خاص : كتبت – نشوى الحفني :
مع إنهيار الوضع السياسي في “العراق” وخروجه إلى نطاق الشارع الذي يُنذر بنشوب حرب أهلية، توالت المبادرات للسيطرة على الوضع قبل انفلاته؛ فبعدما دعا رئيس (التيار الصدري) أنصاره إلى الخروج في مليونية يوم السبت القادم، تراجع عنها قائلاً في تغريدة على (تويتر): “تأجيل احتجاج السبت إلى أجل غير مُسمى”، مؤكدًا أن: “دماء العراقيين أغلى من أي شيء آخر”.
وكان “الصدر” أفصح عن مطالب حركته الاحتجاجية بعد أيام من إنطلاقها بحل البرلمان الحالي والمضي بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، قابلها رفض من قوى (الإطار التنسيقي)؛ التي بدأت بتحريك أنصارها نحو الشارع وإعلان اعتصام مفتوح بذريعة الحفاظ على: “دستورية المؤسسات وشرعيتها”.
ومنذ نحو 03 أشهر، يبدي رئيس (التيار الصدري)، رفضًا قاطعًا لأي مساعٍ للحوار مع المعسكر الخصم من (الإطار التنسيقي) بشأن تفصيلات تشكيل الحكومة وإعطائهم الضوء الأخضر بالذهاب نحو اختيار رئيس الوزراء.
حوار وطني للم شمل الفرقاء..
في الوقت ذاته، دعا رئيس الوزراء العراقي؛ “مصطفى الكاظمي”، إلى حوار وطني للم شمل الفرقاء السياسيين لحل الأزمة السياسية في البلاد.
وأطلق “الكاظمي” دعوته للقاء بين الفرقاء؛ اليوم الأربعاء، في القصر الحكومي، مطالبًا الفرقاء إيقاف التصعيد الشعبي والإعلامي ومنح المساحة الكافية للطروحات الوسطية.
ومبادرة “الكاظمي”، هدفها التوصل للأزمة المستعصية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من 10 شهور، فيما أشار إلى أن حكومته ليست جزءًا من ذلك “الاحتدام”، وقد أنجزت مهام يصعب تحقيقها في ظل تعطل وغياب إقرار الموازنة العامة بـ”العراق”.
وقال “الكاظمي”، في كلمة له خلال الجلسة الاعتيادية لمجلس الوزراء العراقي، إنه: “للأسف ما زلنا نعيش التحديات السياسية والانسداد السياسي وانعكاساته على أداء الحكومة”.
الحكومة ليس طرفًا في الصراع..
وأضاف “الكاظمي”، وفق بيان لمكتبه، إن: “الحكومة ليست طرفًا في الصراع السياسي، لكن هناك من يُحاول أن يحمّلها مسؤولية هذه الأزمة ويهرب من المشكلة، وأن يحوّل كل المشاكل باتجاه الحكومة”.
وأشار إلى أن: “أزمتنا ليست الوحيدة في هذا العالم، هناك تجارب كثيرة مرت قريبًا من تجربتنا، وقد تكون أكثر تعقيدًا، لكن باستخدام الحكمة والقادة العقلاء نجحت تلك الدول في عبور تلك المرحلة”، منوهًا إلى نموذجي “سنغافورة ورواندا”.
واستدرك قائلاً: “من غير المعقول في العراق، هذا البلد المؤسس للحضارة الإنسانية بعمر يُقارب 06 آلاف سنة، وما زلنا نتعاطى مع المشاكل بطريقة كسر الإرادات”.
مبادرة “العامري” لحل الخلافات السياسية..
كما كشفت مصادر عراقية، يوم الإثنين، عن إطلاق زعيم تحالف (الفتح)؛ “هادي العامري”، مبادرة جديدة تهدف لحل الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ أكثر من 10 أشهر.
وقال النائب عن تحالف (الفتح)؛ “مهدي تقي”، خلال اتصال هاتفي مع موقع (إرم نيوز)، إن: “زعيم التحالف؛ هادي العامري، يقود حاليًا مبادرة سياسية لإنهاء الخلافات بين كافة الأطراف السياسية”.
وأضاف “تقي”، أن “العامري”: “عقد اجتماعات مع جميع القوى السياسية السُنية والكُردية؛ وهو ما زال يجري لقاءات مع القوى السياسية الأخرى”.
وكشف النائب العراقي عن: “دعم سياسي كبير من قبل جميع القوى السياسية لمبادرة العامري”، على حد وصفه.
وقال إن: “نتائج مبادرة العامري ستظهر خلال الأيام المقبلة على أرض الواقع”.
وأوضح أن: “مبادرة زعيم تيار (الفتح) تقوم على أساس حل الخلافات السياسية عبر الحوار والتفاوض، من خلال الجلوس على طاولة حوار تجمع الجميع”.
وكشف النائب عن تحالف (الفتح)، عن: “لقاء مرتقب سيطرح خلاله زعيم تيار (الفتح)؛ هادي العامري، مبادرته على زعيم (التيار الصدري)؛ مقتدى الصدر”.
وحول اللقاء المرتقب بين “العامري” و”الصدر”، قال “التقي” إن موعد اللقاء لم يُحدد بعد.
وأكد أن “العامري”: “يعمل على بناء جسور تواصل بين (التيار الصدري) و(الإطار التنسيقي) عبر هذه المبادرة”.
ترحيب بدعوات التهدئة..
ورحّب زعيم ائتلاف (النصر)؛ “حيدر العبادي”، بدعوات التهدئة ونزع صواعق التوتر.
وقال “العبادي”، وهو رئيس وزراء عراقي أسبق، في تغريدة له على منصة (تويتر): “أرحب بدعوات التهدئة، ونزع صواعق التوتر، وإنه دليل على الشعور بالمسؤولية”.
ورأى أن: “المرحلة حرجة، وخفض التصعيد ضرورة، وتلمّس مخارج للأزمة الراهنة حاجة وطنية كبرى لا تحتمل التأجيل”.
وتابع “العبادي”: “المواطنون ينتظرون حلاً لمعاناتهم، ومهمة الساسة التعاون لتقديم حلول لمصلحة الوطن”.
تأجيج الحرب الأهلية..
وكان (التيار الصدري) بـ”العراق”، بزعامة “مقتدى الصدر”، قد حذر أمس الثلاثاء، من أن قوى في (الإطار التنسيقي) الشيعي تعمل على تأجيج: “حرب أهلية” من خلال الدعوة لاعتصامات ومظاهرات متقابلة بين جماهير “الصدر” وقوى “الإطار”.
وقال “صالح محمد العراقي”، المقرب من “الصدر”، في بيان صحافي: “يجب على الكتل المنضوية في (الإطار التنسيقي) كبح جماح الثالوث الإطاري المشؤوم فورًا؛ لأنه يلعب بالنار وقد يكون من صالحه تأجيج الحرب الأهلية من خلال الاعتصام مقابل الاعتصام أو المظاهرات مقابل المظاهرات”.
وخاطب قوى (الإطار التنسيقي) بالقول: “لا تظنوا أن دعوتكم لمظاهرات كبرى ستُزعجنا أو تُخيفنا فنحن لن نمد يدنا ضدكم حتى وإن فعلتم ذلك”.
يُنبيء بقبول “الصدر” لإحدى المبادرات..
وبحسب موقع (سكاي نيوز عربية)، يُرجح خبراء عراقيون أن تراجع “الصدر” عن: “الزحف المليوني” الآن يُنبيء بأنه قد يقبل بمبادرة لتجاوز الاختناق السياسي.
ويقول المحلل السياسي؛ “علي البيدر”، إن: “هناك رغبة صدرية في الجلوس إلى طاولة الحوار، بعد تلويح (الإطار التنسيقي) بإمكانية عقد جلسة للبرلمان، الذي يُحاصره (التيار الصدري)، خارج بغداد، وهو ما سيؤدي إلى تأزم المشهد بشكلٍ أكبر، ويجعل موقف الصدر محرجًا”.
ويوضح “البيدر” أن: “الصدر أراد أيضًا أن يبعث رسالة للجميع برغبته في تخفيف حدة الأزمة، فهو لا يُريد إقحام جمهوره في أزمات متكررة؛ خصوصًا أن البعض قد يكون سئم التظاهرات، وتحسس الصدر هذه المؤشرات فاندفع نحو التهدئة”.
أحداث الأزمة السياسية..
ويشهد “العراق”؛ منذ انتخابات تشرين أول/أكتوبر 2021؛ سجالاً سياسيًا بين الطرفين هما: (التيار الصدري) و(الإطار التنسيقي) على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وتسمية رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية.
فـ (التيار الصدري) الشيعي؛ حصد في تلك الانتخابات على: 73 من أصل: 329 صوتًا، ليأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات، ويأتي بعده في المركز الثاني (الإطار التنسيقي) المكون من ائتلاف عدة قوى شيعية، ليتفجر الخلاف بين الطرفين على تشكيل الحكومة في البداية، فـ (التيار الصدري) يرى أنه لابد من تشكيل حكومة أغلبية وطنية ذات كفاءات، بينما يرى (الإطار التنسيقي)؛ وأبرز قياداته رئيس الوزراء الأسبق؛ “نوري المالكي”، أنه يجب تشكيل حكومة توافقية، لتصل الأزمة ذروتها عند ترشيح رئيس وزراء وهو وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق؛ “محمد شيّاع السوداني”، في حكومة رئيس الوزراء السابق؛ “حيدر العبادي”، ويتهم (التيار الصدري)؛ المرشح المحتمل لرئاسة الوزراء؛ “محمد السوداني”، بقربه من رئيس الوزراء الأسبق؛ “نوري المالكي”، المنافس الأبرز لـ (التيار الصدري)، وعقب ذلك طلب “مقتدى الصدر”، في حزيران/يونيو من أعضائه الفائزين في الانتخابات البرلمانية بالاستقالة، وبعدها في شهر تموز/يوليو اقتحم مئات من أنصار (التيار الصدري) مبنى البرلمان مرددين عبارات مهاجمة لـ (الإطار التنسيقي) ومتهمين إياه بأنه مدعوم من “إيران”.
وتوالت الأحداث وإزداد التأزم وتبادل الاتهامات بين الطرفين لتصل إلى مطالبة زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، بإمهال “المجلس الأعلى للقضاء” العراقي مهلة أسبوع لحل البرلمان وتحديد إجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإلا سيُزيد من التصعيد، ليعقبه رد من “المجلس الأعلى للقضاء” العراقي بأن اختصاصه البت في أمور إدارة القضاء وأن “المحكمة الاتحادية” العراقية هي المسؤولة عن الشؤون الدستورية.
وتتجدد الاحتجاجات ويدعو (الإطار التنسيقي) أنصاره إلى الخروج لدعمه في مواجهة (التيار الصدري)؛ في “المنطقة الخضراء”، ليستخدم الطرفان الشارع لإبراز حجم الدعم والتحشيد.
فبينما أنصار (التيار الصدري) يعتصمون بمحيط البرلمان، تجمع أنصار (الإطار التنسيقي) عند الجسر المعلق بـ”المنطقة الخضراء”؛ بـ”بغداد”، ليقرروا بنهاية اليوم عن اعتصامهم بـ”المنطقة الخضراء”.
وفي إطار التهدئة فلقد سبق ودعا زعيم الحزب (الديمقراطى الكُردستاني)؛ “مسعود البارزاني”، لخفض التصعيد والحوار، ودعا رئيس الوزراء؛ “مصطفى الكاظمي”، إلى الجلوس لطاولة المفاوضات بين طرفي الأزمة، وأيضًا قيادات من داخل (الإطار التنسيقي)؛ كرئيس الوزراء السابق؛ “حيدر العبادي”، ورئيس تيار (الحكمة)؛ “عمار الحكيم”، إلى التهدئة والحوار.