بعد تقديم نواب كتلته باستقالاتهم .. ماذا يستهدف “الصدر” من تلك الخطوة ؟

بعد تقديم نواب كتلته باستقالاتهم .. ماذا يستهدف “الصدر” من تلك الخطوة ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تطور يُزيد التأزم السياسي تعقيدًا في “العراق”، إلا أنه قد يبدو مناورة سياسية، فبعد دعوة زعيم (التيار الصدري) لنوابه بتقديم استقالاتهم، وقع نواب (الكتلة الصدرية) في “العراق”، مساء الخميس، استقالاتهم جميعًا دون استثناء؛ في “الحنانة”، ووضعوها تحت تصرف “مقتدى الصدر”.

وكان “الصدر” قد أكد في وقت سابق؛ أن نواب كتلته البرلمانية مستعدون لتقديم الاستقالة. ففي كلمة ألقاها، الخميس، وجه “الصدر” نوابه إلى الاستقالة من البرلمان، معلنًا أنه قرر البقاء في المعارضة.

كما شدد على أن إصلاح البلد لن يكون إلا بحكومة أغلبية وطنية. واعتبر أن الانسداد السياسي الذي يعيشه العراق: “مفتعل”.

حكومة أغلبية وطنية..

وكان “الصدر”؛ الذي حاز على الكتلة النيابية الأكبر في الانتخابات النيابية، دعا مرارًا في السابق إلى تشكيل حكومة أغلبية بعيدًا عن التبعية للخارج، تحت شعاره الشهير: “حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية”.

وأمهل مطلع نيسان/إبريل الماضي، (الإطار التنسيقي)، (الذي يضم فصائل وأحزابًا موالية لإيران)، فرصة لتشكيل حكومة من دون تياره أيضًا، معلنًا اعتكافه لمدة أربعين يومًا، من أجل فسح المجال لخصومه.

مصدر الصورة: رويترز

كما عاد ومنح منتصف الشهر الماضي؛ آيار/مايو 2022، النواب المستقلين؛ مهلة أسبوعين للانضمام إلى تحالفه الثلاثي: (إنقاذ وطن)، الذي يضم تحالف “السيادة” السُني، والحزب (الديمقراطي الكُردستاني).

إلا أن تلك المهلة انقضت دون أن يُبدي النواب المستقلون أي تجاوب مع الدعوة الصدرية، بل أعلنوا رفضهم لها متمسكين بموقفهم المستقل بعيدًا عن التكتلات الطائفية.

انسداد سياسي ودعوات قضائية..

وتعيش البلاد منذ أشهر في انسداد سياسي، لا يبدو أن له حلاً قريبًا في الأفق، مع تمسك الطرفين بمرشحيهما لموقع الرئاسة، وبحصة الأسد في تشكيل الحكومة، ما دفع بعض السياسيين إلى طرح فكرة إجراء انتخابات نيابية جديدة، على الرغم من انخفاض حظوظها.

فيما قدم عدد آخر من السياسيين دعوى قضائية ضد الرئاسات الثلاث؛ (الجمهورية والوزراء والبرلمان)، مطالبين “المحكمة الاتحادية العُليا”، (أعلى سلطة قضائية)، بحل “مجلس النواب”، الذي عجز 03 مرات عن انتخاب رئيس جديد للبلاد.

من جانبه؛ رأى عضو (الإطار التنسيقي)؛ “ضرغام المالكي”، أنه في حال استقالة أعضاء (الكتلة الصدرية) من “مجلس النواب”، فسيُشكل الإطار الكتلة الأكبر.

وقال في تصريح أن: “عدم رغبة الإطار بانسحاب الصدر من العملية السياسية، ويمكن للأكراد والسُنة إقناعه بالعدول عن قراره”.

بدورها؛ أكدت رئيسة حركة (الجيل الجديد) النيابية؛ “سروة عبدالواحد”، في تغريدة على (تويتر)؛ أنها: “تؤيد خطوة التيار الصدري بالاستقالة الجماعية”، داعية إلى: “انتخابات مبكرة”.

مناورة سياسية..

الدكتور “أسامة السعيدي”؛ أستاذ العلوم السياسية بجامعة “النهرين”، وصف موقف نواب (الكتلة الصدرية) بتوقيع استقالات من “البرلمان العراقي”: بـ”المناورة السياسية”، قائلاً إن (التيار الصدري) دائمًا ما يُحاول أن يُثبت للشارع والرأي العام أنه صاحب المبادرة، وهو من يتحكم بزمام المشهد السياسي.

وأوضح؛ أن (التيار الصدري) كانت تُصدر عنه مواقف قريبة من التلويح باستقالة نوابه من البرلمان مثل الانسحاب من الحكومة، ومقاطعة العملية السياسية، وأنه ليس مستغربًا استخدامه ذلك التكتيك الذي يتبعه (التيار الصدري) في مراجعة المشهد السياسي.

مضيفًا إن (التيار الصدري) أعتاد على التحرك عندما لا يُلاحظ أي تطور سياسي، ويعكف على طرح مبادرات لحلحلة المشهد السياسي.

وأشار إلى أن موقف (التيار الصدري) ظهر بعد التصويت على “قانون الدعم الطاريء” الغذائي.

خيبة أمل..

من جهته؛ يرى الكاتب السياسي؛ “مجاشع التميمي”، أنّ خطاب “الصدر” جاء ناقمًا وناقدًا للأزمة السياسية في “العراق” بعد مضي أكثر من ثمانية أشهر على الانتخابات وعجز القوى السياسية عن تشكيل أيّ حكومة جديدة.

ويُلفت في حديث إلى موقع (العربي)، من “بغداد”، إلى أنّ بعض القوى السياسية تُريد الإبقاء على نظام المحاصصة والتوافقية، في مقابل مشروع آخر يقوده (التيار الصدري)، ويقوم على تغيير في النظام السياسي في “العراق”، باعتبار أنّ الوضع لم يُعد يُطاق، بل إنّ الدولة العراقية مهدَّدة بالزوال، مُشيرًا إلى أنّ أيّ طرف لم يتمكن من تقديم مبادرة حقيقية لتقريب وجهات النظر سوى “الصدر” الذي قدّم ثلاث مبادرات سياسية آخرها من المتوقع أن تنتهي في 15 من الشهر الجاري.

إلا أنّه يُعرب عن إعتقاده بأنّ “الصدر” وصل إلى قناعة أنّ القوى السياسية لم تتفاعل مع المبادرات التي قدمها؛ ولذلك فقد بدا في خطابه الأخير منزعجًا ويشعر: بـ”خيبة أمل”.

مخاوف من استخدام النفوذ الشعبي لـ”الصدر”..

ويتحدّث “التميمي” عن: “قلق كبير” لدى القوى السياسية؛ وفي مقدمتها (الإطار التنسيقي) المعارض لـ (التيار الصدري)، من أن يستخدم “الصدر” نفوذه على المستوى الشعبي.

ويُشير إلى أنّ ذهاب نواب (التيار الصدري) إلى تقديم استقالاتهم سيكون بمثابة لجوء إلى الشارع، “وهذا سيكون مزعجًا لأي حكومة تُشكّل لاحقًا”.

لافتًا إلى فرضيات عدّة يتمّ تداولها في الشارع العراقي من بينها أن يكون خطاب “الصدر” بمثابة ضغط جديد على القوى السياسية من أجل حلّ الانسداد السياسي؛ الذي طال كثيرًا، علمًا أنّ القوى السياسية تخشى أن تسود الفوضى أي تظاهرات يمكن أن تحصل في المرحلة المقبلة.

حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة..

ويتحدّث عن فرضية أخرى تقوم على حلّ البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة، لكنّه يُشير إلى أنّ هذا الأمر أيضًا محفوف بالكثير من المخاطر.

مصدر الصورة: رويترز

ويوضح أنّ قانون الانتخابات لم ترضَ عنه جميع القوى وفي مقدمتها قوى (الإطار التنسيقي)، وبالتالي إذا تمّ حل البرلمان فإنّ المشكلة ستبقى قائمة في ظلّ رفض العديد من القوى الذهاب إلى الانتخابات في ظل هذا القانون.

استكشاف لمواقف الحلفاء..

بدوره؛ أكّد الخبير العراقي، “ساهر عبدالله”، أن “الصدر” يُريد استكشاف مواقف حلفائه وما إذا كانوا سيستجيبون لطلبه بما يُحقّق: “ثُلثًا معطلاً”، أم سيرفضون الأمر حفاظًا على مكاسبهم التي ربما يفقدونها حال الاستمرار في التحالف الثلاثي، مع الأخذ في الاعتبار وجود تململ وسخط لدى أقطاب التحالف من القرارات الفردية، وعدم الأخذ برأيهم أو استشارتهم.

وأوضح “عبدالله”، في تصريحات لموقع (البيان)، إلى أنّ العديد من الأطراف والشخصيات الكُردية، تُلقي باللائمة على رئيس الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ “مسعود البارزاني”، لبقائه تحت عباءة “الصدر”؛ الذي ينفرد باتخاذ القرارات، دون إبداء “البارزاني” أي رأي أو ملاحظة، إلى الحد الذي أصبح فيه (الديمقراطي الكُردستاني) صدريًا، على حد قوله، مشيرًا إلى أنّ تحالف (السيادة)؛ بزعامة، “محمد الحلبوسي”، و”خميس الخنجر”، لن يُفرط في المكاسب التي حصل عليها، لاسيما وأنّه مهدد من قوى أخرى منافسة، لها ثقل أكبر في المحافظات الغربية والشمالية.

ليس لها قيمة قانونية أو دستورية..

فيما قلل المحلل السياسي؛ “غيث العبيدي”، من أهمية إنطلاقة “مقتدى الصدر” الجديدة، لافتًا إلى أنّها بلا قيمة قانونية أو دستورية، باعتبار أنّ استقالة النواب لا تُقدم لرئيس الكتلة وإنما لرئاسة البرلمان، قبل أن يجري التصويت على قبولها أو رفضها، متسائلاً: “ما مغزى تقديم نواب (الكتلة الصدرية) استقالاتهم لمقتدى الصدر، وليس رئاسة البرلمان، ولماذا لم يؤخذ رأي الشركاء في التحالف الثلاثي ؟، بل ربما لم يتم التشاور مع قيادات (الكتلة الصدرية) نفسها”.

بسبب انقسام “التنسيقي” على نفسه..

في السياق؛ أشار المرشّح لرئاسة الجمهورية عن الحزب (الديمقراطي)، “ريبير أحمد،” إلى أنّ الجمود السياسي الماثل ليس سببه عدم اختيار مرشح لمنصب الرئاسة، لافتًا إلى أنّ الحل يكمن في الطرف الآخر، المنقسم على نفسه، ومن دون اتفاقه لن تعود العملية السياسية إلى طريقها وتمضي قدمًا.

تفاهمات دون “التيار الصدري”..

من جهته؛ كشف القيادي في (الاتحاد الوطني الكُردستاني)؛ “غياث السورجي”، عن وجود تفاهمات وحوارات غير معلنة بين مختلف الكتل السياسية عدا (التيار الصدري)، بهدف الاتفاق بشكل نهائي على اختيار رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، موضحًا أنّ التفاهمات التي تجري في الخفاء تهدف للإسراع بتشكيل الحكومة.

وأضاف: “من الممكن أن تكون فيها جميع الكتل السياسية، باستثناء (التيار الصدري)؛ الذي لا يزال متمسكًا ببعض المواقف، نأمل أن يُغير الصدر من مواقفه ويتنازل لغرض أن يتم تشكيل الحكومة، فالأمر لن يطول إلى الأبد، وفي المقابل أي حكومة دون (التيار الصدري) ستكون ضعيفة، لابد من تشكيل الحكومة بالسرعة الممكنة”.

تمديد بقاء الحكومة المؤقتة..

على صعيد متصل؛ أبان المحلل السياسي، “تميم الحسن”، أنّ هناك بعض المعلومات التي تُشير إلى فرصة العودة لاقتراح الانتخابات المبكرة مع وضع حكومة مؤقتة، لافتًا إلى أنّ المعلومات التي تسرّبت من نقاشات القوى السياسية، تُشير إلى أنّه يمكن أن يُمدّد بقاء الحكومة المؤقتة برئاسة؛ “مصطفى الكاظمي”، لعامين بدلاً عن عام واحد، شريطة أن تكون مؤقتة وتعمل على إجراء انتخابات مبكرة للخروج من الأزمة.

وأوضح أنّ هناك مؤشرات من (التيار الصدري) بموافقته على إجراء انتخابات مبكرة، والتي تتطلب في البداية حل البرلمان.

ووفق مصادر صدرية، فإنّ التيّار مستعد للانتخابات المبكّرة، إلا أنّ أولوياته الآن تتمثّل في إعطاء وقت إضافي لخصومه بدلاً من الذهاب لخيارات قد تكون صعبة على العراقيين مثل حل البرلمان.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة