خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
من المستبعد أن تُمثل “باكو” و”أنقرة”، في ضوء المناورات العسكرية الثنائية أو متعددة الأطراف؛ تهديدًا بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية”، لأن “إيران” واحدة من القوى الإقليمية بلا منازع.
و”تركيا” تعلم جيدًا، وكذلك “آذربيجان”؛ أن “إيران” لا تجامل أي دولة على حساب أمنها القومي. وتتمتع كلا الدولتين بعلاقات جيدة وإيجابية مع “إيران”؛ في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية والثقافية وغيرها، ولطالما حظيت بالدعم الإيراني. بحسب “محسن پاكـ آيين”، السفير الإيراني السابق في “آذربيجان”، في مقاله بصحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية.
“اتفاق موسكو” لم يحل مشكلة “قره باغ”..
لكن القول بأن أمن المنطقة يُشكل تهديدًا بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية”؛ هو تحليل مغلوط، إذ يُجدر البحث عن أمن المنطقة، لاسيما بعد حرب “قره باغ”، من العام الماضي، في مكان آخر؛ لأن معدل هذه المناورات التركية المشتركة مع “آذربيجان”، بمشاركة دول إقليمية أو فوق إقليمية، نابع بالأساس من عدم إكتمال “اتفاق موسكو”.
على كل حال، بعد الحرب وقعت “آذربيجان” اتفاق سلام مع “أرمينيا”، في “موسكو”، ينص على انسحاب “أرمينيا” عن 07 من مدن “آذربيجان” المحتلة، لكن المشكلة الأهم، والتي ماتزال تستعصي على الحل؛ تتعلق بمناقشات تحديد موقف “قره باغ” ذاتها، وهل ترتبط السيادة على هذه المنطقة بدولة “آذربيجان” ؟.. وهل يجب استحداث نظام إداري جديد للمنطقة ؟.. إذ ما تزال هذه المشكلة يلفها الغموض.
من ثم فقد تسبب “اتفاق موسكو” في بقاء جذور الخلافات بين “أرمينيا” و”آذربيجان” على قوتها. وعليه طالما يحيط الغموض بـ”اتفاق موسكو” ولم يتوصل أطراف المشكلة إلى اتفاق آخر بخصوص شكل ونوع الإدارة في “قره باغ”، فسوف تعيش المنطقة بالقطع نفس الأجواء العسكرية والأمنية.
غياب إيران عن المناورات “التركية-الأذربيجانية”..
ويجب على “أذربيجان” و”تركيا” دعوة، “إيران”، إلى المناورات العسكرية باعتبارها جار مهم ورئيس وقوة إقليمية بلا منازع. والواقع يُجدر بـ”أنقرة” و”باكو” توجيه الدعوة إلى “إيران”.
لكن في الوقت نفسه، فإن غياب “إيران”، عن هذه المناورات، لا يعني أن نستشعر الخطر في ظل إجراء مناورات عسكرية متوالية بين “أذربيجان” و”تركيا”، إذ أن عدم دعوة “إيران” للمشاركة في المناورات قضية، والهدف من هذه المناورات قضية أخرى.
الحضور الإسرائيلي..
والحقيقة أن علاقات “أذربيجان” و”إسرائيل” لا تنحصر في حرب “قره باغ” فقط، وإنما العلاقات بينهما قديمة جدًا. ويسعى الصهاينة، عبر هذه العلاقات، للاستفادة من تطورات حرب “قره باغ” واحتدام الصراع بين “أذربيجان” و”أرمينيا”.
بعبارة أخرى؛ تسعى “تل أبيب” باستمرار إلى توتير العلاقات بين “إيران” و”أذربيجان”. ومع هذا فإن مواقف “باكو” لا تُشكل تهديدًا بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية”. ورغم السياسات الصهيونية التخريبية، فلا أتصور أن تُشكل “جمهورية أذربيجان” تهديد لـ”الجمهورية الإيرانية”.
وأن الأجواء الحالية تنبع، في الغالب، من احتدام الخلافات بين “أذربيجان” و”أرمينيا”، بشأن قضية “قره باغ”. وبالنظر إلى العلاقات الأخوية بين “أذربيجان” و”إيران”؛ ومستوى العلاقات الجيدة بين البلدين، لا يُجدر بـ”إيران” القيام بأنشطة انتقامية على طريق (نخجوان- بيله) في “مغان”، لا بسبب إنعدام القدرة، ولكن لا توجد في “إيران” رغبة لذلك. لأن حرب الشاحنات وحرب الترانزيت لا تخدم أحد، وتضر بـ”إيران” و”أذربيجان” والدول المحيطة من المنظور الاقتصادي والتجاري.
وكما تسمح “إيران” بسهولة نقل البضائع والشاحنات الآذرية على طريق (نخجوان)؛ يتعين على “باكو” احترام سير الإيرانيين على طريق (جوروس-قابان).
في الوقت نفسه، وللفصل النهائي في هذا التحدي؛ يتعين على جميع الدول بذل المساعي الدبلوماسية المستمرة لإزالة الغموض على “اتفاق موسكو”، وبخاصة البند التاسع، بخلاف تحديد طبيعة موقف السيادة على “قره باغ” في أسرع وقت.
لأن جذور كل هذه المشكلات والخلافات مرتبط بتحديد موقف “قره باغ”. وفي حال لم تُجرى الإصلاحات اللازمة على “اتفاق موسكو” فسوف نشهد المزيد من الاختلافات، والتي تُشبه النار تحت الرماد التي قد تتسبب في اندلاع حرب جديدة بين “أذربيجان” و”أرمينيا”، لأن الخلافات بين “تركيا” و”أرمينيا” أكبر وأشد من الخلافات بين “أذربيجان” و”أرمينيا”.
وعليه؛ فإن المناورات العسكرية التركية مع “أذربيجان”؛ تهدف في الغالب إلى فرض المزيد من الضغوط الاقتصادية والتجارية على “أرمينيا”.