كتبت – آية حسين علي :
بمشاعر الحنين والصدمة تابع البريطانيون أبرز المحطات في حياة أسطورة فريق مانشستر يونايتد الإنكليزي، “ريو فرديناند”، الذي بات أباً وأماً بعدما قرر اعتزال اللعب بعد وفاة زوجته.
وكشف فيلم وثائقي يحمل عنوان “ريو فرديناند أصبح أماً وأباً”، عرض عبر شبكة الإذاعة البريطانية “بي. بي. سي”، جوانب شخصية من حياته بعيداً عن الملاعب، وروى قصة إصابته بالاكتئاب وإدمانه للكحول وعزمه الانتحار بعد وفاة زوجته.
وقال فرديناند: “حاولت طوال حياتي أن أكون طموحاً في كل ما أفعله، كنت أتمنى أن أصبح لاعب كرة، بل أفضل لاعب وأن أشارك في مباريات تقام في ملاعب كبيرة، وأن أحصل على الجوائز، لكن ما لم أتوقف أبداً عن التفكير فيه هو كيف يمكن أن أوفر أفضل دفء عائلي لزوجتي وأطفالي”.

وخاض فرديناند 81 مباراة مع منتخب إنكلترا على مدار 20 عاماً، وحصد مع مانشستر يونايتد لقب “البريميرليغ” 6 مرات بالإضافة إلى كأس أبطال أوروبا عام 2008، ضمن تشكيلة الشياطين الحمر تحت إمرة “أليكس فريغسون” مديره الفني السابق.
المدافع الأغلى ثمناً في البريمير ليغ لمرتين..
وأصبح فرديناند المدافع الأغلى ثمناً في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز مرتين، وبفضل نجاحاته وقع مع نادي “ليدز يونايتد” الإنكليزي مقابل 25 مليون يورو، وهو الرقم الذي أصبح فيما بعد لا شئ أمام العرض الذي قدمه مانشستر يونايتد عام 2002، حين تعاقد معه مقابل 45 مليوناً.
وهو المبلغ الخيالي الذي لم يصل إليه مدافع حتى عام 2014، عندما انتقل البرازيلي “ديفيد لويز” من نادي تشيلسي إلى باريس سان غيرمان مقابل 62 مليون يورو.
وابتسمت الحياة لفرديناند في ظل نجاحاته المتعددة، حتى اكتشف مرض زوجته، “ريبيكا إليسون”، بسرطان الثدي في 2013.
وبدأ التعارف بين ريو وريبيكا عام 2000، وبعد الارتباط أنجبت ريبيكا ثلاثة أبناء هم: “لورنز وتيت وتيا”.
وعرض خلال الفيلم صوراً من حفل الزفاف الملئ بالبذخ الذي عقد في “جزر العذراء البريطانية” وكان فرديناند يرتدي بذلة بيضاء وزينت العروس جبهتها بجوهرة تشبه ما يرتديه الهنود.
ولم تكن ريبيكا تلك الفتاة التي تحرص على حضور الحفلات أو الظهور في الإعلام، وبعد زواجهما، تركت كل شئ لتصب اهتمامها كله على أسرتها.
فرديناند يعتزل اللعب ويدمن الكحول..
وفي 2013، تم تشخيص إصابتها بسرطان الثدي لأول مرة ثم تم علاجها، ليعود مرة أخرى في 2015 لكن هذه المرة لم تعش أكثر من بضع أسابيع ثم توفيت تاركة خلفها زوج وثلاثة أبناء.
وأثرت وفاة الزوجة الوفية سلبياً على اللاعب الدولي، فكان أول قرار اتخذه هو التوقف عن اللعب، بعدما حقق كل ما يريد مع مانشستر يونايتد، لم تكن لديه الإرادة القوية للاستمرار في نادي كوينز بارك رينغرز.
وقال: “في البداية عندما كان ينام الأطفال كنت أتناول الكثير من الخمر حتى الثمالة.. وظللت على هذا الوضع طوال ثلاثة أو الأربعة أشهر الأولى”. وأضاف أنه كان غير قادر على الرد على تساؤلات الصغار حول والدتهم.
ورغم النجاحات التي حققها فرديناند مدافعاً في أحد أكبر الأندية في العالم خلال أكثر من عقد من الزمن إلا أنه عاش لحظات من الانهيار، لكن تعرضه لحادث سير جعله يفيق من الاكتئاب الذي أصابه، ويدرك أن عليه أن يبقى حياً من أجل أبناءه. وتابع: “كنت أمانع في طلب المساعدة، لكن بعد ما حدث أدركت أن على الرجال تحمل المسئولية”.
وبكى فرديناند كثيرا خلال تسجيل الفيلم، لأنه لم يكن أمامه سوى البكاء عند الحديث عن زوجته الراحلة وتعلم أنه لا يصح إخفاء مشاعره.
أب وأم..
وأشار اللاعب: “كنت استيقظ مع الصغار وأرتدي ملابسي وأتناول إفطاري ثم أقلهم إلى المدرسة وأذهب لأتمرن، وكنت أظن أنني هكذا أساعد في أعمال المنزل”.
لكن بعد وفاة ريبيكا أدرك أن عليه أن يتعلم أشياء كثيرة كان يجهلها، هي أصعب كثيراً من الدفاع عن ركن في الملعب أو تسديد رمية. متابعاً: “كنت أقف أمام الغسالة الأتوماتيكية وأقول لها إنني أعرف ما تفعلينه لكن لا أعرف كيفية تشغيلك”.
كما أصبح يساعد الأطفال في واجباتهم ويقلهم إلى تمريناتهم الرياضية، فضلاً عن تمشيط شعر ابنته الصغرى. وأردف: “المنزل عبارة عن منظمة وهيكل متكامل لكن الرجال لا يرون ذلك.. لقد كانت ريبيكا تقوم بكل الأشياء التي لم أكن أفعلها.. لكننا الآن أمام موقف مختلف تماماً.. وأصبحت اسأل نفسي أين ترك الصغار أحذيتهم وأين وضعوا ملابسهم”.
خلال تجربته استطاع “ريو” تعلم كيف يصبح أماً وأباً في الوقت ذاته وهو فخور بما يفعله، ويعتقد أنه ريثما يوجد شخص آخر قد يعجب به، وأنهى كلامه قائلاً: “الآن يمكنني القول بأن عندما تنظر إلينا ريبيكا من السماء سيعجبها ما نفعله”.