خاص : ترجمة – لميس السيد :
استقال رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الحريري، في يوم الثلاثاء الماضي، بعد 13 يومًا من ثورة قادها المدنيون. هذه الاستقالة، بعد تسعة أشهر من تشكيل الحكومة، نتجت في المقام الأول عن ضغط الشارع في جميع أنحاء “لبنان”.
بعد فشل الحكومة اللبنانية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يحتاج إليها “لبنان” حاجة ماسة. ماذا يأتي بعد ذلك ؟.. الإجابة أنه غالبًا ما يتم تحديد الاحتمالات بحسب طبيعة وقوة الاحتجاجات، خاصة مع الضغط المستمر على الحكومة.
على هذا الأساس، تتوقع صحيفة (واشنطن بوست)؛ 3 سيناريوهات حول ثلاثة إتجاهات ممكنة للخطوات المقبلة للحكومة.
محاولة السياسيين الحفاظ على الوضع الراهن..
يقول تحليل الصحيفة الأميركية أن هناك احتمالان للطبقة السياسية الحالية، في سبيل منع أي تغيير حقيقي للنظام الحالي.
أولاً؛ بناءً على الإجراءات الدستورية، أصبحت الحكومة المستقيلة حكومة مؤقتة. وظائفها محدودة ومعظمها إدارية؛ ولكن العديد من الحكومات المؤقتة، في الماضي، استمرت لعدة أشهر.
ويتيح هذا الاحتمال استمرار الحالة الراهنة والطبقة السياسية نفسها بممثليها، خاصة مع استغلال المخاوف من حدوث فراغ سياسي، ساعدوا في صناعته منذ البداية.
الاحتمال الثاني؛ هو تشكيل حكومة، ربما تحت قيادة “الحريري” المستقيل – مع فئة جديدة من الموظفين العموميين من المهنيين الحزبيين ذوي الخبرة.
وأي دعوة لتأسيس حكومة تكنوقراط؛ ليست فريدة من نوعها في تاريخ “لبنان” السياسي. لكن في السياق الحالي، فإن التكنوقراطية تحت قيادة “الحريري”، أو غيره من المرشحين الذين يمثلون مختلف الفصائل السياسية، هي طريق آخر سيستغله للنخبة السياسية لإيقاف مسيرة الإصلاحات.
كلا الاحتمالين سيؤدون للتغلب على بعض تداعيات الأزمة الاقتصادية المتنامية؛ وربما يفتحان بعض المساعدات الاقتصادية الموعودة من “مؤتمر سيدر”، بـ”باريس”.
ومن خلال استغلال عدم الثقة في القطاع العام والديون المتزايدة التي دفعت الناس إلى الشوارع، يمكن للحكومة الجديدة أن تسعى لتصحيح الوضع الاقتصادي المتدهور بعدة طرق. كما يمكن للحكومة أن تعد بإصلاحات جدية، بما في ذلك التخفيضات الضريبية، وإجراءات التقشف التي تقيد الإنفاق العام والأجور للموظفين الحكوميين السابقين والحاليين، ومبادرات لتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ومع ذلك؛ طالما ظل المتظاهرون ملتزمين بالتظاهر وإغلاق الطرق العامة لتعطيل العمل، فإن الطبقة السياسية لن تكون قادرة على رفض مطالبهم وتجديد الوضع الراهن ببساطة عن طريق إعتماد إصلاحات هزيلة، بعدما أصبح شعب انتفاضة 17 تشرين أول/أكتوبر 2019، حكومة الظل الفعلية، حيث يراقبون ويقيسون مصداقية وفعالية خطط الإصلاح المختلفة.
نشأة حكومة مستقطبة..
اعتبرت الصحيفة الأميركية عملية المساومة بين الكتل في البرلمان والنخبة السياسية مرعبة، لأنها قد تفقد بعض الوزارات الدعم الشعبي. ويشير زخم الاحتجاجات وشخصيته إلى أن العديد من القادة السياسيين من مختلف الطوائف والتوجهات السياسية يفقدون شعبيتهم بالفعل.
وقالت (واشنطن بوست)؛ إن الانتقاد العلني لجميع القادة السياسيين والدينيين يُعتبر أمرًا مستحدثًا، خاصة مع عدد من الرموز مثل، “نبيه بري”، رئيس البرلمان؛ ورئيس “حركة أمل”، و”حسن نصرالله”، الأمين العام لـ”حزب الله”.
ربما يتمكن السياسيون، رافضي المشاركة في حكومة وحدة وطنية، من حشد الدعم الشعبي. ومع ذلك يُعتبر تأسيس حكومة تمثل فقط بعض الفصائل في البرلمان سببًا للقلق لعاملين أساسيين..
الأول؛ يتحقق إذا رشح الرئيس، “ميشال عون”، من خلال المفاوضات مع رؤساء الكتل البرلمانية المختلفة، أحد المعارضين السياسيين لـ”الحريري” المدعومين، سواء من “حزب الله” و”حركة أمل”.
إذا نجح ذلك الخيار، سيكون هذا أمرًا صعبًا، خاصة وأن الأمر يتطلب دعمًا من الكتل البرلمانية للحصول على الأغلبية؛ كما سيصبح ذلك بمثابة تنافس سياسي بين تحالفي، “8 آذار” و”14 آذار”، الذين نشأوا بعد اغتيال رئيس الوزراء، “رفيق الحريري”، في عام 2005. والخطر هنا هو أن كتلة “14 آذار” ستقدم نفسها كمعارضة “جديدة” للنظام الحاكم. وسيسمح هذا للأحزاب وحلفائها باستعادة شعبيتها ونسبة محدودة من الشرعية في الشارع.
أما الأمر الثاني؛ فيتمثل في أن أي حكومة من جانب واحد ستؤدي على الأرجح إلى فترة جديدة من المواجهة بين الأحزاب السياسية ذات النبرة الطائفية الواضحة. وقد يؤدي هذا إلى احتمال وقوع اشتباكات مسلحة مماثلة لتلك التي وقعت، في أيار/مايو 2008.
بالإضافة إلى استخدام العنف من قِبل الجماعات القريبة من “حركة أمل” و”حزب الله”، وسيتم تأطير الاحتجاجات الشعبية في حدود مكافحة تأثير “حزب الله” المتزايد في “لبنان”. قد يؤدي هذا إلى موجة جديدة من الضغط على “حزب الله” للتخلي عن أسلحته تمشيًا مع قرارات “مجلس الأمن الدولي” المختلفة، التي بدأت في عام 2004.
والأهم من ذلك، أنه سيؤدي بلا شك إلى جولة جديدة من “العقوبات الأميركية” على “لبنان” وزيادة احتمال وجود حرب جديدة بين “حزب الله” و”إسرائيل”.
نشأة حكومة ثورية..
ينظر المتظاهرون إلى إنهيار حكومة “الحريري” كخطوة أولى لإصلاح النظام السياسي الطائفي، كما يفتح الباب أمام إمكانية تشكيل حكومة انتقالية جديدة تضم أعضاء من منظمات المجتمع المدني، وخاصة الأكاديميين غير الحزبيين والتكنوقراط غير السياسيين وهذا ما يطمح الكثيرون لتحقيقه.
لقد نجح الناس في شوارع “لبنان” في تحدي استخدام قادتهم للطائفية كأداة للفرقة والحكم. إنهم لا يتصدون فقط لـ”حزب الله”، بل يحاربون مختلف الحركات والمؤسسات والأحزاب التي تستمر في الحفاظ على النظام السياسي الحالي.
وقد يستتبع ذلك استمرار المتظاهرين في الدفع نحو الإصلاحات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وقد يحدث ذلك في صورة انتخابات برلمانية مبكرة وتشكيل حكومة تمثل مطالب الشعب واستجابة لدعوات ثورة تشرين أول/أكتوبر للتغيير.