8 أبريل، 2024 12:38 م
Search
Close this search box.

بعد إنقشاع “داعش”.. اين تستقر مليارات الخليج الطائرة بين أوروبا والمنتجعات العربية ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

مليارات الدولارات ينفقها الخليجيون على جولاتهم السياحية في الخارج.. ربما تصل إلى حد الدهشة عندما نعلم أن دولة كالسعودية وحدها أنفق مواطنوها أكثر من 20 مليار دولار على رحلاتهم لأوروبا وأميركا ودول أسيوية وغيرها من الدول، ضمن جولات سياحية في عام 2016 فقط.. فهل يستمر هذا البذخ طويلاً؟

إنتفاضات 2011
لقد تسببت الأزمات السياسية والأمنية التي صاحبت موجة الإنتفاضات والثورات التي ضربت البلدان العربية مع بداية العام 2011، إلى تفاقم ظاهرة عزوف الخليجيين عن السياحة العربية وزيارة بلدان كـ”مصر وتونس وسوريا”، وتغيرت خريطة المسافرين العرب بشكل كلي لتجد لها مستقبلين جدد.

هبوط النفط لا يؤثر
فالنفط والتداعيات التي حدثت له، وسعره الذي هبط بصورة أفزعت المسؤولين في الخليج لم يؤثر بالمرة على حجم إنفاق الخليجيين على جولاتهم، بل زادت وتمددت الرحلات السياحية وكانت قبلتها الأولى “أوروبا” التي نجحت في الحصول على أموال الخليجيين بكل سهولة.

لقد بين تقرير “البنك الدولي” في آب/أغسطس 2016، أنه رغم تنفيذ الدول الخليجية لخطة تقشف استهدفت معظم النفقات في أغلب القطاعات، فاجأ الخليجيون، وعلى رأسهم السعوديون والإمارتيون ثم الكويتيين، العالم بإنفاق المليارات على جولات ترفيهية وسياحية وعلاجية وغيرها من جولات المؤتمرات والندوات، مبيناً أن السعودية وحدها أنفق مواطنوها السياح 21.1 مليار دولار في 2014 خارج حدود المملكة.

67 مليار دولار على السياحة الخارجية
وجاء الإمارتيون بعد السعودييين بإنفاق 17.7 مليار دولار، ثم 12.87 ملياراً للقطريين، ثم 12.28 ملياراً أنفقها الكويتيون، و2.3 مليار دولار أنفقها العمانيون، وبلغت نفقات السياح البحرينيين 864 مليون دولار.. أي أن الخليجيين أنفقوا في عام ظهور تنظيم إرهابي كـ”داعش” وتمدده في محيطهم الجغرافي – ربما خوفاً من كل هذا الدمار والخراب الذي أحاط بمنطقة الشرق الأوسط – نحو 67.114 مليار دولار فقط في 2014، بالتأكيد رقم ضخم يؤكد أن هناك حالة هلع أجبرت مواطني 6 دول خليجية على ترك بلادهم والسفر إلى دول أوروبية في المقام الأول وعلى رأسها “سويسرا والنمسا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا”، ومن آسيا يفضلون “تايلاند”.

المال ورغبة السفر
أبحاث كبريات الشركات السياحية في العالم لم تتوقع كل هذا الزخم الخليجي والإقبال على السفر والسياحة الخارجية، ومع حجم الإنفاق الضخم إزدادت الترشيحات إلى أن ترتفع أكثر وأكثر لتصل إلى 90 مليار دولار بحلول 2020، فالخليجيون يملكون المال ورغبتهم في السفر تزداد يوماً بعد يوم كلما إزدادوا ثراءً.

عروض ترويجية
إن إتجاه الخليجيين إلى أوروبا أرجعه خبراء السياحة والسفر إلى انخفاض سعر اليورو والجنيه الإسترليني مقابل عملاتهم، فضلاً عن عروض مستمرة تقدمها شركات الطيران التي تقلع من الخليج، وكذلك إرتفاع الأسعار في عدد من الوجهات السياحية التي طالما استقبلتهم مثل “ماليزيا” وغيرها من دول شرق آسيا.

وتقارير سابقة تحدثت عن أن دولة كالسعودية ارتفع معدل صرف مواطنيها على الرحلات الخارجية خلال فصل صيف 2014 بنحو 32.7%، مقارنة بعام 2013، وأن مصروفات الرحلات السياحية المغادرة لبلد الحرمين تجاوزت 29.6 بليون ريال، في مقابل 22.3 بليون ريال لصيف عام 2013.

“داعش” ينعش السياحة في أوروبا
لقد أثر ظهور التنظيم الإرهابي، بصورة أو بأخرى، في المنطقة على جولات الخليجيين وعلى رأسهم السعوديين في الخارج، فطالما فضل السعوديون مثلاً القيام بجولات سياحية وتسويقية إلى البحرين وقطر والإمارات، لكن الأمر اختلف مع تمدد التنظيم وسيطرته على مواقع ومساحات شاسعة في العراق وسوريا، وحتى تهديده بأعمال نوعية في دول كمصر وتونس، فالمواطن الخليجي يحرص على حياته كأي سائح ولن ينفق الدولارات لكي يتعرض ولو بنسبة 1% لأي أعمال إرهابية أو تهديدات هنا أو هناك، هذا من جانب، وفي المقابل استغلت شركات السياحة والسفر الأوروبية وخطوط الطيران ما تتعرض له المنطقة من تهديدات وأخذت تقدم العروض الترويجية للسياحة والتسوق مستغلة الطبيعة الأوروبية والأمان الذي تحظى به دولة كـ”سويسرا” وغيرها من الدول الأوروبية.

