خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد مناورات ومحاولات للتملص من إعلان الهزيمة، أخيرًا اعترف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، “دونالد ترامب”، بهزيمته أمام منافسه، “جوزيف بايدن”، لتبدأ أميركا تاريخًا جديدًا مع رئيس منتخب جديد يقودها في فترة عصيبة، حيث ينخر وباء (كورونا) المستجد في جسد النسيج العالمي الذي ينتظر إنفراجة وبصيص أمل لتقليل وإيقاف شبح الموت الذي لا يترك صغيرًا أو كبيرًا.
وعلى الفور، صرح الرئيس الأميركي المنتخب، “جو بايدن”، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ستكون مستعدة للقيادة مجددًا على الساحة العالمية، ليطوي صفحة سياسات “أميركا أولاً”؛ التي أتبعها الرئيس، “دونالد ترامب”، فيما تعهد بالعمل مع حلفاء واشنطن في الخارج.
وفي معرض تقديمه لفريقه للسياسة الخارجية والأمن القومي، أشار “بايدن” إلى نيته بعد تولي السلطة، في 20 كانون ثان/يناير القادم، إبعاد الولايات المتحدة عن النهج الوطني الأحادي النزعة الذي تبناه “ترامب”.
وأزعج الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته، خلال السنوات الأربع، لرئاسته كثيرًا من حلفاء بلاده، لا سيما في أوروبا، بنهج عدائي تجاه “حلف شمال الأطلسي” والعلاقات التجارية، وتخليه أيضًا عن اتفاقات دولية فضلاً عن علاقاته الوطيدة مع زعماء مستبدين.
قيادة العالم وليس الانسحاب منه..
وقال “بايدن” إن فريقه، الذي يضم، “أنتوني بلينكن”، مرشحه لتولي “وزارة الخارجية” ومساعده الذي يحظى بثقته، سينأى بنفسه عما أسماه الرئيس المنتخب: “الفكر العتيق والأساليب القديمة” في منهجه للعلاقات الخارجية.
وأضاف، في لقاء في مسقط رأسه بمدينة “ويلمغنتون” في ولاية “ديلاوير”: “إنه فريق يجسد حقيقة أن أميركا عادت ومستعدة لقيادة العالم، وليس الانسحاب منه، وسيجلس مرة أخرى على الطاولة وهو مستعد للتصدي لخصومنا وتقبل حلفائنا والدفاع عن قيمنا”.
وتغير العالم كثيرًا منذ آخر مرة كان فيها الديمقراطيون في “البيت الأبيض”، قبل 4 سنوات، فـ”الصين” في حالة صعود وتزداد جرأة؛ و”روسيا” تسعى لتعزيز سطوتها، وضعف النفوذ الأميركي مع انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات مختلفة؛ وتقلصت السلطة الأخلاقية الأميركية بسبب اضطرابات في الداخل.
ومن المرجح أن تركز السياسة الخارجية في عهد “بايدن” على نهج أكثر تعددية ودبلوماسية بهدف إصلاح علاقات واشنطن مع حلفاء رئيسيين، وتبني توجهات جديدة بخصوص قضايا مثل تغير المناخ.
عودة وأحتضان لتحالفات..
وقال “بايدن” إنه فوجيء في اتصالات مع زعماء نحو 20 دولة “بمدى تطلعهم إلى عودة الولايات المتحدة لتأكيد دورها التاريخي كزعيمة للعالم”.
ويأتي وعده بإحتضان تحالفات، من بينها تحالفات في منطقة “آسيا” و”المحيط الهادي”، بعد تدهور في العلاقات الثنائية بين “الولايات المتحدة” و”الصين”، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي أعاد إلى الأذهان فترة الحرب الباردة.
وشهد العام الأخير لإدارة “ترامب” تقريعًا متكررًا لـ”الصين”، إذ دب خلاف بين القوتين حول معالجة “الصين” لجائحة فيروس (كورونا) وتدهور الحريات في “هونغ كونغ” والخلافات الإقليمية في “بحر الصين” الجنوبي.
وبينما من غير المرجح أن تجد “الصين” في “بايدن” بديلاً أكثر مرونة من “ترامب”، يتوقع دبلوماسيون ومحللون نبرة أكثر حذرًا وجهودًا أكبر لتقوية التحالفات للتصدي لـ”بكين”.
وقال “بايدن” إن: “العمل مع الحلفاء يساعد في جعل أميركا آمنة دون الإنخراط في حروب غير ضرورية”، ولم يُشر إلى الحرب في “أفغانستان”، أطول الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة، فيما يتحرك “ترامب” لتقليص القوات الأميركية هناك.
بدء نقل السلطة رسميًا..
وبشكل متسارع، يتحرك “بايدن” على عجل لتشكيل فريقه واختيار مرشحين لحكومته، بعد أن هزم “ترامب”، الذي خاض معركة قانونية فاشلة في مسعى لتغيير نتائج الانتخابات، زاعمًا دون أدلة أن الانتخابات سُرقت منه عبر تلاعب واسع النطاق في التصويت.
وقال “بايدن” إن فريقه قادر على بدء التنسيق مع إدارة “ترامب” في الأمن القومي وجائحة فيروس (كورونا) وخطط توزيع اللقاح، منذ أن حصل على الضوء الأخضر لبدء نقل السلطة رسميًا، الإثنين الماضي.
وأضاف، في مقابلة مع شبكة (إن. بي. سي) التلفزيونية: “لن نكون بعيدين عن المنحنى إلى الحد الذي كنا نظن في الماضي، هناك الكثير من المباحثات المباشرة، ويجب أن أقول إن التواصل كان صادقًا”.
وقال منتقدون إن رفض “ترامب” قبول نتائج الانتخابات يقلص قدرة الإدارة القادمة على مكافحة جائحة (كورونا) الآخذة في التصاعد، والتي أودت بحياة نحو 259 ألف أميركي وتسببت في فقد ملايين آخرين لوظائفهم.
تلقى تقارير المخابرات اليومية..
وفي لفتة أخرى على أن “ترامب” سلم بهزيمته في الانتخابات، أعطى “البيت الأبيض” الضوء الأخضر لتلقي “بايدن” تقارير المخابرات اليومية للرئيس، وقال “بايدن” إنه حصل على أحد هذه التقارير، الإثنين الماضي، لكن يتوقع أن يحصل عليها بشكل منتظم.
وحث “بايدن”، مجلس الشيوخ، عند تقديم فريقه للأمن القومي، على أن يحدد “جلسة استماع عاجلة” لمرشحيه الذين يحتاجون إلى تصديق من المجلس، وعبر عن أمله في أن يتمكن من العمل مع الجمهوريين “بحسن نية للمضي قدمًا”، وأضاف: “دعونا نبدأ ذلك العمل لرأب الصدع وتوحيد أميركا والعالم أيضًا”.
يعتزم القتال حتى النهاية..
ورغم إعلان “ترامب” هزيمته، إلا أنه لن يترك “بايدن” يحقق ما يتمناه، فتحت العنوان أعلاه، كتبت “إيرينا ياروفايا”، في (فزغلياد)، حول الأساليب التي يمكن أن يسمم عبرها “ترامب” حياة “بايدن” الرئاسية.
وجاء في المقال: قال “دونالد ترامب” إنه نصح رئيسة إدارة الخدمات العامة، “إميلي مورفي”، بـ”القيام بكل ما هو ضروري” فيما يتعلق بالبروتوكولات الأولية للانتقال الرئاسي.
وفي الصدد، قال الباحث في الشؤون الأميركية، “مالك دوداكوف”، لـ (فزغلياد): “الآن، يدرك ترامب نفسه أنه سيكون من الصعب إقناع المحكمة العليا بمراجعة نتائج الانتخابات، وقد حان الوقت لبدء انتقال السلطة إلى الديمقراطيين. لكن، مع استمرار المعارك القانونية، يعتزم ترامب القتال حتى النهاية ولا يمكنه الحديث علانية عن هزيمته”.
ثلاث طرق يُعرقل بها “ترامب” طريق “بايدن”..
ويرى “دوداكوف” ثلاث طرق يمكن أن يُعقّد عبرها “ترامب” رئاسة “بايدن” المنتظرة. “أولاً، بمساعدة الدعاوى القضائية المديدة، سيحاول ترامب نزع الشرعية عن فوز بايدن، وإظهاره كرئيس وصل إلى السلطة بطريقة غير شريفة”.
وثانيًا، وفقًا لضيف الصحيفة، فإن الانسحاب النشط للقوات الأميركية من “العراق وأفغانستان والصومال”؛ سوف يُلحق “ضربة بسمعة” بايدن. وفي حين يمكن نشر كل هذه القوات بمرسوم واحد، فإن استطلاعات الرأي تظهر بوضوح أن الأميركيين سئموا الحروب المستمرة. وإذا ما بدأ الرئيس الجديد في تعزيز الوجود العسكري في الخارج مرة أخرى، فلن يكون ذلك موقفًا لطيفًا تجاه الناس”.
وثالثًا، لا ينوي “ترامب” مساعدة “بايدن” في مباشرة مهامه الرئاسية. سيتلقى المرشح الديمقراطي، بكل بساطة، شؤون الحكومة والوزارات والإدارات كلها، من دون دعم الرئيس السابق ومن دون فهم أعمال الإدارة السابقة. فنقل السلطة من يد إلى يد، كما يحدث عادة في الولايات المتحدة، لن يحدث هذه المرة”.