النصر)؛ بزعامة “حيدر العبادي”، الوضع السياسي الراهن والانسداد الحاصل في العملية السياسية وتأخر تشكيل الحكومة، والذي لا يصب في مصلحة المواطن العراقي، الذي يطمح لتحسين وضعه الاقتصادي والحصول على الخدمات اللائقة به.

وأضاف البيان: “يؤكد (الإطار) أنه حريص جدًا على التعاون مع القوى السياسية الأخرى، خصوصًا ضمن المكون الأكبر؛ (في إشارة إلى المكون الشيعي)، لتحقيق مصالح البلاد، وأنه من دون تعاون ووضع أيدي بعضنا بالبعض الآخر والتعاون على البر والتقوى؛ فلن تتحقق مصالح الناس”.

مشيرًا البيان إلى أن: “(الإطار) لم يسعَ ولم يطلب الإنفراد بالسلطة ولم يعمل على إبعاد الآخرين، بل كان حريصًا على التعاون معهم. وبالتالي، فإن (الإطار) غير معني مطلقًا بتحديد مدات زمنية لن تُنتج سوى إطالة أمد الانسداد السياسي وتعطيل مصالح الناس. ويسعى بكل جهده للوصول إلى تفاهمات واقعية مع القوى السياسية الأخرى، بعيدًا عن التفرد أو الإقصاء، وترتكز على عدم جعل المكون الأكبر أصغر المكونات وأضعفها”.

خلافات بين أطراف التحالف..

من جهتهم؛ يربط المراقبون السياسيون بين ما بدأ يتسرب من خلافات داخل أطراف تحالف (إنقاذ وطن)؛ الذي يضم (الكتلة الصدرية) وكلاً من تحالف (السيادة) السُني و(الحزب الديمقراطي الكُردستاني)، لا سيما الخلاف الذي بدأ يتسع بين رئيس البرلمان العراقي؛ “محمد الحلبوسي”، ونائبه الأول القيادي في (التيار الصدري)؛ “حاكم الزاملي”، بخصوص رئاسة البرلمان.

وفي الوقت الذي طلب فيه تحالف (السيادة)؛ الذي يتزعمه “خميس الخنجر” و”محمد الحلبوسي”، تدخل زعيم (التيار الصدري) في حل هذا الخلاف، الذي من شأنه تهديد وحدة التحالف، فإن “الصدر” لا يزال يواصل اعتكافه وكل ما يُصدره من تغريدات إما تتعلق بتعليمات خاصة بالصيام أو بإعلانه رفض المحاولات الجارية لهدم قبور الأئمة من قبل جهات شيعية متطرفة.

يرمي الكرة في ملعب “الإطار” لتعجيزه عن تشكيل الحكومة..

كما تربط المصادر المطلعة؛ بين اعتكاف “الصدر” ومحاولته رمي الكرة في ملعب (الإطار التنسيقي)؛ بهدف تعجيزه عن إمكانية تشكيل الحكومة لعدم امتلاكه الأغلبية، رغم امتلاكه الثُلث المُعطل، وبين عدم قدرة تحالفه على تمرير انتخاب مرشح تحالف (إنقاذ وطن) لرئاسة الجمهورية عن (الحزب الديمقراطي الكُردستاني)؛ رغم عقد 03 جلسات للبرلمان لم تتمكن من تأمين نُصاب ثُلثي الأعضاء.

الخلاف على الكتلة التي تختار رئيس الوزراء..

وبالرغم من عدم إعلان (الإطار التنسيقي) التوصل إلى نتيجة للمحادثات التي أجراها؛ خلال الفترة الماضية، مع مختلف القوى السياسية من أجل تقريب وجهات النظر، فإن: “من بين أهم ما جرى التأكيد عليه من خلال الحوارات التي أجريت سواء مع: (الاتحاد الوطني الكُردستاني) و(تحالف عزم) السُني والنواب المستقلين و(قوى تشرين)، التي تمكنت من الصعود إلى البرلمان، حق الكتل الشيعية مجتمعة (“التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي”)، في تشكيل الكتلة البرلمانية الأكثر عددًا؛ نظرًا إلى أن منصب رئيس الوزراء للمكون الشيعي وليس لتحالفات ضمن المكونات”، بحسب أحد القيادات الرافض لذكر اسمه.

موضحًا أن: “منصبي رئيس البرلمان والجمهورية محسومان للمكونين السُني والكُردي من دون تدخل من كتلة سياسية أو برلمانية أخرى؛ إنطلاقًا من أن هذا التقسيم عُرف تم التوافق عليه بين القوى السياسية العراقية بعد عام 2003”.

كما أشار القيادي إلى أن: “(الإطار التنسيقي)، ودليلاً على حسن نيته، كان قد أبلغ؛ مقتدى الصدر، أنه لا يعترض على مرشحه لرئاسة الوزراء؛ (جعفر الصدر)، لكن الخلاف يتمحور حول ما الكتلة البرلمانية التي تقدم المرشح لرئاسة الوزراء”، مضيفًا أنه: “في حال جرى تقديم هذا المرشح من قبل تحالف (إنقاذ وطن)؛ فإن الكتلة الشيعية في هذا التحالف، وهي (التيار الصدري)، أقلية قياسًا بـ (السيادة) السُني والحزب الكُردي، بينما تخرج قوى (الإطار التنسيقي)؛ التي ضمنت أصوات نحو مليونين ونصف المليون ناخب شيعي، من أي معادلة لترشيح (رئيس الوزراء)، الذي هو حصة شيعية، وتكتفي بأن تُعطى بعض الوزارات… علمًا بأن الوزارات استحقاق طبيعي طبقًا للتمثيل النيابي وليست هبة من أحد”.

أجراء انتخابات جديدة مخرج للأزمة..

إلى ذلك، أكد مصدر سياسي مطلع لموقع (المركزية)؛ أن: “العراق في حالة مراوحة وشلل منذ بدأت الأزمة الحكومية والدستورية ويواجه طريقًا مسدودًا ولو كانت ستُحلّ في الوضع الانتخابي الحالي لكانت حُلّت. حتى اليوم لم تستطع الأطراف السياسية الاتفاق وإيجاد الحل. حتى لو حصلت الانتخابات مرة جديدة فسيتم مجددًا التشكيك في صحتها، وليس مؤكدًا أن يكون الحلّ في العراق، لكن لا مخرج للأزمة الحالية ولا اختراق للحلقة المفرغة إلا بإجراء انتخابات”.

ويُلفت المصدر إلى أنه: “قبل إجراء انتخابات على القوى السياسية أن تحسب حساب إمكانية الشك أو الطعن بنتائجها، وقد يكون الحلّ بتكليف لجنة دولية محايدة لا تتبع أي طرف. هناك لجان دولية عدة تشرف على الانتخابات، ليس بالضرورة الأمم المتحدة، كاللجنة التي أنشأها الرئيس الأميركي؛ جيمي كارتر، وأشرفت على عدة انتخابات من خلال لجنة مستقلة، ولم ينتقد أحد عملها. أعتقد أن هذا الحل الوحيد وإلا فإن العراق يسير في طريق مسدود”.

يختلف عن الوضع اللبناني..

وعن تشبيه وضع “العراق”؛ بـ”لبنان”، إبان الفراغ الرئاسي، يُشير المصدر إلى أن: “الوضع يختلف، لأن في العراق ليس مجرد فراغ رئاسي بل دستوري وفراغ مطلق، فالمجلس النيابي المُنتخب مشكوك بأمره وغير مُعترف به، والحكومة مبدئيًا استُهلكت وفقدت الثقة، ورئيس الجمهورية انتهت صلاحيته”.

الفساد والتبعية لـ”إيران”..

وسبب انسداد الأفق؛ بحسب المصدر: “أولاً الفساد، وثانيًا يتأرجح العراق بين فريقين، أحدهما يعترض على التبعية لإيران ومنهم في البيت الشيعي؛ مقتدى الصدر، وفريق آخر يعتبر، من دون أن يُعلن ذلك، أن إيران هي الحليف الأول للعراق ويُعارض الوجود الأميركي. يُضاف إليهما الوضع الكُردي، رغم أن رئيس الجمهورية حسب العُرف كُردي، فإن الوضع في كُردستان العراق غير سليم بالنسبة للحكومة المركزية. وينقسم العراق أيضًا بين النفوذ الأميركي والإيراني وإلى جانبه نفوذ تركي وسعودي. كل ذلك مجتمعًا أوصل إلى هذه (الفوضى)؛ إذا صح التعبير”.

لافتًا المصدر إلى أنه: “لا شيء يستمر للأبد، ولا يمكن للعراق أن يستمر في هذا الوضع، إنما الحل الوحيد يكمن في إجراء انتخابات نزيهة وشفافة وفق الدستور العراقي الحالي. لكن، في ظل القوى المتصارعة والمسلحة، لن يحصل ذلك إلا بإشراف لجنة دولية محايدة معترف بها ولها سوابق في العالم. وفي المرحلة الثانية، يتوجب على المجلس التمثيلي الجديد، كخطوة أولية، أن يُعدّل الدستور لأنه يحوي على ثغرات، وهي التي تسبب هذا النزاع السياسي. في الدستور الحالي مواد غير واضحة، والمطلوب من المجلس النيابي العمل على سد هذه الثغرات وتفسير المواد بشكل نهائي ومبرم والتصويت عليه. وفي حال أراد، يمكنه بعد ذلك، طرح هذا الدستور على الاستفتاء. وبعد موافقة العراقيين عليه، لا يعود هناك مشكلة إطلاقًا لا في الانتخابات ولا في غيرها”، مؤكدًا أن الوضع يختلف عن “لبنان”، حيث قام كل من الخبير الدستوري؛ “أدمون رباط”، والرئيس؛ “حسين الحسيني”، بتفسير الدستور رغم أن بعض المواد ما زالت تحتمل أكثر من تفسير، ولكن في “العراق”: “أعتقد أن الدستور الحالي؛ الذي وضعه الأميركيون؛ لم يُعد يصلح اليوم وبدل أن يبني دولة بنى دويلات”.

مرحلة القضاء..

بدوره؛ حذر الكاتب والمحلل السياسي؛ “عمر ناصر”، من هذا الانسداد السياسي الذي وصل ذروته دون حل.

واعتبر أن العملية السياسية بدأت الدخول في غيبوبة، بعد أن استنفذت الأحزاب جميع المبادرات الرامية للخروج من هذا الجمود.

كما رأى أن الطبقة السياسية والأحزاب فشلت في خلق مفاوضين ووسطاء ومستشارين حذقين يتمتعون بالحنكة العالية؛ التي تخولهم تذويب الخلافات بين الفرقاء والشركاء، موضحًا لموقع (العربية نت): “بإعتقادي فإن المرحلة المقبلة ستكون هي مرحلة القضاء الذي سيقدم وقفة جادة وأحكامًا جريئة وصارمة في ظل وجود مخاوف من الذهاب إلى حكومة الطواريء تفتقر لنصوص دستورية ترعاها”.

توقعات بخروج الشعب إلى الشوارع..

من جانبه؛ قدم الكاتب والمحلل الإستراتيجي؛ “حسين العنكود”، صورة أكثر قتامة، قائلاً إن الواقع السياسي لا يشي بالانفراج، معتبرًا أنه لا فرصة أمل تلوح في الأفق القريب، لغياب الطبقة السياسية القادرة على فهم حاجات ناخبيها وكثرة الأزمات المتتالية التي أنهكت البلد منذ ما يُقارب العقدين من الزمن.

كما أضاف؛ أنه لا يمكن التحدث عن انفراج إلا إذا تخلت الطبقة السياسية عن مصالحها الخاصة.

موضحًا أن: “ما يجب أن يعرفه السياسي العراقي هو أن الشعب الذي لا يزال يُعاني من تداعيات (كورونا) الاقتصادية والنفسية؛ لابد أن يستفيق قريبًا وليس من المستبعد أن يخرج إلى الشوارع، مُعيدًا سيناريو تشرين بشكل أكثر شراسة”، محذرًا من أن هذه المرة قد يغرق المركب بأكمله.

يُذكر أن نتائج الانتخابات النيابية؛ كانت أظهرت حصول (التيار الصدري)؛ بزعامة “مقتدى الصدر”، على الحصة الأكبر فيما تراجع عدد المقاعد النيابية التي حاز عليها تحالف (الفتح) الموالي لـ”إيران”، الذي إنضوى لاحقًا ضمن تحالف (الإطار التنسيقي).

إلا أن (الكتلة الصدرية) فشلت رغم ذلك، على مدى 03 جلسات في إيصال مرشحها من (الحزب الديمقراطي الكُردستاني)؛ “ريبير أحمد”، إلى سدة الرئاسة، لعدم اكتمال النُصاب القانوني.

ففيما يتمسك (التيار الصدري) المتحالف مع (الحزب الديمقراطي)، فضلاً عن تحالف (تقدم)؛ (يرأسه رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي)، بتشكيل حكومة أغلبية وطنية من الفائزين بالأكثرية النيابية، لا يزال (الإطار التنسيقي)، الذي يضم ممثلين عن (الحشد الشعبي)، وحزب (ائتلاف دول القانون)؛ التابع لـ”نوري المالكي”، وغيره من الأحزاب والفصائل الموالية لـ”طهران”، يُطالب بما بات يُعرف: بـ”الثُلث المُعطل”؛ في أي حكومة مقبلة، كما يتمسك بمرشحه لرئاسة الجمهورية؛ “برهم صالح”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب