خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
يرى البعض أن منعطف السياسة السودانية الحالي ينبيء بالكثير من المخاطر الداخلية والإقليمية. فمنذ اللقاء السري الذي أجراه رئيس مجلس السيادة السوداني، “عبدالفتاح البرهان”، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، في “أوغندا”، لم يتوقف الجدل السياسي الداخلي ولم ينتهي الهجوم الذي يتعرض له، “البرهان”؛ بحسب تقرير نشره موقع (وللا) العبري.
على وشك أزمة سياسية ؟
ألمح التقرير إلى أن سرية اللقاء تُنذر بحلول أزمة سياسية وشيكة في “السودان”؛ نظرًا لإعتراض الكثير من السياسيين والأحزاب السودانية على التطبيع مع “إسرائيل”.
أشار الموقع العبري إلى أن رئيس الوزراء السوداني، “عبدالله حمدوك”، كان قد انتقد بشدة، رئيس مجلس السيادة، “البرهان”، لمقابلته رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ معتبرًا أن كل القرارات المتعلقة بسياسة “السودان” الخارجية ينبغي أن تُصدر عن الحكومه التي لم يكن لديها علم بذلك اللقاء.
ومن جانبه؛ زعم “البرهان” أنه أبلغ حكومة “حمدوك” باللقاء، وبأن “الولايات المتحدة” هي التي نسقت لإنعقاده.
رفع دعوة جنائية ضد “البرهان”..
كان محامون سودانيون، قاموا يوم الأربعاء الماضي، برفع دعوة جنائية في مواجهة “عبدالفتاح البرهان”، رئيس مجلس السيادة، واتهموه بمخالفة نصوص قانون مقاطعة “إسرائيل”، لسنة 1958، بالإضافة إلى مواد أخرى بالقانون الجنائي، وذلك عقب لقائه الأخير مع “نتانياهو”.
وطالب المحامون، من النيابة السودانية، تقييد الدعوى وتوجيه التحري لإتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع الحصانة عن “البرهان”.
غضب شعبي وحزبي..
أوضح التقرير أن أعضاء في الحكومة السودانية وقادة أحزاب وشخصيات عامة أعربوا عن غضبهم لإجراء اللقاء السري؛ وأن ما يزيد من غضب السودانيين أن “نتانياهو” هو من أعلن عن إجراء اللقاء.
يُذكر أن “الحزب الشيوعي السوداني” يرفض بشدة محاولات التطبيع مع “إسرائيل”، حيث أصدر بيانًا شديد اللهجة؛ جاء فيه: “إن ما جرى من لقاء بين رئيس مجلس السيادة، البرهان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، نتانياهو، يُعد طعنة لنضال الشعب السوداني ضد الإمبريالية؛ وطعنة للموقف السوداني الداعم للشعب الفلسطيني”.
فيما قدم مدير السياسة الخارجية للمجلس السيادي، “رشاد فراج الطيب السراج”، استقالته احتجاجًا على اللقاء. وقال في رسالة الاستقالة: “بعد سنوات حافلة بالعطاء، أجد اليوم عسيرًا ومستحيلًا على نفسي الاستمرار في موقعي، إذ يتعين عليَ أن أخدم في حكومة يسعى رأسها للتطبيع والتعاون مع الكيان الصهيوني، الذي يحتل القدس الشريف ويقتل أهلنا في فلسطين ويعربد في أوطاننا العربية دون رادع”.
على خُطى “السادات” !
من جانبها شنت صحيفة (رأي اليوم) اللندنية، هجومًا شديدًا على، “البرهان”، معتبرة أنه يسير على نهج الرئيس المصري الراحل، “أنور السادات”. وزعمت الصحيفة اللندنية أن تبريرات “البرهان”، لعقد اللقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، “نتانياهو”، “تذكِّرنا بتبريرات الرئيس، السادات، عندما زار القدس المحتلّة، وألقى خِطابًا في برلمانها، ووقّع اتّفاقات (كامب ديفيد)، ولم تَستفِد مِصر بل خسرت دورها العربيّ والإسلاميّ، وغرقت في الدّيون”.
أضافت (رأي اليوم) أن جميع الدول التي طبّعت عُلاقاتها مع دولة الاحتِلال، لم تتحسّن أحوالها بل إزدادت سُوءًا. كما أن مُشكلة “السودان” لم تَكُن مُطلقًا محصورةً في عدم التّطبيع مع دولة الاحتلال؛ وإنّما في فساد حُكم العسكر وسُوء إدارته للبِلاد على مدى عُقود، ولا نرى في الأُفُق السوداني أيّ تغيير لهذه العقليّة الديكتاتوريّة التي تنفرد بالحُكم وإتّخاذ القرارات الإستراتيجيّة المصيريّة، المُتناقِضة مع موقف الغالبيّة السّاحقة من الشّعب السّوداني، والقفز على مبادِيء وقِيَم ثورته الأخيرة.
مطلوب توضيحات مقنعة !
أما المحلل السياسي، “محمد سعد عبداللطیف”، فقد أكد أن اجتماع رئيس وزراء إسرائيل، “نتانياهو”، ورئيس مجلس السيادة السوداني، “عبدالفتاح البرهان”، في “أوغندا”، یوم الإثنين الماضي، يمثل علامة فارقة في التاريخ السوداني قديمه وحديثه.
والآن ينتظر السودانيون التفسير الكامل وأسباب هذا اللقاء، كما على “البرهان” أن يعطي تبريرات واضحة ومقنعة لتيارات دينية متشددة تعارض بقوة فكرة التقارب مع “إسرائیل”.