17 أبريل، 2024 10:06 م
Search
Close this search box.

بطلة “حرب الظل” .. هل أصبحت حقًا “المُسّيرات” ذاع إيران الطولى كما تحذر إسرائيل ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

ليس من قبيل المصادفة أن تظهر على السطح أخبار (الدرونز) الإيرانية بهذه الكثافة خلال الفترة الأخيرة، فالعالم مشغول بتطورات الحرب “الروسية-الأوكرانية”، وتبعاتها، وفاعلية الأسلحة المستخدمة فيها، مثلما حدث مع “الدرونز” التركية؛ (بيرقدار)، ويبدو أن “طهران” تُدرك ذلك، وتُحاول تسريع مسيرتها لتطوير وتوسيع نشاطها في مجال “الدرونز”.

ففي 27 نيسان/إبريل 2022، أقر “الكونغرس” الأميركي مشروع قانون لوقف برنامج “الدرونز” الإيرانية، وهو يستهدف كل منْ يزوِّد أو يبيع أو ينقل الطائرات “الدرونز” القتالية من وإلى “إيران”، وفي 17 آيار/مايو 2022، افتتحت “إيران” في “طاغكستان”؛ مصنع (أبابيل-2) لإنتاج الطائرات بدون طيار الإيرانية، وحينها أشار المسؤولون الإيرانيون إلى أن بلادهم صارت في موقف يمكّنها من تصدير المعدات العسكرية إلى الدول الحليفة والصديقة، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات المحلية في مجال “الدرونز”.

وفي 28 آيار/مايو 2022، كشفت “إيران” عن إنشائها قاعدة سرية تحت الأرض مُخصَّصة: لـ”الدرونز الإيرانية”، وهي القاعدة (313) العسكرية، الموجودة على عمق مئات الأمتار في باطن الأرض، وذلك وفق ما نشرته وكالة الأنباء الإيرانية.

عند الحديث عن تطور “الدرونز” الإيرانية، غالبًا ما يجري الاصطدام بمعضلتين: الأولى هي المبالغة الإيرانية في تصوير قوتها في مجال “الدرونز”، لردع لخصومها على المستويين الإقليمي والدولي، وتأكيدًا على مكانتها العسكرية المحورية في المنطقة، وكذلك باعتبارها نوعًا من الدعاية لتصدير منتجاتها العسكرية، والثانية مبالغة خصوم “إيران” في تصوير خطر “طهران” العسكري، وتحديدًا من الجانب الإسرائيلي، سعيًا إلى حشد دول الإقليم والمجتمع الدولي لكبح جماح “إيران”، وحصارها سياسيًا واقتصاديًا، وبين هذا وذاك تظهر ضرورة تتبع تطور القوة الإيرانية في مجال “الدرونز” العسكرية، وآخر تحديثاتها، ودورها في صراعات الشرق الأوسط.

هندسة عكسية.. هكذا تُغامر “إيران” في فناء “أميركا” الخلفي..

في 18 نيسان/إبريل من كل عام؛ يجلس الرئيس الإيراني، على منصة مُزيّنة بالورود ومحاطة بصور المرشد الأعلى، روح الله “الخميني”، وخليفته، “علي خامنئي”، ويسير أمامه عرض عسكري مهيب، احتفالًا بيوم الجيش الإيراني، كما هو معمول به في هذا اليوم من كل سنة، ولكن في هذا العام 2022؛ تضمّن العرض عربات ودبابات عسكرية وأسلحة وأنظمة دفاع بما في ذلك صواريخ وقاذفات، كما شمل: 12 نوعًا من “الدرونز”، وهو جزء محدود من ترسانة “إيران” من الطائرات بدون طيار العسكرية التي تمتلكها، والتي تصل إلى: 50 نوعًا.

مصدر الصورة: رويترز

ففي السنوات الأخيرة كانت “الدرونز” في قلب نشاطات “إيران” العسكرية، وكانت تُضيف بانتظام الجديد إلى ترسانتها، وأصبحت طموحة بشكل متزايد في تصنيعها واستخدامها وتصديرها، لدرجة أن خصومها باتوا يروا في “الدرونز” الإيرانية تهديدًا يوازي تهديد الصواريخ (الباليستية).

وذلك بسبب انتشارها في مختلف ساحات الشرق الأوسط وخارجه، فهي تُستخدم في “العراق” ضد القوات الأميركية، وفي “أفغانستان” ضد الجماعات المعادية لـ”طهران”، ووصلت إلى أيدي “الحوثيين” لاستخدامها داخل “اليمن”، أو ضد “السعودية والإمارات”، ودخلت ضمن الترسانة العسكرية لـ (حزب الله)، قبل أن يجري تصديرها إلى “فنزويلا”.

وعند تأمل طبيعة “الدرونز” باعتبارها سلاحًا عسكريًا، تشعر بوجود رابط واضح بينه وبين “إيران” وطبيعة سياساتها العسكرية، وكأنه نشأ خصيصًا ليتوافق مع تلك السياسيات، بل نجحت “طهران” في تطويع التكنولوجيا من أجل الوصول إلى أقصى استفادة ممكنة منها؛ إذ أنبرت “إيران” في إنتاج بعض “الدرونز” بأقل تكلفة ممكنة، وبطرق استخدام بسيطة، يمكن استخدامها في مناطق الصراع الرمادية، وبالتالي دون الاعتراف المباشر بأنشطتها.

لذلك لا عجب أن “الدرونز” الإيرانية صارت مكوّنًا أساسيًا في كافة فروع (الحرس الثوري) الإيراني والجيش الإيراني النظامي، وذلك سواء “الدرونز” المخصصة لمهام المراقبة والاستطلاع، أو المقاتلة، خاصة طائرات (كاميكازي)، وهي الطائرات الانتحارية التي تُستخدم في الهجوم، ومُسمى: (كاميكازي)؛ يعود إلى “اليابان” في فترة الحرب العالمية الثانية؛ إذ اعتمد سلاح الجو الياباني على الهجمات الانتحارية لمواجهة السفن الأميركية في عرض “المحيط الهاديء”، والتي كانت أكثر منهم قوة بكثير.

وفي مقابلة صحافية أجُريت؛ في عام 2021، ذكر القائد العسكري الإيراني؛ “محمد حسن نامي”، أن “الدرونز” الإيرانية صارت أيضًا أحد مكنوات منظومة الدفاع في البلاد؛ إذ أصبحت قادرة على جمع، وتوجيه، وإرسال المعلومات حول تحركات العدو إلى القيادة العسكرية، في إشارة إلى تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي في تصنيع “الدرونز” الإيرانية.

وعلى الرغم من ذلك؛ فإن الخبراء العسكريين يُشيرون إلى أن الشركات العاملة في “طهران” تعتمد في تصنيع “الدرونز” الإيرانية على مكونات جاهزة، وخاصة المحركات، والتي يجري الحصول عليها من “الصين” أو “أوروبا” عبر وسطاء دوليين وشركات وهمية.

ويُشير العدد الهائل للأنواع والأجيال المختلفة في التطوير أو الإنتاج إلى عدم الكفاءة أحيانًا في مسألة تصنيع “الدرونز” الإيرانية، وأن مساحة التجربة مازالت تشغل حيّز أكبر من المفترض، وربما يكون هذا انعكاسًا في الأساس لإستراتيجية “إيران” في التصنيع، والقائمة على: “الهندسة العكسية”، والتي تعتمد على عكس التكنولوجيا الغربية العسكرية، ولكن بمكونات مختلفة.

فعلى سبيل المثال، وفي أعقاب اعتراض “إيران” للطائرة الأميركية بدون طيار “الشبح”؛ (RQ-170)، بدون طيار في عام 2011، كانت مسألة وقت فقط حتى تقوم “إيران” بتصنيع طائرة بدون طيار تعتمد على مثل هذا التصميم.

مسيرة تطور “الدرونز” الإيرانية..

منذ الثمانينيات وحتى الوقت الحاضر، عزّزت “طهران” برنامج “الدرونز” العسكرية بشكل مستمر، سعيًا إلى تحسين قدراتها الاستخباراتية في المراقبة، والاستطلاع، وتنفيذ الضربات العسكرية، وفي العقد الماضي على وجه الخصوص؛ كشفت “إيران” عن العديد من أنظمة “الدرونز” الجديدة، وأضافت إصدارات جديدة لبعض البرامج الموجودة منذ الثمانينيات، وهو أمر يُشير إلى مسيرة سريعة من التطور، تَعِد بمستقبل كبير، وهنا نستعرض تطور أبرز برامج “الدرونز” الإيرانية:

“مهاجر”:

يعود نشأة برنامج الطائرات بدون طيار الإيراني؛ إلى الحرب “الإيرانية-العراقية”؛ 1980 – 1988. فبعد تأسيس “جمهورية إيران الإسلامية”؛ عام 1979، وما تلاها من “أزمة الرهائن”، أصبحت معزولة حديثًا على المسرح العالمي عن حلفائها التقليديين وموردي الأسلحة، ولا سيما “الولايات المتحدة”، التي قطعت العلاقات العسكرية والدبلوماسية مع النظام الثوري، ونتيجة لذلك، اعتمدت الإستراتيجية العسكرية الإيرانية بشدة على الإكتفاء الذاتي، وهو اتجاه لا يزال سائدًا إلى يومنا هذا.

وفي عام 1985؛ شكّل (الحرس الثوري) الإيراني شركة “القدس” لصناعة الطيران، وفي وقت لاحق من ذلك العام، طوّر أول طائرة إيرانية بدون طيار، (مهاجر-1). والتي كانت غير متطورة في التصميم، واستخدمتها “إيران” في المراحل الأخيرة من الحرب مع “بغداد” لتصوير مواقع المشاة العراقية استعدادًا للهجمات وتقديم معلومات استخباراتية، تمنع القوات الإيرانية من السير في الكمائن.

مصدر الصورة: BBC

وعلى الرغم من أن استخدام تلك الطائرة لم يؤثر بشكل كبير على نتيجة الحرب، فإن التجربة المبكرة في إنتاج الطائرة والمحاولات البدائية لتسليحها، أرست القواعد المؤسسية برامج “الدرونز” الإيرانية في العقود اللاحقة.

فبدءًا من التسعينيات، طوّرت “إيران” العديد من الإصدارات الجديدة من برنامج (مهاجر)، وحاولت ترقيتها من مهام المراقبة والاستطلاع إلى منصة ذات قدرات هجوم ودفاع جوي قابلة للتطبيق، وصولًا إلى إصدار طائرة (مهاجر-6)، الذي جرى الإعلان عنه لأول مرة؛ في عام 2016، ودخلت حيّز الإنتاج الضخم في عام 2018، وهي طائرة يبلغ مداها: 200 كيلومتر، ويمكنها الطيران لمدة: 12 ساعة، وأشار المسؤولون العسكريون أن (مهاجر-6)؛ باتت تلعب دورًا كبيرًا في حماية الحدود الإيرانية وصيانتها من أي اعتداء.

“أبابيل”:

وفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية المرتبطة بـ (الحرس الثوري) الإيراني، بدأ برنامج (أبابيل)؛ في أيلول/سبتمبر 1986، وكانت طائرة (أبابيل-1) عبارة عن: “ذخيرة متسكعة”، وهو نظام أسلحة من شأنه أن يحوم بحثًا عن هدف ليُهاجمه فور العثور عليه، أي أنها كانت طائرة انتحارية، تعمل لمرة واحدة، وكانت قادرة على حمل: 40 كيلوغرامًا من المتفجرات.

وخلال التسعينيات، تطور العمل على هذا البرنامج، وشهد إطلاق العديد من الإصدارات: (أبابيل-2، وأبابيل-T، وأبابيل-B)، وصولًا إلى الإصدار الأحدث (أبابيل-3)، وهي طائرة تابعة لنظام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وتتمتع بقدرات مراقبة أكثر تطورًا بكثير من سابقتها، ثم أنتجت “طهران”: (أبابيل-3s)، والتي يبلغ مداها: 100 كيلومتر، ويمكنها الطيران لمدة أربع ساعات. بل جرى تزويدها بقدرات قتالية.

“كرار”:

بدأت جهود “إيران” لإنتاج طائرات بدون طيار هجومية محليًا بشكل جدي خلال منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين؛ وأتت ثمارها بين عامي: 2010 و2020، وهو العقد الذي شهد الكشف عن مجموعة متنوعة من منصات الطائرات بدون طيار القتالية الجديدة، كان أولها طائرة (كرار)، والتي جرى الكشف عنها لأول مرة عام 2010، ووصفتها “إيران” بأنها أول طائرة بدون طيار طويلة المدى لها قدرات هجومية واستطلاعية مزدوجة.

ويبلغ مدى طائرة (كرار): 1000 كيلومتر، بينما يبلغ مدى سرعتها نحو: 900 كيلومتر في الساعة، ويمكنها حمل شحنة تزن نحو: 500 كيلوغرام، وتستطيع التحليق على ارتفاع ما بين: 25 و40 ألف قدم، فضلًا عن إمكانية تجهيزها بصواريخ (كروز) البحرية.

سوق “الدرونز” الإيرانية.. من “طاغكستان” إلى “فنزويلا”..

في تشرين أول/أكتوبر 2020، إنتهت عقوبات الأسلحة المفروضة على “إيران”، وباتت “طهران” قادرة على استيراد جميع أنواع المعدات والأسلحة التي تحتاجها وتصدير أسلحتها المنتجة محليًا إلى جيرانها ودول أخرى.

فبعد سنوات من خضوع الصناعات الدفاعية الإيرانية لحظر توريد الأسلحة، ومن خلال التركيز على الإكتفاء الذاتي، تمكّنت “طهران” من تلبية احتياجات البلاد الدفاعية بطريقة محلية تمامًا دون الحاجة إلى أسلحة أجنبية، بل وباتت تلك الصناعات تملك فائضًا يجري توجيهه للتصدير، وهو اتجاه كان مستمرًا بشكل غير رسمي، حتى خلال فترات الحظر.

وقد وصف الجنرال “فرانك ماكينزي”، قائد الجيش الأميركي في الشرق الأوسط، “إيران”، بأنها: “تهديد يومي للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة”، وأكد أن ميليشيات (الحوثي) المتحالفة مع “إيران” قامت بحوالي: 150 ضربة صاروخية وهجمات بواسطة (درونز) ضد المصالح السعودية في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، ووفقًا للجنرال “ماكينزي”، فإن استخدام “إيران” الواسع النطاق لـ”الدرونز” في الاستطلاع والعمليات الهجومية، يعني أن “الولايات المتحدة” تفتقر إلى التفوق الجوي في العمليات لأول مرة منذ الحرب الكورية.

ولم تكتفِ “إيران” بنشر أسلحتها في منطقة الشرق الأوسط وبين حلفاءها، ولكنها طوّرت سياسات تصدير الأسلحة إلى ما وراء ذلك. ففي 17 آيار/مايو 2022، افتتحت “إيران” مصنع (أبابيل-2) لإنتاج الطائرات بدون طيار في “طاغيكستان”. وهي خطوة تهدف بوضوح إلى زيادة البصمة العسكرية الإيرانية في “آسيا الوسطى”.

فمن جهة تستطيع “إيران”؛ من خلال ذلك المصنع، أن تُصدِّر طائراتها بشكل شرعي، هربًا من العزلة الدولية، ومن جهة أخرى تُحاول نقل هذه المنشآت الحيوية بعيدًا عن هجمات “إسرائيل”، ففي شباط/فبراير 2022؛ قامت الأخيرة بقصف مصانع “درونز” إيرانية في “أربيل”؛ بـ”العراق”، بالقرب من مدينة “كرمانشاه” في “إيران”.

وبالنظر إلى أن المصنع الإيراني الجديد في “طاغيكستان”؛ فإن إنتاجه سيكون موّجهًا بشكل أساس لسوق الدفاع في “آسيا الوسطى”، بل قد يوفر بديلًا لـ”الدرونز” الصينية التي تستخدمها “كازاخستان وتُركمانستان وأوزبكستان”؛ مما يُكسب “إيران” – تدريجيًا – عملاء جُدد.

وإذا كان من المنطقي أن تتطلع “إيران” إلى جوارها الجغرافي الآسيوي، فمن اللافت أن تُسافر “الدرونز” الإيرانية عبر الأطلنطي إلى “فنزويلا”، فقبل أسابيع من إنتهاء الحظر على إمدادات الأسلحة الرئيسة من وإلى “إيران”، وبالتحديد في آب/أغسطس 2020، قال الرئيس الفنزويلي؛ “نيكولاس مادورو”، إن شراء صواريخ إيرانية: “فكرة جيدة”، ثم انبرى الطرفان في توقيع اتفاقيات لتعزيز التعاون في مجال الدفاع والأمن.

مصدر الصورة: الأناضول

ولم تكن تصريحات “مادورو” إلا إعلان رسمي عن علاقات عسكرية بين الطرفين تعود إلى 2007، حين بدأت “طهران” بتصدير تكنولوجيا “الدرونز” الإيرانية إلى “فنزويلا”، بدءًا من طائرة (مهاجر-2)، وصولًا إلى طائرة (مهاجر-6)؛ في عام 2018، وتزامن ذلك مع التقارير الأميركية التي تتحدث عن حضور لا بأس به لعملاء (الحرس الثوري) الإيراني و(حزب الله) اللبناني في “فنزويلا”، وذلك منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ويرى بعض الخبراء  في “الولايات المتحدة”، أن تمركز الأسلحة الإيرانية في “فنزويلا” يستهدف ضرب المصالح الأميركية والإسرائيلية في “كولومبيا” المجاورة، حيث يمكن استهداف المواطنين الأميركيين والإسرائيليين في “كولومبيا” عن طريق “الدرونز”، وكذلك يمكنها مباغتة السفن الأميركية في منطقة “البحر الكاريبي”.

على جانب آخر؛ ووفقًا لتقرير تشرين أول/أكتوبر؛ الصادر عن مجموعة أبحاث (InSight Crime)، فإن العديد من الميليشيات الكولومبية المعارضة تنشط في “فنزويلا”، والتي تُصنِّفها “الولايات المتحدة” على أنها: “منظمات إرهابية أجنبية”؛ وفي حال حصولها على “الدرونز” الإيرانية، بطريقة أو بأخرى، فإنه سيمكنها الإضرار بالمصالح الأميركية في “كولومبيا”، أي أن “إيران” لا تُحاول توسيع نطاق تصدير أسلحتها إلى مناطق بعيدة وأسواق متعطشة فحسب، ولكنها ترغب في إظهار أنه يمكنها إزعاج “الولايات المتحدة” ومصالحها في مناطق فنائها الخلفي.

جولة صراع جديدة ضد “إسرائيل”..

خرجت التقارير الإسرائيلية لتصف “الدرونز” الإيرانية: بـ”الجائحة”، وذلك بعدما تحوّلت من خطر محتمل بالنسبة إليها، إلى مساحة: لـ”حرب ظل جديدة”، لتنضم إلى حروب سابقة، ما زال بعضها مستمرًا، مثل: حرب الناقلات في الخليج، وجولات الحرب السيبرانية بينهما.

ففي آذار/مارس 2022، بدأت الأصوات تتعالى في “إسرائيل”، مُحذِّرةً من تنامي: “وباء الدرونز الإيرانية”، وفق تعبير الصحف الإسرائيلية. وذلك في أعقاب كشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن حادثة وقعت قبل عام، في آذار/مارس 2021، حين اعترض سلاح الجو الإسرائيلي طائرتين بدون طيار، إيرانيتين الصنع، عند اقترابهما من المجال الجوي الإسرائيلي، وكانتا من طراز (شهد-197)، والتي يبلغ مداها حوالي: ألفي كيلومتر، والمدى الزمني لطيرانها نحو: 20 ساعة، وقالت الحكومة الإسرائيلية إن الطائرتين كانتا تحملان أسلحة نارية، متجهة إلى الفصائل الفلسطينية في “غزة” و”الضفة الغربية”.

وفي نيسان/إبريل 2022، تحدّث قائد (فيلق القدس)؛ في (الحرس الثوري) الإيراني؛ “إسماعيل قاآني”، عن تلك العملية، وأكدها، وأشار إلى أن الطائرات نفّذت مهامها بنجاح، بل ذكر أن: 41 طائرة مقاتلة إسرائيلية فشلت في اعتراض الطائرتين الإيرانيتين المُسّيرتين اللتين نفذتا المهمة. وذلك على عكس البيانات الإسرائيلية التي تؤكد إسقاط الطائرتين.

وهناك سيناريو محتمل؛ وهو أن “إسرائيل” ربما تكون قد أسقطت الطائرتين، بعدما نفذتا مهمتهما، التي لم يكشف عنها القائد الإيراني، ولكن بغض النظر عن حقيقة ما حدث، فيبدو أنها كانت محاولة إيرانية جادة، وخطيرة بالنسبة لـ”إسرائيل”.

والحديث عن هذه المحاولة، فتح المجال أمام الحديث عن محاولات “الدرونز” الإيرانية السابقة، والتي رصدتها الصحف الإسرائيلية. ففي شباط/فبراير 2018، أسقطت مروحية (أباتشي) إسرائيلية في مدينة “بيسان” المحتلة؛ (والتي تُطلق عليها إسرائيل “بيت شيعان”)، طائرة إيرانية بدون طيار إنطلقت من “سوريا”، وزعمت “إسرائيل” أنها كانت تحمل ذخائر لتسليمها إلى فصائل “الضفة الغربية”، وفي آيار/مايو 2021، أطلقت “إيران” طائرة بدون طيار من “العراق” باتجاه “إسرائيل”، وجرى اعتراضها أيضًا في مدينة “بيسان”.

وتكشف هذه الحوادث عن حرب ظل جديدة، تجري بين “إيران” و”إسرائيل”، تنكشف جولاتها تدريجيًا، وربما بعد شهور من وقوع فصولها، ورغم الفروق التكنولوجية الواضحة لصالح “إسرائيل” في مجال “الدرونز”، والتصنيع العسكري بشكل عام، إلا أن “إيران” تتحسّس طريقها لحصار “إسرائيل” تدريجيًا، وتجري التجارب والمناورات واحدة تلو الأخرى.

وقد تستمر تلك الحرب في الظل لسنوات، مثل الحرب السيبرانية الدائرة؛ منذ عام 2010، وربما تتسبّب في جولة صراعية كثيفة، ذات نتائج وخسارة كبيرة، فكل الاحتمالات متاحة في مستقبل ستُسيطر على سمائه: “الآلات الطائرة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب