20 أبريل، 2024 1:21 ص
Search
Close this search box.

بعد أن وضعوه بوجه “المدفع” .. هل يدير تحالف “سائرون” الحكومة خلفًا لـ”عبدالمهدي” ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – هانم التمساح :

أحدثت ساحات الاعتصام، في “بغداد” والمحافظات؛ إرتباكًا بين الفرقاء السياسيين وللبنية المجتمعية، بل تعدّت ذلك إلى تقاذف التهم بين الفرقاء السياسيين، الذين أجهزوا على الوطن وتقاسموه بينهم لسنوات، وفي كل مرة يختلف فيها الفرقاء كان يتوجه ساسة المكون الشيعي الممسكين بالسلطة التنفيذية، إلى “النجف” للشكوى عند المرجع الأعلى، آية الله “علي السيستاني”، لكنه كان واضحًا في توجيهاته المتكررة بوقف الفساد وإدارة أمور الناس بالحُسنى، كما يعلن ممثلوه كل يوم جمعة من منبرَيْ “النجف” و”كربلاء”..

شركاء الأمس أصبحوا أعداء اليوم واجتمعت الأحزاب على أن تضع “عبدالمهدي” وحده كبش فداء في فوهة المدفع ليكون أول من يضحوا به؛ فماذا بعد “عبدالمهدي” ؟.. ومن الذي سيدير زمام الأمور حال تنحيته ؟.. تساؤلات عدة نحاول الإجابة عنها في التقرير التالي، من خلال قراءة في الأحداث الجارية.

“عبدالمهدي” .. كبش فداء..

الواقع؛ تختلف احتجاجات اليوم تمامًا عن أي تظاهرات سابقة، فرُقعة الغضب تزداد ولا مجال لاتهام  المتظاهرين بالدواعش، كما حدث سابقًا، والمرجع الأعلى، “علي السيستاني”، لن يدعم الحكومة ولن يصلح بين الساسة الذين طالما نصحهم بالتخلي عن الفساد؛ فقد فلت الزمام من بين أيدي الطبقة السياسية ولا مجال للتراجع بين المتظاهرين، على غرار ما حدث بـ”لبنان”، ليتطور المشهد إلى غضب شعبي عارم إنطلق في الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي، ولا يزال متواصلاً وتتسع دائرته ليهدد بنية النظام السياسي برمته.

“عادل عبدالمهدي”، رئيس الحكومة؛ المحاصر من قِبل الأحزاب التي تضغط عليه وتجعله في فوهة مدفع أمام الشعب المتظاهر المحتج، كان أول من ذهب إلى، “السيستاني”، باعتباره صاحب السلطة الدينية الأعلى بين شيعة “العراق” وصاحب الكلمة المسموعة، يشرح وضعه ويكشف عمّن كان سببًا في أزمة “العراق” الحالية وكيف أن قراره مُصادَر ويعرض عليه مخرجه، وتوجه برسالة للزعيم الشيعي، “مقتدى الصدر”، قال فيها: “اتّفق أنت وهادي العامري على الحكومة المقبلة”، ملوحًا باستقالته المتوقعة. ولكنه أستدرك قائلاً إن استقالته لا بد من أن تخضع للضوابط الدستورية التي تحددها المادة (64)، إذ تُسحب الثقة من رئيس الوزراء بعد جلسة استجواب، وفق الآليات الدستورية التالية: “تقديم طلب من قِبل رئيس الجمهورية بهذا الخصوص إلى رئاسة مجلس النواب أو تقديم طلب من خمسة أعضاء في المجلس إلى رئاسة المجلس بسحب الثقة، بشرط أن يكون تقديم الطلب للاستجواب. وبعد سبعة أيام من ذلك، يكون التصويت بالغالبية المطلقة البالغة 165 عضوًا في المجلس”.

عندها؛ تُسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء وتُعتبر حكومته مستقيلة؛ ويُكلّف الوزراء تصريف الأعمال لمدة لا تزيد على 30 يومًا، إلى حين تشكيل مجلس وزراء جديد وفقًا لنص المادة (76) من الدستور من خلال تكليف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر تمثيلًا.

المحتجون لن يقبلوا بسحب الثقة..

يدرك المتظاهرون المحتجون بأن سحب الثقة لا يُعدّ حلاً جذريًا لأزمة البلاد؛ ما دام النظام البرلماني باقيًا. ويعون جيدًا أن الطبقة السياسية برمتها هي من أفسدت الحياة السياسية والاقتصادية ومن أفقرت الشعب وتاجرت بالطائفية من أجل تقسيم كعكة الوطن، لهذا يطالب المتظاهرون بنظام رئاسي يغير جذريًا رئاسة الحكومة والبرلمان معًا، ويُؤدي إلى التخلص من هذه المجموعات التي تحكم البلاد حاليًا، وتتوارث المقاعد والكراسي في السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وقد بعثت التظاهرات في روح العراقيين الولاء للوطن، قبل أي شيء، حتى الكُرد منهم صاروا يحلمون بوطن قوي مستقل موحد.. رصدت (كتابات) آراء عدد من أبناء “كُردستان العراق”؛ الذين أصبحوا يأملون فى “عراق واحد” لا تقسمه الطائفية ولا القوميات، عبر صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن أحد المغردين من شباب الأكراد كتب: “طوال عمرى كُنت أقول أنني مسلم كُردي عراقي … اليوم أعلنها بفخر أنني عراقي فقط أنتمي لهذا الشباب الحر الثائر”.

هل تدير “سائرون” زمام السلطة بعد التخلص من “عبدالمهدي” ؟

كما ذكرنا؛ فإن المحتجون لن يقبلوا بسحب الثقة من الحكومة، مع الإبقاء على البرلمان، لأن الشارع الثائر يعتبرهما شريكين في عملية الفساد والإفساد، وأن أي تعديدلات تشريعية يقرها البرلمان ستكون إجراءات ترقيعية، تؤدي إلى بقاء نفس النظام الطائفي مع تغيير لوجوه السياسيين والوزراء فقط، لذا فإن الحل المتبقي هو اللجوء للنظام الرئاسي؛ والذي بموجبه يسند الرئيس مسؤولية تشكيل الحكومة للتيار صاحب الأغلبية البرلمانية، وهو هنا تكتل (سائرون)، بزعامة “مقتدى الصدر”، ذا الأغلبية البرلمانية، (55 عضوًا)، حين يتفق مع كتلة (الفتح) التي تليه بالتسلسل.

هل يقلب “عبدالمهدي” الطاولة على الجميع ؟

لكن “عبدالمهدي”، الذي يظن بأنه أُخرج من جنة الحكم قسرًا بخيانة الشركاء الذين أنفضوا عنه سريعًا، تحت ضغط الاحتجاجات وضحاياها الذين وصلوا إلى 300 قتيل وأكثر من تسعة آلاف جريح في مجزرة غير مسبوقة، قُلبت الطاولة عليه وعلى حكومته قبل أن يحتفل بعام واحد على وجوده في السلطة، وعلى تحالفاته التي سعى إليها لإسترضاء الكُرد، وبعض الأحزاب الدينية، التي وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع واقع جديد يُفترض تغييره. وبات “عبدالمهدي” يلوّح بآخر أوراقه، أي كشف المستور من خلال جلسة علنية يطرح فيها حجم الفساد الذي أحاط بحكومته، ومَن الأطراف التي عرقلت مهمته.

كما فعل “حيدر العبادي”، الذي طالب بالعودة إلى الحكم، مستندًا إلى إنجازات حققها خلال تولّيه السلطة، ووجّه نقدًا مريرًا لإخفاقات “عبدالمهدي”، ودعا القضاء إلى أن يكون حياديًا في موقفه من الاحتجاجات والحكومة معًا، ما أثار حفيظة القضاء، فدخل في سجال معه. وعقب ذلكً، ظهر حجم الصراع داخل الحكم في “العراق”، الذي يتداعى وينهار وتتساقط أوراقه، كما يرى مراقبون.

يستخدم الميليشيات لقتل المحتجين ويدعي أنه يرفض وجود سلاح خارج الشرعية !

ويبدو أن التخبط والتضارب بدا على تصريحات “عبدالمهدي”؛ جراء هتافات الشارع التي زلزلت عرشه وجعلت الجميع يتخلى عنه، فهو يقول في تصريحات لصحيفة روسية؛ أن حماية حقوق العراقيين في مقدمة أولويات البرنامج الحكومي في ظل سيادة القانون والأمن والنظام، مؤكدًا على أنه لا خيار سوى دعم القوات المسلحة، ولا يمكن قبول وجود أي سلاح خارج شرعية الدولة، وهو في الوقت ذاته يستخدم الميليشيات التابعة لـ”إيران” في قتل المتظاهرين، فعن أي جيش وأي شرعية يتحدث ؟!

تجده تابعًا كليًا لـ”إيران”، لدرجة عدم قدرته على إتخاذ قرار تقديم استقالته؛ ويتحدث عن توظيف العلاقات الخارجية مع دول الجوار، لخدمة الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية !.

يقول للصحف أن: “هناك دولة واحدة هي العراق؛ والشعب هو الجيش الحقيقي للبلاد، ولا خيار غير دعم القوات المسلحة، وأنه لا يمكن قبول كيانات غير شرعية أو أي سلاح خارج شرعية الدولة”؛ ثم يضع الدولة والمواطن تحت خدمة وطوع أمر السيد الإيراني !.

الصدر” مع “العامري” .. هل يقومان بتشكيل حكومة ؟

من ناحية أخرى؛ قد تمنح عودة “مقتدى الصدر” الأخيرة، من “إيران”، ودورانه بسيارة خاصة وهو يتولى قيادتها، في “ساحة الصدرين” في “النجف”، الأمل في أن يتفق مع “هادي العامري”، زعيم منظمة (فيلق بدر)، ليشي بأن هناك تحالفات جديدة ستنفذ مثلما خُطّط لها، بعيدًا عن رئيس الوزرء، بينما يرجح متخصصون بأننا إزاء مرحلة سباق بين (التيار الصدري) ومنافسيه من الأحزاب الشيعية، قد تُربك المشهد المقبل برمته وتقود إلى مواجهة. ويستندون في هذا الاحتمال، إلى تاريخ من المواجهات بين (التيار الصدري) و(جيش المهدي)، جناحه العسكري الذي استبدله بـ (سرايا السلام)، مع فصائل شيعية خرجت من ردائه، على مناطق السلطة والنفوذ السياسي في “بغداد” والنفوذ المالي في “البصرة”، حيث تتوزع مصالحهما على 13 رصيفًا لتصدير “النفط”، تشكّل المنافذ الرئيسة لتصدير “النفط العراقي” لما يزيد على ثلاثة ونصف مليون برميل يوميًا.

هذا المشهد أثار حفيظة المكون السُني الذي يمسك برئاسة البرلمان، الذي وجد نفسه في قلب عاصفة التظاهرات، التي يتعاطف معها قلبًا وقالبًا، لما تُمثله من انقلاب على ديكتاتورية الغالبية الحاكمة التي قادت البلاد إلى الهاوية.

ويؤكد كثيرون من المتابعين للشأن العراقي أن المشكلة ليست بالحكومة فحسب، بل في منتجها الذي وضعها على سكة المحاصصة، التي أنتجت كل هذا الخراب الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

ويشهد “العراق”، منذ مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي، احتجاجات عارمة للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية ومحاربة الفساد وإقالة الحكومة وحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، وقد شهدت هذه الاحتجاجات مقتل أكثر من 300 متظاهر ورجل أمن، وإصابة أكثر من 15 ألف آخرين.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب