خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في مسعى لحل الأزمة بين الولايات المتحدة وتركيا، الناجمة عن تعليق متبادل لخدمات التأشيرات، وصل وفد أميركي إلى أنقرة، الإثنين 16 تشرين أول/أكتوبر 2017.
وصرح المتحدث باسم الرئاسة التركية، “بكر بوزداغ”، أن اللقاءات بين الوفد الأميركي والمسؤولين الأتراك في وزارات الخارجية والعدل والداخلية ستجرى بدءاً من اليوم التالي للزيارة، مضيفاً أنه “يجب إنهاء هذه الأزمة، لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر”، معتبراً أنه “من مصلحة البلدين ألا تطول هذه الأزمة”.
لافتاً “بوزداغ” إلى: أن “العلاقات التركية الأميركية مرت بتجارب صعبة، لكننا لم نواجه مشكلة مماثلة لأزمة التأشيرات”.
ويرأس الوفد، نائب الوزير المساعد للشؤون الأوروبية والآسيوية في الخارجية الأميركية.
العلاقات تتدهور منذ أشهر..
شهدت العلاقات بين الحليفين الأطلسيين، المتوترة منذ أشهر، تدهوراً إضافياً بعد توقيف موظف تركي في القنصلية الأميركية في اسطنبول، واتهامه بـ”التجسس” قبل أسبوعين.
ويتهم القضاء التركي الموظف الموقوف، “متين توبوز”، بالاتصال بشبكة الداعية التركي “فتح الله غولن” المقيم في المنفى في الولايات المتحدة، وتتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو 2016 الفاشلة.
إجراءات عقابية متبادلة..
رداً على توقيفه، أعلنت السفارة الأميركية، في 8 تشرين أول/أكتوبر 2017، عن تعليق خدمات التأشيرات لغير الهجرة في جميع بعثاتها التركية، فردت أنقرة بدورها بإجراءات مماثلة.
وأعلن النائب العام لإسطنبول في الأسبوع الفائت عن استدعاء موظف آخر في القنصلية الأميركية، وتم توقيف زوجته وابنته. وفيما لم يلب هذا الموظف الاستدعاء القضائي، حتى الساعة، تم، الإثنين، الإفراج عن عائلته لكن تحت الرقابة القضائية ما يمنع مغادرتهما تركيا.
وتضاف هذه المسألة إلى سلسلة الخلافات التي أدت إلى تدهور العلاقة بين البلدين.
مطالب بتسليم “غولن”..
طالبت أنقرة الولايات المتحدة مراراً بتسليمها “غولن”، لمحاكمته بتهمة التخطيط لمحاولة الانقلاب، الأمر الذي ينفيه بشكل قاطع.
وضاعف امتناع الأميركيين عن الاستجابة، التوتر بعد تسليح واشنطن المقاتلين الأكراد السوريين في “وحدات حماية الشعب”، التي تعتبرها أنقره منظمة “إرهابية”.
حرس “أردوغان”..
كما وجه القضاء الأميركي الاتهام إلى حراس الرئيس التركي، إثر مواجهات عنيفة بينهم وبين متظاهرين أكراد في واشنطن، في منتصف آيار/مايو الماضي أثناء زيارة رسمية لأردوغان، ما أثار غضبه.
والشهر الفائت، اقترح “أردوغان” على الولايات المتحدة تسليمه “غولن”، المقيم في “بنسلفانيا” مقابل الإفراج عن قس أميركي محتجز في تركيا منذ تشرين أول/أكتوبر 2016.
وبدأت “اللغة الناعمة” تسيطر على تصريحات المسؤولين الأتراك في التعاطي مع أزمة التأشيرات مع أميركا، وذلك بعد إطلاقهم تصريحات “نارية”، اعتبرها كثير من المراقبين المحليين والدوليين، “مغامرة غير محسوبة العواقب”.
تراجع كلي من رئيس وزراء تركيا..
حيث قال رئيس الوزراء التركي، “بن علي يلدريم”، الأربعاء الماضي، إن بلاده تتمنى عودة العلاقات مع أميركا إلى مجراها الطبيعي على وجه السرعة، مؤكدًا على أنهم لن يتركوا الهدوء والعقل السليم في التعامل مع هذه الأزمة مهما كان.
وجاءت هذه التصريحات الداعية إلى الهدوء، عقب تصريحات “يلدريم” شديدة اللهجة، التي قال فيها: “إن تركيا ليست دولة قبائل، ونحن نرد عليهم بالمثل دائمًا. ماذا يقولون ؟.. يقولون إننا اعتقلنا أحد العاملين في القنصلية الأميركية في إطار تحقيقات منظمة فتح الله غولن… ما الغرابة في هذا الأمر ؟.. تركيا دولة القانون، كون المتهم عاملاً في السفارة الأميركية لا يوفر له أي امتيازات، هل يجب علينا أن نستأذن سيادتهم لاعتقال المتهم يا ترى ؟!”، على حد قوله.
وزير الاقتصاد: لا نريد استمرار الأزمة ثانية واحدة..
فيما أفاد وزير الاقتصاد التركي، “محمد شيمشاك”، الذي توجه إلى الولايات المتحدة بعد أزمة التأشيرات للمشاركة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن بلاده لا ترغب في استمرار أزمة التأشيرات ثانية واحدة.
وفي تعليق منه على أزمة التأشيرات، أكد “شيمشاك” على أنه لا يوجد معتقلون سياسيون في تركيا، وأن أمن طواقم البعثات الأميركية من أكثر الأمور التي توليها السلطات التركية اهتماماً كبيراً، مشيراً إلى أن أزمة التأشيرات أزمة مؤقتة ستنتهي خلال فترة قصيرة.
مشدداً “شيمشاك” على أن تركيا دولة تعتز بنفسها، مما جعلها ترد على الحظر الأميركي بالطريقة نفسها، غير أنها تترقب عدول أميركا عن قرارها فورًا.
مضيفاً “شيمشاك” أنه في حال وجود تخوفات أميركية فيما يتعلق بالإجراءات القانونية، فإن الأمر مفتوح للنقاش، مؤكدًا على إدراك بلاده أهمية ضمان أمن طواقم البعثات الأميركية، وأنه يتوجب على الولايات المتحدة ألا تتشكك في الأمر.
هذا وذكر “شيمشاك” أن الحكومة التركية ملتزمة بتوسيع وتعميق العلاقات مع الولايات المتحدة والمضي قدماً فيها.
وزير العدل: لم أتوقع ظهور هذا النوع من الأزمة..
في نفس السياق، قال وزير العدل التركي معلقاً على أزمة التأشيرات بين أنقرة وواشنطن: “إننا نعتقد بأن هذه الأزمة ليست في صالح تركيا ولا الولايات المتحدة، بل إنها تلحق أضرارًا بالطرفين معًا. إني لم أتوقع ظهور هذا النوع من الأزمة بيننا، وأنا من اللذين يؤمنون بأن الجانبين يتمتعان بالقدرة الكافية على تجاوز هذه الأزمة”.
خطوة للوراء..
اتخذت تركيا خطوة للوراء في أزمة التأشيرات مع أميركا، حيث وافقت السلطات التركية على منح لاعبتين أميركيتين في نادي “نادزدا أورينبورغ” لكرة السلة التأشيرة التركية لدخول أراضيها، بعد رفضها وعودة اللاعبتين إلى روسيا.
وفي بيان رسمي أعلنت الخارجية التركية، الأربعاء الماضي، أنه تم منح اللاعبتين تأشيرات تركيا على أن يصلا إلى تركيا في نفس اليوم.
وكان مقرراً أن يلتقي النادي الروسي فريق “فنربهشة” التركي لكرة السلة النسائية في أولى مباريات الدوري الأوروبي لكرة السلة في اليوم التالي لوصول اللاعبتين لتركيا.
وكان النادي الروسي قد نشر، الثلاثاء الماضي، على موقعه الروسي بياناً بشأن الواقعة، ذكر خلاله أن السلطات التركية حرمت لاعبتي الفريق “إما كانون” و”بروني غونيس” من دخول الأراضي التركية، مرجعاً سبب هذا إلى العلاقات المتوترة بين البلدين.
واشنطن لم تتراجع..
ذكرت صحيفة “زمان” التركية، أن واشنطن لم تتخذ أية خطوة تراجعية في أزمة التأشيرات القائمة مع تركيا، بل رفضت الولايات المتحدة الأميركية الطلب الذي تقدمت به تركيا لتشكيل لجنة مشتركة من أجل حل أزمة التأشيرات.
ومن جانبها ذكرت صحيفة (جمهوريت) التركية، أن الموقف الأميركي يعكس عدم تراجع الولايات المتحدة، على الرغم من السماح لمحامي موظف القنصلية الأميركية بلقائهما، بعد أن كانت السلطات التركية قد حظرته.
سوء معاملة حليفها الاستراتيجي..
كان الرئيس التركى “رجب طيب أردوغان”، قد اتهم الولايات المتحدة بسوء معاملة حليفها الاستراتيجى، بعد ساعات من إعلان أنقرة عن لقاء بين المسؤولين لتسوية الخلافات، واتهّم “أردوغان” القنصل الأميركى في إسطنبول بإخفاء شخص على صلة بشبكة “غولن”، المتهّمة بمحاولة الانقلاب الفاشل العام الماضي.
كما اتّهم “أردوغان”، في خطاب ناري، واشنطن بدعم المقاتلين الأكراد في سوريا، وفتح قضايا ضد مسؤولين مصرفيين والحرس الشخصي للرئيس التركي، ساخراً من وصف “واشنطن عاصمة الديموقراطية”.
وأدان “أردوغان” السفير الأميركي السابق “جون باس”، قائلاً: “إنّه يضع التحالف القديم فى خطر”، كما أضاف أنّه من غير المقبول أن تُضحّي أميركا بشريك استراتيجي من أجل شخص لا يُقدر منصبه.
رغبة مشتركة..
أبدت أنقرة وواشنطن توجهاً نحو الحوار بشأن أزمة التأشيرات، عقب إتّصال هاتفي جرى مساء الأربعاء الماضي بين وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” ونظيره الأميركي “ريكس تيلرسون”. وقالت مصادر تركية إن الاتصال جاء بتكليف من “أردوغان”.
من جهتها، أعربت واشنطن عن أملها في إقامة حوار مع الحكومة التركية، وتحقيق تهدئة معها، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، “هيذر ناورت”: “نأمل إقامة حوار مع الحكومة التركية، وتحقيق تهدئة معها، فنحن دائماً ما عقدنا مباحثات ولقاءات كثيرة بين حكومتي بلدينا في مختلف الموضوعات”، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الأميركي “ريكس تيلرسون”، تحدث مع نظيره التركي، حول سبل حل أزمة التأشيرات بين البلدين.