خاص : كتبت – نشوى الحفني :
ضربة قاصمة تلقتها العلاقات “الأميركية-التركية”، فبعدما هلت بشاير التقارب بين الجانبين؛ باتصال الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، بنظيره التركي، “رجب طيب إردوغان”، اعترف “بايدن”؛ في إعلان تاريخي لم يفعله رئيس أميركي قبله، بأن مذبحة الأرمن، التي ارتكبت على يد “الإمبراطورية العثمانية”، في عام 1915، كانت: “إبادة جماعية”، وفقًا لصحيفة (واشنطن بوست).
وقال الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، في بيان نشره “البيت الأبيض”، إن اليوم يوافق الذكرى السنوية لما وصفه: بـ”الأرواح التي أزهقت في الإبادة الجماعية؛ إبان العهد العثماني”، مضيفًا: “نجدد الإلتزام بمنع مثل تلك الفظائع من الوقوع مجددًا”.
وأضاف أنه: “بداية من نيسان/أبريل 1915، وباعتقال الدولة العثمانية للمفكرين الأرمن وقادة المجتمع في قسطنطينية، تم ترحيل 1.5 مليون أرمني، وقتلهم، ودفعهم لملاقاة حتفهم في حملة إبادة”.
وكانت “الخارجية الأميركية” أكدت، يوم أمس الأول الجمعة 23 نيسان/أبريل، أن هناك إعلانًا مرتقبًا من الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، يوم السبت، بشأن: “الإبادة الجماعية” للأرمن.
تغيير جذري رغم كونها خطوة رمزية !
وأضافت صحيفة (واشنطن بوست)؛ أن هذا القرار يأتي بعد حملة ضغط مطولة قام بها أعضاء في “الكونغرس” وجماعات “أميركية-أرمينية”، تحرص على استخدام “البيت الأبيض” لهذا المصطلح.
هذه الخطوة، التي تُعد رمزية إلى حد كبير، تعني تغيرًا جذريًا عن صياغة شديدة الحذر تبناها “البيت الأبيض” منذ عقود. وسوف يحتفي بها الأرمن في “الولايات المتحدة”؛ لكنها تأتي في وقت صدام بين “أنقرة” و”واشنطن”، بشأن عدد آخر من الملفات.
وكان “بايدن”؛ وعد خلال حملته الانتخابية بأنه سيعترف بالفظائع التي جرت للأرمن باعتبارها إبادة جماعية، ما قد يُسهم في تأجيج التوتر مع “تركيا”.
ليس له أساس قانوني..
وفي رد سريع، انتقدت “تركيا”، قرار الرئيس الأميركي، وقالت إنه ليس له أي أساس قانوني: “وسيفتح جرحًا عميقًا”؛ في العلاقات الثنائية. وقالت “وزارة الخارجية” التركية: “هذا البيان الأميركي، الذي يشوه الحقائق التاريخية، لن يقبله ضمير الشعب التركي؛ وسوف يفتح جرحًا عميقًا يقوض الصداقة والثقة المتبادلة بيننا”. وأضافت أنها ترفض وتستنكر البيان: “بأشد العبارات”.
اتهام “أطراف ثالثة” بالتدخل..
واتهم الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”: “أطرافًا ثالثة”؛ بالتدخل في شؤون بلاده. وقال في رسالة بعث بها، السبت، إلى بطريرك الأرمن في “إسطنبول”: “لا أحد يستفيد من تسييس أطراف ثالثة للجدل – الذي ينبغي أن يتولاه مؤرخون – وتحويله أداة تدخل ضد تركيا”.
وفي رد فعل من جانبه؛ قال وزير الخارجية التركي، “مولود تشاووش أوغلو”؛ إن اعتراف الرئيس الأميركي، “جو بايدن”: “يستند فقط إلى الشعبوية”.
وكتب “تشاووش أوغلو”؛ على (تويتر)؛ في أول رد فعل على بيان من “البيت الأبيض”: “الكلمات لا يمكن أن تُغير التاريخ أو تُعيد كتابته”.
وأضاف: “ليس لدينا ما نتعلمه من أي شخص؛ فيما يتعلق بماضينا. الإنتهازية السياسية هي أكبر خيانة للسلام والعدالة”.
أرمينيا: خطوة لصالح العدالة..
في المقابل، وباستثناء “آذربيجان”، التي انتقدت القرار، رحب رئيس الوزراء الأرميني، “نيكول باشينيان”، بالقرار التاريخي للرئيس الأميركي؛ معتبرًا أنه: “خطوة قوية جدًا لصالح العدالة والحقيقة التاريخية”.
وأبلغ “باشينيان”، الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، في رسالة، السبت؛ بأن الاعتراف بالإبادة مسألة تتعلق بأمن “أرمينيا”، وخاصة بعد الأحداث التي جرت في المنطقة، العام الماضي، عندما اندلعت الحرب في “إقليم ناجورنو قرة باغ”.
وقال “باشينيان”، في رسالته لـ”بايدن”؛ نُشرت على موقعه الإلكتروني: “تلقى الأرمن في أنحاء العالم، بحماس شديد وترحيب بالغ الاعتراف بالإبادة”.
أعضاء الكونغرس يشكرون “بايدن” على قراره..
إلى ذلك، شكر 100 عضو من “الكونغرس” الأميركي، الرئيس “جو بايدن”، على قرار اعترافه بمذبحة الأرمن، وذلك بعد أسبوع من إرسالهم رسالة خطية يحثوه على القيام بالاعتراف.
أما رئيسة “مجلس النواب” الأميركي، “نانسي بيلوسي”، فنشرت على حسابها بموقع (تويتر)، تغريدات تُبين أهمية القرار التاريخي.
وقالت “بيلوسي”: “يُعلمنا التاريخ أننا إذا تجاهلنا أحلك فصوله، فإننا مُقدر لنا أن نكررها. في هذا اليوم الجليل لإحياء الذكرى، دعونا نتعهد بالوقوف بقوة ضد الكراهية والعنف، ونجدد الإلتزام ببناء مستقبل مليء بالأمل والسلام والحرية لجميع أطفال العالم”.
وأضافت: “اتخذت خطوة تاريخية بالاعتراف الرسمي بيوم الإبادة الجماعية للأرمن، في أعقاب قرار الكونغرس، لعام 2019، الذي أعلن أن الهمجية التي ارتكبت ضد الأرمن كانت إبادة جماعية”.
واستطردت: “اليوم نتذكر أكثر من 1.5 مليون أرمني قتلوا بوحشية في الإبادة الجماعية للأرمن. يجب علينا تكريم حياتهم من خلال محاربة إنكار هذه الجرائم الشنيعة والاعتراف بهذه الوحشية لما كانت عليه: الإبادة الجماعية”.
اعتراف 30 دولة رسميًا بالمذابح..
وحتى الآن، اعترفت حوالي 30 دولة رسميًا بالمذابح باعتبارها أنها إبادة جماعية – من بينها: “فرنسا وروسيا وكندا ولبنان” – وفقًا لـ”المعهد الوطني الأرمني”، وهو مؤسسة غير ربحية مقرها “واشنطن”، العاصمة.
وبداية من عام 2019، تواترت اعترافات الدول والمنظمات الدولية؛ بتلك المذبحة، وهو قرار اتخذته حكومات وبرلمانات 31 بلدًا، من بينها: “روسيا، البرازيل، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، وكندا”، وكذلك 49 ولاية من “الولايات المتحدة الأميركية”، إلى جانب “الأمم المتحدة”، السبت في الذكرى الـ 106 للمذبحة.
وتشمل الدول ذات السيادة، التي تعترف رسميًا بالإبادة الأرمينية: “الأرجنتين وأرمينيا وبلجيكا وكندا وتشيلي وقبرص وفرنسا واليونان وإيطاليا وليتوانيا ولبنان وهولندا وبولندا وروسيا وسلوفاكيا والسويد وسويسر والأوروغواي”، وتُعد هذه الأخيرة؛ أول دولة تعترف رسميًا بـ”الإبادة الجماعية” للأرمن.
وكانت دولة “الأوروغواي” الأولى، التي أقرت واعترفت رسميًا بالإبادة الجماعية الأرمينية، هذا الاعتراف جاء، سنة 1965، في الذكرى الخمسينية الأولى لأول تطهير عرقي في القرن العشرين.
وتعترف “تركيا” وريثة “الإمبراطورية العثمانية”، بعد تفككها عام 1920، بوقوع: “مذابح”، إلا أنها ترفض توصيفها بـ”الإبادة الجماعية”، زاعمة أن حربًا أهلية اندلعت تزامنًا مع مجاعة تسببت بمقتل ما بين 300 و500 ألف أرمني، فضلاً عن عدد مساوٍ من الأتراك.
في 12 كانون أول/ديسمبر الماضي، تبنى “الكونغرس” الأميركي قرارًا يعترف بإبادة الأرمن، التي وقعت قبل نحو 106 أعوام، على يد جنود الدولة العثمانية؛ إبان الحرب العالمية الأولى، وفي 30 تشرين أول/أكتوبر 2020، إنضمت “الولايات المتحدة”، إلى الدول المعترفة بإبادة الأرمن، بعد تصويت أغلبية “مجلس النواب” الأميركي لصالح قرار الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، بواقع 405 أصوات مقابل رفض 11 صوتًا فقط.
لتكريم الضحايا وليس توجيه اتهامات..
تعليقًا على القرار، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، أمس السبت، إن اعتراف الرئيس، “جو بايدن”، بأن المذابح التي تعرض لها الأرمن، في أواخر عهد “الإمبراطورية العثمانية”؛ تُمثل إبادة جماعية، يهدف إلى تكريم الضحايا وليس توجيه اتهامات.
وأكد المسؤول، بحسب وكالة (رويترز)، مساء أمس السبت، أن “واشنطن” لا تزال تعتبر، “أنقرة”، شريكًا مهمًا في “حلف شمال الأطلسي”.
وتابع المسؤول، الذي تحدث للصحافيين، شريطة عدم نشر اسمه، أن أول اتصال هاتفي، بين “بايدن”، والرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، يوم الجمعة، اتسم: “بالمهنية” و”الصراحة”.
وأضاف المسؤول؛ أن “بايدن”؛ أبلغ “إردوغان”، خلال المكالمة؛ أنه يعتزم إصدار إعلان بشأن بيان الإبادة، وأنه جرى أيضًا مناقشة ما آلت إليه العلاقات “الأميركية-التركية” من تدهور شديد، في العامين الماضيين.
وقال: “الرئيس يرغب في العمل عن كثب مع الرئيس، إردوغان، لمعالجة كل هذه القضايا، ولهذا السبب اقترح عليهم إغتنام الفرصة للإلتقاء شخصيًا، خلال حضورهما قمة حلف شمال الأطلسي، في حزيران/يونيو المقبل، للتباحث بشأن كل هذه القضايا”.