خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تتسارع الأحداث يومًا بعد يوم في “السودان”، خاصة بعدما وصلت الثورة الجزائرية إلى هدفها الأول وهو إسقاط “نظام بوتفليقة”، وهو الأمر الذي شجع المحتجون السودانيون لاستكمال أهدافهم إنتهاجًا لمسلك الجزائريون فيما فعلوا، وفي خطوة جديدة دخلوا في اعتصام مفتوح ضم آلاف المحتجين أمام مقر قيادة الجيش، منذ السبت الماضي؛ ويستمر حتى الآن، للمطالبة بتنحي “عمر البشير”، وإسقاط النظام.
وذكرت “لجنة أطباء السودان المركزية”، المعارضة، أن قتيلين سقطا برصاص قوات الأمن، صباح أمس الثلاثاء، حيث حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش، ليرتفع بذلك عدد القتلى الذين سقطوا، منذ السبت الماضي، في الاحتجاجات إلى 10 أشخاص.
وقال شهود ونشطاء؛ إن جنودًا سودانيين تدخلوا لحماية آلاف المتظاهرين الداعين لإنهاء حكم الرئيس، “عمر البشير”، أمس الأول الاثنين، بعدما حاولت قوات الأمن فض الاعتصام.
ودخلت احتجاجات “السودان” شهرها الرابع، وبدأت منددة بالغلاء، وتطورت لاحقًا لتتحول إلى المطالبة بإسقاط النظام.
لن تسمح بالإنزلاق نحو الفوضى..
ووسط الاحتجاجات المتواصلة ضد “نظام البشير”، أكد الفريق أول ركن “عوض بن عوف”، وزير الدفاع السوداني والنائب الأول للرئيس، “عمر البشير”، أن القوات المسلحة هي “صمام أمان” السودان؛ و”لن تفرط في أمنه ووحدته وقيادته”.
وقال وزير الدفاع السوداني، أمس الأول، إن: “كل السودان بأبنائه ومقدراته أمانة في عنق القوات المسلحة، والتاريخ لن يغفر لقادتها إذا فرطوا في أمنه”. وأضاف أن: “هناك جهات تحاول استغلال الأوضاع الراهنة لإحداث شرخ في القوات المسلحة وإحداث الفتنة بين مكونات المنظومة الأمنية بالبلاد”. وتابع بالقول إنه: “لن يتم السماح بذلك مهما كلف من عنت وضيق وتضحيات”.
وأوضح وزير الدفاع السوداني أن القوات المسلحة “تقِّدر أسباب الاحتجاجات”، وقال إن القوات المسلحة “ليست ضد تطلعات وطموحات وأماني المواطنين، ولكنها لن تسمح بإنزلاق البلاد نحو الفوضى، ولن تتسامح مع أي مظهر من مظاهر الانفلات الأمني”، وفقًا لما نقلته “وزارة الدفاع”.
استمرار على نفس الموقف..
من جانبه؛ قال “عمر البشير”، في اجتماع المكتب القيادي لحزب “المؤتمر الوطني” الحاكم، إن: “حفظ الأمن والاستقرار أولوية، وإن الشعب السوداني يستحق الطمأنينة، وإنهم سيعبرون الأزمة أكثر قوة وتماسكًا”، داعيًا إلى “استخلاص العبر والدروس من هذا الإبتلاء”، بحسب وكالة الأنباء السودانية.
دعوات بالاستجابة لمطالب المحتجين..
فيما دعا “الصادق المهدي”، زعيم “حزب الأمة” المعارض في “السودان”، أمس، الرئيس “عمر البشير”، إلى الاستجابة لمطالب المحتجين، وتحقيق مطالب “قوى الحرية والتغيير”.
وقال “المهدي”: “إن الحل الأمثل هو الاستجابة لمطالب الشعب بتنحي النظام ورئيسه، وتحقيق المطالب التي نادت بها قوى الحرية والتغيير”، الذي تضم “تجمع المهنيين السودانيين” وحلفاءه من أحزاب المعارضة.
وسبق أن أصدرت “قوى الحرية والتغيير” إعلانًا تضمن عدة مطالب؛ أبرزها “التنحي الفوري لرئيس الجمهورية وحكومته دون قيد أو شرط”، وتكوين مجلس من المعارضة يتولى مهام الاتصال السياسي مع القوات النظامية والقوى الفاعلة محليًا ودوليًا من أجل إكمال عملية الانتقال السياسي وتسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية متوافق عليها شعبيًا. لكن الرئيس السوداني يؤكد أن صندوق الانتخابات هو الحاسم في هذا الأمر.
وأضاف “المهدي” أن النظام أمام ثلاثة خيارات، وهي: “إما الاستمرار في مواجهة خاسرة تسفك مزيدًا من الدماء بلا طائل، أو تسليم السلطة لقيادة عسكرية مختارة مؤهلة للتفاوض مع ممثلي الشعب لبناء النظام الجديد”.
أما الخيار الثالث فيشمل “قيام الرئيس نفسه بالتفاوض مع القوى الشعبية، لإقامة نظام جديد قومي وغير إقصائي”.
وناشد “المهدي”، المجتمع الدولي، الإضطلاع بدوره في حماية المدنيين في “السودان”.
دعوات للجيش السوداني للإنحياز للشعب..
وعلى صعيد آخر؛ دعا “تجمع المهنيين” وتحالفات المعارضة، أمس الثلاثاء، الجيش السوداني، للإنحياز إلى الإرادة الشعبية، والجلوس مع ممثلي المجلس الذي شكلته المعارضة.
والسبت، أعلن التجمع، وهو إئتلاف نقابي، عن تشكيل مجلس من قوى إعلان الحرية والتغيير والقوى الثورية الداعمة للاتصال السياسي مع القوات النظامية، (الجيش).
وتضم “قوى إعلان التغيير”؛ كل من “تجمع المهنيين السودانيين” وقوى سياسية، منها تحالفات “الإجماع الوطني” و”نداء السودان” وتحالف الاتحادي” المعارض، ومنظمات مدنية.
مطالبات أجنبية بتدخل السلطات السودانية لتلبية مطالب الشعب..
وعلى خلفية التدخل في شؤون الغير كما هو معتاد، طالبت “الولايات المتحدة” و”بريطانيا” و”النرويغ”، السلطات السودانية، بإتخاذ خطوات جدية في سبيل تلبية مطالب الشعب، على خلفية المظاهرات المتواصلة في البلاد.
وأشارت الدول الثلاث، في بيان مشترك أصدرته أمس الثلاثاء، إلى أن المظاهرات التي إنطلقت في كانون الأول/ديسمبر العام الماضي؛ شهدت زخمًا جديدًا منذ 6 نيسان/أبريل الجاري، مؤكدة على أن: “مطالب الشعب السوداني الشجاع الصامد للتغيير السياسي أصبحت أكثر قوة ووضوحًا”.
وتابع بيان الثلاثية، المنشور على حساب السفارة الأميركية في “الخرطوم” على (تويتر): “حان الوقت لأن تتجاوب السلطات السودانية مع هذه المطالب بطريقة جدية وذات مصداقية”، وذلك عن طريق وضع “خطة موثوق بها” لتطبيق انتقال سياسي إلى “نظام شامل يحظى بشرعية أكثر”.
وحثت الثلاثية، الحكومة السودانية، على الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ووقف استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين و”إزالة جميع العواقب أمام الحريات” ورفع حالة الطواريء في البلاد والسماح بإطلاق حوار سياسي يضم اللاعبين الرئيسيين بهدف تهيئة أرضية للانتقال سياسيًا واقتصاديًا إلى “سودان جديد”.
وشدد البيان على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية ومساواة الحقوق بين المواطنين سبيلًا لإنهاء “النزاعات والفساد” الذي تعاني منه البلاد.
وذكر البيان أن الدول الثلاث قد تساعد “في حينه” على حل بعض التحديات الاقتصادية طويلة المدى التي تواجهها الدولة السودانية، لكن ذلك فقط في حال إتخاذ حكومة “الخرطوم” الخطوات المذكورة لـ”إطلاق عملية سياسية”.
وأكد البيان على أن “السودان” يمر بمرحلة مفصلية، و”سيكون للقرارات التي تتخذها الحكومة ضمن إطار حوار شامل تأثير دراماتيكي على حياة 40 مليون سوداني واستقرار المنطقة برمتها”، مناشدًا السلطات والمعارضة في البلاد على حد سواء “تحمل المسؤولية”.
تحولات الجزائر رفعت سقف مطالب الشارع السوداني..
صحيفة (العرب) اللندنية؛ تساءلت على الغلاف: (هل يسلك الجيش السوداني سيناريو الجزائر في إقالة البشير ؟)؛ وقالت الصحيفة، إن التحولات في “الجزائر” رفعت من سقف مطالب الشارع الغاضب في “السودان”، وبات هذا الشارع يراهن على مؤسسة الجيش ويأمل منها أن ترافقه في تحقيق التغيير الذي يطالب به، هذا فيما يجد الرئيس “البشير” نفسه في مفترق طرق، فإن ترك السلطة ستكون “المحكمة الجنائية الدولية” في انتظاره.
دلالات التظاهر أمام وزارة الدفاع..
وترى صحيفة (الراكوبة) السودانية؛ أن اعتصام المتظاهرين أمام مقر قيادة أركان القوات المسلحة يحمل عدة دلالات، أولها رغبة الشعب في المحافظة على بنية القوات المسلحة لتكون صمام أمان الوطن، وذلك من خلال إعادتها لسيرتها الأولى، لتكون قوات الشعب السوداني لا قوات “حزب المؤتمر الوطني”. ويرى كاتب المقال، “فايز أبوالبشر”، أن الجيش السوداني هو أمام امتحان كبير، فإما أن يكون على قدر المسؤولية أو يفقد الشعب ثقته وأمله فيه تمامًا.
السودان تهزه مظاهرات عازمة على إسقاط “البشير”..
“هل نحن أمام ربيع عربي جديد ؟”.. تتساءل افتتاحية موقع (لودغيلي) الإخباري، ويقول إنه؛ وفي الوقت الذي كنا نعتقد فيه أن “الربيع العربي”، الذي بدأ قبل ثماني سنوات، قد إنتهى، يبدو أن رياح ربيع جديد تعصف بدول من شمال إفريقيا.
ويضيف الموقع الغيني، الذي يهتم بالقضايا الإفريقية، أن الغضب الشعبي الذي تسبب في سقوط الرئيس الجزائري، “عبدالعزيز بوتفليقة”، لن يكتفي بتنحي الأخير فقط، بل إن الغضب يمتد إلى بلدان أخرى كـ”السودان” و”ليبيا”.
ويضيف موقع (لودغيلي) بالقول؛ إن “السودان” تهزه مظاهرات عازمة على إسقاط “البشير”، والسبب التضييق على الحريات والأزمة الاقتصادية التي تخنق هذا البلد الشاسع. ويبقى من الصعب اليوم التكهن بمآل هذا الحراك، لكن يبدو أن الشعب السوداني لم يكن يومًا بهذه العزيمة والجرأة على الإطاحة بنظام “البشير”، الذي وصل إلى السلطة في العام تسعة وثمانين من القرن الماضي.