بعد تأجيل “سوتشي” .. هل يستهدف “بوتين” إنهاء مسار جنيف وإعادة تأهيل نظام الأسد ؟

بعد تأجيل “سوتشي” .. هل يستهدف “بوتين” إنهاء مسار جنيف وإعادة تأهيل نظام الأسد ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في نفس الوقت الذي فشل فيه (أستانا – 7)، أعلنت روسيا في ختام الجولة عقد “مؤتمر حوار وطني سوري” في مدينة (سوتشي)، معلنة دعوتها 33 مكوناً من المعارضة، سواء الرئيسة الموجودة خارج البلاد والتي تحظى بدعم دولي، أو المقبولة من دمشق أو تلك القريبة منها، فضلاً عن الأكراد.

إلا أن الرياح لم تأتي بما تشتهي روسيا.. حيث أفادت مصادر مطلعة بأن موسكو قررت تأجيله، والذي كان مقرراً عقده في (سوتشي) في 18 من الشهر الجاري.

اختلافات حول آلية تنفيذ فكرة المؤتمر..

لوحظ أن “الخارجية الروسية” أزالت من موقعها الإلكتروني قائمة المدعوين إلى المؤتمر، والتي كانت تضم 33 جهة، وسط معلومات عن وجود تباينات حول آلية تنفيذ فكرة عقد مؤتمر جامع لمكونات الشعب السوري، إضافة إلى تباين في وجهات النظر حول مكان عقد المؤتمر، بحسب شبكة (شام) الإخبارية.

وكانت عدة مصادر قد أشارت إلى وجود خلاف بين موسكو من جهة وبين النظام السوري وإيران من جهة أخرى، فقد قامت وزارة الخارجية الروسية بالإعلان عن عقده في (سوتشي)، بينما سبق لقاعدة “حميميم”، التي تدير العمليات العسكرية الروسية في سورية، أن سربت إن المؤتمر سيعقد في “حميميم” نفسها.

مخاوف من ضغوط دولية..

نقلت مصادر أن النظام السوري كان يرغب في أن يعقد المؤتمر تحت رعايته، وليس في “حميميم” كما أعلن سابقاً أو في (سوتشي)، خوفاً من ضغوط روسية ودولية عليه قد تمارس عليه للقبول بمخرجات هذين المؤتمرين لجهة إعداد دستور جديد واجراء انتخابات رئاسية مبكرة بإشراف الأمم المتحدة.

محاولة نوعية لتطبيق قرار مجلس الأمن..

كان وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف”، قد اعتبر أن المؤتمر “يشكل أول محاولة نوعية لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يطالب المجتمع الدولي بدعم السوريين في إقامة حوار شامل، يفضي إلى توافقات مقبولة من كل الأطراف حول التسوية السياسية”.

حوار بين النظام ونفسه..

مؤكداً “لافروف” على أن موسكو وجهت الدعوات إلى “كل الأطراف، الحكومة السورية وكل فصائل المعارضة من دون استثناء، سواء كانت داخل البلاد أو خارجها”، لكن القائمة شملت على أكثر من 20 جهة تعمل من داخل سورية، وبموافقة النظام، وهو ما اعتبرته المعارضة حواراً بين النظام ونفسه.

تلميحات لتأجيل موعده..

مشيراً “لافروف” إلى أن موسكو ما زالت تتسلم ردوداً من قبل المدعوين بين الهيئات غير الحكومية، و”نقوم بتحليل هذه الردود، وطابع الفعالية يتبلور حالياً ويتم إنضاجه وسنعلن قريباً عن مواعيد محددة”، في تلميح منه لتأجيل الموعد.

إلتفاف على مفاوضات “جنيف”..

من جهته، أكد “الائتلاف الوطني” و”هيئة أركان الجيش السوري الحر”، عدم مشاركتهم في مؤتمر (سوتشي)، مشددين على دعمهم لعملية الانتقال السياسي في “جنيف”، بما يحقق تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة والعدالة.

وأكدا الطرفان في بيان مشترك، على أن الدعوة لهذا المؤتمر تمثل إلتفافاً على مفاوضات “جنيف” والإرادة الدولية في الانتقال السياسي داخل سورية تحت رعاية الأمم المتحدة.

موسكو تريد الإنفراد بالحل..

المشاركون في جولة محادثات السلام السورية في آستانة يوم الجمعة. تصوير: مختار خولدوربيكوف – رويترز

معتبرين أن هذه الدعوة ضمن الجهود التي تبذلها موسكو للإنفراد بالحل خارج إطار الشرعية الأممية ونسف الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي يضمن للشعب السوري حريته وكرامته.

مؤكدين على أن “مأساة السوريين الكبرى، والتي كلفتهم مئات الآلاف من القتلى والمعتقلين والمفقودين والمعاقين وملايين المشردين والمهجرين قسرياً، لا يمكن أن تحل عبر تشكيل حكومة موسعة تحت مظلة النظام السوري الذي تسبب في معاناة الشعب السوري”.

وانتهت، الثلاثاء 31 تشرين أول/أكتوبر 2017، في (أستانا) جولة سابعة من محادثات السلام حول سوريا برعاية كل من موسكو وطهران وأنقرة، ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق بشأن المواضيع التي طرحت على أجندتها وعلى رأسها ملف المعتقلين والأسرى.

تفاهة يرسمها النظام مع روسيا..

وصفا “يحيى العريضي”، عضو وفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى “جنيف” الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة، الدعوة لمؤتمر (سوتشي) بأنها “تفاهة ومزحة غليظة” يرسمها النظام بالتوافق مع روسيا.

نسف للشرعية الدولية..

موضحاً “العريضي”، الذي شارك في محادثات (أستانا) بوصفه مستشاراً لوفد الفصائل المعارضة، “قلنا للمبعوث الروسي خلال اجتماعنا به إن هذا المؤتمر هو بمثابة تلاعب على جنيف ونسف للشرعية الدولية”.

يجب إفشاله..

في الإطار نفسه أعلن “المجلس الإسلامي السوري” موقفه المبدئي من هذا المؤتمر، بأنه “لابد من رص الصفوف على اختلاف مستويات الفعاليات الثورية لإفشال هذا المخطط، وذلك لأنه، كما أعلن، عقد ليبحث مواضيع متعددة”.

مضيفاً أن من هذه المواضيع “كتابة الدستور الجديد، والإصلاحات الموعودة، مع إغفال تام لعملية الانتقال السياسي وتجاهل مطلب الشعب في رحيل النظام المجرم، الذي قتل ما يزيد على نصف مليون، وجرح ما يزيد على المليون، وشرد ما يزيد على نصف الشعب، عدا المعتقلين والمفقودين”.

موسكو تريد مشاركة كل الأطراف..

سبق وأن نقلت وكالة (إنترفاكس) الروسية للأنباء، عن نائب وزير الخارجية “ميخائيل بوغدانوف”، قوله إن موسكو تأمل أن تحضر كل فصائل المعارضة السورية “مؤتمر سورية للحوار الوطني”.

ورداً على سؤال عما إذا كانت موسكو لاتزال تأمل حضور جماعات مثل الهيئة العليا للمفاوضات التي رفضت المشاركة، نقلت (إنترفاكس) عن “بوغدانوف” قوله: “نأمل أن يشارك أي طرف يعتقد أن مستقبل البلد ووحدته وسلامة أراضيه وسيادته أمر مهم”.

تركيا تتحفظ بسبب دعوة الأكراد..

لا ينحصر رفض المبادرة الروسية في المعارضة فقط، بل وأيضاً في بعض الدول الإقليمية وعلى رأسها “تركيا”، التي أبدت تحفظاً عليه لجهة دعوة “الاتحاد الديمقراطي الكردي”، الذي تعتبره إمتداداً لـ”حزب العمال الكردستاني” الذي تخوض معه مواجهة منذ عقود.

“جنيف” الحل السياسي الوحيد..

في أول رد فعل دولي على الدعوة الروسية للمؤتمر، أكدت “فرنسا” أن الخطوات الروسية لدفع المحادثات السورية قدماً يجب أن تندرج في إطار جهود الأمم المتحدة، التي تقول باريس إنها السبيل الوحيد الملائم لبحث الحل السياسي.

قائلة “أنييس روماتيه-إسباني” المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية: أن “عملية جنيف هي المنتدى الوحيد الملائم والمتفق عليه دولياً لبحث أبعاد الأزمة السورية السياسية خاصة فيما يتعلق بالعملية الانتخابية والدستور الجديد”.

وحثت كل الأطراف، وبينها روسيا، على الالتزام بقرار الأمم المتحدة رقم 2254، الذي يرسي أسس حل سلمي مستقبلي للصراع.

فشل كل المساعي الدولية للحل السياسي..

فشلت كل المساعي الدولية لتسوية النزاع السوري. وشكل مصير الرئيس السوري “بشار الأسد” العقبة الأبرز التي اصطدمت بها سبع جولات سابقة من مفاوضات (جنيف).

ونجحت محادثات (أستانا) في تهدئة الجبهات ميدانياً إلى حد كبير من خلال إنشاء مناطق خفض تصعيد، بيد أنه لا أفق حالياً لحل سياسي بالنظر لتباعد المواقف بين القوى الكبرى، وخاصة روسيا، والولايات المتحدة.

أجهض في مهده..

المراقبون يرون أنه على ضوء موقف المعارضة فإنه بالإمكان القول إن “مؤتمر الحوار الوطني” أجهض في مهده، أما الجولة المقبلة لـ(جنيف)، والتي تأتي آخر هذا الشهر فستكون كسابقاتها.

ينتزع صفة “الحوار الوطني” لشعوب سوريا..

يرى الأكاديمي والباحث في شؤون الشرق الأوسط، وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس الدكتور “خطار أبو دياب”، أن “غياب قوى المعارضة السورية سينتزع من هذا المؤتمر صفة الحوار الوطني لشعوب سوريا كما أراده بوتين”.

إعادة تأهيل النظام وإغراق المعارضة..

مضيفاً “أبو دياب”: أن “المؤتمر سيكون لتلميع صورة النظام من جهة، وللاستمرار في اللعبة الروسية القاضية بإغراق المعارضة وإنهاء تمثيلها؛ بغية عدم التوصل إلى اتفاق سياسي حقيقي، وإرساء كل الطرق من أجل إعادة تأهيل النظام، واستمرار الانتداب الروسي”.

ما الهدف ؟

مشيراً إلى أن ما يلفت الانتباه أن مسار (سوتشي) الجديد سيركز على القضايا السياسية، بما فيها مناقشة دستور سوريا، والانتقال السياسي، عكس اجتماعات (استانا) التي تركزت في معظمها على مناقشة القضايا العسكرية خاصة مناطق خفض التوتر. ما يطرح السؤال حول الهدف الحقيقي من مسار التفاوض الجديد في ظل وجود مسار دولي معتمد، وهو مفاوضات (جنيف) ؟

لإنهاء مسار “جنيف”..

يؤكد “أبو دياب” على أن “روسيا تحاول إنهاء مسار جنيف من خلال سوتشي، كما تحاول إرساء حل سياسي يساهم في تأهيل النظام السوري؛ ويتيح استمرار انتدابها على الساحة السورية بعد أن استفاد الروس من الورقة السورية في إعادة ترتيب تواجدهم على المسرح الدولي”.

لكن “مهند الدليقان”، رئيس وفد منصة موسكو إلى مؤتمر (جنيف)، يرى: أن “المسار الأساسي لعملية المفاوضات كان ولا يزال في جنيف”، موضحاً: أن “المسارات التي يتم إستحداثها جانبياً تهدف لحل بعض القضايا التي استعصى حلها حتى في مسار جنيف”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة