22 ديسمبر، 2024 9:31 م

بعد المفاجأة المصرية في حرب تشرين .. هل ستدفع “إسرائيل” الثمن مرة أخرى أمام إيران ؟

بعد المفاجأة المصرية في حرب تشرين .. هل ستدفع “إسرائيل” الثمن مرة أخرى أمام إيران ؟

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

مازالت حرب تشرين أول/أكتوبر عام 1973؛ تلقي بظلالها المؤلمة على المجتمع الإسرائيلي جراء سقوط آلاف الجنود الإسرائيليين بسبب الخديعة الاستخباراتية المصرية والإعتقاد الإسرائيلي بأن “مصر” والعرب غير جاهزين لتلك الحرب.

وفي ذكرى تلك الحرب نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية مقالًا تحليليًا للكاتب الإسرائيلي، “إيال زيسر”، حذر فيه من تشبث القيادتين السياسية والأمنية في “إسرائيل” بإعتقادات وقناعات خاطئة، مفادها أن “إيران” لن تٌقدم على الحرب لأنها تريد استكمال برنامجها النووي وعدم الدخول في صدام مباشر مع “الولايات المتحدة الأميركية”.

مفاجأة مصرية..

يقول “زيسر”: يذكرنا يوم “عيد الغفران” هذا الشهر، بالذكرى المؤلمة لحرب تشرين أول/أكتوبر عام 1973، تلك الحرب الرهيبة التي اسفرت عن مقتل آلاف الجنود الإسرائيليين. فلقد بدأت الحرب بمفاجأة مصرية مدوية، نتيجة فشل استخباراتي إسرائيلي كان سببه الرئيس هو تشبث أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بمفهوم خاطيء، خلال تلك السنوات.

ولذا فإن الدرس الذي يجب استخلاصه من تلك الحرب لا يتعلق فقط بضرورة أن يكون الجيش الإسرائيلي في تمام اليقظة والاستعداد لمواجهة العدو، بل يتعلق في المقام الأول بأهمية الدراسة النقدية المتعمقة للأوضاع ولتحليلها الإستراتيجي والمفاهيم الراسخة في أذهان القيادتين الأمنية والسياسية – لا بخصوص “مصر”، وإنما بخصوص “إيران”.

إيران تفاجيء الجميع..

بحسب المحلل الإسرائيلي؛ قبل ثلاثة أسابيع شنت “إيران” هجومًا غير متوقع استهدف منشآت نفطية في “المملكة العربية السعودية”. وبضربة خاطفة، تمكنت “إيران” من خفض حجم إنتاج “النفط السعودي” إلى النصف. وتسبب الهجوم في إحداث ضجة في الأسواق العالمية، مما سبب ارتفاعًا مفاجئًا في أسعار الذهب الأسود حتى داخل “الولايات المتحدة”.

لكن الخطورة الحقيقية في ذلك الهجوم الإيراني الخاطف تكمن بالتحديد في كونه يمثل مفاجأة كاملة – سياسية وعسكرية – لم يتوقعها أو يتخيلها أحد؛ لا السعوديون الذين كانوا هدفًا للهجوم، ولا “الولايات المتحدة الأميركية”، ولا حتى حلفائها.

لقد كانت “إيران”، طيلة أكثر من عشر سنوات، تحت الرقابة التامة للعالم بأسره. ومن المعلوم للجميع أنها دولة عدوانية تستخدم الإرهاب كوسيلة لتحقيق مصالحها في أنحاء الشرق الأوسط، بدءًا من “اليمن”، ومرورًا بـ”سوريا” و”لبنان” وإنتهاء بـ”قطاع غزة”، ثم مؤخرًا في “العراق” و”منطقة الخليج العربي”.

ورغم ذلك؛ كان الهجوم الإيراني على منشآت “النفط” السعودية بمثابة مفاجأة مدوية. إذ لم يكن هناك أحد مستعدًا لمنع حدوثه أو لشن عملية للرد عليه.

الإنطباع السائد عن إيران..

