24 أبريل، 2024 3:36 ص
Search
Close this search box.

بعد إعلان حالة الطواريء .. إثيوبيا إلى أين ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت : نشوى الحفني :

تتطور الأزمة الداخلية التي تمر بها “إثيوبيا” بشكل سريع، حيث أعلنت أديس أبابا فرض حالة الطوارئ، الجمعة 16 شباط/فبراير 2018، بعد يوم واحد من إعلان رئيس الوزراء، “هايلي مريم ديسالين” استقالته.

وقد استقال “ديسالين”، الخميس الماضي، وسط اضطرابات وأزمة سياسية تضرب البلد الإفريقي.

وتعتبر هذه المرة الثانية التي تعلن فيها إثيوبيا حالة الطوارئ في غضون عامين، وكانت قد أعلنتها سابقاً في الفترة من تشرين أول/أكتوبر 2016، وحتى آب/أغسطس 2017.

تواجه احتجاجات واسعة منذ عامين..

تواجه الحكومة الإثيوبية حركة احتجاجات واسعة النطاق مناهضة للحكومة ومستمرة منذ أكثر من عامين، شهدت مقتل المئات وإحتجاز الآلاف، معظمهم تم إطلاق سراحه، إثر وعود من رئيس الوزراء في 3 كانون ثان/يناير الماضي؛ بالإفراج عن بعض السياسيين بهدف “تحسن التوافق الوطني”.

وتعكس التظاهرات أساساً تململ “اتنيتي الأورومو”، (جنوب وغرب)، و”الأمهرة”، (شمال)، وهما الأكبر في البلاد، ما يعتبرونه حضوراً مبالغًا فيه لأقلية “التيغري” في الجبهة الحاكمة داخل البلاد بلا منازع، منذ 1991، وبشكل عام احتجاجاً على التضييق على الحريات الفردية وإنعدام التوازن في توزيع الثروات.

لإيجاد حل دائم للوضع الحالي..

أوضح مجلس الوزراء أنه أعلن حال الطوارئ لأن الاحتجاجات تسببت في سقوط جرحى وقتلى، ونزوح مواطنين، ودمار ممتلكات، وهجمات على أساس عرقي، وتهديد للنظام الدستوري للبلاد، ولم يوضح، البيان الصادر عنه، مدة سريان حالة الطوارئ.

وقال “ديسالين” إنه قرر الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء والحزب الحاكم؛ ليكون جزءًا من الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم للوضع الحالي، وعلم أن أوراق الاستقالة قبلت من قبل حزبه، ولكن أورق استقالته من رئاسة الوزراء سيتم تقديمها أمام مجلس النواب.

يواجه خياراً صعباً..

وكالة (بلومبيرغ) الأميركية؛ سلطت الضوء على الوضع في إثيوبيا بعد استقالة رئيس الوزراء، “هايلي ماريام ديسالين”، وقالت: “إن الحزب الحاكم في تلك الدولة الإفريقية يواجه خيارًا صعبًا الآن، تعيين أحد المتشددين لإنهاء أشهر من المعارضة، أو إستبداله بشخص ما يسمح بمزيد من الحرية السياسية”.

وقالت الوكالة الأميركية، نقلًا عن محللين سياسيين في العاصمة أديس أبابا، إن القرار الذي تتخذه إثيوبيا، سوف يحدد إذا ما كانت إحدى أسرع الاقتصاديات نموًا في إفريقيا سوف يستقر أو يتدهور ليصل إلى مرحلة حرب أهلية وحمام دماء.

أطلقت سراح مئات من المعتقلين..

واجه حزب “الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية”، تشتتًا على خلفية المظاهرات العنيفة في أنحاء البلاد منذ 2015، وفشلت حالة الطوارئ العام التالي في إنهاء العنف المتمركز بشكل رئيس في “أوروميا وأمهرة” – موطن أكبر المجموعات العرقية التي تقول إنها مستبعدة من السلطة السياسية والاقتصادية – وغيّرت الحكومة من طريقتها في التعامل مع المتظاهرين بإطلاق سراح مئات من معتلقي السياسة، واعدة بإصلاحات مستقبلية.

آثارها تعتمد على من سيتولى بعده..

يقول “هاليلوغا لولي”، أحد المحللين السياسيين المستقلين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا: “للاستقالة أهمية رمزية كبيرة، لكن آثارها على الاقتصاد السياسي تعتمد على من سيحل محله وتحت أي شروط، ولن يكون الإنتقال كاملًا بدون إصلاح سياسات صنع القرار الاقتصادي وتحرير المجال السياسي”.

وتضيف الوكالة الأميركية، إثيوبيا هي إحدى حلفاء الولايات المتحدة المهمينة في حربها ضد “القاعدة” في القرن الإفريقي، وموطن أكثر من 100 مليون شخص، ويستثمر في إثيوبيا شركات كبرى منها شركات جنوب إفريقية وشركات صينية.

وأصبحت إثيوبيا دولة فيدرالية تحت حكم “الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية”، والتي استطاعت السيطرة على الحكم عام 1991 بعد أن طردت النظام العسكري، وأعطت إثيوبيا الحكم الذاتي لعدد من الأقليات المتواجدة بها، وتمثل مجتمعات “الأورومو” و”أمهرة” معًا أكثر من نصف عدد سكان الدولة الإفريقية، ويدّعي نشطاء كلا المجموعتين العرقيتين أن أقلية “التغراي” تسيطر على الحكومة الاستبدادية.

جماعة “تيغرايان” تسيطر على كل شيء..

قال “أحمد سالم”، نائب رئيس شركة “تينيو إنتليغانس” في دبي: “ينبع كثير من الغضب الشعبي، من حقيقة أن جماعة تيغرايان العرقية، التي تمثل 6% من السكان، تسيطر على المصالح التجارية الرئيسة، وتتحكم في المناصب العليا في الحكومة والجيش، وتمتلك قطعًا كبيرة من الأرض، على حساب الجماعات العرقية الأخرى”.

و”هايلي ماريام”، الذي خلف رئيس الوزراء السابق، “ملس زيناوي”، بعد موته في 2012، حاول أن يعيد التوازن إلى الحكومة بتعيين نائبين له من أعضاء منطقتي “أوروميا” و”أمهرة”، بالإضافة لنائب من “تيغرايان”، ولكن يجب على الحزب الآن أن يختار أحد هؤلاء الثلاثة ليكون رئيسًا للوزراء، وليثبت أنه جاد حول إجراء إصلاحات سياسية.

ويقول “غاريد غيفري”، محلل في شبكة “بارل” الجنوب إفريقية المتخصصة في الاقتصاد الإفريقي: “يتنافس على المنصب ليما ميغيرسا، ووركنيه غيبيهو، وكلاهما عضو في منظمة أورومو الشعبية الديمقراطية”.

تؤدي إلى تقليص التوترات في إثيوبيا..

أما “برونوين بروتون”، محلل في المجلس الأطلسي بواشنطن، قال: “إذا كان المقصود من رحيل هيليماريام إفساح المجال لتعيين زعيم من الأورومو في منصب رئيس الوزراء، فسوف تؤدي تلك الحركة إلى تقليص التوترات في أثيوبيا”.

إعلان الطوارئ سيؤدي إلى إنفجار الأوضاع..

تابع “برونوين”، إذا أراد الحزب الحاكم إستبدال “هيلماريام” بأحد متشددي “جماعة تيغرايان”، إلا أن الأسوأ من ذلك، هو العودة للعمل بالقوانين العرفية وإعلان حالة الطوارئ، لأنها ستؤدي إلى إنفجار الأوضاع في الدولة الإفريقية بسهولة.

ستحدث مشاكل بسبب استقالة رئيس الوزراء..

فيما قالت، خبير العلوم السياسية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية، الدكتورة “هبة البشبيشي”، إنه حتى الآن لا توجد أي أسماء مطروحة لخلافة رئيس الوزراء الإثيوبي، “ديسالين”، لأن البرلمان الإثيوبي لم يقدم موافقة كاملة على استقالته، ومن وافق فقط “الحزب الحاكم”، فلا جديد حتى الآن رغم الاحتفالات من قبل المعارضة في أديس أبابا.

وأضافت: أن “التيغراي يحكم إثيوبيا منذ عدة عقود، وغالباً ستحدث مشاكل عديدة في الفترة الحالية بسبب استقالة رئيس الوزراء، فالحكم في الدول الإفريقية صعب للغاية أن يوجد تفاهم بين القوى السياسية الحاكمة والمعارضة، ولم يحدث هذا التفاهم سوى في جنوب إفريقيا وبشروط”.

وتابعت “البشبيشي”: أنه “لا أحد يعلم، حتى هذه اللحظة، إمكانية موافقة التيغراي على إعطاء الأورومو بعض الوزارات الغير سيادية وبعض المقاعد في البرلمان، ليصبح لهم تمثيل بنسب ضئيلة، ومن الممكن أن يكون هذا الحل بالنسبة للتيغراي أفضل من الحل الذي يتمثل في التنازل لقبائل الأورومو عن الحكم، بسبب وجود مثقفين كثيرين لديهم القدرة على ملئ فراغ ديسالين”.

وأوضحت “البشبيشي” أن السلطات في إثيوبيا تريد أن تخرج من أزمة التظاهرات ضد النظام الحاكم في البلاد، إذ أفرجت عن بعض قيادات “الأورومو”، وهناك عدد آخر من القيادات رشحت أسماؤهم للإفراج عنهم أيضاً، ومن الممكن أن تجرى تحقيقات في تعامل الأمن مع المتظاهرين والقتل العمد لـ 6 جامعيين على يد الشرطة.

يتوقع أن يأتي رئيس وزراء من نفس حزب “ديسالين”..

أشارت إلى أن نظام الحكم في إثيوبيا مثل بريطانيا، فالحاكم الفعلي للبلاد هو رئيس الوزراء وليس الرئيس، ومن المتوقع أن يأتي رئيس وزراء من نفس الحزب الذي ينتمي إليه “ديسالين”، حتى لا يحكم أي عرق آخر، موضحة أن أبرز الأعراق في إثيوبيا هي “التيغراي”، “الأورومو”، “الأمهرة”، “الفلاشا”، و”الماساي”.

وأكدت خبير العلوم السياسية؛ أن “ديسالين” نجح في إدارة بعض الملفات مثل الصناعة، إضافة إلى أنه أكثر شخص في إثيوبيا ملم بملف “سد النهضة”، لكن من المتوقع أن يكون قد مورست ضده أو تلقى تهديدات.

حدثت رغماً عن إرادة الرئيس الإثيوبي..

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور “أيمن شبانة”، أوضح أن استقالة رئيس وزراء إثيوبيا، “هايلي ماريام ديسالين”، حدثت رغمًا عن إرادة الرئيس الإثيوبي، مؤكدًا على أن النظام الإثيوبي يقمع المعارضة ويتعامل معهم بأقصى أنواع العقاب، سواء بالحرمان من المشاركة السياسية، أو بالتعذيب والقتل، رغم أن هذا النظام ينتمي لجماعة لا يتجاوز وزنها 6% من الشعب الإثيوبي.

وأضاف أن الحزب الحاكم اضطر إلى مطالبة رئيس الوزراء بالاستقالة، وتمت التضحية برئيس الوزراء بهدف إنقاذ النظام الحاكم من ثورة شعبية، لافتًا إلى أن البرلمان الإثيوبي يُسيطر عليه الحزب الحاكم بنسبة 100%.

لن تنعكس على مسار مفاوضات أزمة “سد النهضة”..

أوضح أن استقالة رئيس وزراء إثيوبيا لن تنعكس على مسار المفاوضات مع مصر حول أزمة “سد النهضة”، لأن هذه المفاوضات يُديرها الحزب الحاكم الإثيوبي، ولا يُديرها رئيس الوزراء الإثيوبي فحسب.

وأتفق معه رئيس بحوث السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور “هانئ رسلان”، قائلاً إن استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي، قد تعطي مرونة في التفاوض بملف “سد النهضة” الإثيوبي، موضحاً أن تجدد اضطرابات إقليمي “الأورومو” و”أمهرا” بإثيوبيا وراء استقالة “ديسالين”.

خسر معركته الداخلية..

كشف “رسلان” أن رئيس الوزراء الإثيوبي المستقيل خسر معركته الداخلية، وأن خروجه من السلطة كان متوقعاً، موضحاً أن “ديسالين” خسر معركته مع أصحاب النفوذ من مجموعة “التغراي” الإثنية وخرج من وظيفته كما هو متوقع.

ستكون أكثر مرونة..

بسؤاله عما إذا كان استمرار حالة الاضطرابات الداخلية والتوترات السياسية التي تعيشها أديس أبابا، في صالح مصر أم ضدها، قال إن استمرار الاضطرابات يضعف موقف السلطة الحاكمة؛ وربما يجعلها هذا أكثر مرونة في المفاوضات، في إشارة إلى مفاوضات “سد النهضة”.

وحول تأثيرات استقالة “ديسالين” على قضية “سد النهضة”، سواء من حيث عمليات البناء أو التفاوض مع مصر، أشار إلى الإنتظار لرؤية إتجاهات المجموعة الجديدة وكيفية إدارتها للأمور.

وحول الوضع الداخلي القائم في أديس أبابا، أوضح “رسلان” أن الجماعة المنتصرة هم القوميين “التغراي”؛ وهؤلاء لا يهتمون بالمشروعات الكبرى والاتحادية وجل تركيزهم على الوصول إلى تسويات مع القوميات تضمن إستدامة بقائهم في السلطة.

وأشار “رسلان” إلى أن “سيوم مسفن”، القيادي الكبير في الجبهة الحاكمة بإثيوبيا، و”أزيب مسفن”، (أرملة رئيس الوزراء الراحل مليس زيناوي)، معنيين بالصراعات الداخلية، موضحاً أنهم وجوه قوية وقادرة على الوصول إلى تسويات مع دول الإقليم.

وتابع المتخصص في الشأن الإفريقي، أن مجموعة “سيوم مسفين” هم تغراويين وكانوا مع “زيناوي”، ولكنهم يختلفون عنه فى عدم وجود الطموح للسيطرة الاتحادية على القوميات الأخرى داخل إثيوبيا أو على مستوى الإقليم، وإنما لديهم شعور أقوى بخطورة التوازنات الداخلية وأهمية الحفاظ على التوازنات، ومن ثم الحفاظ على سيطرتهم على السلطة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب