خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد محاولات عديدة من التودد التركي لعودة العلاقات مع “القاهرة”، أكد وزير الخارجية المصري، “سامح شكري”، أمس الأول، أن المواقف السلبية للساسة الأتراك لا تعكس العلاقة بين الشعبين المصري والتركي.
وأوضح “شكري” أنه إذا وجدت “مصر” تغييرًا في السياسة التركية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وإنتهاج سياسات إقليمية تتوافق مع السياسة المصرية، فقد تكون هذه أرضية ومنطلقًا للعلاقات الطبيعية.
كما اعتبر أن: “الأقوال الصادرة عن الساسة، في أنقرة، بشأن فتح قنوات حوار مع القاهرة لا تكفي، بل لا بد أن تقترن بأفعال”.
وتأتي تصريحات “شكري”؛ بعدما أعلنت “أنقرة”، الجمعة، استئناف: “الاتصالات الدبلوماسية”، مع “القاهرة”، للمرة الأولى، منذ قطع علاقاتهما، في 2013.
تصريحات “شكري”؛ فسرها دبلوماسيون ومراقبون بأن “القاهرة” تنتظر المزيد من “الأفعال” على الأرض، لاستعادة كامل الروابط مع النظام التركي، بعد رغبة “أنقرة” في فتح حوار هذه الأزمة.
القاهرة تركت الباب مفتوح أمام “أنقرة”..
وتعليقًا على هذا الموضوع، قال المحلل السياسي التركي، “مصطفى أوزغان”: إن “القاهرة تركت الباب مفتوحًا أمام أنقرة، وكذلك تركيا”، مضيفًا أن المصريين مستعدون للتقارب مع “تركيا”، إلا أن هناك بعض الإشتراطات للدول العربية، مثل: “الإمارات”، والذين لديهم بعض التحفظات علي علاقات “تركيا” مع “الإخوان المسلمين”.
وأوضح “أوزغان”، أن “أنقرة” تقوم بالتقارب مع “مصر”؛ لأن علاقات “تركيا” تقلصت مع الخارج، الأمر الذي أثر سلبًا على الاقتصاد التركي، لذلك فهي بحاجة لتحسين علاقاتها الخارجية السياسية، وهي جادة في هذه المسألة.
اختبار جدية تركيا..
من جانبه قال، سفير مصر السابق لدى تركيا، “عبدالرحمن صلاح”: إن وزير الخارجية المصري عبر عن المضمون الحقيقي للمصالحة مع “تركيا”، مؤكدًا أن المصالحة لها شروط ينص عليها القانون الدولي.
وحول هدف “أنقرة”، من هذه المصالحة، أوضح “صلاح”، أن “تركيا” يجب أن تغير سياستها بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، مشددًا على ضرورة اختبار جدية “تركيا” في إحداث تقدم في المصالحة مع “مصر”، حيث لا تكفي الأقوال فقط.
وقال المحلل السياسي، “أحمد أصفهاني”، إن أبرز ملفات الخلاف بين “القاهرة” و”تركيا”؛ هو إيواء الأخيرة جماعة “الإخوان المسلمين” المصريين، وهو الأمر الذي يزعج “القاهرة”، مستبعدًا قدرة “تركيا” على تقديم تنازلات في بعض الملفات الخلافية، وهو الأمر الذي سيجعل “القاهرة” حذرة جدًا في التعامل مع “تركيا” .
زيارة وفد معارضة تركية..
وفي خطوة أخرى، وصفها مراقبون بالضربة والاختبار المزدوج من “مصر” والمعارضه التركية، لنظام “إردوغان”، يستعد وفد من “حزب الشعب الجمهوري” التركي، المعارض، لزيارة مرتقبة إلى “القاهرة”.
والسبت الماضي، ذكر القيادي بـ”حزب الشعب الجمهوري” التركي المعارض، كبير مستشاري رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالحزب، “أونال تشفيكوز”، أن وفدًا من الحزب قد يتوجه إلى “مصر”، في الأسابيع المقبلة.
وأضاف “أونال”، أن حزبه أبلغ الجانب المصري برغبته في: “إرسال وفد إلى القاهرة”، قائلاً: “ليس من الصواب عدم إجراء اتصال دبلوماسي مع دولة بحجم، جمهورية مصر العربية، على مستوى السفارة لسنوات.”
مؤكدًا على سعادة “حزب الشعب الجمهوري” بتعميق العلاقات مع “القاهرة”، وبالتوصل إلى نقاط اتفاق مع “تركيا” بعد سنوات من القطيعة بين الجانبين.
هذه الزيارة تأتي في الوقت الذي ترددت فيه أنباء عن زيارة وفد رسمي من الحكومة التركية إلى “القاهرة”.
ضربة للنظام التركي..
المراقبون يرون، في زيارة وفد المعارضة التركية؛ بمثابة ضربة للنظام التركي، الذي ظل لسنوات طويلة يحرض على الدولة المصرية وجيشها، متبنيًا مئات الإرهابيين والمطلوبين للعدالة في “القاهرة”.
وأشار إعلام “حزب العدالة والتنمية”، الحاكم، إلى زيارة مرتقبة من وفد من الحكومة التركية إلى “القاهرة”، في المستقبل القريب، على إثر التطورات الأخيرة بين “القاهرة” و”أنقرة”.
وكان وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، قد صرح، الأسبوع الماضي؛ عن: “عودة الاتصالات الدبلوماسية بين مصر وتركيا، دون أي شروط مسبقة”، ثم أضاف: “هناك اتصالات مع القاهرة على مستوى وزارة الخارجية والمخابرات، بينما بدأت اتصالاتنا على الصعيد الدبلوماسي”.
كما صرح وزير الخارجية التركي، لوكالة أنباء (الأناضول)، بداية الشهر الجاري، قائلاً: “يمكننا التفاوض مع مصر لتوقيع اتفاقية معها تتعلق بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، شرقي المتوسط، على غرار الاتفاقية الموقعة بين تركيا وليبيا”، مؤكدًا أن مصر: “احترمت جرفنا القاري أثناء توقيعها اتفاقية مع اليونان، ونحن نقدر ذلك”.
الاتصالات الدبلوماسية مع مصر لم تنقطع..
في الوقت ذاته، انتقد كبير مستشاري رئيس لجنة الشؤون الخارجية في “حزب الشعب الجمهوري”، تصريحات وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، التي أعلن خلالها عن بدء الاتصالات الدبلوماسية مع “مصر”، وتصوير ذلك على أنه انتصار لـ”تركيا”.
وقال إن: “الاتصالات الدبلوماسية مع مصر لم تنقطع قط، كما أن القول بأن الاتصالات الدبلوماسية قد بدأت ليست صياغة مناسبة لشرح الوضع الحالي، لأننا لم نغلق سفاراتنا، ولم نوقف الاتصالات الدبلوماسية بمصر أبدًا”.
“إردوغان” يريد الصلح..
ويرى الخبير التركي، “مصطفى غوناي”، لموقع (سكاي نيوز عربية)؛ أن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لم يُعد أمامه مفر من التصالح مع “مصر”.
ويضيف “غوناي”: “معضلة، إردوغان، الآن باتت خارجيًا وداخليًا أيضًا، وليس خارجيًا فقط في كيفية التحاور مع مصر، وبأي أوراق يفاوض الجانب المصري”.
ويكمل: “فمعضلة الرئيس التركي الآن أمام شعبه، في كيفية السير نحو التصالح مع مصر، بعدما ظل النظام التركي بأكمله يحرض على مصر وجيشها ونظامها السياسي، طوال 7 أعوام على الأقل، بداية من، إردوغان، مرورًا بوزراء حكومته وقيادات حزبه الحاكم، وصولاً لإعلام النظام التركي في مهاجمة مصر”.
موضحًا “غوناي”، أن الرئيس التركي، اليوم، وإن كان في وضع سيء أمام “مصر”، فهو في وضع أسوأ أمام الشعب التركي نفسه، والمعارضة التركية التي رفضت سياسات وممارسات النظام التركي ضد “مصر”، وهو الآن يخطب ود “مصر”، ويتحدث للإعلام التركي عن أهمية العلاقات مع “مصر”.
وأضاف: “فاليوم لا حل لأزمات تركيا في ملفات شرق المتوسط، وليبيا، وتلطيف الأجواء مع دول الخليج التي قاطعت المنتجات التركية، سوى بالتعاون مع مصر”.
اتصالات المعارضة التركية لم تنقطع عن القاهرة..
فيما كشف الباحث السياسي التركي، “جواد أوغلو”، أن أحزاب المعارضة التركية، وفي مقدمتها “حزب الشعب الجمهوري”، لم تقطع التواصل مع “القاهرة”، طيلة السنوات الماضية، رغم العداء الشديد الذي ناصبه الرئيس التركي لـ”مصر” ولنظامها السياسي الجديد، عقب ثورة 30 حزيران/يونيو 2013.
قائلاً “أوغلو”، لموقع (سكاي نيوز عربية)، إن الزيارة المرتقبة لوفد “حزب الشعب الجمهوري”، لـ”القاهرة”، ليست الأولى، فبعد ثورة 30 حزيران/يونيو، في “مصر”، كانت هناك لقاءات واتصالات بين وفود من الحزب المعارض مع الجانب المصري.
ويضيف “أوغلو”، فـ”حزب الشعب الجمهوري” يدرك أهمية “مصر” وثقلها الإقليمي، وعمق العلاقات بين “تركيا” و”مصر”، وما له من تداعيات وتأثير قوي في مختلف قضايا العالم الإسلامي و”منطقة البحر المتوسط”.
وتابع “أوغلو”، أنه: “يحسب للسياسة الخارجية المصرية، طوال السنوات السابقة، عدم إنزلاقها في فخ المهاترات والحروب الكلامية مع أي دولة، بما فيها الدول التي شنت الحرب على القيادة المصرية، والآن تجني مصر ثمار سياستها الخارجية المتزنة”.