لقد كان الإعتقاد السائد لدى العالم؛ هو أن “إيران” لن تجرؤ على التصرف بمثل هذه الطريقة السافرة، لعدة أسباب :

أولاً؛ بما أن “إيران” تحاول استكمال مشروعها النووي بحذر وهدوء، وتسعى للتخلص من العقوبات المؤلمة التي تفرضها “الولايات المتحدة”؛ لذا فليس من مصلحتها أن تنجر إلى مواجهة مباشرة ومؤلمة مع “الولايات المتحدة”.

ثانيًا؛ لقد كانت العمليات الإيرانية السابقة تُنفذ دائمًا بمساعدة التنظيمات والميليشيات الموالية لها، ولم تتم على الإطلاق بشكل مباشر أو بأيد إيرانية تدين “طهران”. وهذا ما يحدث بالفعل في “قطاع غزة” و”لبنان”، وهذا ما يحدث في “سوريا” وكذلك في “اليمن”.

ثالثًا؛ عادةً ما كانت العمليات الإيرانية ذات طابع تكتيكي إرهابي محدود، ولم تكن يومًا ذات طابع لعملية عسكرية شاملة، وكأنها إعلان للحرب، بما قد يورط “إيران” في مواجهة عسكرية شاملة.

في ضوء ذلك؛ ترسخ الإعتقاد بأن “إيران” لن تجرؤ على توجيه الضربة الأولى بشكل مباشر وسافر إلى هذا الحد، خاصة أنها لم تمتلك بعد السلاح النووي. وبدلاً من ذلك، فإنها ستواصل التصرف بحذر من أجل تحقيق أهدافها. ومن الواضح أن هذا ما حدث في “سوريا”، عندما أدت السياسة الإسرائيلية الحازمة إلى انسحاب القوات الإيرانية أو على الأقل تقليص وجودها إلى حد كبير؛ بعدما أرادت “إيران” ترسيخ أقدامها في الجبهة الشمالية لـ”إسرائيل”.

تحول النهج الإيراني..

يرى “زيسر” أن النهج الإيراني قد تغير، فخلال الأشهر الأخيرة؛ بدأ ينهار الإعتقاد السائد حول تحركات “إيران” المستقبلية من دون أن يشعر بذلك أحد. في البداية، وقعت عمليات تخريبية استهدفت حاويات “النفط” في “الخليج العربي”، ثم جاء الترويج لشن هجمات ضد أهداف إسرائيلية باستخدام الطائرات المُسيرة، والآن في ظل الصمت الأميركي، كشفت “إيران” عن وجهها الحقيقي وشنت هجومًا واسع النطاق، مع استعدادها للمخاطرة بمواجهة شاملة ومباشرة.

تحول خطير..

ربما يكون ما إقترفه “نظام الملالي” يمثل مغامرة خطيرة وكارثية لـ”إيران”، وربما يكون ذلك بسبب المحنة الإستراتيجية التي يعانى منها الإيرانيون جراء “العقوبات الأميركية”. لكن في كلتا الحالتين، فإن الهجوم الإيراني الأخير يُعد تحولًا خطيرًا في موقف النظام الإيراني.

صحيح أن الهجمات الإيرانية الأخيرة كانت بعيدة كل البُعد عن حدود “إسرائيل”. ومن المفترض أن الإيرانيين يعلمون جيدًا أن “إسرائيل” – على عكس “المملكة العربية السعودية” أو حتى “واشنطن” – حينما ستتعرض للهجوم؛ فلن تقبل التعامل وفق مبدأ (من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر).

ومع ذلك لا بد للقادة الإسرائيليين أن يعوا الدرس جيدًا. فالتهديد الإيراني لا يكمن فقط في التقدم نحو امتلاك أسلحة نووية؛ بل يكمن كذلك في شن عملياتها العسكرية العدوانية، التي لن تكون بواسطة الميليشيات أو التنظيمات الموالية لها؛ وإنما ستكون بواسطة “إيران” مباشرةً.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة