30 أكتوبر، 2024 4:22 م
Search
Close this search box.

بعد توليه رئاسة إيران .. ماذا تنتظر السياسة الخارجية من “بزشكيان” ؟

بعد توليه رئاسة إيران .. ماذا تنتظر السياسة الخارجية من “بزشكيان” ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

بعد الإعلان عن فوز المرشح الإصلاحي؛ “مسعود بزشكيان”، في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، أثيرت العديد من التساؤلات حول المسّار الذي سيسّلكه في العلاقات الخارجية، خلال السنوات الأربع المقبلة، في خضم تصاعد الخلاف بين “طهران” والغرب.

فوز “بزشكيان” بالرئاسة الإيرانية بعد حصوله على نحو (54) بالمئة من أصوات الناخبين خلال الجولة الثانية، عّزز آمال الكثير من الإصلاحيين بالبلاد بعد سنوات من هيمنة المحافظين على الرئاسة، وسط تطلعات بإحداث تغييّر يسُّاهم في خروج “إيران” من قبضة “العقوبات الأميركية”، وتحسّين العلاقات مع الغرب، مما قد يوجِد مجالاً لتسّوية خلافاتها مع القوى العالمية حول أنشطتها النووية.

رؤية “بزشكيان” الخارجية..

تعهد جراح القلب؛ البالغ من العمر: (69 عامًا)، بتبّني سياسة خارجية عملية وتخفيف التوتر المرتبط بالمفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء “الاتفاق النووي” لعام 2015، وتحسّين آفاق الحريات الاجتماعية والتعددية السياسية.

وسرعان ما أكد “بزشكيان”؛ في أول تصريحاته، أنه: “سيّمد يد الصداقة للجميع”.

وخلال حملته الانتخابية، أشار الرئيس الإيراني لسّعيه لتحسّين العلاقات مع الغرب ومن بينها استئناف المحادثات النووية مع القوى العالمية.

توقعات بترحيب القوى العالمية..

واعتبرت وكالة (رويترز)؛ “بزشكيان”، الذي هزم “سعيد جليلي”، المتشُّدد في الجولة الثانية، هو شخص من المُّرجح أن تُرحب به القوى العالمية، على أمل أن يبحث عن طرق سّلمية للخروج من المواجهة المتوترة مع “إيران” بشأن برنامجها النووي سريع التقدم.

وحظيت حملة “بزشكيان” بدعم كبير من الإصلاحيين، حيث عمل “محمد جواد ظريف”؛ الذي كان وزيرًا للخارجية في حكومة؛ “حسن روحاني”، المعتدلة من 2013 إلى 2021، كمستشار للسياسة الخارجية، في حين اعتبر كثيرون أن ذلك يُمثل “نقطة تحول ودعم قوي” للإصلاحي الوحيد بالانتخابات، ورسالة للغرب بشأن الموقف المحتمل للسياسة الخارجية الإيرانية مع “بزشكيان”، والتغيّير الذي قد يطرأ عليها.

وتزامنت الانتخابات مع تصاعد التوتر في المنطقة بسبب الحرب في “غزة” وتبعاتها في “لبنان”، وهما من حلفاء “إيران”، فضلاً عن زيادة الضغوط الغربية على “إيران” بشأن برنامجها النووي سريع التقدم.

صلاحيات الرئيس وحدوده..

وفي ظل النظام الإيراني المزدوج الذي يجمع بين الحكم الديني والجمهوري، لا يستطيع الرئيس إحداث أي تحول كبير في السياسة بشأن البرنامج النووي أو دعم الجماعات المسُّلحة في مناطق مختلفة بالشرق الأوسط، إذ أن المرشد الإيراني؛ “علي خامنئي”، هو من يتولى كل القرارات المتعلقة بشؤون الدولة العُليا.

بيد أن الرئيس يمكنه التأثير من خلال ضبط إيقاع السياسة الإيرانية، وسيُشارك بشكلٍ وثيق في اختيار خليفة “خامنئي”، الذي يبلغ من العمر حاليًا: (85 عامًا).

استكمال العلاقات مع الدول العربية..

يرى “أحمد الياسري”؛ رئيس المركز (العربي الأسترالي) للدراسات الاستراتيجية، إن الرئيس الإيراني الجديد؛ “مسعود بزشكيان”، يُمثل الأقليات وهو ليس إصلاحيًا، ولكن يعتقد أن حل المشاكل مع دول الغرب يكون بالاتفاق وليس الانكماش كما حدث في العهود السابقة.

وأوضح “أحمد الياسري”؛ أن أهم شيء يُركزون عليه في “إيران” الآن هو القضية الداخلية والتنظيم من الداخل، مؤكدًا أن “إيران” كيان يمكن التعامل معها واحتواء طموحاتها وتحقيق اتفاقيات استراتيجية مع قياداتها.

وأشار “أحمد الياسري”؛ إلى أن انتخابات اختيار رئيس الجمهورية الإيراني تأتي بالانتخاب المباشر من الجمهور وموقع رئاسة الجمهورية؛ ورُغم أن القوات العسكرية والملف الأمني في يد المرشد إلا أن موقع الرئيس يعكس الشرعية ومهم جدًا هذا الموقع، معتقدًا أن الرئيس الايراني الجديد سيستكمل العلاقات مع الدول العربية وسيعمل على عدم التصعيد في المنطقة.

تمكيّن الدبلوماسيين الأكثر خبرة..

ويقول مدير شؤون “إيران” في (مجموعة الأزمات الدولية)؛ “علي فايز”، من “واشنطن”، لموقع (سكاي نيوز عربية)؛ إن الرؤساء الإيرانيين محصّورون بين مكتب المرشد الأعلى، والبرلمان، و”مجلس صيانة الدستور”، وهذه المؤسسات معًا لها رأي مباشر وتمُّارس حق النقض على السياسات الرئاسية والتعييّنات الرئيسة.

ومع ذلك؛ فإن أسلوب الرئيس “بزشكيان”؛ ولهجته، سواء في الأمور المحلية أو الأجنبية، سيكون أمرًا مهمًا، وفق “فايز”.

ويرى “فايز” أن “بزشكيان” سيعمل على تمكين الدبلوماسيين الأكثر خبرة في “إيران”، خاصة أن هذا الفريق لديه كفاءة أكبر في التعامل مع العالم الخارجي.

وأضاف: “الغرب لديه الآن تطلعات قابلة للتطبيق في إيران، لكن تحقيقها على أرض الواقع يعتمد بشكل كبير على نتيجة الانتخابات الأميركية المقبلة (بين بايدن وترامب)”.

الثابت والمتُّغير في “إيران”..

كما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة (طهران)؛ “حسين رويران”، إن: “في إيران؛ كما في باقي الدول، هناك الثابت والمتُّغير”.

موضحًا أن الثابت في “إيران”؛ هو هوية النظام الإيديولوجية، بيد أن هناك مسّاحة متُّغيرة تسمح لأي رئيس أن يترك بصمة مهمة في الحياة السياسية بالبلاد.

وأشار إلى أن الرئيس الإيراني الجديد سيعمل جاهدًا لإحداث تغييّر في الملفات السياسية الإيرانية وعلاقاتها الإقليمية والدولية؛ لأنه وعد بالانفتاح على المنطقة والجوار، كما أعلن أنه سيخوض مفاوضات مع الغرب لحل الملف النووي ورفع العقوبات دون أن يرهن مستقبل النظام بهذه المفاوضات.

وشّدد “رويران” على أن: “بزشكيان؛ سيُحاور الغرب، ولكن ليس من موقع المنتظر لقبول الولايات المتحدة باتفاق جديد من عدمه”، لكنه عاد للتأكيد على أن: “هناك ملفات داخلية بإيران يجب أن يتعامل معها باعتبار أنه طرح وعودًا كثيرة للشباب ويجب أن يبدأ بتنفيذها؛ وخاصة ملف الحريات”.

3 تحديات رئيسة..

من جهته؛ حدّد الباحث المتخصص في الشأن الإيراني؛ “وجدان عبدالرحمن”، (03) تحديات مباشرة ستواجه الرئيس الإيراني الجديد في ملف السياسة الخارجية، والتي تشمل:

أولًا: الملف النووي الإيراني؛ إذ أن النظام الإيراني أصبح في عُزلة دولية وتدهور اقتصاده بسبب هذا الملف، كما أنه ازداد تعقيدًا في الآونة الأخيرة، وبات هناك ضغوط داخلية للمسُّاهمة في رفع العقوبات، لكن هذا يحتاج إلى تقديم تنازلات لصالح الدول الغربية و”الولايات المتحدة” والمرشد الإيراني وأتباعه لن يسّمحون بذلك.

ثانيًا: الخطوات التي اتخذتها الدول الأوروبية تجاه إدراج (الحرس الثوري) الإيراني على قائمة الإرهاب، وهذا يُعيّق عمل “بزشكيان” بشكلٍ كبير لتحسّين العلاقات بين “طهران” والدول الغربية، فضلًا عن صعود تيار اليمين المتطرف في “أوروبا”؛ وخاصة “فرنسا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا”، وكذلك فوز حزب (العمال) في “بريطانيا”، وهم على خلاف كبير مع النظام الإيراني.

ثالثًا: الانتخابات الأميركية واحتمال فوز “ترامب” بها؛ وهذا سيُمثل ضغطًا على تعامل “بزشكيان” في علاقاته الخارجية، وإمكانية الوصول إلى توافق مع “الولايات المتحدة”، خاصة مع تشّدد “ترامب” تجاه “إيران”.

ويعتقد “عبدالرحمن”؛ أن “بزشكيان” يفتقد للدعم من المؤسسات الإيرانية الراسّخة؛ وخاصة الأمنية، وبالتالي سيُحاول أولًا كسّب ثقتها لدعمه في الخطوات التي سيتخذها خلال المرحلة المقبلة.

الدعم الكامل للتنظيمات المسلحة..

بينما كانت وجهة النظر الإسرائيلية مختلفة؛ حيث رأت القناة الـ (12) الإسرائيلية أن السياسة الخارجية للرئيس الإيراني الجديد؛ “مسعود بزشكيان”، تقوم على الدعم الكامل للتنظيمات المسُّلحة، مشيرة إلى أنه أعرب عن دعمه الكامل لـ (حماس) الفلسطينية، و(حزب الله) اللبناني، كما دعا خلال اجتماعاته مع كبار ضباط (الحرس الثوري) إلى توسيّع الدعم للتنظيمات المسلحة.

وقالت القناة إن “بزشكيان”؛ الذي لم يتّول منصبه بشكلٍ رسّمي بعد، مهتم بالإشارة إلى السياسات التي من المتوقع أن يتبعها بعد توليه الرئاسة، حيث تحدث مع “إسماعيل هنية”؛ رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس)، وأعرب عن دعمه الكامل للتنظيمات الفلسطينية و(حزب الله)، ومن ناحية أخرى، فهو يواصل الإشارة إلى استعداده للعمل ضد الغرب.

وسّلطت القناة الضوء على المقال الذي نشره “بزشكيان”؛ في صحيفة (طهران تايمز)، حول سياسته الخارجية المتوقعة، والذي دعا خلالها إلى: “إقامة علاقات متوازنة مع كافة الدول”، كما دعا إلى زيادة التعاون مع دول المنطقة، ووجه رسالة إلى “الولايات المتحدة الأميركية” مفادها أن “إيران” لن تستجيب للضغوط التي تمُّارس عليها، كما أشاد بالعلاقات الجيدة مع “روسيا والصين” ودعا إلى توسيّعها.

وأوضحت أنه خلال الأسبوع الأخير؛ أجرى “بزشكيان” محادثتين مع “إسماعيل هنية”، وأبدى دعمه الكامل لـ (المقاومة الفلسطينية)، ومن هذا المنطلق يبدو أنه لن يكون هناك أي تغيّير مقارنة بالنظام السابق برئاسة؛ “إبراهيم رئيسي”.

وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” و”حماس”..

وفي المقال الذي نشره؛ دعا الدول العربية إلى: “استخدام كافة الوسائل الدبلوماسية” للضغط وتعّزيز وقف إطلاق النار في الحرب بين “إسرائيل” و(حماس)، ووجه يوم الأربعاء الماضي رسالة خاصة إلى “هنية”، أعرب فيها عن دعمه الكامل قبل حتى أن يتهاتفا.

وبعث “بزشكيان”، الأسبوع الماضي، برسالة خاصة إلى الأمين العام لـ (حزب الله)؛ “حسن نصرالله”، أعرب فيها عن دعمه للتنظيم الذي يُعتبر أهم فرع لـ”إيران” في المنطقة، وقال إن: “إيران تدعم دائمًا مقاومة شعوب المنطقة”، مضيفًا أن: “دعم المقاومة متجذر في السياسات الأساسية لإيران”.

لقاءات رفيعة المسّتوى..

والتقى “بزشكيان”؛ في الأيام الأخيرة بكبار قادة (الحرس الثوري) وقوات الأمن في “إيران”، وأشارت القناة إلى أنه التقى يوم السبت بقادة الجيش وقائد (الحرس الثوري) ورئيس الشرطة في “إيران”، كما التقى يوم الأحد بالعديد من كبار قادة (الحرس الثوري)؛ ومن بينهم “إسماعيل قاآني”، قائد (فيلق القدس)، الذي حل محل “قاسم سليماني” في منصبه.

العودة إلى “الاتفاق النووي”..

وتناولت القناة ما نشرته وكالة أنباء (تسنيم) الإيرانية؛ بأن المرشح الأبرز لتولي منصب وزير الخارجية في حكومة “بزشكيان” الجديدة؛ هو “عباس عراقجي”، الذي كان ممثل “إيران” في التفاوض على “الاتفاق النووي” عام 2015، عندما تم توقيع الاتفاق مع القوى العظمى، وذلك خلال حكومة الرئيس الأسبق؛ “حسن روحاني”.

ولفتت القناة إلى أن هذا التعيّين المهم؛ الذي سيتطلب مثل الوزراء الجُدد الآخرين، موافقة البرلمان في “إيران”، دفع الكثيرين إلى إثارة مسألة ما إذا كان “بزشكيان” ينوي العمل من أجل عودة “إيران” إلى “الاتفاق النووي” أم لا، وهو الأمر الذي لم يتحقق خلال فترة رئاسة؛ “إبراهيم رئيسي”.

وتقول القناة إن “الولايات المتحدة” أوضحت مؤخرًا أنها لا تنوي العودة إلى “الاتفاق النووي” مع “إيران”، لكن تردّدت أنباء عن استمرار الاتصالات غير المباشرة بين “واشنطن” و”طهران” طوال الوقت بوسّاطة “عُمان”، وهناك انتقادات كثيرة لاحتمال عودة “إيران” والقوى الكبرى إلى “الاتفاق النووي”، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن “إيران” أصبحت بالفعل تقريبًا: “دولة عتبة نووية”.

وكان “بزشكيان”؛ أكد في حملته الانتخابية أنه مهتم بتعزيز العلاقات مع الدول الغربية بهدف رفع أو تخفيف العقوبات المفروضة على “إيران” من أجل محاولة تحسّين الوضع الاقتصادي، وعلقت القناة: “في كل الأحوال فإن القرار النهائي والرسّمي في إيران بشأن الاتفاق النووي يجب أن يحظى بموافقة ودعم المرشد؛ علي خامنئي، ومن دون موافقته لن يكون لجهود الحكومة الإيرانية الجديدة في هذا الشأن أي معنى”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة