4 ديسمبر، 2024 12:37 م
Search
Close this search box.

بضم أراضى وإغفال فلسطينيين .. إسرائيل والتزوير “الديموغرافي” المتعمد

بضم أراضى وإغفال فلسطينيين .. إسرائيل والتزوير “الديموغرافي” المتعمد

كتب – سعد عبد العزيز :

منذ أن نشأت “الحركة الصهيونية” عام 1897 وهي تحمل على عاتقها أهدافاً عدة، من أهمها جعل اليهود الأغلبية الكبرى على أرض فلسطين، وفي سبيل ذلك شجعت الحركة الهجرات اليهودية إلى فلسطين. ثم دأبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على انتهاج كل الوسائل غير المشروعة لتحقيق هذا الهدف المنشود، كان أشهرها تهجير الفلسطينيين من أراضيهم. وفي هذا السياق طالعتنا صحيفة “هاأرتس” الإسرائيلية في مقالتها الافتتاحية بوسيلة أخرى تتلخص في تزوير الإحصاءات السكانية لجعل اليهود هم الأغلبية العظمى في فلسطين.

الجهاز المركزي للإحصاء: اليهود هم الأغلبية الساحقة..

فتقول الصحيفة الإسرائيلية: “في كل عام قبيل عيد الاستقلال يقوم المكتب الرئيسي للإحصاء في إسرائيلي لإصدار بيان احتفالي للصحافة، يتضمن تعداد سكان إسرائيل، بالإضافة إلى معلومات وإحصائيات ديموغرافية واقتصادية تخص تطور الدولة وانجازاتها”.

وتضيف “هاأرتس” أنه بحسب هذا البيان فإن عدد سكان إسرائيل هذا العام بلغ قرابة 8.68 مليون نسمة، منهم 74.7٪ من اليهود، و20.8٪ من العرب، والباقي يمثلون 4.5٪ من هويات أخرى أغلبهم مسيحيين من غير العرب. ويشكل هذا البيان الإحصائي الرسمي الصادر عن هيئة مهنيةٍ معتبرةٍ، وثيقةً تؤكد على مدى نجاح “الحركة الصهيونية” في إقامة دولة ذات أغلبية يهودية ساحقة ومتماسكة.

معلومات مغلوطة ومضللة..

ترى الصحيفة أن بيان المكتب الرئيسي للإحصاء يفتقر إلى الدقة ويحمل “التضليل” الكفيل بأن يحوله من مجرد تقرير إحصائي بحت إلى وثيقة دعائية سخيفة. ولنبدأ بعدد السكان، فإن المكتب الرئيس للإحصاء أجرى التعداد لجميع اليهود في كل الأراضي الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، ولكنه لما أجرى التعداد للعرب اقتصر على المناطق الواقعة داخل “الخط الأخضر والقدس الشرقية وهضبة الجولان”، وبذلك لم يحصي مكتب الإحصاء ملايين الفلسطينيين في “الضفة الغربية وقطاع غزة”. وهكذا تم احتساب المستوطن اليهودي في “مدينة الخليل” باعتباره “مواطناً إسرائيلياً” وأدرجه في الإحصاء، بينما غض الطرف عن جاره الفلسطيني.

الجهاز المركزي يعرف الحقيقة..

تؤكد الصحيفة الإسرائيلية على أن المشكلة ليست في أن الجهاز المركزي للإحصاء لا يعرف تعداد الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، فإسرائيل تسيطر على السجل السكاني للسلطة الفلسطينية الخاص بالضفة الغربية وحتى بقطاع غزة، وبالتالي فكل حالة ولادة أو سفر أو زواج أو طلاق أو وفاة لشخص فلسطيني في الأراضي المحتلة يتم إعلام السلطات الإسرائيلية بها. وعلى ذلك فإن المكتب الرئيسي الإسرائيلي للإحصاء يستطيع نشر بيانات كاملة عن السكان الخاضعين للسيطرة المباشرة وغير المباشرة لإسرائيل، والذين يتعاملون بعملة الشيكل نفسها ويتصلون بمرافق البنية التحتية نفسها. ولكن لو أن الجهاز فعل ذلك لتقلصت تلك الأغلبية اليهودية للغاية، ولضاعت فرحة عيد “استقلال” إسرائيل.

تزوير ديموغرافي..

تعتقد صحيفة هاأرتس أن التضليل يزداد حينما يصف المركز الرئيس للإحصاء مساحة الدولة الإسرائيلية ذات الـ 69 ربيعاً، فالخريطة المرفقة بالبيان تضم إلى إسرائيل كل من “هضبة الجولان والضفة الغربية وقطاع غزة” من دون أية حدود داخلية مثل “الخط الأخضر” أو حدود أوسلو أو حدود فك الارتباط، أي أن هذه الخريطة ليست لإسرائيل الحالية، وإنما لإسرائيل الكبرى. ولكن الغريب أن المساحة التي نشرها المكتب لدولة إسرائيل هي 22,072 كيلومتر مربع، أي من دون مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة. وهنا يجب أن نسأل: “هل الأراضي الفلسطينية المحتلة جزء من دولة إسرائيل أم لا ؟.. ولماذا قام الجهاز باحتساب المستوطنين في إحصاء المواطنين الإسرائيليين بينما لم يحتسب مساحة أراضي المستوطنات ضمن المساحة الإجمالية للأراضي الإسرائيلية ؟.. أم إن المستوطنين يسكنون في الفضاء ؟”.

إسرائيل تزوّر منذ زمن..

تؤكد الصحيفة الإسرائيلية على أن هذه البيانات المشوهة ليست أمراً جديداً، فالمكتب الرئيس للإحصاء يحتسب المستوطنين اليهود ضمن مواطني دولة إسرائيلي منذ عام 1972، أي منذ عهد رئيسة الوزراء “غولدا مائير”. ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا، اشترك جميع خبراء الإحصاء الحكوميين في هذه الخديعة المتواصلة، حيث درجوا على احتساب العرب بطريقة تختلف عن احتساب اليهود، على الرغم من أن القانون يحتم عليهم الإلتزام بـ”المعايير العلمية”.

وختاماً تقول الصحيفة إن الرئيس الحالي لمكتب الإحصاء وهو البروفيسور “داني بفرمان” تم تكريمه العام الماضي، وأصبح لقبه “خبير الإحصاء القومي”، لكن للأسف أنه كسابقيه يضحي هو الآخر بسمعته المهنية لصالح المحاولات الدعائية الحكومية التي تهدف إلى إظهار أن اليهود يشكلون أغلبية كبيرة، في مقابل محو الفلسطينيين من الواقع وإزالتهم من الوعي والذاكرة، كل ذلك باسم معايير مزعومة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة