خاص : ترجمة – بوسي محمد :
هناك شيء واحد واضح، بعد اغتيال ثاني أهم مسؤول في “إيران”، اللواء “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس)؛ التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، في غارة أميركية قرب “مطار بغداد”، فجر الجمعة الماضي، وهي أن الأميركيون ليسوا أكثر أمانًا الآن. خاصة بعدما أعلنت “الولايات المتحدة” مسؤوليتها، في وقت سابق، عن مقتل “سليماني”، الذي كان يهم بالخروج من “مطار بغداد”، عبر قصف صاروخي استهدف موكبه.
ورغم توعد “إيران”، بـ”الرد القاسي”، على مقتل “سليماني”؛ إلا وأكدت أنها لا تطلع إلى الحرب، وفي المقابل، غرد الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قائلًا إن المفاوضات ستكون الخيار الأنسب للإيرانيين عوضًا عن شن هجمات ضد مصالح “الولايات المتحدة”.
وعلى الرغم من رغبة الرئيس “ترامب” المعلنة في تجنب الحرب مع “إيران” والانسحاب من التشابك العسكري في الشرق الأوسط، لكن مواقفه وقراراته كانت تخالف رغبته المعلنة، والتي أختتمها بقتل، اللواء “قاسم سليماني”، ثاني أهم مسؤول في “إيران”.
توتر ثم إلتهاب العلاقات “الأميركية-الإيرانية”..
بدأت الدورة التصاعدية بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، في 8 أيار/مايو 2018، عندما انسحبت الأخيرة من خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة بشكل غير رسمي باسم “صفقة إيران” أو “الاتفاق النووي الإيراني”، هي اتفاقية دولية حول البرنامج النووي الإيراني، تم التوصل إليها في تموز/يوليو 2015؛ بين “إيران” ومجموعة “5+1″، (الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة – بالإضافة إلى ألمانيا)، و”الاتحاد الأوروبي”.
كما وقع “ترامب” على مذكرة من أجل البدء في فرض عقوبات اقتصادية على النظام الإيراني. وكذلك على الدول التي تساعد “إيران” يمكن أن تخضع أيضًا للعقوبات. بعدما وصف الصفقة النووية مع “إيران” بأنها: “كارثية”، وأحادية الإتجاه ولن تحقق السلام.
“حملة الضغط القصوى”؛ للسيد، “ترامب”، لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية المنهكة لم تُجبر “إيران” على الإستسلام؛ كما هو متوقع، إذ دفعت “طهران” إلى شن سلسلة من الاستفزازات العسكرية الجريئة على نحو متزايد ضد الأهداف العربية والغربية السُنية مع إعادة تشغيل جوانب مهمة من برنامجها النووي.
تكثفت أنشطة “إيران” المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وخاصة في “سوريا واليمن ولبنان”. وفي الوقت نفسه، قامت بحملة وحشية ضد سكانها المدنيين. لم يتم تحقيق أي من الأهداف المعلنة لإدارة “ترامب”؛ فقد ضعفت المواقف الأمنية والإستراتيجية لـ”الولايات المتحدة” في المنطقة.
وفي قراره بالقضاء على الجنرال الإيراني، “سليماني”، يجادل “ترامب” وفريقه بأنهم كانوا يتصرفون دفاعًا عن النفس لإحباط الهجمات الوشيكة على الأميركيين في “العراق” والمنطقة. قد يكون هذا صحيحًا، حيث كان الجنرال “سليماني”؛ قاتلًا قاسيًا وإرهابيًا، حسبما ذكرت صحيفة (التايمز) الأميركية.
وقالت، “سوزان إليزابيث رايس”، مسؤولة عامة أميركية؛ شغلت منصب مستشار الأمن القومي الأميركي الرابع والعشرين، من عام 2013 إلى عام 2017. وكانت “رايس” تشغل منصب عضو في “مجلس الأمن القومي”؛ وكانت مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الإفريقية خلال فترة ولاية الرئيس، “بيل كلينتون”، الثانية، في مقال لها نشرته (التايمز)، أنه حتى لو كان قتل الجنرال “سليماني” مبررًا بالدفاع عن النفس، فهذا لا يجعل من الحكمة من الناحية الإستراتيجية. بالنظر إلى الطبيعة العشوائية والقصيرة النظر لعملية إتخاذ القرارات المتعلقة بالأمن القومي لإدارة “ترامب”، بما في ذلك إلغاء الضربات ضد إيران قبل 10 دقائق من التأثير، ودعوة “طالبان” إلى “كامب ديفيد”، والتخلي عن الأكراد”.
وتابعت: “لتقييم تداعيات مقتل الجنرال، سليماني، يجب علينا أن نفهم أن النظام الإيراني لا يمكنه الصمود، والرد سيكون قويًا وقاسيًا، والسؤال هنا: ما الشكل الذي ستتخذه وكيف سيتم الرد ؟.. لكن هناك شيء واحد واضح: هو أن الأميركيون ليسوا أكثر أمانًا، يتعرض المواطنون الأميركيون لخطر الهجوم عبر ساحة معركة أوسع بكثير من ذي قبل. ولهذا السبب حثت وزارة الخارجية جميع الأميركيين على مغادرة العراق ليس فقط، بل باكستان والبحرين والإمارات العربية المتحدة”.
إيران تتوعد أميركا..
بدون شك؛ “إن الشعب الإيراني سوف ينتقم من هذا العمل الإجرامي المروع”، هذا ما قاله الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، أحد القادة الذي دافع ذات يوم عن الدبلوماسية والتكامل مع الغرب.
وأكد أن الشعب الإيراني والشعوب الحرة في المنطقة ستقوم بالثأر لمقتل، اللواء “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس)، التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني.
وفي “العراق”، يوم السبت الماضي، خرج عشرات الآلاف من المقاتلين المؤيدين لـ”إيران”؛ في مسيرة عبر العاصمة، “بغداد”، متعهدين بالانتقام من “الولايات المتحدة” في موكب جنازة لشخصين عسكريين عراقيين يحظيان بالاحترام، والذين قُتلوا أيضًا في الهجوم على الجنرال “سليماني”.
وفي “إيران”، عبر السياسيون والناس العاديون من جميع المشارب عن تأييدهم لتعهد الزعيم الأعلى، آية الله “علي خامنئي”، بأن: “الانتقام الشديد ينتظر هؤلاء المجرمين” الذين قتلوا الجنرال.
يبدو أن الاغتيال قد عزز قبضة المتشددين على السلطة، وتحييدهم على الأقل في الوقت الراهن لأولئك الذين دعوا إلى إجراء محادثات مع الغرب، كما قال الخبراء داخل “إيران” وخارجها.
ظل المعتدلون النسبيون في “إيران”؛ مثل السيد، “روحاني”، في موقف دفاعي منذ انسحاب “ترامب” من الصفقة النووية لعام 2015، وفرض مجموعة من العقوبات، مما ساهم في تدهور “إيران” الاقتصادي الحاد.
وأصبح واضحًا أن أي حديث عن التواصل أو التحرير أكثر خطورة مما كان عليه في السنوات، ومن المرجح أن يتلاشى من النقاش العام في الوقت الحالي.
وقال “فالي نصر”، باحث في الشرق الأوسط وعميد سابق في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة “غونز هوبكنز”: “لقد كان سليماني شخصيًا يتمتع بشعبية كبيرة”.
تمنح “إيران” مرتبة الشرف على “سليماني”، فسوف يدور جسده حول المزارات في جميع المدن المقدسة للإسلام الشيعي من “سامراء” و”الكاظمية” و”كربلاء” و”النجف” في “العراق”..
مع اقتراب جسده من الوصول إلى أربع مدن إيرانية، خلال الأيام القليلة المقبلة، من المتوقع أن تحضر حشود كبيرة وتعرض تضامنها وتحديها.
تظل المظالم العميقة التي أشعلت الاحتجاجات ضد الحكومة في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، قائمة: “الصعوبات الاقتصادية والعزلة الدولية والقمع الاجتماعي”. وقد إمتدح بعض مؤيدي المعارضة الإيرانية عملية الاغتيال ويؤيدون زيادة “واشنطن” لسياسة الضغط القصوى على حكام “إيران”.
وقال “أمير الرشيدي”، خبير الأمن السيبراني الإيراني المقيم في “نيويورك”، إن مقتل الجنرال “سليماني”؛ “كان أسوأ شيء يمكن أن يحدث للحركات المدنية في إيران والعراق”.