التسوق أولاً
لقد أنفق السعوديون وحدهم على التسوق في العطلات “الخارجية” فقط خلال عام 2014 نحو 26.1 مليار ريال سعودي، وأنفقوا على زيارة الأقارب والأصدقاء في الخارج نحو 18.8 مليار ريال، فقط من أجل الزيارة، بينما تراجع كثيراً الإنفاق على المؤتمرات الخارجية.

ويكفي أن نعلم أن السعوديين فقط سيروا في نفس العام نحو 20.1 مليون رحلة خارجية، وقبلها بعام، وتحديداً في 2013 سيروا 19.1 مليون رحلة.. 25% منهم لدول بالشرق الأوسط (خليجية كقطر والبحرين والإمارات)، والنسبة الأكثر لأوروبا وتركيا التي تأثرت في 2016 كثيراً بعد تنفيذ عدة عمليات إرهابية هناك.

الملابس والإكسسوارات
التقارير تكشف أن الخليجيين يسافرون لبريطانيا للتسوق في لندن بنسبة كبيرة، وأن أغلب نفقاتهم هناك على الملابس والإكسسوارات “البراندات”، ثم “الميك آب” ومستحضرات التجميل والعطور من العاصمة الفرنسية باريس.

اعتاد الخليجيون الإفراط في الشراء والتسوق لتصبح ظاهرة يتحدث عنها الأوروبيون أنفسهم، لما يشاهدونه من مظاهر بذخ تتمثل في أنواع ومواصفات السيارات التي يقودها الخليجيون في شوارعهم والساعات التي يقبلون على شرائها بملايين الدولارات، كتلك التي سرقت من أميرة سعودية في باريس في آب/أغسطس 2016 بقيمة مليون يورو.

حجم إنفاق الخليجيين على السياحة والجولات الخارجية يؤكد أنهم أمام أزمة تحول الكماليات إلى ضروريات، وأنهم في حاجة إلى توعية لتوجيه جيد لهذه النفقات وإستغلالها في مشروعات تنقذهم من عثرات النفط الذي لن تستمر عائداته كثيراً لهم.

عقدة “الماركات”
لقد كشف أمين الإعلام والتوعية في المصارف السعودية “طلعت حافظ”، أن حجم التمويل الإستهلاكي في بلاده كان لا يتجاوز 11 مليار ريال عام 1999، وفي الربع الأول من 2016 بلغ 340 ملياراً، إضافة إلى عشرة مليارات ريال كقروض بطاقات إئتمانية، أي أن الإستهلاك السعودي أصابه البذخ في مناحي كثيرة، وأصابته عقدة “الماركات” فالخليجي دائماً ما يصاحبه “التفاخر” وهو سبب لحجم غير مسبوق في أي دولة، فينفق 1200 دولار على ملابسه شهرياً بينما البريطاني ينفق 120 دولاراً فقط.. ويشتري الخليجي هذه السيارة لأنها ماركة “كذا” وحديثة وكيف لا يملكها بينما يملكها غيره.. ويسافر إلى سويسرا لأن أصدقائه الأثرياء ذهبوا إليها وهو ليس بأقل منهم.. هكذا يتحول الإنفاق إلى كارثة بسبب بعض المشكلات النفسية.

تهديدات أوروبية
“داعش” ساهم بشكل غير مباشر في تغيير وجهة السائحين والمسافرين الخليجيين من السفر إلى دول الشرق الأوسط إلى أوروبا.. فهل يستمر تدفقهم إلى أوروبا في ظل تهديدات بعمليات نوعية فردية على نهج ما أعلنه التنظيم المتطرف من عمليات الذئاب المنفردة التي قد تستهدف مجموعات سياحية أو أفراد هناك، وهل يتأثر سفرهم إلى أوروبا بحجم اللاجئين الذين استقبلتهم أوروبا على اراضيها؟.. هل يأمن الخليجيون الإجراءات المتصاعدة التي سيفعلها الأوروبيون ضد مواطني الشرق الأوسط والإسلاميين عامة لحفظ أمنهم في ظل حكومات وأنظمة صاعدة بقوة تعلن موقفها العدائي من المسلمين؟

سويسرا أنعشها السعوديون
الخليجيون بأموالهم نجحوا في أن ينعشوا “سويسرا”، ويضعونها كأهم الوجهات السياحية للعرب بمجرد إندلاع إنتفاضات 2011 بالشرق الأوسط، ويكفي أن نعلم أن أكثر من 165 ألف سائح خليجي زار سويسرا في 2012 بمعدل 500 مليون ليلة سياحية في مختلف الفنادق والمنتجعات السياحية ومنها 193 ألف ليلة فندقية خاصة بالسياح السعوديين فقط.. فهل يعود الخليجيون للإنفاق على جولاتهم الخارجية في مناطقهم بعد إستقرار الأمور بها وتزايد المضايقات السياسية الدولية لأصحاب البشرة الشرق اوسطية في أوروبا؟.. إذ أن هذه الأموال بالتأكيد ستنعش خزائن دول عربية كثيرة وعلى رأسها “مصر وتونس والمغرب”، التي أخذت أوروبا أغلب مواردها من السياحة الخليجية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب