بعد أن وصل لطريق مسدود .. “روحاني” يفتح باب التفاوض مع أميركا بزيارة اليابان !

بعد أن وصل لطريق مسدود .. “روحاني” يفتح باب التفاوض مع أميركا بزيارة اليابان !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن “العقوبات الأميركية” التي سببت ضغوطًا ثقيلة على الشعب الإيراني، والذي قوبل احتجاجه بمزيد من القمع من قِبل النظام بشتى الطرق أتت ثمارها بالفعل، فمع الغليان الداخلي بدأت “إيران” تبحث عن وسيط بينها وبين “أميركا” بالتزامن مع بدء الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، بتخفيف حدة لهجته عن “الاتفاق النووي”.

ويوم الإثنين؛ قال “روحاني” إن الاتفاق النووي “ليس مُقدسًا ولا هو لعنة، بل مجرد اتفاق دولي”، واصفًا حرص بلاده على المفاوضات بشأنه؛ بأنه “عمل ثوري” وسط “ظروف صعبة”.

ورأى “روحاني”، في تصريحات له خلال تجمع للطلبة الجامعيين، أن “الاتفاق النووي”؛ الموقع بين “طهران” والدول الكبرى، في آذار/مارس 2015، عاد بفوائد على “إيران”، مثل الإعتراف بحقها في تخصيب (اليورانيوم)؛ والإفراج عن أموال قيمتها 700 مليون دولار شهريًا، حسب ما أوردته وكالة أنباء (فارس) شبه الرسمية.

وأضاف “روحاني” أن الاتفاق كان يصب في مصلحة البلاد، لا سيما أنه ساهم في رفع صادرات “إيران” من “النفط” إلى مليونين و800 ألف برميل بعد توقيعه؛ قبل فرض الحظر الأميركي ضد “طهران”.

“روحاني” يزور طوكيو 12 كانون أول الحالي..

بالتزامن مع تلك التصريحات؛ ذكرت مصادر دبلوماسية يابانية أن “الولايات المتحدة” أبدت موافقتها على خطة “اليابان” لاستقبال الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، الذي يخطط لزيارة “طوكيو”، هذا الشهر، بحسب ما أفادت وكالة (كيودو) اليابانية.

وأضافت الوكالة في تقريرها، أمس الأول، أَن “إيران” تسعى لكسر الجمود بشأن الصفقة النووية مع القوى العالمية.

كما أشارت إلى أن “واشنطن” حثت “طوكيو” على إطلاعها على نتائج القمة بين رئيس الوزراء الياباني، “شينزو آبي”، و”روحاني”، وقد نقل مسؤول أميركي كبير الرسالة إلى “اليابان”.

ويقوم المسؤولون اليابانيون والإيرانيون بالترتيب لزيارة “روحاني”؛ المقررة في 20 كانون أول/ديسمبر الجاري، وفقًا للمصادر. وإذا تحققت هذه الزيارة فستكون الأولى لرئيس إيراني، منذ “محمد خاتمي”، في تشرين أول/أكتوبر 2000.

وزار “آبي”، حليف “ترامب”، “إيران”، في حزيران/يونيو 2019، ليصبح أول رئيس وزراء ياباني يفعل ذلك منذ عام 1978، على أمل أن يتمكن من التوسط في الحوار بين “طهران” و”واشنطن”.

مطالب “آبي” من “روحاني”..

حول ذلك؛ قالت المصادر إنه خلال الزيارة المحتملة لـ”روحاني”، من المتوقع أن يطالب “آبي”، “إيران”، بالإمتثال لـ”الاتفاق النووي” بعد تراجعها تدريجيًا عن الإلتزامات، خلال الفترة الماضية.

كما رجحت أن يسعى “آبي” أيضًا لشرح الخطط اليابانية لإرسال أفراد من قوات الدفاع إلى الشرق الأوسط، حيث تدرس الحكومة اليابانية إرسال مدمرة وطائرة دورية إلى المنطقة لتعزيز قدرات جمع المعلومات وضمان الملاحة الآمنة للسفن.

موزانة لمقاومة العقوبات..

وتحت وطأة “العقوبات الأميركية” على “إيران”، وفي ظل وضع اقتصادي وشعبي حرج بالنسبة للحكومة، لا سيما بعد التظاهرات التي عمت معظم المحافظات الإيرانية، منتصف تشرين ثان/نوفمبر الماضي، عرض الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، مسودة ميزانية الحكومة على البرلمان، يوم الأحد الماضي، قائلًا إنها تهدف لمواجهة “العقوبات الأميركية” عبر الحد من الإعتماد على صادرات “النفط”، التي تستهدفها “واشنطن”.

وقال “روحاني”، للبرلمان؛ بحسب التليفزيون الرسمي: “هذه موازنة لمقاومة العقوبات … مع أقل إعتماد ممكن على النفط”.

وحدد قيمة مسودة الميزانية عند حوالي 4845 تريليون ريال، (38.8 مليار دولار بسعر السوق الحرة)، للسنة الإيرانية المقبلة، التي تبدأ يوم 20 آذار/مارس 2020.

وكان النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيراني، “إسحق جهانغيري”، قد أقر مؤخرًا أن: “الوضع الحالي في البلاد هو أحد أصعب الأوضاع منذ الثورة الإسلامية، نتيجة تركيز الأميركيين للعقوبات والضغوط المعيشية التي يعانيها الإيرانيون”.

إلا أنه اعتبر، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء (إيرنا) الرسمية، أن: “أميركا” لم تستطع تصفير صادرات “النفط الإيراني”، قائلاً: “لدينا الطرق البديلة لبيع النفط”.

تقلص 80% من صادرات النفط..

يُذكر أن صادرات “إيران” من “النفط الخام”، تقلصت أكثر من 80%، بعد أن أعادت “الولايات المتحدة” فرض عقوبات عقب انسحاب الرئيس الأميركي، “دونالد ترمب”، العام الماضي، من “الاتفاق النووي” بين “إيران” والقوى العالمية.

وكان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قد أعلن انسحاب “واشنطن” من الاتفاق، في أيار/مايو 2018، وأعتمد حزمة عقوبات اقتصادية متواصلة على قطاعات حيوية، بينها قطاع “النفط الإيراني”.

وكان “روحاني” قد قال إن: “السعر الثنائي للبنزين والمتعدد للدولار يجلبان الضرر وسط ظروف اضطرارية ينبغي علينا مواجهتها”.

وأدى رفع “طهران”، أسعار الوقود، في تشرين ثان/نوفمبر 2019، إلى احتجاجات واسعة في مدن إيرانية عدة، مصحوبة بسقوط ما يزيد عن 200 قتيل على الأقل، حسب تقديرات لـ”منظمة العفو الدولية”.

وأعترف “روحاني” بأن بلاده تعيش “ظروفًا صعبة”، مُتهمًا “أميركا” بالتسبب فيها بعد انسحابها من “الاتفاق النووي”، “وخلقها هذه الظروف”، لكونها “غاضبة من الاتفاق”، حسب تعبيره.

مشيرًا إلى أن الميزانية العامة للدولة القادمة ستكون مبنية على ظروف استمرار الحظر والعقوبات المفروضة على “طهران”.

وصلت لطريق مسدود بابه التفاوض..

وفي تحليل لـ”معهد واشنطن للشرق الأوسط”؛ اعتبر أَن “إيران” وصلت إلى طريق مسدود، وأنها في طريقها للتفاوض مع “الولايات المتحدة الأميركية”.

كما أشار إلى أن الاحتجاجات التي شهدتها “إيران”، منتصف تشرين ثان/نوفمبر الماضي، قادت الحكومة الإيرانية إلى استخدام كل الوسائل المتاحة لتخفيف “العقوبات الأميركية”.

إلا أنه رأى على الرغم من كل ذلك، فإن “إيران” قد تسعى بدلاً من محاولة إطلاق مفاوضات مع “الولايات المتحدة” على الفور؛ إلى تكثيف الضغط أولاً على “أميركا” وحلفائها لتحسين موقفها التفاوضي وإجبار “الولايات المتحدة” على أن تكون على الأقل رسميًا، أول من يقترح إجراء مفاوضات مباشرة والدعوة إلى محادثات دون شروط مسبقة.

تأثير العقوبات الأميركية..

وأضاف التقرير أن أحداث، تشرين ثان/نوفمبر الماضي، أثبتت مدى تأثير “العقوبات الأميركية”. فمنذ قرار الرئيس الأميركي، “دونالد ترمب”، إعادة فرض العقوبات على “إيران” وحرمانها من الوصول إلى النظام المصرفي الدولي والأسواق المالية والنفطية، تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد بشكل مطرد. وبحلول نهاية عام 2019، انخفض النمو الاقتصادي إلى أقل من 9%.

ومن خلال التقرير؛ فقد لاحظ “مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية”، أنه منذ أواخر عام 2017، كان هناك عدد من الاحتجاجات كل شهر “حول قضايا مثل تدهور الأوضاع الاقتصادية، والتدهور البيئي، والمظالم السياسية”. ولأنها محرومة من الوصول إلى سوق “النفط العالمي”، فقد اضطرت “إيران” إلى قطع برامجها الاجتماعية الضخمة، التي كانت تضمن ولاء شرائح المجتمع ذات الدخل المنخفض، وبالتالي بقاء النظام ذاته.

كما اعتبر أن قيادة البلاد كانت تأمل في أن تسمح تدابير التقشف والإصلاحات الاقتصادية، إلى جانب إدارة الاضطرابات الداخلية، بالثبات على الأقل حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، في تشرين ثان/نوفمبر 2020، وهو التاريخ الذي تتوقع فيه “طهران” الدخول في مفاوضات شاملة مع الغرب لرفع العقوبات، إلا أن لا شيء يضمن أن تكون “إيران” قادرة على ذلك حتى ذلك الحين.

توقعات بمزيد من الاحتجاجات..

فيما أشار التقرير حاليًا؛ إلى أنه غير إنقضاء التظاهرات، ما زال هناك شعور كبير بالقلق الاقتصادي بين السكان، قد يؤدي إلى مزيد من الاحتجاجات، مما يزيد الضغط على النظام، ما يمكن بالتالي أن يحدث تغييرًا في التفكير الإستراتيجي الإيراني، كما حدث في عام 2012، حيث أجبرت الاضطرابات الناجمة عن ارتفاع أسعار الدواجن والانخفاض اللاحق في قيمة “الريال”، “إيران”، على العودة إلى المفاوضات مع “الولايات المتحدة” والمجتمع الدولي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة