خاص : كتبت – نشوى الحفني:
أُعلن فجر أمس الأربعاء؛ التوصل إلى اتفاق بين “إسرائيل” و(حماس)؛ بوسّاطة “قطرية-مصرية” تُطلق الحركة بموجبه: 50 من النساء والأطفال من الذين احتجزتهم خلال هجومها على “إسرائيل”؛ التي تُفرج بدورها عن: 150 من السجناء الفلسطينيين، من النساء والأطفال.
كشفت حركة (حماس) الفلسطينية في بيانٍ لها؛ فجر الأربعاء، التفاصيل الكاملة حول التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار مؤقت لمدة أربع أيام مع الجانب الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الاتفاق يتم بموجبه إبرام صفقة لتبادل الأسرى بين حركة (حماس) و”تل أبيب”، ووقف كافة الأعمال العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في كافة مناطق “غزة”، ووقف حركة آلياته العسكرية المتوغلة في القطاع.
وأشادت (حماس) بالجهود المصرية والقطرية في التوصل للاتفاق من خلال الجهود الحثيثة والمقدرة من قيادة الحركة للبلدين، مؤكدة أن الاتفاق يشمل إدخال مئات الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود، إلى كل مناطق “قطاع غزة”، بلا استثناء شمالاً وجنوبًا، وإطلاق سراح: 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال دون سّن (19 عامًا)، مقابل الإفراج عن: 150 من النساء والأطفال من أبناء الشعب الفلسطيني من سجون الاحتلال الإسرائيلي؛ دون سّن (19 عامًا)، وذلك كله حسّب الأقدمية.
بنود الاتفاق..
يشمل الاتفاق وقف حركة الطيران في جنوب “غزة” على مدار الأربعة أيام، وقف حركة الطيران في شمال القطاع لمدة 06 ساعات يوميًا من الساعة 10:00 صباحًا حتى الساعة 4:00 مساء، بحسّب بيان (حماس).
وأكدت (حماس) أنه خلال فترة الهدنة؛ يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بعدم التعرض لأحد أو اعتقال أحد في كل مناطق “قطاع غزة”، ضمان حرية حركة الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه على طول “شارع صلاح الدين”.
وأوضحت (حماس) أن بنود هذا الاتفاق قد صيّغت وفق رؤية المقاومة ومحدداتها التي تهدف إلى خدمة الفلسطينيين وتعزيز صمودهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وعينُها دومًا على تضحيَّاته ومعاناته وهمومه، وأدارت تلك المفاوضات من موقع الثبات والقوة في الميدان، رُغم محاولات الاحتلال تطويل أمد المفاوضات والمماطلة فيها.
ستبقى يدها على الزناد..
وأكدت (حماس) أنه مع إعلان التوصل لاتفاق الهدنة؛ فإنها تؤكد أن أيديها ستبقى على الزناد، للدفاع عن الشعب الفلسطيني ودحر الاحتلال والعدوان.
ووعدت (حماس)؛ الشعب الفلسطيني، بأنها ستكون من الأوفياء لدمائهم وتضحياتهم وصبرهم ورباطهم وتطلعاتهم في التحرير والحرية واستعادة الحقوق وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها “القدس”.
وفي وقتٍ سابق الأربعاء؛ كانت هيئة البث العبرية الرسّمية قد قالت، إن: “الحكومة الإسرائيلية وافقت على الاتفاق مع حركة (حماس) لإطلاق سراح نحو: 50 طفلاً وأمًا وامرأة من الأسر في غزة على مدار أربعة أيام، يكون خلالها تهدئة”.
قائمة إسرائيلية بـ 300 أسير..
ونشرت “إسرائيل”، الأربعاء أيضًا، قائمة بأسماء: 300 أسير فلسطيني يمكن إطلاق سراحهم، كجزء من اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه مع حركة (حماس). وبموجب الاتفاق، ستُطلق “إسرائيل” سراح: 150 أسيرًا فلسطينيًا مقابل: 50 رهينة إسرائيلية محتجزة لدى (حماس)، في الأيام الأربعة الأولى من الهدنة.
وبحسّب صحيفة (تايمز أوف إسرائيل)؛ فإنه سيتم إطلاق سراح المزيد من الأسرى الفلسطينيين وفقًا لنفس النسّبة من قائمة: الـ 300 اسم التي تم الإعلان عنها، إذا تم إطلاق سراح المزيد من الرهائن.
وقالت الصحيفة إن الغالبية العظمى؛ 287 من أصل: 300 من الأسرى، هم من الذكور الذين تبلغ أعمارهم: (18 عامًا) أو أقل، معظمهم محتجزون بسبب أعمال شغب وإلقاء الحجارة في “الضفة الغربية” أو “القدس الشرقية”، أما الـ 13 المتبقون فهم من النساء البالغات، ومعظمهن تمت إدانتهن بمحاولات طعن إرهابية.
وفي 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي، أسرت (حماس) من مسّتوطنات محيط “غزة” نحو: 239 إسرائيليًا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من: 07 آلاف أسير فلسطيني في سجون “إسرائيل”.
شكوك حول وقف دائم لإطلاق النار..
ورُغم الضجة التي رافقت التوصل إلى اتفاق الهدنة بين (حماس) و”إسرائيل”؛ فإن هناك شكوكًا حول إمكانية أن تتحول تلك الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار في وقتٍ ما يزال فيه قادة الجيش الإسرائيلي يصرون على ضرورة مواصلة الأعمال العسكرية في “غزة” ويُعربون صراحة عن استعدادهم لمواصلتها بقوة أكبر بعد إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين؛ وانتهاء أيام الهدنة الأربعة.
وكانت تقارير عدة قد أشارت إلى أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تُمثل تلك الهدنة نوعًا من الانتصار لـ (حماس) والهزيمة للجيش الإسرائيلي؛ بينما كانوا هم يصرون على إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين دون مقابل أو بعملية عسكرية.
ومنذ 07 تشرين أول/أكتوبر؛ يُشّن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على “غزة”، خلّفت أكثر من: 14 ألفًا و128 قتيلاً فلسطينيًا، بينهم أكثر من: 05 آلاف و840 طفلاً و03 آلاف و920 امرأة، فضلاً عن أكثر من: 33 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي بـ”غزة”.
لصالح “حماس”..
تعليقًا على الهدنة؛ يرى المحلل السياسي الفلسطيني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس؛ “أيمن الرقب”، أن اتفاق الهدنة سيكون في الغالب لصالح (حماس)، التي: “أجبرت إسرائيل على القبول بشروطها والتفاوض، في وقتٍ كانت تُصّر إسرائيل على رفض الهدنة منذ أسابيع”، وفق تعبيره.
مضيفًا في حديثه لموقع (سكاي نيوز عربية)؛ أن: “الجيش الإسرائيلي عانى خسائر كبيرة في العدد والعتاد، واضطر إلى الهدنة بعد الإخفاق في تحرير الرهائن وازدياد الغضب الدولي من ممارساته في قطاع غزة”.
وتتحدث تقارير إسرائيلية عن غضب وسط الرأي العام الداخلي من الإخفاق الاستخباراتي والعسكري في تقدير قدرات (حماس) على القيام بهجمات 07 تشرين أول/أكتوبر، فضلاً عن الفشل في تحرير أكثر من: 240 رهينة من قبضة الحركة طوال 45 يومًا من الحرب المستمرة؛ التي فاقمت أزمة الاقتصاد الإسرائيلي، وكلفت الداعمين الغربيين ملايين الدولارات.
استفادة وخسارة مشتركة..
ويرى الباحث اللبناني في الشؤون الدولية مؤسس ومدير مركز (سيتا) للدراسات؛ “علوان أمين الدين”، أن: “الطرفين مسّتفيدان من الهدنة وخاسران في نفس الوقت من الحرب، لأنه لا رابح من القتال”.
وأضاف “أمين الدين”: “تبقى هناك خسائر فادحة لإسرائيل على المسّتويين العسكري والسياسي والاقتصادي أيضًا، كما أنها تُريد أن تُفرمل حرب المدن والشوارع، أما بالنسبة لحركة (حماس) التي أجادت استخدام (المسافة صفر) لإلحاق أكبر خسائر ممكنة بجيش إسرائيل، فهي تُريد بالمقام الأول أن توقف الخسائر البشرية والممتلكات والبُنية التحتية نتيجة قصف الطيران الحربي والمدفعي المستمر ليل نهار على قطاع غزة، في حرب مستمرة لأكثر من 46 يومًا”.
وتابع: “(حماس) ستسّتفيد بصورة كبيرة من تأمين مصادر للوقود والأدوية والأغذية، وتأمين نقل الجرحى من المعارك وأماكن القصف، والاستعداد لأرض جديدة للمعارك، لأن الحركة ومعها الفصائل تُدرك أن الهدنة مؤقتة والجيش الإسرائيلي يُريد أن يتدارك خسائره ويُعدّل خططه، بعدما أخفق الحصار البري أن يُسّفر عن تقدم ملحوظ”.
خسائر “إسرائيل” ومكاسب “حماس”..
ويتطرق الباحث اللبناني إلى كفَّتَي (حماس) و”إسرائيل” في ميزان الربح والخسارة؛ نتيجة الهدنة المؤقتة في “غزة”، قائلاً: “تاريخيًا وطوال قرابة: الـ 08 عقود، تسّقط دولة إسرائيل في معاركها الحربية خلال المواجهات المباشرة على الأرض”.
كما أن (حماس) كسّبت تعاطفًا دوليًا شّبه شامل، لا سيما مع ضراوة الضربات للمقرات الأممية والمستشفيات ومقتل آلاف الأطفال والنساء.
مضيفًا أن “إسرائيل” خسّرت مكانتها لدى الظهير الشعبي الأوروبي، المتضامن معها منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي.
بالإضافة إلى أن هناك ضجر غربي من فاتورة الدعم المرهق لـ”إسرائيل”، في ظل أزمة اقتصادية فاقمتها حرب “أوكرانيا” وأزمتا الطاقة والإنتاج بـ”أوروبا”.
وظفرت الفصائل الفلسطينية، في مقدمتها (حماس)، بدعم سياسي كبير من أطراف دولية قوية، بينها “روسيا والصين”.
كما أن الهدنة تُعتبر انتصار عسكري وسياسي لـ (حماس)؛ بنجاحها في التصدي القتالي على الأرض، وفرض شروطها في الهدنة المؤقتة.