25 أبريل، 2024 10:09 م
Search
Close this search box.

بعد إتهام “دوشنبه” لطهران بدعم الانقلابات .. هل العلاقات الإيرانية الطاغيكية تسير نحو الانهيار ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في إطار الأدوار العديدة التي تلعبها إيران في كل دول العالم والتي من شأنها زعزعة أمن واستقرار الدول، وفي خطوة من شأنها القضاء على مستقبل العلاقات بين البلدين، اتهمت “طاغيكستان” إيران, الأربعاء 9 آب/أغسطس 2017, بإرسال قتلة ومخربين إلى الجمهورية السوفياتية السابقة وذلك خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي أثناء الحرب الأهلية في البلاد.

واعترف ثلاثة من مواطني “طاغيكستان”, عبر فيلم وثائقي عرضه التليفزيون الحكومي, بتنفيذ سلسلة اغتيالات سياسية شملت شخصيات عامة وشن هجمات على قاعدة عسكرية روسية هناك.

أول اتهام علني لإيران..

تمثل هذه الاعترافات أول اتهام علني لإيران بالتدخل في الحرب الأهلية في طاغيكستان (بين عامي 1992 و1997), بعدما بثت لقطات لمتهمين تلقوا تدريبات في إيران.

ووصف الفيلم الرجال الثلاثة بأنهم من أنصار “عبد الحليم نازارزودا”, النائب السابق لوزير الدفاع, وهو جنرال سابق متمرد قتلته قوات الأمن عام 2015 بعد محاولة انقلاب فاشلة.

و”طاغيكستان” دولة فقيرة, يبلغ عدد سكانها نحو تسعة ملايين نسمة, وتفصل أفغانستان بينها وبين إيران.

إيران تنفي..

من جانبها نفت إيران, الخميس 10 آب/أغسطس الجاري، الاتهامات التي وجهتها لها “طاغيكستان”، معتبرة أن هذه المزاعم تهدف إلى إفساد العلاقات الثنائية بين البلدين.

فقالت السفارة الإيرانية في طاغيكستان, في بيان لها، أن الاتهامات التي وردت في برنامج عرضه تليفزيون هذا البلد لا تتمتع بالمصداقية ولا أساس لها، معربةً عن الأسف لكيل مثل هذه الاتهامات التي لا أساس لها.

مضيفة: “إن الادعاءات المطروحة في هذا الفيلم, من قبل أشخاص مسجونين, نقلاً عن أشخاص ليسوا على قيد الحياة لا يمكن أن يكون لها مصداقية”.

إيران أنهت الحرب الأهلية..

لفت بيان السفارة الإيرانية إلى أن “الذاكرة التاريخية للشعب الطاغيكي الشريف لن تنسى مطلقاً أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية, باعتبارها الطرف الضامن الرئيس للسلام في طاغيكستان والبلد المضيف لمفاوضات الأطراف المتصارعة، قد قامت بدور بناء لإنهاء الحرب الأهلية في هذا البلد في التسعينيات”.

وأشارت البعثة الدبلوماسية الإيرانية في العاصمة الطاغيكية “دوشنبه” إلى أن إيران كانت أول وأكبر ضحية للإرهاب, وهي في نفس الوقت “كانت رائدة في إنشاء المشاريع العمرانية في طاغيكستان وقدمت لها المساعدات من أجل تعزيز الاستقرار وتحقيق التنمية والمساعدة على المحافظة على الاستقلال والأمن المستديم في طاغيكستان”.

محاولة لبث الفتنة بين البلدين..

رأى  البيان الإيراني أن عرض مثل هذا الفيلم, الذي وصفه بالمغرض, “بعد زيارة وزير الطاقة والموارد المائية والرئيس الطاغيكي في لجنة التعاون المشتركة بين البلدين إلى طهران للمشاركة في مراسم أداء الرئيس الإيراني اليمين الدستورية بالنيابة عن رئيس جمهورية طاغيكستان، بأنه محاولة من قبل بعض الأطراف التي لا ترغب بتعزيز علاقات الصداقة بين البلدين”.

انتاج سعودي..

اتهم الخبير الروسي “الكساندر كنيازوف”, السعودية بدعمها انتاج الفيلم الوثائقي المسيء لإيران، قائلاً أن الهدف من وراء انتاج هذا الفيلم الوثائقي المسيء لإيران يتمثل بتأجيج التوتر بين إيران وطاغيكستان, وقد تم بطلب سعودي.

تدهور العلاقات منذ 2016..

تتحدث الأوساط الدبلوماسية عن تدهور العلاقات بين البلدين منذ عامين.

وتوترت العلاقات بين البلدين الناطقين بالفارسية وتقطنهما أغلبية مسلمة, منذ أن حضر أحد زعماء حزب إسلامي طاغيكستاني, محظور علناً, مؤتمراً في طهران خلال كانون أول/ديسمبر عام 2015، مما أغضب “دوشنبه”, بعدما شهدت العلاقات تقدماً في زمن الرئيس الإيراني الأسبق “محمود أحمدي نجاد”.

محاكمة استعراضية..

كانت طاغيكستان قد أجرت محاكمات استعراضية في السابق, وصدر حكم على واحد فقط من الرجال الثلاثة. وقال الفيلم الوثائقي إنه يقضي فترة عقوبة مدتها 18 عاماً لإدانته بالقتل والتخريب وحيازة سلاح بشكل غير قانوني, ولم تصدر أحكام بعد على الاثنين الآخرين.

ووصف الفيلم الرجال الثلاثة بأنهم من أنصار “عبد الحليم نازارزودا” النائب السابق لوزير الدفاع وهو جنرال سابق متمرد.

وقتلت قوات الأمن “نازارزودا” في عام 2015, بعد محاولة انقلاب فاشلة اشتبك فيها مسلحون موالون له مع قوات حكومية في معارك سقط فيها عشرات القتلى، كما لم يتضح ما إذا كان الرجال الثلاثة شاركوا في محاولة الانقلاب الفاشلة.

رهن العلاقات ..

اتهمت حكومة الرئيس “إمام علي رحمانوف” معارضيها السياسيين من “حزب النهضة الإسلامية” في طاغيكستان بأنهم كانوا وراء تدبير محاولة الانقلاب، وحظرت الحزب فيما بعد، وسجنت بعض قياداته.

ورهنت طاغيكستان تطوير العلاقات الدبلوماسية مع إيران, باعتبارها “حزب النهضة” منظمة إرهابية, بحسب وسائل إعلام إيرانية.

وأفادت مصادر، بأن لقاءات عدة بين المسؤولين في البلدين عقدت لبحث الخلافات، لكنها أخفقت في التوصل إلى أية نتائج، وتطالب طاغيكستان إيران باعتبار “حزب النهضة الإسلامية” جماعة إرهابية.

وفر زعيم الحزب “محيي الدين كبيري” من البلاد, ووضع اسمه على قائمة المطلوبين. وبعد ذلك حضر المؤتمر في إيران، مما أثار تعليقات غاضبة في “دوشنبه”.

إغلاق المكاتب التجارية والثقافية..

في نهاية كانون ثان/يناير الماضي، أعلنت السفارة الإيرانية في طاغيكستان إغلاق المكاتب التجارية والثقافية في “خجند” شمال طاغيكستان بناء على مطالب السلطات المحلية.

وجاء ذلك بعد إغلاق الملحق الثقافي الإيراني والمستشفى المشترك بين منظمتي هلال الأحمر الإيراني والطاغيكي، إضافة إلى “مكتب إمداد الخميني” في العاصمة الطاغيكية “دوشنبه” خلال العامين الأخيرين.

خطوات متسارعة للابتعاد عن أيران..

كان موقع “أوراسيا نت” الأميركي قد كشف عن اتخاذ طاغيكستان خطوات متسارعة للابتعاد عن إيران والاتجاه نحو السعودية، مشيراً إلى إغلاق “مركز إيران للتجارة والثقافة” أبوابه هناك.

ولَمَّح الموقع الأميركي إلى أن كل الشواهد تدل على أن إغلاق المركز جاء بطلب من الحكومات الطاغيكية، كذلك تم حظر تداول أعمال “آية الله الخميني” وغيره من رجال الدين الشيعة الإيرانيين المشهورين.

وأَدْغَمَ الموقع أنه في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات حالة من البرود بين طاغيكستان وإيران، فإن العلاقة تتطور بين طاغيكستان والسعودية.

وذكر أن “الصندوق السعودي للتنمية” قدم في أيار/مايو الماضي, 35 مليون دولار لبناء 30 مدرسة للمرحلة المتوسطة في المحافظات الطاغيكية، وهناك حديث عن أن الرياض قد تدرس دعم بناء سد ضخم هناك.

سبب رفض عضوية إيران..

ذكرت صحيفة روسية أن طاغيكستان كانت سبباً في رفض عضوية إيران في “منظمة شنغهاي للتعاون”.

ونقلت صحيفة “إيزوستيا” الروسية, في نيسان/إبريل الماضي, عن أحد أعضاء الهيئة الروسية في المؤتمر، أن سبب معارضة طاغيكستان لعضوية إيران، يعود إلى اللقاءات بين كبار المسؤولين في النظام الإيراني وزعيم المعرضة الطاغيكية.

أبعاد أخرى..

تقول المصادر إن الخلافات بين البلدين لها أبعاد أخرى.. الأموال والأصول العقارية التي يمتلكها التاجر الإيراني “بابك زنجاني” في طاغيكستان والمسجون في طهران حالياً، هي إحدى أوجه الخلاف بين البلدين، وقد أصدر القضاء الإيراني حكماً بإعدام “زنجاني” لتهم تتعلق بـ”الفساد المالي وسرقة أموال الدولة”.

وتتهم إيران “بابك زنجاني” ببيع ما قيمته مليار دولار من النفط الإيراني, أثناء فترة العقوبات التي كانت مفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي، ولكنه لم ينقل المبلغ إلى خزينة الدولة. وتقول وزارة النفط الإيرانية إن معظم المبلغ أودعه “زنجاني” في البنوك الطاغيكية، وهذا ما تنفيه “دوشنبه”.

طموح إيراني لضم طاغيكستان..

من جانبه يقول المتخصص في الشأن الإيراني “د. محمد محسن أبو النور”، لـ(كتابات)، أن غالبية الشعب الطاغيكي يتبع المذهب السني, ويشكل المسلمون 98% من السكان, ويشكل السنة ما نسبته 90 %, بينما تبلغ نسبة الشيعة 3% فقط، وكانت “دوشنبه” جزءاً من الجمهوريات الإسلامية التابعة للاتحاد السوفياتي قبل انفصالها وتفكك الاتحاد في 26 كانون أول/ديسمبر عام 1991.

مضيفاً أنه أول اتهام علني لطهران بالتدخل في الحرب الأهلية في طاغيكستان, التي وقعت بين عامي 1992 – 1997، وهي سنوات واقعة بالفترة التي تقلد فيها الرئيس الإيراني الراحل “هاشمى رفسنجاني” السلطة (1989 ـ 1997)، وهو ما تنفيه إيران باستمرار حول ضلوعها في إشعال الحرب الأهلية في طاغيكستان.

لافتاً “أبو النور” إلى أن طاغيكستان تعد إحدى الدول الثلاث الناطقة بالفارسية, إلى جانب إيران وأفغانستان، لكن أهلها يكتبون الفارسية بحروف لاتينية على غرار اللغة التركية الحالية، وتعتبر إيران هذه الدولة إحدى مناطق النفوذ الحيوي لها.

موضحاً أن لدى صناع القرار في إيران طموح شديد لضم طاغيكستان, أو جعلها إحدى الدول التي تدور في فلك طهران على غرار دمشق وبغداد، ما يفسر إثارة الفوضى من جانب مؤسسات الدولة الإيرانية في الجمهورية السوفياتية المستقلة حديثاً، وهو ما تواجهه الحكومة في “دوشنبه” بحزم بالغ.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب