خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
“باسم العراق.. باسم الشعب.. باسم الشهداء.. باسم المُضَحِّين.. وباسم النازحين.. تمت الموافقة”. هذه العبارة التي ربما تعكس التحول في تاريخ “العراق”، قالها أمس الثلاثاء، “محمد الحلبوسي”، رئيس مجلس النواب، بعد التصويت على قانون الانتخابات الجديد.
ولولا استمرار الحراك الشعبي؛ لما تم إقرار القانون الجديد الذي يُتيح اختيار أعضاء البرلمان على أساس فردي بدلًا من الاختيار من قوائم حزبية، ويجعل كل عضو بالبرلمان ممثلًا لدائرة انتخابية محددة بدلًا من مجموعات المشرعين التي تمثل محافظات بأكملها.
نقطة إنطلاق للإصلاح والتغيير..
هناك من شعر بالتفاؤل بعد إقرار القانون الجديد، ومن بين هؤلاء كتلة تحالف (سائرون) النيابية، التي أكدت أن إقرار قانون انتخابات “مجلس النواب” سيفسح المجال أمام المستقلين والنخب والكفاءات الوطنية لدخول ميدان التنافس الانتخابي بصورة واسعة.
وقال رئيس الكتلة، “نبيل الطرفي”، إن: “الشعب العراقي والمرجعية أكدا على تشريع قانون انتخابي يلبي الطموح، ويكون نقطة إنطلاق للإصلاح والتغيير الحقيقي”، مشيرًا إلى التصويت على قانون الانتخابات رغم الصعوبات والعراقيل والاختلاف السياسي الذي رافق عملية استكمال هذا القانون.
وأضاف “الطرفي”؛ أن: “إرادة القوى الوطنية كانت أقوى من كل الظروف التي أحاطت بعملية إقرار القانون، وقد أعلن تحالف (سائرون)، منذ البداية، موقفه الرسمي المرتكز على ضرورة إقرار قانون انتخابي يتماشى مع توجيهات المرجعية ومطالب المتظاهرين”، مبينًا أن: “إقرار القانون سيفسح المجال أمام المستقلين والنخب والكفاءات الوطنية لأن تدخل ميدان التنافس الانتخابي بصورة واسعة، وهذا الأمر ستكون له نتائج إيجابية على الواقع السياسي والاجتماعي ويُسهم في استقرار العراق، وهذا هو الهدف الأسمى والأهم”.
قانون الانتخابات الجديد يمثل خطورة على العراق..
على الجانب الآخر؛ هناك مَن حذّر من خطورة قانون الانتخابات الجديد، حيث أكد الخبير القانوني، “طارق حرب”، أمس الثلاثاء، أن الكتلة (س) التي حصلت على 54 مقعدًا في انتخابات 2018، ستحصل على أكثر من مئة مقعد برلماني، بحسب قانون انتخابات “مجلس النواب” الجديد، فيما أشار إلى أن كل نائب سيطالب بدائرته المكونة من مئة ألف نسمة فقط، وهكذا يضيع “العراق” وتضيع “بغداد”.
وخاطب “حرب”، أعضاء البرلمان؛ بقوله: “جميعكم لن تصلوا إلى البرلمان؛ طبقًا للقانون الجديد، هذا ما يمكن قوله لكم إذ أن أغلبكم أو جميعكم لن يفوز بالانتخابات، لأنكم وطنيون جغرافيًا وليس وطنيون مناطق صغيره”، مبينًا أن: “ترشيح أي واحد منكم على المحافظه كدائرة انتخابية ممكن فوزكم، ولكن ترشيحكم على المئة ألف فإنه حتمًا لن يفوز، فالواحد منكم معروف في المحافظة كدائرة، ولكنه ليس معروفًا في دائرته المُشَكَّلة من مئة ألف نسمة”.
وأكد “حرب”، على أن: “هكذا تقسيم للعراق، فكل نائب يطالب بدائرته المكونة من مئة ألف نسمة فقط، ولكم أن تتصوروا نواب بغداد، وعددهم 69 نائب، كل منهم ينادي ويطالب لمنطقته المكونه من مئة ألف؛ وهكذا يضيع العراق وتضيع بغداد وتضيع مدينة الصدر أمام مطالبات نواب كل منهم يطالب بأمور دائرته المكونة من مئة ألف نسمه، ناسيًا القضاء والمحافظة والعراق”.
لماذا تغيب “الحلبوسي” عن جلسة التصويت ؟
يبدو أن رئيس مجلس النواب العراقي، “محمد الحلبوسي”، قد أدرك خطورة تداعيات القانون الجديد فنأى بنفسه عن مسؤولية إقراره، حيث لم يحضر جلسة، أمس، الخاصة بالتصويت على فقرات قانون الانتخابات. وقال بعد حضوره إلى البرلمان، عقب الإنتهاء من التصويت على مجمل قانون مجلس النواب، خلال الجلسة التي ترأسها نائبه الأول، “حسن الكعبي”: “لم أترأس جلسة التصويت على قانون الانتخابات، حتى لا يتم تأويل الأمر بأني مع جهة ضد أخرى”.
وكان “مجلس النواب”، قد أنهى أمس الثلاثاء، التصويت على قانون الانتخابات ومرَّر الفقرتين الجدليتين 15 و16 من القانون؛ رغم اعتراضات القوى الكُردية التي أصرت على وجوب إعتماد المحافظة كدائرة انتخابية واحدة.
إصرار المحتجين على مرشح مستقل..
لم يطالب المحتجون بقانون جديد للانتخابات فحسب، بل يطالبون كذلك باستبعاد النخبة السياسية بأكملها واختيار رئيس وزراء مستقل لا ينتمي لأي حزب، إضافة إلى إنهاء النفوذ الإيراني في بلدهم. وتتواصل الاحتجاجات في مواجهة سلطة مصابة بالشلل بين ضغوط الأحزاب الموالية لـ”إيران” وإنعدام القدرة على تجديد الطبقة السياسية في أحد أكثر البلدان فسادًا في العالم.
وسبق للأحزاب أن فشلت ثلاث مرات بالاتفاق على مرشح لرئاسة الوزراء في المهل الدستورية. وبمجرد أن تم تداول اسم محافظ البصرة، “أسعد العيداني”، انتفض المحتجون في المحافظة النفطية الجنوبية؛ رفضًا لذلك الترشيح. وقال أحد المتظاهرين في “البصرة”: “في كل ساعة تقترح الأحزاب مرشحًا جديدًا، لكن نحن نريده مستقلاً. نحن مستعدون للإضراب العام ليوم أو يومين أو ثلاثة، وحتى مئة سنة إذا استدعى الأمر ذلك”.