24 أبريل، 2024 5:20 م
Search
Close this search box.

بعد تفجير “بالون” داعش .. إقتصاد العراق إلى أين ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

“داعش يستنزف موارد العراق”.. “داعش يتسبب في خسائر مالية ضخمة للعراق”.. تصريحات متنوعة للمسئولين العراقيين تصب في إتجاه واحد وهو إلقاء مسئولية تردي الأوضاع الإقتصادية في بلاد الرافدين على تنظيم إرهابي، كان آخر هذه التصريحات ما ذكره المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية في الخامس من آذار/مارس 2017، من أن المعارك ضد “أبناء البغدادي” تقضي على 40 في المئة من موازنة العراق!

خلل في الإنفاق
تصريحات المسؤولين العراقيين بخصوص “نهب” داعش لـ40% من الموازنة العراقية، كشفت خللاً كبيراً في عملية الإنفاق.. فهل يتسبب تنظيم إرهابي لم يرق إلى تصنيف الجيوش في إنفاق نحو 30 مليار دولار سنوياً لمواجهته؟!

هل يرغم مئات الإرهابيين أو بضع آلاف منهم الحكومة العراقية على إقتراض 10 مليارات جنيه إسترليني من بريطانيا، وتوقيع مذكرة تفاهم في هذا الشأن في الخامس من آذار/مارس 2017 بحجة تطوير البُنى التحتية بالعراق، ألا يكفي ما يدين به العراق بالفعل لبريطانيا وحدها بـ12 مليار دولار؟

تضارب وتناقض
التناقض واضح في حديث المسؤولين العراقيين، في حين حدد القانون في ميزانية 2017 سعر برميل النفط بـ42 دولاراً، ومعدل تصدير يومي يبلغ ثلاثة ملايين و750 ألف برميل، من ضمنها 250 ألفاً من حقول إقليم كردستان، و300 ألف من حقول كركوك. يؤكد المتحدث باسم وزارة التخطيط “عبد الزهرة الهنداوي”، على أن “زيادة إنتاج النفط لدى العراق عوّضت الإنخفاض في أسعاره، على اعتبار أن كميات النفط التي كان العراق يبيعها قبل 2014 مليوني برميل وبسعر مئة دولار لكل منها، فيما وصلنا اليوم إلى أربعة ملايين برميل تقريباً بسعر خمسين دولاراً خلال هذه السنة، وبالتالي فهو نفس الفارق”، وفق نص ما ذكره على لسانه هو.

“الهنداوي” بحديثه يكشف أن العراق في 2017 ينتج 4 ملايين برميل بسعر 50 دولاراً للبرميل، وبحسبة بسيطة نجد أن عائدات نفط العراق يومياً نحو 200 مليون دولار – إذا استمر سعر البرميل على 50 دولار ولم يشهد أي إرتفاعات – أي 6 مليارات دولار في الشهر ونحو 72 مليار دولار في العام، ورغم ذلك تتسول الحكومة القروض من هنا وهناك ويفتش العراقيون عن قوتهم الذي لا يجدوه.

أموال العراق والسلاح
لقد وجهت الحكومة العراقية بعضاً من مواردها وأموالها في ميزانية 2017 إلى آلة الحرب وليس التنمية، إلى تشكيل الجيوش وشراء الأسلحة والمعدات العسكرية اللازمة لوزارتي الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب ومضاف إليهم هيئة الحشد الشعبي، ملياران و500 مليون دولار.

تبين التقديرات أنه لا يمكن حسم حجم الإنفاق ومتابعته ومراقبته إذا كان متجهاً لمؤسسات عسكرية وشرطية و”كيانات مسلحة”، إذ أنها تعتبر دولة داخل الدولة، كما أن البعض ذهب للقول إن الحكومات تغض البصر عن أي أموال تنفق طالما وضعت في مؤسسات أو يد تحمل السلاح، بذريعة أن الوقت ليس للحساب بل للقضاء على الإرهاب، فهل تواجد الإرهاب أو استمراره لفترة يبيح إستغلال موارد وأموال وقوت العراقيين وتوجيه إنفاقهم بشكل خاطيء لا يحقق أي إستفادة مجتمعية، بل يحقق إرتفاعاً في الأسعار وأزمات إقتصادية لم يشهد لها العراق مثيلاً من قبل؟

تصريحات ضارة
لقد وصف المسئول العراقي بوزارة التخطيط الديون العراقية للخليج بأنها ديون “بغيضة وكريهة”، وأوضح أن “هناك 41 مليار دولار لدول الخليج تعود لزمن النظام السابق تسمى ديون رديئة وبغيضة، كونها لم تكن لغرض الإستثمار والتنمية وإنما جاءت لغرض الحرب التي كان يخوضها النظام السابق ضد الجارة إيران”، لافتاً إلى أن دول الخليج لم تطالب بردها لأنها كانت مقابل الحرب على إيران.

هكذا لكي يبرر المسؤولون في العراق القروض الجديدة يقذفون القديمة ويقللون من أهمية ردها، بل يذهبون للقول إن “تلك الديون متوقفة ودون فوائد ولن يقوم العراق بتسديدها”.. إن تصريحات مثل هذه لا تخرج عن مسؤولين يفترض فيهم التمتع بوعي إقتصادي وعليهم إدراك أن مثل هذا الحديث قد يؤدي إلى توتر في العلاقات مع دول جارة أيضاً، بل تجعل أي مستثمر يفكر بوضع أمواله في العراق يفكر طويلاً قبل إتخاذ قراره لأنه لن يأمن وقتها على أمواله مع مثل هذه التصريحات التي تضر أكثر ما تنفع.

وظائف حصرية
ما يدعو للتحسر من قبل كثير من العراقيين، هو أن الحكومة العراقية التي تتحصل على 200 مليون دولار مع فجر كل يوم من عائدات النفط اليومية – بحسب الأرقام المعلنة لا نملك حجم الإستخراج الحقيقي على الأرض لكميات النفط من كامل الأراضي العراقية – أوقفت في موازنة 2017 التعيينات في الرئاسات الثلاثة (مجلس النواب ورئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء) والجهات والدوائر التابعة لها، دون طرح بديل لمن يسعون للوظائف التي تدر دخلاً يحفظ كرامة أبناء العراق.. أم أن الوظائف لأشخاص بعينهم بعيداً عن أي إعلانات رسمية؟

فقط طالبت بإلزام هيئة “الحشد الشعبي” بتطويع أبناء المحافظات والمناطق التي شهدت عمليات عسكرية بنسبة مساوية لنسب تلك المحافظات والمناطق السكانية وحسب بيانات وزارة التخطيط، وهذا باب جديد به شبهة فساد.. فمن يتابع ويراقب عمليات التطويع والمصروفات المقيدة في دفاتر هذا البند؟

حجة سد الإحتياجات
دائماً ما تكون الحجة وكلمة السر للحكومة لكي تستقطع أموال العراقيين هي “سد إحتياجات الدولة”.. فماذا عن إحتياجات الشعب؟.. لماذا تصر الدولة على وضع بند في ميزانيتها “نفقات أخرى”؟.. هذا البند غالباً ما يكون سيء السمعة في الدول العربية لأنه “بند مطاطي” لا يمكن مراقبة نفقاته ويرتبط بالأنظمة الديكتاتورية التي تقوم على المحسوبية، وإذا أراد العراق النهوض حقاً فعليه أن يسعى لحل المشكلات لا تعميقها بمزيد من القروض والخضوع للغرب وغيره.

إفلاس
بإختفاء داعش من العراق.. هل يستفيد العراقيون من مواردهم؟.. أم يقع العراق في فخ “الإفلاس” المتوقع له 2020 كما تقول بعض التقارير.

فالقروض التي تقول الحكومة إن لها مسارين رئيسيين، هما تقليل نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة والآخر المساهمة في إعادة الإستقرار والإعمار للمناطق المحررة، غالباً في الدول العربية تأتي بنتائج عكسية لعدم إجادة التصرف بالتوجيه الجيد للنفقات ومراقبتها ومتابعتها ولعدم إستغلال موارد الدولة وتصريف إنتاجها ومتابعته عبر قنوات حيادية تلتزم بمباديء الحفاظ على أموال الشعوب.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب