خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
لعل الناشر لحديث التطاول على آية الله “صافي گلپایگاني”، لم يتصور أن التعرض إلى ساحة المرجعية سوف يُثير عاصفة من ردود الفعل في المجتمع والحوزات العلمية وأوساط مراجع التقليد. الأمر الذي دفع وسيلة الإعلام، التي نشرت هذا الحديث؛ إلى الاعتذار من هذا المرجع التقليدي العظيم.
لكن المقطوع به؛ أنه لا يجب سحب المنافسات السياسية والحزبية على ساحة المراجع، ومقارنة تصريحاتهم بما يصدر عن السياسيين أو المسؤولين. كذلك لابد من معالجة هذه الهجمات على النحو الأمثل، حتى لا يخيل إلى بعض التيارات أن بمقدورهم القيام بأي شيء والبقاء بمأمن. بحسب “حميد شجاعي”؛ في صحيفة (آرمان ملي) الإصلاحية الإيرانية.
التعرض إلى ساحة المرجعية..
في زيارة إلى مدينة “قم” التقى، “محمد باقر قاليباف”، رئيس البرلمان، مع المرجع عالي المقام، آية الله “صافي گلپایگاني”، والذي تطرق للحديث عن الأوضاع الاقتصادية المجتمعية، وقال: “الغلاء يستنزف طاقة الشعب، بحيث أصبح تحمل الغلاء شديد الصعوبة ويمثل مشكلة للمواطن”.
وأوصى بضرورة التعامل مع كل دول العالم بعزة واقتدار. لكن أسلوب القطيعة مع الكثير من الدول غير صحيح ويضر بالشعب الإيراني العزيز. “عليكم تلبية حقوق الأمة بالتعقل والتعامل البناء”.
هذه التصريحات دفعت بعض وسائل الإعلام الرافضة لـ”الاتفاق النووي”، والتي هي على استعداد دائم لإطلاق قذائفها ضد كل من يُعارض توجهاتهم، إلى توجيه سهام هجماتها صوب، آية الله “صافي گلپایگاني”، على غرار ما نشر موقع (رجا نيوز) الأصولي، من مواد صحافية نقدية، وفيها تطاول كرد فعل على تصريحات هذا المرجع عالي القدر.
ووصف الموقع؛ تصريحات آية الله “صافي گلپایگاني”: بـ”التخليل الخاطيء تمامًا”، وكتب: “الطريف أن، حسن روحاني، طرح مثل هذه الرؤية، قبل 08 سنوات؛ وبها خدع العوام والسطحيين وحصل على أصواتهم. وقد ثبت من المنظور (العملي) خطأ مثل هذه التحليلات، ولم تضف 08 سنوات من المفاوضات والتلاعب بوثيقة العار المعروفة، باسم الاتفاق النووي، أي شيء إلى موائد الإيرانيين. والآن نسمع مثل هذه التصريحات المغلوطة على لسان أحد (مراجع التقليد). والحقيقة أن تقليده السياسي للقوى العلمانية مذموم. وكذلك تأخره السياسي فيما يخص تكرار مثل هذه التحليلات خاطيء تمامًا. ولا ندري هل ننقده لـ (تقليده) أم (تأخره)”.
والواقع أن هجوم الأصوليين على أي معارض هو أمر طبيعي، لكن الهجوم بنبرة مهينة على ساحة أحد مراجع التقليد يُثير التأمل. وأول وأهم مأخذ على موقع (رجا نيوز) المتشدد، هو وصف تحليل ورأي ينطوي على أبعاد وزوايا: بـ”المغلوط تمامًا” دون دراسة، بغض النظر عن هتك حرمة أحد المراجع.
كذلك فإن طريقة النظر إلى مرجع تقليد ومقارنته بشخصية سياسية وتنفيذية؛ في مكانة رئيس الجمهورية مثل: “حسن روحاني”، هي مسألة غير صحيحة.
لأن رئيس الجمهورية يتحدث من مواقع الظروف الداخلية والخارجية والسياسات الحكومية، لكن تصريحات مرجع التقليد تنبع عن قلق وخوف على الشعب، وتبحث عن حلول للمشكلات المجتمعية.
ردود الفعل..
بعد هذه الإهانة؛ أبدى العديد من العلماء ورجال الدين، بل والشخصيات السياسية، ردود أفعال غاضبة، فكتب آية الله سيد “حسن الخميني”، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي (إنستغرام): “في زمرة العلماء الكبار الذين على قيد الحياة، هناك إثنين أو ثلاثة هم أصحاب الزعامة بالنسبة لي من منظور (العلم والمنزلة الرفيعة)، حيث تشعر (بالهدوء في وجودهم) وتستشعر أن كل ما يقول لا ينبع عن (منة فردية أو محبة قبلية)؛ أحدهم آية الله “صافي گلپایگانی”. وأقول بجراة إن الدين بالنسبة لهم هو فقط (دين الله)… وآمل أن يحصل على اعتذار سريعًا وإنهاء القصة”.
بدوره علّق “علوي بروجردي”، من المراجع في حوزة “قم”: “لو نضرب في المرجعية، فإننا نضرب أنفسنا. ولو نضرب في المرجعية ولم يجد الناس في مرجعيتهم الشيعية الملاذ والملجأ، حينها سوف يلجأ الناس إلى الفكر المنحرف المستورد. لا يجب أن نعمل على إضعاف المرجعية”.
وهناك الكثير من ردود الفعل الأخرى. وقد انتقد “مركز إدارة الحوزات العلمية” بيانًا يُدين وينتقد أي تعرض إلى ساحة المرجعية، ويطلب إلى المسؤولين ووسائل الإعلام، القضاء على سُبل القيام بمثل هذه العمليات.