وكالات – كتابات :
تواصل حركة (طالبان)؛ بوتائر متصاعدة، زحفها العسكري الرامي إلى إحكام قبضتها على عموم أراضي “أفغانستان”.
وأعلن المتحدث باسم (طالبان)، “ذبيح الله مجاهد”، اليوم السبت؛ على حسابه في (تويتر)؛ عن سيطرة الحركة على مدينة “شرنة”، مركز ولاية “بكتيكا”، شرق البلاد، وكافة المرافق الحكومية فيها.
وفي ولاية “كونر”، شرق البلاد، ذكرت (طالبان) أن قواتها أحكمت سيطرتها على مديريتي: “أسمار” و”شلطن”، وأن مديرية “شيجل” على وشك السقوط في قبضتها أيضًا.
كما أعلنت (طالبان) عن شنها هجومًا جديدًا في مسعى للاستيلاء على مدينة “مزار شريف” الإستراتيجية، مركز ولاية “بلخ” في شمال البلاد، مؤكدة أنها تُشن هجمات من الاتجاهات الأربعة على الأحزمة الدفاعية للمدينة.
ولفتت (طالبان) إلى أن اشتباكات ضارية تدور في المنطقة، زاعمة إحرازها تقدمًا ميدانيًا مع تكبد القوات الحكومية: “خسائر فادحة”.
في الوقت نفسه، تتحدث تقارير إعلامية عن استسلام مجموعة القوات الحكومية التي كانت تتحصن في “مطار قندهار”، جنوب البلاد إلى (طالبان)، وذلك بعد أيام من سقوط المدينة في قبضة المسلحين.
ونشرت الحركة على وسائلها الدعائية؛ لقطات تُظهر لحظة خروج حاكم قندهار، “روح الله خانزادة”، من المطار لتسليم نفسه إلى المسلحين.
في غضون ذلك، أكدت “هدى أحمدي”، المشرعة من ولاية “لوكر”، الواقعة وسط البلاد جنوب شرقي العاصمة، “كابل”، صحة الأنباء عن استيلاء (طالبان) على مركز الولاية، مدينة “بل علم”، واحتجازها جميع المسؤولين المحليين.
وأوضحت المشرعة أن قوات (طالبان) تُسيطر حاليًا على عموم الولاية ووصلت إلى منطقة “جهار آسياب”، الواقعة على بُعد 11 كلم فقط عن “كابل”.
وسيطرت (طالبان)، في الفترة الأخيرة؛ على مراكز: 18 على الأقل من أصل الولايات الأفغانية: الـ 34.
الزعيم المرتقب لـ”الإمارة الإسلامية” في أفغانستان..
تولى “هبة الله أخوند زاده”، زعامة حركة (طالبان) الأفغانية، في 26 آيار/مايو 2016، بعد أن تم تعيينه في هذا المنصب من قِبل “مجلس الشورى” للحركة خلفًا لزعيم الحركة السابق، “أختر محمد منصور”، الذي قُتل في غارة أميركية بطائرة بدون طيار، في 22 آيار/مايو 2016.
ويقال إن “أخوند زاده”؛ قاتل ضد القوات السوفياتية وقوات “التحالف الدولي”، بقيادة “الولايات المتحدة”، في “أفغانستان” وعمل رئيسًا لمحكمة عسكرية، في “كابول”، تحت حكم مؤسس (طالبان) وزعيمها الروحي الراحل، “الملا عمر”.
وتحت قيادة “أخوند زاده”؛ وقعت (طالبان) اتفاق سلام تاريخي مع “الولايات المتحدة”، في “قطر”، في 29 شباط/فبراير 2020، ووصف “أخوند زاده”، الاتفاق؛ بأنه: “انتصار كبير” للجماعة.
ومنذ 01 آيار/مايو 2021، صعدت (طالبان) عملياتها العسكرية ضد القوات الحكومية؛ وسيطرت على مساحات شاسعة من “أفغانستان”.
من هو الزعيم القادم إلى أفغانستان ؟
تاريخ الميلاد: 19 تشرين أول/أكتوبر 1967، بحسب سيرة ذاتية نُشرت على الموقع الرسمي لحركة (طالبان).
مكان الميلاد: منطقة “باجواي”، في ولاية “قندهار”، بـ”أفغانستان”.
القومية: “بشتون”، قبيلة “نورزاي”، القوية في “قندهار”.
يُعتقد أنه أحد الأعضاء المؤسسين لحركة (طالبان)؛ وكان مساعدًا مقربًا لمؤسس الجماعة، “الملا محمد عمر”.
شارك “أخوند زاده”؛ في المعارك ضد الحكومة الأفغانية الموالية لـ”روسيا”، بزعامة “محمد نور ترقي”، والتي وصلت إلى الحكم، في نيسان/أبريل 1978، وفقًا للسيرة الذاتية الرسمية التي نشرتها الحركة.
في النهاية؛ فر من “أفغانستان” إلى “باكستان”، المجاورة، حيث استقر في مخيم: (جنغل بير أليزاي) للاجئين في مقاطعة “بلوشستان” الحدودية.
ويُقال إنه أمضى أواخر الثمانينيات في محاربة القوات الروسية وتعليم “المجاهدين”؛ أثناء القتال ضد السوفيات في “أفغانستان”، حسب رواية (طالبان).
في عام 1996، عينه زعيم (طالبان) السابق، “الملا محمد عمر”؛ رئيسًا لمحكمة عسكرية في “كابول”.
وحسب السيرة الذاتية الرسمية لـ (طالبان)؛ فإن “أخوند زاده”؛ نجح في: “استعادة القانون والنظام” في البلاد، وإن تطبيقه للحدود الشرعية لعب دورًا رئيسًا في هذا المجال، حسب ما جاء في السيرة.
وفي أعقاب الغزو الأميركي لـ”أفغانستان”، عام 2001، لعب “أخوند زاده”، دورًا: “فاعلاً وقياديًا” في: “إحياء وتنظيم الجهاد” ضد “الولايات المتحدة” وقوات التحالف في الحرب، في “أفغانستان”، حسب الحركة.
وفي 30 تموز/يوليو 2005، تم تعين “أخوند زاده”؛ نائبًا لزعيم الجماعة الجديد، “الملا أختر محمد منصور”، بعد تأكيد وفاة مؤسسها وزعيمها الروحي، “الملا محمد عمر”.
في 22 آيار/مايو 2015، قُتل زعيم (طالبان)، “الملا أختر محمد منصور”، في غارة أميركية بطائرة بدون طيار، بالقرب من مدينة “كويتا”، في “إقليم بلوشستان”، جنوب غرب “باكستان”، على الحدود الأفغانية.
وبحسب “وزارة الدفاع” الأميركية؛ فقد استُهدف “منصور” أثناء سفره في قافلة سيارات بالقرب من بلدة “أحمد وال”، في عملية شاركت فيها عدة طائرات بدون طيار.
كما أكدت الاستخبارات الأفغانية مقتل “منصور”، في بيان لها قائلة: “كان منصور تحت المراقبة عن كثب منذ فترة… حتى تم استهدافه مع مقاتلين آخرين عندما كانوا على متن سيارات تقلهم”.
أميرًا لـ”طالبان”..
وفي 25 آيار/مايو 2015، أكدت (طالبان) مقتل زعيمها، “الملا أختر منصور”، في غارة أميركية بطائرة مسيرة، لأول مرة، وعينت “أخوند زاده” قائدًا جديدًا لها.
وقال المتحدث باسم الجماعة، “ذبيح الله مجاهد”، في بيان له؛ إن تعيين الزعيم الجديد للحركة تقرر في اجتماع: لـ”شورى” قادة (طالبان).
وفي واحدة من أولى تصريحاته العلنية؛ قال “أخوند زاده”، في 30 تموز/يوليو 2016، إن التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الأفغانية ممكن إذا تخلت عن حلفائها الأجانب، وخاطبها قائلاً: “إن دعمكم وإنحيازكم للغزاة يُشبه عمل تلك الوجوه البغيضة التي دعمت في الماضي البريطانيين والسوفيات. (طالبان) لديها برنامج لتوحيد البلاد في ظل الشريعة الإسلامية: و(أبواب العفو والغفران مفتوحة)”.
وأفاد تلفزيون “شمشاد” الأفغاني، المملوك للقطاع الخاص، في أيلول/سبتمبر من عام 2016، أن مجموعة عسكرية منشقة بقيادة، مولوي “نقيب الله هونر”، أعلنت الجهاد ضد (طالبان)؛ بعد تعيين “أخوند زاده”، زعيمًا لها، متهمة إياه بتولي هذا المنصب بأمر من المخابرات الباكستانية.
ونشر موقع (صوت الجهاد)، التابع لـ (طالبان)؛ السيرة الذاتية لـ”أخوند زاده”، في أيلول/ديسمبر 2016، وأورد بالتفصيل ولادته وعائلته، والتعليم الديني الذي تلقاه و”جهاده”، وأنه لعب: “دورًا رائدًا وفعالاً في إحياء البلاد وتنظيمها ضد الغزاة الجدد”؛ في أعقاب الغزو الأميركي لـ”أفغانستان”، في عام 2001.
وأصدر “أخوند زاده”، بيانًا، في 26 شباط/فبراير 2017، دعا فيه الأفغان إلى زراعة الأشجار في “أفغانستان”، مسلطًا الضوء على أهمية ذلك في الشريعة الإسلامية. وجاء في البيان إن: “زراعة الأشجار تلعب دورًا مهمًا في حماية البيئة والتنمية الاقتصادية وتجميل الأرض”، مضيفًا أن: “الله عز وجل ربط حياة الإنسان بالنباتات، فالنباتات تعيش على التربة بينما الإنسان والحيوان يعيش على النباتات. إذا تم القضاء على زراعة النباتات وزراعة الأشجار فإن الحياة نفسها ستتعرض للخطر”.
“طاغية طالبان”..
ونشر تنظيم “الدولة الإسلامية”، في 24 آذار/مارس 2017، فيديو دعائيًا بعنوان: “على أبواب المعارك الملحمية”، وصف فيه “أخوند زاده”: بـ”طاغية طالبان”.
وبعد أشهر قليلة من فيديو “الدولة الإسلامية”؛ أصدر فرع (القاعدة)، في شبه القارة الهندية، في 25 حزيران/يونيو 2017، وثيقة بعنوان: “مدونة السلوك”، حدد فيها إيديولوجيته وأولوياته.
وأوضح أنه ملزم ببيعة زعيم (القاعدة)، “أيمن الظواهري”، لـ”أخوند زاده”، وأن: “أهم هدف” لـ (القاعدة) هو دعم (طالبان). كما جاء في الوثيقة أن (القاعدة) في بلاد الرافدين؛ تقاتل أعداء (طالبان) خارج “أفغانستان”، بينما تقاتل في الوقت نفسه إلى جانبها داخل البلاد، وحثت الجماعات الجهادية الأخرى على مبايعة “أخوند زاده”.
ووافقت حركة (طالبان)، في 09 حزيران/يونيو 2018، على وقف مؤقت لإطلاق النار مع الحكومة الأفغانية، بعد إعلان الرئيس الأفغاني، “أشرف غني”، في وقت سابق؛ عن وقف إطلاق النار مع الجماعة المسلحة.
في 29 شباط/فبراير 2020، وقعت “الولايات المتحدة” و(طالبان)، اتفاق سلام في “قطر”.
وأصدرت الحكومتان: الأميركية والأفغانية؛ إعلانًا مشتركًا تلتزم فيه “واشنطن” بتقليص وجودها العسكري في البلاد إلى: 8600 جندي، في غضون 135 يومًا؛ واستكمال انسحاب القوات المتبقية في غضون: 14 شهرًا، بحلول 01 آيار/مايو 2021.
بداية التأسيس الجديد للإمارة بعد النصر الكبير !
وأصدر موقع (صوت الجهاد)، بيانًا نقل فيه عن “أخوند زاده”، وصفه لاتفاق السلام مع “الولايات المتحدة”؛ بأنه: “نصر كبير”.
كما أعلن “أخوند زاده”؛ أن (طالبان) ستعفو عن كل من: “شارك في الأعمال العدائية ضد الإمارة الإسلامية، (طالبان)، أو أي شخص لديه تحفظات على الإمارة الإسلامية”.
في 20 آذار/مارس 2020، أصدرت (القاعدة) بيانًا، من ثلاث صفحات؛ هنأت فيه (طالبان) على اتفاق السلام الأخير، الموقع مع “الولايات المتحدة”. وهنأ البيان صراحة، “أخوند زادة”؛ على: “النصر التاريخي” الذي قالت إنه: “أجبر الولايات المتحدة على سحب قواتها المحتلة من أفغانستان؛ والإمتثال للشروط التي يُمليها مجاهدو (طالبان)”.
كما حث البيان، علماء المسلمين والشعب الأفغاني على الإلتفاف حول (طالبان) ودعم الجماعة في بناء دولة إسلامية تحكمها الشريعة، وحث الجهاديين في مختلف أنحاء العالم على اتخاذ (طالبان) نموذجًا يُحتذى به.
وأصدرت (طالبان) رسالة مطولة، قبل عطلة عيد الفطر، في 20 آيار/مايو 2020، حث فيها “أخوند زاده”، “الولايات المتحدة”؛ على: “المضي قدمًا” نحو تنفيذ الاتفاق الموقع، في “الدوحة”، في 29 شباط/فبراير. وقال “أخوندزاده”، في البيان: “الإمارة الإسلامية، (طالبان)، ملتزمة بالاتفاقية الموقعة مع أميركا؛ وتُحث الطرف الآخر على احترام إلتزاماته وعدم السماح لهذه الفرصة الحاسمة بأن تضيع هباءً”.
حكومة إسلامية نقية.. وشيكة !
وأصدر “أخوند زاده”، في 28 تموز/يوليو 2020، بيانًا بمناسبة عيد الأضحى، قال فيه إن الجماعة على وشك: “إقامة حكومة إسلامية نقية”، وأوضح أن (طالبان) أوفت بإلتزاماتها الواردة في اتفاقية السلام، التي تم توقيعها مع “الولايات المتحدة”، في 29 شباط/فبراير، وحث “الولايات المتحدة” على إظهار: “الجدية والاهتمام والحصافة”، في عملية السلام الجارية في البلاد.
في 14 شباط/فبراير الماضي؛ أفاد موقع (هشت أي سوبه) الخبري؛ أن “هبة الله أخوند زاده”، ورئيس شؤون المخابرات بالجماعة، الملا “مطيع الله”، ومدير الشؤون المالية للجماعة، “حافظ عبدالمجيد”، قُتلوا جميعًا في انفجار في مدينة “كويتا” الباكستانية، قبل أشهر، لكن ما ينفي ذلك أنه، في 24 شباط/فبراير 2021، أصدر “أخوند زاده” مرسومًا يطلب فيه من أعضاء (طالبان) الإمتناع عن: “معاقبة” الأشخاص دون حكم قضائي، وتجنب التقاط مقاطع فيديو أو صور لهذه العقوبات التي يتم تطبيقها.
كما حذر مؤخرًا، في رسالة له؛ على موقع (صوت الجهاد)، أعضاء الجماعة؛ من: “الغرور” بسبب مكاسبهم الأخيرة.