خاص: كتبت- نشوى الحفني:
في خطوة تهدف إلى تعزيز التقارب بين البلدين؛ وعلى وقع اعتراف “فرنسا” بمبادرة الحكم الذاتي لـ”الصحراء الغربية”، يصل الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، إلى “المغرب”، يوم الإثنين، في زيارة تستمر ثلاثة أيام، وتأتي بدعوة من العاهل المغربي؛ الملك “محمد السادس”.
وتكتسب أهمية مضاعفة باعتبارها أول زيارة يقوم بها “ماكرون” إلى “المغرب” منذ 2018، فضلاً عن أنها تأتي بعد نحو ثلاث سنوات من التوتر والفتور الدبلوماسي بين “باريس” و”الرباط”، ومن أبرز محاور هذا اللقاء توقيع اتفاقيات بمجالات الطاقة والمياه والتعليم والأمن الداخلي؛ إضافة إلى سعي البلدين لطي صفحة سلسلة من الخلافات.
وتعود آخر زيارة دولة لرئيس فرنسي لـ”المغرب” إلى 2013؛ بعهد “فرنسوا هولاند”. أما “إيمانويل ماكرون”، فقد زار “المغرب” أول مرة في 2017؛ في زيارة عمل ببداية ولايته، ثم عاد إليه في العام التالي لتدشين خط قطار فائق السرعة، لكن الزيارات توقفت بعدها.
تلطيف المناخ السياسي..
وفي تعليقه على هذه الزيارة؛ يقول الأكاديمي والباحث السياسي؛ “لحسن أقرطيط”، إن: “هذه الزيارة تكتب فصلاً جديدًا من العلاقات بين المغرب وفرنسا مدخلها سياسي ودبلوماسي؛ وهو الاعتراف بمغربية الصحراء ودعم مبادرة الحكم الذاتي، كما جاء في رسالة ماكرون؛ لمحمد السادس، في آب/أغسطس من هذه السنة”.
وأوضح “أقرطيط”، في حديثه لـ (غرفة الأخبار) على قناة (سكاي نيوز عربية)؛ أن: “الزيارة ستُمكن من تلطيف المناخ السياسي الضروري للشراكة الاقتصادية بين البلدين بعد الأزمة الدبلوماسية الصامتة أو مرحلة الفتور في العلاقات التي سببتها بعض الأحداث وأضرت بالمصالح الفرنسية بشكلٍ كبير”.
ويرى “أقرطيط” أن هناك: “إدراكًا ووعيًا سياسيًا حصل لدى الطبقة والنخب السياسية وضغطًا كبيرًا من الأوساط الفرنسية على الرئاسة لتدارك الموقف والإلتحاق بالدول التي اعترفت بمغربية الصحراء، خصوصًا الاعتراف الأميركي والإسباني”.
وأشار إلى أن: “فرنسا تجمعها بالمغرب تاريخيًا علاقة اقتصادية وسياسية قوية جدًا، ورغم أن فرنسا لم تعادي المغرب ودعمتها سياسيًا في الكثير من القضايا؛ لكن موقفها من الصحراء كان متجاوزًا”.
وبيّن أن: “المملكة المغربية كانت واضحة فيما يتعلق بإبرام الشراكات وإعادة تصويب العلاقة مع الحلفاء والشركاء على أرضية الاعتراف بمغربية الصحراء”.
ولفت “أقرطيط” إلى أن: “ما تنتظره الرباط من باريس واضح؛ وهو تنزيل الموقف السياسي الفرنسي المتمثل في الاعتراف بمغربية الصحراء دبلوماسيًا وعلى أرض الواقع، من خلال الضغط في مناطق نفوذ فرنسا عبر العالم، دخلنا مراحل إنهاء هذا النزال المفتعل حول مغربية الصحراء وطيه نهائيًا”.
وأكد أن الزيارة هدفها: “تدارك المصالح التي تضررت والدفع بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين؛ خصوصًا أن خطة الاقتصاد التي أطلقها ماكرون عام 2021؛ بغلاف مالي قدره: (100) مليار يورو تتشكل من (04) محاور تتقاطع موضوعيًا مع الاستراتيجية المغربية لسنة 2035؛ والنموذج التنموي المتعلق بتنويع القطاعات الصناعية وعلى رأسها قطاع السيارات وقطاع التكنولوجيا الحديثة وقطاع الطاقات المتجددة”.
وبيّن أن: “الغلاف المالي الذي خصصته فرنسا للطاقات المتجددة يُشكل: (30) بالمئة من هذا المبلغ؛ وبالتالي هناك فرص هائلة أمام المستثمرين الفرنسيين ورجال الأعمال الذين حضروا ضمن مجموعة (الكاك 40) وهي تعتبر رافعة في الاقتصاد الفرنسي”.
واختتم الأكاديمي والباحث السياسي حديثه؛ بأننا: “أمام مرحلة جديدة ستتوج باتفاقات تجارية كبرى”.
ارتدادات قوية..
وفي هذا السياق؛ يرى “حسني عبيد”، الباحث الجزائري وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة (جنيف)، أن ارتدادات الزيارة بدأت تظهر قبل انطلاقها، من خلال سحب “الجزائر” لسفيرها وتراجع حجم التجارة بين البلدين، بالإضافة إلى توقف ملف الذاكرة .
و”ملف الذاكرة”؛ هو ملف يشمل قضايا عالقة من حقبة الاستعمار الفرنسي لـ”الجزائر”، مثل الاعتراف بالانتهاكات، واستعادة الأرشيف، ويؤثر على العلاقات بين البلدين.
كما تأتي زيارة “ماكرون”؛ لـ”المغرب”، في وقتٍ تأجلت فيه زيارة الرئيس الجزائري؛ “عبدالمجيد تبون”، إلى “فرنسا” عدة مرات.
ورُغم هذه التوترات؛ يؤكد “عبيد” أن العلاقات بين “الجزائر” و”فرنسا” لم تصل إلى مرحلة القطيعة، حيث تسعى الدولتان للحفاظ على العلاقة نظرًا للمصالح المشتركة بينهما، بما في ذلك وجود أكثر من مليون جزائري في “فرنسا” والتبادل التجاري المهم بين البلدين، فضلاً عن: “رهان باريس على الغاز الجزائري في سياق تبعات الأزمة (الروسية-الأوكرانية)، وبالتالي، فإن العلاقات، رُغم توترها، لا تزال تحتفظ بطابع التعاون بعيدًا عن الأزمة الخطيرة”.
ويُشير “عبيد” إلى أن زيارة “ماكرون” قد تُمثل مكافأة لـ”الرباط” في إطار تعزيز العلاقات، ويُضيف أن: “المغرب شعر بخيبة أمل في السابق، خاصة بعد زيارة نصف الحكومة الفرنسية إلى الجزائر العام الماضي، ويبدو أن ماكرون يسعى إلى تحقيق توازن في العلاقة، مفضلاً الآن منح الأولوية للمغرب دون إغفال الأهمية المركزية للعلاقة مع الجزائر”.
إعادة صياغة مصالح “فرنسا” في القارة..
ويرى أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة (وجدة)؛ “خالد الشيات”، أن “المغرب”، بفضل موقعه وعلاقاته المتينة في “إفريقيا”، يُمكن أن يلعب دورًا استراتيجيًا في إعادة صياغة مصالح “فرنسا” في القارة، ويعتبر أن: “المغرب شريك تاريخي موثوق لفرنسا، إذ ظل ملتزمًا بالمنظومة الليبرالية بقيادة الغرب، لا سيما تجاه الولايات المتحدة وفرنسا”.
ويُشير “الشيات” إلى أن “المغرب” لا يعدّ بوابة حيوية لمنطقة “الساحل والصحراء” فحسّب، بل يتصدر الاستثمارات الأجنبية في عدة دول إفريقية، ليُصبح ثاني أكبر مستثمر إفريقي بعد “جنوب إفريقيا”، مضيفًا أن: “فرنسا أدركت أهمية المغرب كشريك استراتيجي بعد استثمارها السابق في الجزائر، مما يمنحه فرصة لتعزيز موقعه، لذا تعكس الزيارة الفرنسية تحولاً استراتيجيًا في العلاقات مع تأكيد دعم الموقف المغربي من الصحراء”.
من جانب آخر؛ يوضح “عبيد” أن: “فرنسا تعتمد على المغرب في عدة ملفات، بخلاف الجزائر التي تعتبر الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل غير مجدٍ”، موضحًا أن: “القضايا الاقتصادية تُمثل نقطة مهمة لفرنسا، إذ ترى أن التعامل التجاري مع المغرب أكثر سلاسة من التعامل مع الجزائر”.
خسائر لعبة شد الحبل..
ويرى “محمد العمراني بوخبزة”؛ المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة (عبدالمالك السعدي) بـ”طنجة”، أن “فرنسا” كانت تتعامل مع “المغرب”؛ قبل الأزمة بين البلدين، تعاملاً لا يرقى إلى مستوى تطلعات المغاربة، “إذ لم تكن العلاقة متكافئة، بل كانت فرنسا تُحاول ما أمكن أن تستفيد دون أن تُفيّد، وأن تظل دائمًا في المنطقة الرمادية”، وفق تعبيره.
ويُشير أستاذ العلوم السياسية إلى أن تحولات كثيرة حدثت على المستوى الجيوإستراتيجي في العقود الأخيرة، حيث لم تُعد “فرنسا” قادرة على مسّايرة التحولات الكبرى التي عرفتها القارة الإفريقية، وفقدت القدرة على الاستمرار في لعب دور مؤثر في مستعمراتها السابقة.
وأوضح أن “المغرب” استفاد من هذه التحولات، إذ تَموقع بشكلٍ جيد، وأصبحت له الريادة على المستوى الإفريقي، وحظي بالثقة والمصداقية لدى شركاء كثُر في القارة الإفريقية حتى أصبح يُزاحم “باريس” في مناطق نفوذها.
مضيفًا أن هذا الوضع أثار انزعاج الكثيرين في “فرنسا”، ودفع هذه الأخيرة إلى شن حملة غير موضوعية ضد “المغرب” من خلال اتهامه بالتجسس وخلق عراقيل في “البرلمان الأوروبي” وتشديد منح التأشيرات للمغاربة.
بيد أن “فرنسا” اتضح لها بعد عِقد من لعبة شد الحبل مع “المغرب”؛ أن استمرارها في هذا الأسلوب سيجعلها تخسر أكثر، خاصة مع تشبُث “المغرب” بمطالبه المشروعة في إقامة شراكة قائمة على أساس منطق “رابح-رابح” وليس على شراكة غير متوازنة وغير عادلة، كما يشرح “العمراني”؛ لـ (الجزيرة. نت).
ولفت الأكاديمي المغربي إلى أن “الرباط” ترغب في دخول مرحلة جديدة في علاقتها مع “باريس”؛ وهو ما ذهبت إليه “فرنسا” في النهاية، فكان الإعلان عن الموقف الجديد من “قضية الصحراء”.
وأكد أن “باريس” ستُحاول تنزيل موقفها الجديد على أرض الواقع من خلال إجراءات ستكون محُفزة لبناء هذه العلاقة الجديدة في ظل وجود قواسم مشتركة وإمكانات متكاملة للانطلاق نحو آفاق جديدة، خاصة أن “فرنسا” لا ترغب في خسارة شريك موثوق به ومستُقر ويُقدم الكثير لمصالح “فرنسا”.
حضور الاقتصاد بقوة..
بدوره؛ يضع الخبير الاقتصادي والمالي؛ “زكرياء كارتي”، لزيارة “ماكرون”؛ لـ”المغرب”،- والاستقبال الكبير والدافيء الذي من المتوقع أن يحظى به خلال (03) أيام من إقامته بـ”الرباط” – في إطار التغير الذي طبع الموقف الفرنسي من “قضية الصحراء”.
وقال “كارتي”؛ لـ (الجزيرة. نت)، إن القرار الفرنسي كان تاريخيًا بالنظر لأهمية الدور الفرنسي في “قضية الصحراء”.
وأكد أن سياسة “الند للند” التي نهجها الملك “محمد السادس”؛ منذ توليه العرش عام 1999، آتت أكلها، مشيرًا إلى أن العاهل المغربي أكد دائمًا ضرورة بناء علاقة شراكة بين البلدين وليس علاقة أبوية ووصاية كما كانت ترغب “فرنسا”.
ويرى أن زيارة “ماكرون” مع وفد كبير يمُثل مختلف المجالات في “فرنسا”، تفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين بعد تعثرها منذ 2014.
ويحضر الاقتصاد بقوة في زيارة الرئيس؛ “ماكرون”، إلى “المغرب” من خلال الوفد الذي يُشاركه الرحلة، والذي يضم: (44) من ممثلي ورؤساء شركات فرنسية كبرى ووزيري الاقتصاد والزراعة والانتقال الطاقي. وينتظر أن يتم التوقيع على اتفاقيات مهمة تفتح المجال للمستثمرين الفرنسيين للاستثمار في “المغرب”؛ وخاصة في “منطقة الصحراء”.
ويرى “كارتي” أن الفرنسيين يزورون “المغرب” وعينهم على عدد من المشاريع بعضها في الأقاليم الجنوبية، مشيرًا إلى مشروع خطوط الكهرباء عالية الجهد بين “الداخلة والدار البيضاء”، والذي سيمتد على طول: (1400) كيلومتر بقدرة طاقية تصل إلى: (03) آلاف ميغاوات، والذي ترغب شركة فرنسية في الحصول على حصة فيه.
وأضاف أن شركة الطيران (إيرباص)؛ ومقرها في “تولوز” الفرنسية، تسعى لتوقيع شراكة مع “الخطوط الجوية الملكية المغربية”؛ التي تُريد تعزيز أسطولها ليصل إلى: (130) طائرة في غضون عام 2037.
وقال “كارتي”: “هذه فرصة ممتازة لـ (إيرباص) لتعود إلى الخطوط الجوية الملكية، خاصة مع وجود خطة لبيع: (50) طائرة (إيرباص) في السنوات المقبلة للمغرب”.
ولفت إلى مشاريع أخرى تفتح شهية المستثمرين الفرنسيين؛ خاصة تلك المتعلقة بالتحضيرات الجارية لتنظيم “كأس العالم 2030″، ومنها خط القطار فائق السرعة بين “الدار البيضاء ومراكش” ومشاريع البُنية التحتية.
سنوات من الفتور..
وشهدت العلاقات “الفرنسية-المغربية”؛ منذ 2018، تقلبات عدة بين جزر ومدّ، وأزمة وانفراج.
وقد تأثرت هذه العلاقات بشكلٍ كبير بقضية “بيغاسوس”؛ التي تفجرت عقب تحقيقات إعلامية صيف 2021، تضمنت اتهامات لـ”المغرب” بالتجسس على مسؤولين فرنسيين، من بينهم الرئيس؛ “إيمانويل ماكرون”.
ورُغم نفي “المغرب” تورطه حينها؛ إلا أن القضية تركت آثارًا سلبية على العلاقات بين البلدين، ثم جاء قرار “فرنسا”؛ في أيلول/سبتمبر 2021، بتشّديد شروط منح التأشيرات للمغاربة ليعُمّق الخلاف أكثر.
هدأت الأوضاع نسبيًا بعد زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة؛ “كاترين كولونا”، إلى “المغرب”، في كانون ثان/يناير 2022، وإعلانها انتهاء أزمة التأشيرات.
إلا أن الخلافات عادت لتظهر مجددًا في عام 2023؛ مع اتهامات مغربية لـ”فرنسا” بالوقوف وراء تقارير أوروبية تنتقد وضع حرية الصحافة في “المغرب”، بالإضافة إلى انزعاج “الرباط” من التقارب الفرنسي مع “الجزائر”، وطالبت “باريس” بموقف أكثر وضوحًا بشأن “قضية الصحراء الغربية”.
و”الصحراء الغربية”؛ هي مستعمرة إسبانية سابقة، تصُّنفها “الأمم المتحدة” ضمن: “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”، ويعتبرها “المغرب” جزءًا لا يتجزأ من أراضيه ويُسّيطر على نحو (80) بالمئة منها، ويقترح حكمًا ذاتيًا تحت سيّادته، فيما تدعو (جبهة البوليساريو)؛ المدعومة من “الجزائر”، إلى استفتاء لتقرير المصير.
“الصحراء” نقطة التحول..
وتُصنف “الرباط” شركاءها وخصومها انطلاقًا من موقفهم تجاه “قضية الصحراء”، وتثبّت هذا التصنيف أكثر بعد اعتراف إدارة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، في نهاية 2020، بسيّادة “المغرب” على الصحراء مقابل التطبيع بين “المغرب” و”إسرائيل”.
وعلى مدى عقود؛ حاولت “فرنسا” الوقوف على “الحياد” في نزاع “الصحراء الغربية”، سعيًا للحفاظ على سياسة التوازن في علاقاتها مع كل من “الجزائر” و”المغرب”.
لكن في 30 تموز/يوليو الماضي، طرأ تحول في الموقف الفرنسي، إذ أعلن “ماكرون” دعمه لـ”مبادرة المغرب للحكم الذاتي”، مُعتبرًا إياها: “الحل الوحيد” للنزاع، وهذا الموقف أنهى فترة الفتور الدبلوماسي بين البلدين، إذ ظهرت بوادر التقارب بتعيين سفيرة جديدة لـ”المغرب” في “باريس”؛ وتسارع الزيارات الوزارية المتبادلة تمهيدًا لزيارة “ماكرون”.
مصالح اقتصادية..
وتصّدرت “فرنسا” قائمة المستثمرين الأجانب بـ”المغرب”؛ عام 2023، بتدفق صاف قدره: (6.8) مليارات درهم (ما يُقارب مليار دولار)، مقابل: (3.8) مليارات درهم (حوالي: 400 مليون دولار) في سنة 2022، أي بارتفاع بلغت نسبته: (79.5%)، وفق بيانات مكتب الصرف التابع لـ”وزارة المالية”، لعام 2023.
وحسّب المصدر نفسه؛ فإن هذا التدفق يمُثل حصة: (61.4%) من إجمالي صافي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر.
بالمقابل؛ يُعد “المغرب” أكبر مستثمر إفريقي في “فرنسا”، حيث بلغت الاستثمارات المغربية المباشرة في “فرنسا” سنة 2022؛ حوالي: (6.1) مليارات درهم؛ (حوالي 600 مليون دولار)، كما يُعتبر “المغرب” المسُّتفيد الأول من تمويلات “الوكالة الفرنسية للتنمية”.
ويُمثل الفرنسيون المقيمون بـ”المغرب”؛ أكبر جالية أجنبية في المملكة بحوالي: (54) ألف مواطن فرنسي.
ويفتح تحسُّن العلاقات “الفرنسية-المغربية” آفاقًا جديدة أمام الشركات الفرنسية التي تأثرت بالخلافات السياسية، مما قد يُعزز اهتمامها بالاستثمار في “الصحراء الغربية”، خاصة في قطاعات الطاقة وتحلية المياه والبُنية التحتية.
وتتمتع شركة (ألستوم)؛ المتخصصة في في مجال توليد الطاقة وتأسيس البُنية التحتية للسكك الحديدية، أيضًا بفرصة قوية للفوز بعقد توريد قطارات جديدة للخط فائق السرعة المزمع إنشاؤه بين “مراكش والقنيطرة”.
كما يُعد تنظيم “المغرب” لبطولة (كأس العالم عام 2030)؛ بالشراكة مع “إسبانيا والبرتغال”، فرصة استثمارية كبيرة لـ”فرنسا” لتقديم خبراتها في البُنية التحتية.
ورقة الهجرة والأمن..
وتلعب الهجرة دورًا محوريًا في العلاقات “المغربية-الفرنسية”، إذ تعتبر “باريس”؛ “الرباط”، شريكًا استراتيجيًا في مواجهة الضغوط الأوروبية للحد من الهجرة غير الشرعية.
ويرى محللون أن من أبرز الأسباب التي دفعت “فرنسا وإسبانيا” لاتخاذ موقفهما بشأن “الصحراء”؛ هو: “الخشية من استغلال ورقة الهجرة للضغط عليهما، فالأوروبيون يشعرون بقلق كبير حيال الهجرة غير الشرعية، ويراهنون على المغرب للتصدي لها، باعتبارها أقرب دولة لأوروبا”.
في حين يُشير محللون آخرون إلى أن توقيف “المغرب” حوالي: (87) ألف مهاجر في عام 2023، يُظهر التزامه بالتعاون الأمني مع “أوروبا”، إذ تقول السلطات المغربية أنها أحبطت أكثر من: (45) ألف محاولة هجرة غير شرعية منذ بداية العام الحالي.
ورُغم التقلبات التي تشهدها العلاقات بين “المغرب” و”فرنسا”، ظلت الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين قوية، حيث تُعتبر الفرنسية اللغة غير الرسمية الأولى في “المغرب”، كما أن ثوابت السياسة الفرنسية تجاه “المغرب” لا تتأثر بتداول الرؤساء بين اليمين واليسار، ما قد يعكس استقرار العلاقة بين البلدين.