بعدما تحول من معبر إلى مستهلك .. العراق يستنفر لمجابهة تجارة المخدرات وتعاطيها !

بعدما تحول من معبر إلى مستهلك .. العراق يستنفر لمجابهة تجارة المخدرات وتعاطيها !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

انتهت أعمال “مؤتمر بغداد الدولي الأول لمكافحة المخدرات”، الذي استمر يومين بمشاركة 08 دول، هم: “مصر والسعودية وسوريا وإيران ولبنان والأردن والكويت وتركيا”، بالإضافة إلى “العراق” البلد المضيف، فضلاً عن مجلس وزراء الداخلية العرب، و”المكتب العربي لشؤون المخدرات والجريمة”، وجامعة “نايف” للعلوم الأمنية والعسكرية، ومكتب “الأمم المتحدة” المعنّي بالمخدرات والجريمة.

ومع تفاقم الوضع؛ اتخذت السلطات العراقية إجراءات متعددة لمواجهة انتشار تعاطي المخدرات. وذلك بعد أن تحولت البلاد من ممّر لتهريب المواد المخدرة إلى موطن لها خلال الأعوام الماضية.

وهو ما قالته “وزارة الداخلية” العراقية في بيان: “إن العراق تحول من معبّر للمخدرات إلى مسّتهلك في العقدين الأخيرين”، مشيرة إلى أن تجارة وتعاطي المخدرات في “العراق” وصلت إلى آفاق غير مسّبوقة تنهش جسد المجتمع، الأمر الذي دعا “البرلمان العراقي” إلى التحرك للحد من الظاهرة من خلال تشديد العقوبات.

حرب “معقدة”..

رئيس مجلس الوزراء؛ “محمد شيّاع السوداني”، وصف خلال كلمته بالمؤتمر، الحرب التي تخوضها السلطات العراقية ضد المواد المخدرة والمؤثرات العقلية بأنها: “معقّدة”، مشددًا في الوقت ذاته على عدم التهاون في مواجهة هذه الآفة التي بات خطرها يُهدد المجتمعات والدول.

وقال “السوداني”، إن قضية المخدّرات باتت تُهدد المُجتمعات، وخطرها يُهدد كيانات الدول، مردفًا بالقول: نواجه حربًا معقّدة، يتسّلل فيها العدو ليفتك بأبنائنا، ويدمّر أسرنا، ويفكك نسّيجنا الاجتماعي.

واعتبر حرب الجهات المعنية مع المخدرات أنها: “لا تقل ضراوة وخطرًا عن حربنا التي انتصرنا فيها ضدّ الإرهاب”، مشيدًا: بـ”تسّلّح المجتمع بالقيم الأصيلة، وتبنّيه رفض هذه السموم التي تخرّب الحاضر والمستقبل، وهذا موقف نفتخر به كعراقيين”.

كما شدّد “السوداني”، على أنه لم ولن نتسّاهل في مواجهة المخدرات، لا على المسّتوى القانوني ولا على المسّتوى الاجتماعي، مؤكدًا أن القوات الأمنية تتعامل مع الاتّجار بالمخدّرات ونقلها وكل من له يدٍ بها، على أنه تهديد أمني وإرهابي.

إنشاء مصحات ودعم طبي ونفسي واجتماعي..

ونوه إلى إنشاء مصحّات خاصة لعلاج ضحايا الإدمان والمخدرات، تتضمن الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي لهم، مؤكدًا أن “العراق” شرّع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية؛ رقم (50 لسنة 2017)، وكان نقلة نوعية على مسّتوى تحديد الأهداف والآليات والعقوبات.

وزاد بالقول إنه تم تشكيل “الهيئة الوطنية العُليا لشؤون المخدّرات والمؤثرات العقلية”، ومديرية شؤون المخدّرات في “وزارة الداخلية”، بالتعاون مع وزارتي “العمل” و”الصحة”.

وذكر “السوداني” أن؛ “بغداد” تحتضن أشقاءها العرب لتوحيد الجهود في مواجهة جائحة المخدرات والبحث في الإحصاءات والمعلومات المتوافرة عنها.

ومضى قائلاً: كرّسنا الجهود في ظل استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات، للسنوات 2023 – 2025، ضمن خطّة موسعة نحو عراقٍ خالٍ من المخدرات.

وعد رئيس مجلس الوزراء، دور وسائل الإعلام والتعريف المجتمعي: “مهمًا”، وكذلك إسهامات المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية، للتوعية بمخاطر المخدرات، لافتًا إلى أنه لن ندّخر جهدًا لمحاربة المخدرات، سواء على المستوى التشريعي أو الميداني، أو تهيئة الكوادر والعناصر المدرّبة والمحترفة للتصدي لها.

تمويل الإرهاب يسّتند جزء منه على تجارة المخدرات..

وتابع بالقول إن؛ الإرهاب يسّتند في ركن من تمويله إلى المخدّرات، وتداولها يزدهر في ظل الإرهاب، والمخدرات والإرهاب، وجهان لجريمة واحدة.

واختتم “السوداني” كلمته قائلاً: “نواجه المخدّرات على المسّتوى الداخلي، وضرورة التعاون الدولي والإقليمي عبر تبادل المعلومات والتنسيق لكشف شبكاتها”.

القبض على 8 آلاف شخص..

ومنذ يومين؛ أكدت مصادر تابعة لـ”وزارة الداخلية” العراقية، إلقاء القبض على أكثر من 08 آلاف شخص بتهمة ترويج المخدرات وتهريبها وتعاطيها.

وفي إحصائية لـ”جهاز الأمن الوطني” العراقي؛ الذي يتولى الحرب على المخدرات وتجارها خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 2023، فإنه تم إلقاء القبض على أكثر من: 150 تاجرًا وناقلاً ومروجًا للمخدرات. كما تم العثور على: 52 كيلوغرامًا من المخدرات، وفي عملية نوعية بمحافظة “البصرة”؛ جنوبي “العراق”، تم إحباط دخول: 30 كيلوغرامًا من مادة (الكريستال)، كما تم ضبط أكثر من: 13 مليون حبة مخدرة.

وبالتزامن مع انعقاد المؤتمر الدولي الخاص بالمخدرات، أعلن “جهاز الأمن الوطني”، الثلاثاء، أن قوة له في “البصرة” تمكنت من الإطاحة بإثنين من تجار المخدرات في مركز المحافظة، وبدلالتهما تم الإيقاع بإثنين آخرين كان أحدهما يعمل بتجارة وتهريب المخدرات. وطبقًا لبيان للجهاز فإن ذلك: “جرى بعد توفر معلومات استخبارية مؤكدة عن تحركات المتهمين بين المحافظات بعد استخدامهم هويات تعريفية مزورة، وقد ضبط بحوزتهم نحو: 200 ألف حبة مخدرة من نوع (كبتاغون)”.

وفي “ذي قار”؛ وطبقًا لبيان الأمن الوطني، فإن: “قوى الأمن في المحافظة تمكنت من إلقاء القبض على تاجر مخدرات وبحوزته كميات من المواد المخدرة وعدد من الأسلحة والأعتدة، وذلك بعد نصب كمين محكم أسفر عن القبض عليه بالجرم المشهود”.

وفي “إقليم كُردستان”، تمكنت قوة من الأمن الكُردي؛ (الآسايش)، في “أربيل”، من إلقاء القبض على تاجري مخدرات بحوزتهما: 3.5 كيلوغرام من المواد المخدرة. وقالت المديرية في بيان لها إن: “فرق مكافحة المخدرات؛ وبعد جمع المعلومات تمكنت من إلقاء القبض على عصابة خطيرة لتجارة المخدرات تضم شخصين”. وأضافت أن: “العصابة ضُبط بحوزتها: 3.5 كيلوغرام من مادتي (الهيروين) و(الكريستال)”؛ مؤكدة اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهما.

2022 العام الأكبر في عدد المقبوض عليهم..

وكانت “وزارة الداخلية” العراقية قد أعلنت؛ في 29 كانون أول/ديسمبر من العام الماضي، عن عدد هو الأكبر خلال عام 2022؛ من المقبوض عليهم بقضايا المخدرات خلال السنوات الأخيرة.

وقال المتحدث باسم الوزارة؛ اللواء “خالد المحنا”، إن: “عمليات القبض على مروجي المخدرات وتعاطيها تتم بشكل يومي”، موضحًا أن: “عدد الذين تم القبض عليهم بهذه الجرائم خلال عام 2022؛ بلغ أكثر من: 14 ألف متهم”.

وشدّد المسؤول الأمني على ضرورة أن: “يكون هناك دور للمجتمع من خلال الإعلام ورجال الدين والتربية لتثقيف وتحصّين أبنائنا من خطر مروجي المخدرات”.

وكانت مديرية مكافحة المخدرات العراقية قد أعلنت؛ منتصف العام الماضي، إحصائية عن الملقى القبض عليهم خلال النصف الأول من العام، موضحة أن عددهم بلغ: 8200 متهم بالتجارة والتعاطي، بينهم: 200 امرأة، إضافة إلى أكثر من: 200 حدث من الذكور والإناث.

واعتبر مدير إعلام مكافحة المخدرات؛ العقيد “بلال صبحي”، أن هذه الإحصائية مؤشر خطير في ما يخص التعاطي للنساء والأحداث.

من إيران وسوريا..

وتؤكد مديرية مكافحة المخدرات في “وزارة الداخلية” العراقية أن مادتي (الكريستال) و(الحشيشة) تدخل من “إيران” إلى المحافظتين الجنوبيتين: “ميسان” و”البصرة”؛ اللتين لهما حدود مشتركة معها، فيما تدخل حبوب (الكبتاغون) والمؤثرات العقلية عن طريق “سوريا” نحو محافظة “الأنبار”.

أسباب ظاهرة تفشي المخدرات..

وتقف أسباب عديدة وراء تفشي هذه الظاهرة أبرزها ضعف الرقابة الأسرية والاستخدام الخاطيء للتكنولوجيا وعدم متابعة المدارس؛ بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وضعف الوازع الديني وهشاشة إجراءات الحكومة في مكافحة هذه الظاهرة من خلال إنشاء مصحات خاصة لمعالجة مدمني المخدرات وعدم ضبط المنافذ الحدودية.

وكان القانون العراقي قبل عام 2003؛ يُعاقب مروجي المخدرات بالإعدام شنقًا، إلا أن الإعدام ألغي في عام 2017، وفرضت عقوبات تصل إلى السجن 20 عامًا كما يمكن علاج المتعاطين في مراكز التأهيل أو الحكم بسجنهم فترة تصل إلى 03 سنوات.

من جهتها، أكدت “وزارة الصحة” أن ثُلث من زاروا أقسام للطب النفسي في “بغداد” هم من متعاطي المخدرات.

وبدأ كثير من العراقيين في المعالجة من هذه الآفة في مستشفى “ابن رشد” في بغداد، بعد تعرضهم لمضاعفات كثيرة.

ويبدأ العلاج بفترة تأهيل لمدة أسبوعين للتخلص من المادة السّمية التي تكون في المخدرات، ثم متابعة لمدة ستة أشهر بحسّب إدارة المستشفى.

فتح مراكز تأهيل لمتعاطي المخدرات..

وفي هذا الإطار؛ قالت “زينب البيروتي”، الخبيرة في مجال العلوم الجنائية: إن المخدرات جريمة عابرة للحدود وقد طغت على جريمة الإرهاب في “العراق”، وخاصة أن “وزارة الداخلية” تعمل على القضاء على الإدمان وتجارة المخدرات.

وأضافت “البيروتي”؛ في حديث لتليفزيون (العربي) من “بغداد”، أن: “العراق افتتح مراكز تأهيل، في ظل انتشار مواد مخدرة خطيرة في البلاد”.

وأشارت “البيروتي”، إلى أن: “المافيات التي تهدف إلى الربح المالي، تقوم باستدراج فئات معينة، ويتراوح سن هؤلاء بين: 15 و35 عامًا”.

واستدركت قائلة: إن المجتمع المحلي يلعب دورًا في التبليغ عن حالات التعاطي؛ وذلك في سياق مكافحة تجارة المخدرات.

واعتبرت “البيروتي”، أن: “تجار المخدرات يقومون بعمليات ابتكار لطرق الترويج، الأمر الذي دفع وزارة الداخلية إلى تفعيل دورها في إلقاء القبض على المروجين”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة