بعد اعتراف “بايدن” بإبادة الأرمن .. كيف سيكون الرد التركي على أميركا ؟

بعد اعتراف “بايدن” بإبادة الأرمن .. كيف سيكون الرد التركي على أميركا ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعدما اعترف الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، بإبادة الأرمن في “الإمبراطورية العثمانية”، باتت التساؤولات تتزايد حول الرد الذي يمكن أن تقوم به “تركيا” تجاه “أميركا”، فبعد التصريحات المنددة بالاعتراف، احتجت “أنقرة” باستدعاء السفير الأميركي، إلا أن دعوات الرد بالمثل أو فرض عقوبات؛ تعالت أصواتها بذلك.

تجميد العمل باتفاقية دفاعية ثنائية..

مصادر مطلعة أفادت، لوكالة (بلومبيرغ)؛ بأن الرد التركي المحتمل، على اعتراف الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، بإبادة الأرمن في “الإمبراطورية العثمانية”، قد يشمل تجميد العمل باتفاقية دفاعية ثنائية.

وأشار مسؤول تركي، في حديث لـ (بلومبيرغ)؛ إلى أن “تركيا” قد تُجمد مشاركتها في اتفاقية التعاون الدفاعي والاقتصادي، الموقعة بين “أنقرة” و”واشنطن”، عام 1980، والتي تُشكل الوثيقة الأساسية للتعاون العسكري الثنائي بينهما.

وتُنص الاتفاقية على تقديم المساعدة الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية؛ وإجراء تدريبات مشتركة، وتتيح لـ”الولايات المتحدة”؛ استخدام القواعد العسكرية التركية.

شن عملية ضد القوات الكُردية..

وقال المسؤول؛ إن الخطوات التركية قد تشمل أيضًا؛ شن عملية ضد القوات الكُردية المتحالفة مع “الولايات المتحدة”، في “سوريا”، وزيادة الدعم لـ”آذربيجان”.

يُذكر أن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، كان قد هدد، في ظل التوترات مع “واشنطن”، في وقت سابق، بحرمان “الولايات المتحدة” من إمكانية استخدام محطة الرادار (كوريغيك)؛ المهمة بالنسبة للدفاعات الصاروخية لـ (الناتو)، وقاعدة (إنغرليك) الجوية، القريبة من “سوريا”، لكنه لم يُقدم على ذلك حتى الآن.

 

وقال أردوغان في كلمة له يوم الاثنين إنه “ينبغي علينا ترك القضايا التي تسيء إلى العلاقات بين بلدينا جنبا، والنظر في الخطوات نحو المستقبل. وإلا فلن يبقى أمامنا خيارا سوى تطبيق الإجراءات الجديدة التي يتطلبها المستوى الجديد الذي وصلت إليه علاقاتنا”.

إغلاق القواعد الأميركية والانسحاب من الـ”ناتو”..

كما دعا الكاتب والمحلل السياسي التركي، “بكير أتاجان”، “أنقرة”؛ إلى إغلاق القواعد الأميركية في بلاده، والانسحاب من “حلف شمال الأطلسي”، الـ (ناتو) في أسرع وقت.

وأوضح المحلل السياسي التركي، في تصريحات لـ (راديو سبوتنيك)، إن “الولايات المتحدة”؛ هي من: “تساند حركات التمرد والانفصال، مثل حزب العمال الكُردستاني؛ وجماعة فتح الله غولن، وكذلك الانقلابات التي حصلت في السنوات الماضية، في تركيا، وحتى الآن”.

واعتبر أن “واشنطن”: “تفقد تدريجيًا الهيمنة، التي فرضتها على العالم؛ وصفتها كقوة أولى”.

واتهم “أتاجان”، “الولايات المتحدة”، بالسعي للسيطرة على الدول التي تملك مقومات سياسية وعسكرية واقتصادية، مثل “تركيا”، عن طريق تهديدها بفرض عقوبات عليها.

لن تتخذ “أنقرة” خطوات للرد..

بينما استبعد اللواء التركي المتقاعد، “بيازيد قره طاش”، احتمال فرض الحكومة التركية عقوبات على “الولايات المتحدة الأميركية”؛ على المدى القريب.

وقال “قره طاش”، في مقابلة خاصة مع وكالة (سبوتنيك): “الصورة تُشير إلى أن الحكومة التركية لن تتخذ أي خطوة للرد على بيان بايدن، الذي وصف أحداث 1915، بالإبادة الجماعية للأرمن، إلى حين إنعقاد الاجتماع بين الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره الأميركي؛ على هامش قمة زعماء حلف شمالي الأطلسي، (ناتو) المرتقبة، في حزيران/يونيو المقبل، فإردوغان أشار إلى هذا اللقاء في إطار تعقيبه على بيان بايدن”.

وأضاف: “أستبعد قيام تركيا، في الوقت الحالي، بإغلاق قاعدة (إنغرليك)، وإلغاء الاتفاقيات العسكرية والدفاعية المبرمة، مع الولايات المتحدة، وهذا الأمر مرتبط باجتماع، إردوغان وبايدن، في حزيران/يونيو المقبل، والتطورات التي ستترتب عليه، كما أن خروج تركيا من حلف الـ (ناتو) أمر مستبعد تمامًا؛ لأن الحكومة لا تستطيع اتخاذ هذا القرار بمفردها”.

وأردف: “موضوع فرض عقوبات على أميركا؛ يتعلق بالموقف الذي ستتخذه الولايات المتحدة الأميركية، وما إذا كانت ستغير موقفها أم لا”.

رسائل مبطنة..

وتابع “قره طاش”، وهو أحد الجنرالات السابقين في سلاح الجو التركي، قائلاً: “لا أتوقع أي تغيير في الموقف الأميركي الداعم لحزب العمال الكُردستاني ووحدات حماية الشعب، في سوريا، وهذا البيان الذي اتهم فيه، بايدن، تركيا، بتنفيذ إبادة جماعية؛ يحمل رسائل مبطنة تتعلق بمواصلة دعم حزب العمال الكُردستاني ووحدات حماية الشعب، ونيته تأسيس دولة لهم في سوريا، مع تأكيده على وجوب إلتزام تركيا الصمت حيال ذلك، ولكن هذه عناوين مهمة وقد تؤثر سلبًا على العلاقات (التركية-الأميركية)، على المدى المتوسط والبعيد”.

تؤثر سلبًا على العلاقات..

وفي تعقيبه على تصريح الناطق باسم “وزارة الدفاع” الأميركية، “جون كيربي”، الذي قال فيه: “لا أتوقع تراجع العلاقات العسكرية مع تركيا، بسبب بيان بايدن”، أكد “قره طاش”؛ أن: “بيان بايدن لا بد أن يؤثر سلبًا على العلاقات العسكرية بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية”.

وتابع: “أرى أن التصريحات المعتدلة الهادفة لتليين الجو المتوتر بين البلدين؛ ستكون مؤقتة على المدى القريب، وهذا الموضوع لا يمكن نسيانه على المدى المتوسط والبعيد”.

وأضاف: “اتهمت الولايات المتحدة الأميركية؛ شريكها في حلف الـ (ناتو)، والذي تنفذ معه مناورات عسكرية مشتركة بارتكاب إبادة جماعية، وتقول هذا لن يؤثر سلبًا على العلاقات العسكرية بين البلدين، لكن هذا رأي كيربي الشخصي، وأعتقد أن هذا البيان سيؤثر إن لم يكن على المدى القريب؛ فلا بد أن يؤثر سلبًا على العلاقات العسكرية بين البلدين، طالما لا تنوي الولايات المتحدة العودة عن قرارها”.

لافتًا إلى أن “كيربي” أدلى بهذا التصريح؛ لتليين الجو بعد بيان “بايدن”، موضحًا أن: “بيان بايدن، الذي وصف فيه أحداث 1915، بالإبادة الجماعية جرح شعور الشعب التركي، وبالتالي جرح شعور القوات المسلحة التركية أيضًا”.

ضرورة الرد المستحق..

من جانبه؛ شدد الممثل الدائم السابق لـ”تركيا”، لدى “حلف شمال الأطلسي”، “أنور أويمن”، على ضرورة الرد على بيان الرئيس الأميركي، “بايدن”، الذي فيه “تركيا” بارتكاب إبادة جماعية وعدم الإكتفاء بالإدانة.

وقال “أويمن”: “حادث كهذا لا يمكن أن يمر دون رد، وهذا الرد لا يحب أن يكون بالأقوال؛ وردود الفعل والإدانة بل يجب الرد عليه بشكل ملموس وقوي”.

وأضاف: “يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية تريد استخدام حدث تاريخي في السياسة الحالية”.

ووصف الدبلوماسي التركي، بيان “بايدن”؛ بالمؤسف، مع الإشارة إلى ضرورة إعطائه الرد الذي يستحقه.

ولفت إلى أن الرئيس الأميركي، أو “الكونغرس” الأميركي، أو أي برلمان في العالم؛ لا يملكون صلاحية وصف حادثة بالإبادة، بل هذا القرار يتخذ من قبل محاكم البلد المعني أو محكمة دولية مختصة، لذا لا نعلم من أين استمد “بايدن” صلاحيته لوصف، أحداث 1915، بـ”الإبادة الجماعية”.

لا مؤشرات على استعداد تركيا فرض عقوبات..

وحول ما إذا كان يتوقع اتخاذ الحكومة التركية قرارًا بفرض عقوبات على “الولايات المتحدة”، ردًا على بيان “بايدن”، قال “أويمن”: “لا توجد حاليًا أي مؤشرات على استعداد الحكومة لفرض عقوبات على الولايات المتحدة أو اتخاذ خطوات للرد بشكل ملموس، على بيان بايدن، مثل إغلاق قاعدة (إنغرليك) أو إلغاء الاتفاقيات العسكرية بين البلدين”.

يُشار إلى أن: “الإبادة الجماعية للأرمن”؛ أو “مذابح الأرمن”، والتي تُعرف أيضًا: بـ”المحرقة الأرمينية”، هي عملية قتل جماعي جرت لعرق الأرمن، خلال فترة حكومة “جمعية الاتحاد والترقي”، أواخر عصر “الدولة العثمانية”.

وتتراوح تقديرات ضحايا جريمة الإبادة، التي جرت خلال الفترة بين عامي: 1915 و1923، ما بين 800 ألف وأكثر من مليون شخص.

كما أجبرت عمليات الإبادة ملايين الأرمن على النزوح إلى دول عدة من بينها دول عربية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة