بعد “بيلوسي” .. الدور يأتي على “بريطانيا” لإشعال المنطقة في مواجهة “الصين” !

بعد “بيلوسي” .. الدور يأتي على “بريطانيا” لإشعال المنطقة في مواجهة “الصين” !

وكالات – كتابات :

دعوات تظهر في الغرب إلى التخلي عن سياسة: “الصين الواحدة”، التي تلتزم بها معظم الدول الغربية؛ رغم تحالفها مع “تايوان”، فهل تؤدي هذه الدعوات المحرضة لـ”تايوان”؛ على الانفصال، إلى تكرار مصير “أوكرانيا”، وما هي فرص نجاح أي غزو صيني لـ”تايوان” في الوقت الحالي، وهل تستطيع الجزيرة حماية نفسها ؟

نشرت صحيفة (التايمز) البريطانية مقالاً للكاتب الصحافي؛ “إيان ويليامز”، حول صعوبة تحقق غزو “الصين”؛ لـ”تايوان”، والأسباب الكامنة وراء ضعف هذه الاحتمالية، وكان لافتًا أن الكاتب دعا الغرب إلى التخلي عن سياسة: “الصين الواحدة”، معتبرًا أنها قد عفى عليها الزمن، كما أنه اعتبر أن تجربة “أوكرانيا” في الصمود أمام الغزو الروسي أمر مُشجع لـ”تايوان” على تحدي “الصين” (!!).

الغرب يعترف بسياسة “الصين الواحدة” وحتى تايوان كانت تتبناها !

وسياسة “الصين الواحدة”؛ هي مبدأ تؤمن به “بكين”، وينص على أن كل أجزاء “الصين”؛ وهي “الصين البر الرئيس” و”تايوان هونغ كونغ”، التي كانت مستعمرة بريطانية، و”ماكاو” التي كانت مستعمرة برتغالية هي كلها تُشكل أجزاء من “الصين الواحدة”، وبالفعل عادت “هونغ كونغ وماكاو” إلى السيادة الصينية رغم احتفاظهما بمقدار كبير من الاستقلال المحلي، خاصة في القوانين والاقتصاد.

والمفارقة هنا أن “تايوان” و”الصين” نفسهما كانا يتفقان؛ منذ انشقاق الجزيرة، على سياسة “الصين الواحدة”، ولكن يختلفان على من يُمثلها، إلا أن “تايوان” بدأت في التخلي عن هذا المبدأ.

إذ تبادلت “تايوان” و”الصين” الإدعاء بأن كلاً منهما الممثل الشرعي الوحيد لـ”الصين” وأراضيها بما فيها “تايوان”، ولكن في الوقت الحالي يعترف أغلب دول العالم، بما فيها كل الدول الغربية تقريبًا، على رأسها “الولايات المتحدة” بحكومة “بكين”؛ كممثل رسمي لـ”الصين”، ولا ترتبط الدول الغربية، بما فيها “واشنطن”، بعلاقات دبلوماسية رسمية مع “تايوان”، رغم الدعم القوي العسكري والسياسي الذي تُقدمه للجزيرة.

فعندما نشأت “تايوان”؛ (منشقة)، ككيان يحكم بشكلٍ منفصل عن بقية “الصين”، إثر فرار حكومة حزب “الكومينتانغ” بعد إنهيار سلطتها في البر الرئيس لـ”الصين”؛ عام 1949، أمام قوات “الحزب الشيوعي”، لم يُقرر حزب “الكومينتانغ”، الذي كان قبل ذلك الحزب الحاكم الرئيس في “الصين”، إنشاء دولة مستقلة، بل أعلن (مدعيًا) أنه يُمثل “الصين” الرسمية، وأن حكومة “تايوان”؛ الجزيرة التي تبلغ مساحتها: 36 ألف كيلومتر، أي نحو: 3.76% من مساحة “الصين”، ويسكنها في ذلك الوقت بضعة ملايين، هي الممثل الرسمي لـ”الصين”، أكبر دولة في العالم من حيث السكان، واعترف الغرب بهذا الوضع الشاذ لفترة.

وحتى التعديلات الدستورية لعام 1991؛ وإرساء الديمقراطية في “تايوان”، اعتبرت حكومة “تايوان”؛ التي يُهيمن عليها حزب “الكومينتانغ”؛ (مدعية) أنها تُمثل الحكومة الشرعية الوحيدة لـ”الصين” وأراضيها المحددة دستوريًا، بما في ذلك حدود أسرة “تشينغ” السابقة في البر الرئيس لـ”الصين”، وأيضًا تم تصنيف “الحزب الشيوعي الصيني” على أنه: “جماعة متمردة”.

في عام 1992، أكد حزب “الكومنتانغ”، الذي أسس “تايوان”، على أن كلاً من “جمهورية الصين الشعبية” و”جمهورية الصين” (المزعومة)، قد اتفقتا على وجود: “الصين” واحدة، لكنهما اختلفتا حول ما إذا كانت: “الصين الواحدة هذه” تُمثلها “جمهورية الصين الشعبية”، أم “جمهورية الصين”؛ (تايوان)، هذا التفسير (الإدعاء المدفوع من قبل واشنطن)؛ الذي يعرف باسم توافق عام 1992 لم تقبله “جمهورية الصين الشعبية”.

يزعم المقال البريطاني: حدثت تغييرات داخل “تايوان” بشأن سياسة: “الصين الواحدة”، وظهرت قوى سياسية تعتبر البلاد دولة مستقلة، ولكن القضية مازالت مسألة خلافية داخل “تايوان”؛ حتى لو تراجع زخم مبدأ “الصين الواحدة”.

ظل حكام “تايوان” لعقود ينتمون لمجموعة بشرية تدعى: “Waishengren”، تُمثل حاليًا نحو: 10% من السكان، وهم النخبة التي جاءت إلى “تايوان” من “الصين” القارية في الفترة بين الاستسلام الياباني في نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، ونهاية الحرب الأهلية الصينية؛ في عام 1949، بينما تم تهميش فئة الـ”Benshengren”؛ وهم الصينيون الذين وصل أسلافهم من “الصين” إلى “تايوان”؛ قبل عام 1945، وعادةً ما ينتمون إلى عرقيتي: “هوكلو” و”هاكا”، الذين عاشوا تحت الحكم الاستعماري الياباني، وتعود جذورهم للجنوب الصيني، حيث جاءوا لـ”تايوان” بدءًا من القرن السابع عشر بتشجيع من الاستعمار الغربي، ولغتهم الأصلية مختلفة عن لغة الماندرين، اللغة الرسمية في “تايوان” و”الصين”؛ بحسب التحليل الطائفي التحريضي الذي تحرص على تسويقه الآلة الدعائية الأميركية وتابعتها الغربية؛ ومنها المقال البريطاني الحالي.

كما عومل السكان الأصليون لـ”تايوان”، والمختلفون تمامًا عرقيًا عن الصينيين، كمواطنين من الدرجة الثالثة، رغم أنهم جاءوا للجزيرة قبل آلاف السنين.

غير أن أمورًا كثيرة تغيرت، فمع تولي أجيال جديدةٍ السلطة في “تايوان” إثر ترسيخ الديمقراطية في البلاد وصعود “الصين” وفقدان النخبة التي أسست البلاد الأمل في استعادة حكم “بكين”، تخلت “تايوان” عن اعتبار نفسها ممثلة رسمية لـ”الصين” برمتها.

وتقدم جيل جديد من الساسة يعتبر أن “تايوان” دولة مستقلة عن “الصين” قائمة بذاتها، وأغلب هؤلاء ينتمون إلى قومية “هوكلو”، أكبر مجموعة عرقية؛ (70% من إجمالي السكان)، الذين هاجر أسلافهم من منطقة “فوغيان الجنوبية” الصينية الساحلية عبر “مضيق تايوان” بدءًا من القرن السابع عشر، ويُشجع الغرب هذه التوجهات أو لا يُعارضها علنًا على الأقل.

وبات سكان “تايوان” يدعمون بشكل متزايد، فصل العلاقات الثقافية مع البر الرئيس لـ”الصين”، حيث كشفت الدراسات الاستقصائية التي أجريت في عام 2019، أن معظم سكان الجزيرة يعتبرون أنفسهم تايوانيين وليسوا صينيين؛ (كما تدعي الآلة الدعائية الأميركية)، علمًا بأنه ما زالت هناك اختلافات كبيرة بين أطياف الشعب التايواني بشأن مسألة الانتماء لـ”الصين”، حسب العرقية والعمر وتاريخ الهجرة والانتماء الحزبي، حيث إن هؤلاء الذين تنحدر جذورهم من نخبة “بكين” التي هاجرت في أربعينيات القرن العشرين والأجيال الأقدم من السكان أميل لعدم التخلي عن سياسة “الصين الواحدة”.

وحاليًا تحتفظ “تايوان” بعلاقات دبلوماسية رسمية مع نحو: 13 من أصل: 193 دولة عضو في “الأمم المتحدة”، أغلبها دول صغيرة جدًا وحليفة للغرب، وتتلقى مساعدات من “تايبيه”.

أما “الولايات المتحدة” فهي لم تعترف يومًا بأن هناك أكثر من صين، ما يعني اعترافًا بمبدأ: “الصين الواحدة”، ولكنها غيرت موقفها بشأن من يُمثل هذه “الصين”؛ “تايبيه” أو “بكين”.

من الناحية النظرية، تعترف “الولايات المتحدة” حاليًا بـ”جمهورية الصين الشعبية”، باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة لـ”الصين”، وقبل ذلك كانت تعترف بأن حكومة “تايوان” هي بمثابة حكومة “الصين” الشرعية الوحيدة.

وبدأت عملية إقامة العلاقات الدبلوماسية مع “الولايات المتحدة”، في شباط/فبراير 1972، عندما زار الرئيس “نيكسون”؛ “الصين”. أنتجت تلك الزيارة “بيان شنغهاي”، الذي كان اعترافًا من “الصين” و”الولايات المتحدة” بأن البلدين يواجهان عقبات في إقامة العلاقات الدبلوماسية، ولكنهما سيعملان أيضًا على: “تطبيع” العلاقات بينهما.

تم ذكر سياسة “صين واحدة”؛ من قبل “الولايات المتحدة”، بشكل صريح لأول مرة في “بيان شنغهاي”؛ بين “بكين” و”واشنطن”؛ الذي صدر عام 1972، وجاء فيه: “تُقر الولايات المتحدة بأن الصينيين على جانبي مضيق تايوان يُصرون على أنه لا يوجد سوى صين واحدة، وأن تايوان جزء من الصين، وأن الولايات المتحدة لا تتحدى هذا الموقف”.

وكان موقف “بكين” رفضها لإقامة “الولايات المتحدة” لعلاقة مع “جمهورية الصين الشعبية” و”تايوان”، لأن ذلك يعني أن “الولايات المتحدة” تعتقد أن هناك “صينين”، وليس صينًا واحدة فقط.

علاوة على ذلك، طالبت “الصين”؛ “الولايات المتحدة”، بسحب قواتها المتمركزة في “تايوان”، لكن رفضت “جمهورية الصين الشعبية” في المقابل، تقديم وعد بأنها لن تستخدم القوة: “لإعادة توحيد” جزيرة “تايوان” مع البر الرئيس لـ”الصين”، وهو ما طلبت “الولايات المتحدة” من “جمهورية الصين الشعبية” أن تتعهد به.

“التسويف” الأميركي في الاعتراف بسيادة الصين..

هنا تظهر نقطة مهمة بشأن وضع “تايوان” وعلاقة “الولايات المتحدة”.

فخلال المباحثات الرامية لإقامة علاقات بين “بكين” و”واشنطن”؛ قالت حكومة “جمهورية الصين الشعبية” إن “قضية تايوان”: مشكلة “داخلية”. إنها تعني فقط الصينيين في “تايوان” والصينيين في البر الرئيس، ولا ينبغي لـ”الولايات المتحدة” أن تتدخل. بينما قالت “الولايات المتحدة”؛ في “بيان شنغهاي”، إنها لم تطعن في الإدعاء بوجود “صين واحدة”، ولكنها ستُصر على: “تسوية سلمية لمسألة تايوان”.

وفي عام 1979، أقامت “الولايات المتحدة” علاقة رسمية مع “الصين”، وبالتالي اعتبرت أن “الصين الشعبية”؛ هي الممثل الوحيد لـ”الصين” بما في ذلك “تايوان”.

موقف “الولايات المتحدة” من سياسة “الصين واحدة”، كما هو موضح في تقرير سياسة “الصين/تايوان”: تطور “الصين الواحدة” لخدمة أبحاث “الكونغرس”؛ (التاريخ: 09 تموز/يوليو 2007)، يعترف بسياسة “الصين الواحدة”، ولكن لم تعترف السياسة الأميركية بسيادة “جمهورية الصين الشعبية”؛ التي يحكمها “الحزب الشيوعي” على “تايوان”، ولا بـ”تايوان” كدولة ذات سيادة، واعتبرت السياسة الأميركية أن وضع “تايوان” غير مستقر؛ بحسب ذلك الموقف التسويفي لـ”واشنطن”.

دعوات في الغرب إلى التخلي عن سياسة “الصين الواحدة”..

ولكن يبدو أن هناك توجهات في الغرب تسعى إلى الترويج لفكرة التخلي عن سياسة “الصين الواحدة”، وكاتب مقال صحيفة (التايمز) البريطانية ينتمي لهذا التيار.

يقول “إيان ويليامز”: “من نواحٍ عديدة تُعد الصين وتايوان في حالة حرب فعلية، وهي حرب رمادية تشمل التخويف العسكري والهجمات السيبرانية والمعلومات المُضللة، وكلها مصممة من أجل هزيمة الجزيرة. تتعرض الشركة الرئيسة لصناعة الرقائق في تايوان، (Taiwan Semiconductor Manufacturing)، لهجوم مستمر نظرًا إلى أن الحزب الشيوعي الصيني يُحاول سرقة أسرارها، فالصين تتخلف عن تايوان في صناعة الرقائق بحوالي عقدين”؛ بحسب مزاعم الكاتب.

وتأسست العلاقات حول المضيق بناءً على سياسة “الصين الواحدة”، المستمرة منذ عقود، التي يفترض أن ينضوي تحت لوائها جميع أجزاء “الصين”.

ويُضيف الكاتب البريطاني في إدعائه: إنها أبعد ما تكون عن اعتبارها سياسة، وهي أقرب إلى اتفاقية على عدم الاتفاق. ففي صميمها تكمن فكرة مفادها أن هناك نسخة واحدة من “الصين”، وتُعد “تايوان” جزءًا منها، برغم عدم وجود أي اتفاقية حول ما يعنيه هذا من الناحية العملية. شددت نسخة لاحقة من هذه السياسة على أن أي توحيد يجب أن يتم بطريقة سلمية وبالاتفاق، وهو ما تتجاهله “الصين” على نحو متزايد. تلتزم “الولايات المتحدة”؛ بموجب القانون، بإمداد الجيش التايواني بالأسلحة، لكنها كانت غامضة حول ما إذا كانت ستُرسل قوات للدفاع عن الجزيرة أم لا، وذلك في حالة وقوع غزو، وهي سياسة تُعرف: بـ”الغموض الإستراتيجي”.

وفد من البرلمان البريطاني يعتزم تنفيذ زيارة مُثيرة للجدل أخرى لتايوان !

وقد تعقب زيارة؛ “نانسي بيلوسي”، رئيس “مجلس النواب” الأميركي، المُثيرة للجدل لـ”تايوان”، مزيد من الزيارات المماثلة التي ستُفاقم الأزمة بين “تايوان” و”الصين”.

إذ يُتوقع أن يقود “توم توغندهات”، عضو “مجلس العموم” البريطاني، هذا العام، مجموعةً من أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، في زيارة مؤجلة إلى “تايوان”، وفي خطوة سوف يُنظر إليها على أنها إظهار للتضامن، بل قد تعتبرها “الصين” نموذجًا للتوجهات الغربية الداعية إلى التخلي عن سياسة: “الصين الواحدة”. وستؤجج مزيدًا من نوبات الغضب الصينية.

ويقول الكاتب: “مثل سياسة الصين الواحدة البائدة ولّت أيام الغموض الإستراتيجي، والشؤون الخارجية تُعاد صياغتها على نحو متزايد على أنها أنظمة ديمقراطية في مواجهة أنظمة استبدادية، وتقف تايوان عند الجبهة. ولذا يحتاج الغرب أن يكون أكثر وضوحًا في دعمه للجزيرة”.

ويتجاهل كاتب المقال أن ذروة التأييد الغربي لـ”تايوان”؛ في الخمسينيات والستينيات، كانت في وقت يحكم الجزيرة نظام استبدادي قاسٍ، كما يصف حكم “الحزب الشيوعي” في “الصين” الآن؛ إدعاءًا.

لماذا يولي الغرب كل هذا الاهتمام بـ”تايوان” ؟

تُعد “تايوان” محورية في اقتصاد التكنولوجيا الفائقة العالمي، إنها تُهيمن على إنتاج الرقائق التي تُعد ضرورية للغاية من أجل ممارساتنا الرقمية، والتي تحتل موقع القلب من كل شيء نستخدمه: بدايةً من السيارات ومرورًا بالحواسيب المحمولة والهواتف الذكية، ووصولاً إلى أنظمة الطيران والتسليح. ويعد تربع “تايوان” على قمة هذا الإنتاج تربعًا شبه مطلق؛ إذ إنها تُنتج: 90% من الرقائق الأكثر تطورًا، أي الأسرع، والأصغر، والأهم من أجل تقنيات المستقبل.

لكن أشباه الموصلات ليست السبب الوحيد الذي تكتسي “تايوان” أهمية من أجله. من الناحية الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية؛ ليس هناك أي صراع محتمل آخر على الكوكب تتزايد احتمالاته للغاية مثل هذا الصراع.

تُشبه “تايوان”؛ بالنسبة للغرب و”الولايات المتحدة” تحديدًا، حالة “برلين الغربية”، خلال “الحرب الباردة”. فمثلما هو الحال مع “تايوان” في العصر الحالي، كان الوجود المباشر لـ”برلين الغربية” مصدر تهديد للديكتاتور المجاور (في إشارة لألمانيا الشرقية التابعة للاتحاد السوفياتي؛ بحسب توصيفات واشنطن المضللة)، فقد كانت رمزًا لشيء أكبر بكثير، يتمثل في مجموعة من المباديء والأفكار والقيم التي تواجه تهديدًا وجوديًا، حسب تعبير التقرير الدعائي.

أما “تايوان”، فهي بلد ذو نظام ديمقراطي مزدهر يضم: 24 مليون نسمة. ويزعم الغرب أنها تُهدد “الحزب الشيوعي الصيني” لأنها تُجسد نموذجًا بديلاً لما يمكن أن تصير عليه “الصين”.

يزعم الصحافي “إيان ويليامز”؛ في مقالة بصحيفة (التايمز): “لم تكن الفجوة السياسية بين طرفي مضيق تايوان أكبر في أي وقت مضى مما هي عليه الآن: صنع شي جين بينغ؛ الرئيس الصيني وزعيم الحزب الشيوعي الصيني، دولة رقابة قمعية، بُنيت حول طائفة شي، في حين أن تايوان صارت واحدة من المجتمعات الأكثر ليبرالية وانفتاحًا حول العالم”.

تحتفي “تايبيه” بالتعددية، بينما يرى “شي” أن التعددية تهديدٌ يجب سحقه. تتبنى “تايوان” القومية المدنية، التي يدعمها الفخر بما حققته، بينما صار “الحزب الشيوعي الصيني”؛ تحت قيادة “شي”، حزبًا للقومية العرقية العدوانية والساخطة التي تحمل أصداء “ألمانيا”؛ في ثلاثينيات القرن الماضي، حسب إدعاءات المقال المضللة.

ويزعم المقال بأن القليل من التايوانيين يُريدون أن تكون لهم صلة سياسية بـ”الصين”. فقد تبنوا هوية منفصلة ومميزة، والدعم من أجل الوحدة مع “الصين” طفيف ومتراجع، لقد شاهد التايوانيون فظائع “شي”؛ في “سنغان” ضد مسلمي “الإيغور”، كما يتهمه الغرب: بـ”سحق الديمقراطية” في “هونغ كونغ”. تنزلق “تايوان” من قبضة “الصين”، وهي عملية ساعد فيها العداء الذي تٌكنّه “بكين” لها.

نظرًا إلى أن النظام في “تايوان” نظام ديمقراطي يمكن أن تُطلب موافقة الشعب التايواني على أي ترتيب سياسي مع “الصين”، وهو شيء يبدو مفقودًا لدى الرئيس الصيني، حسب مزاعم الكاتب.

إذ يدعي إنه: “كما حدث مع هونغ كونغ، يعتنق الرئيس الصيني وجهة النظر التي تقول إن مستقبل الجزيرة لا علاقة له بالشعب الذي يعيش فيها. فإذا كانت الصين سوف تغزو تايوان فسوف يؤسس هذا ما هو أكثر من انتزاع إقليمي، وسوف يكون تحديًا مباشرًا أمام الديمقراطية الليبرالية ومن يتشاركون في هذه القيم. وفي هذا الصدد يُعد النظام الديمقراطي للجزيرة (وبراعتها على صعيد صناعة الرقائق) درعًا مهمًا”.

بحسب ما تقوله “الصين”؛ تُعد “تايوان” عملاً غير مُنجز من الحرب الأهلية الصينية التي انتهت عام 1949 باستيلاء الشيوعيين على السلطة في البر الرئيس لـ”الصين”، وفرار وطنيي “تشانغ كاي شيك” إلى “تايوان”؛ (أعضاء حزب الكومنتتانغ الذي كان يحكم الصين قبل هزيمته من الشيوعيين).

ويزعم كاتب التقرير أن هذا خطأ تمامًا؛ لأن تاريخ “تايوان” لم يبدأ في 1949. بل إن تاريخها طويل وزاخر ومميز.

فلقد استقر أجداد السكان التايوانيين الأصليين في هذه الجزيرة قبل ستة آلاف سنة. وانضم إليهم صينيون من البر الرئيس وأوروبيون، ومن بينهم إسبان وهولنديون، بين القرنين الثالث عشر والسابع عشر. هُزم الهولنديون على يد جنرال صيني في عام 1662. وبعد 22 عامًا، جرى ضم الجزيرة إلى سلالة “تشينغ” الحاكمة، التي تنازلت عنها لـ”اليابان”؛ في عام 1895. وفي ستينيات القرن الماضي دخلت في مرحلة نمو اقتصادي سريع عُرف باسم معجزة “تايوان”؛ بحسب ما يسوقه المقال من معلومات تاريخية زائفة.

يتناسى كاتب التقرير أن ضم “الصين”؛ لـ”تايوان”، يعود إلى فترة تسبق استقلال “الولايات المتحدة” بقرون، وأن الجزيرة كانت جزءًا من “الصين” قبل أن تكون معظم الولايات الأميركية جزءًا من “الولايات المتحدة”، بل كان بعضها أجزاء من “المكسيك” أو مستعمرات فرنسية أو تسكنها قبائل مستقلة من الهنود الحمر، قبل أن يبيدهم المستوطنون الأميركيون البيض أو يرحلوهم من ديارهم في أفضل الأحوال.

أهمية الجزيرة اللإستراتيجية للصين واليابان والغرب..

صاغت “اليابان”؛ خلال احتلالها الجزيرة بين: 1895 و1945، عبارة لوصف الأهمية الإستراتيجية للجزيرة، تقول إنها: “حاملة طائرات غير قابلة للغرق”. وقد وُصفت بأنها: “سدادة القنينة” بالنسبة لـ”بحر الصين الجنوبي”، فهي التي تُسيطر على الدخول بين “جنوب شرق آسيا” و”شمال شرقها”. تُدرك “اليابان” تمام الإدراك بأن استمرار فتح مسارات الشحن هذه يُعد ضروريًا لبقائها الوطني، وربطت أمنها الوطني ربطًا متزايدًا بالأمن الوطني لـ”تايوان”.

ينتاب “طوكيو” قلق عميق من احتمالية سقوط “تايوان” في قبضة “بكين”. استنتج مسؤولو “اليابان” أن الطموحات الإمبريالية لـ”الصين” في “شمال آسيا” لا يُرجح أن تتوقف عند “تايوان”؛ كما يزعمون.

وتعلم “الولايات المتحدة” أن “الصين”؛ إذا استولت على “تايوان” فسوف تتغير توازنات القوى في “آسيا” وما بعدها، تغيرًا لا رجعة فيه. من جانبه، يظهر “شي” محاصرًا على نحو متزايد. فقد جعل “استعادة” تايوان جزءًا رئيسًا من: “الحلم الصيني” للتجديد الوطني.

ويزعم التقرير أن الفشل في تحقيق هذا الهدف سيؤدي بصورة شبه أكيدة إلى سقوطه وإلى السقوط المحتمل لـ”الحزب الشيوعي الصيني”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة