7 أبريل، 2024 11:38 ص
Search
Close this search box.

بسبب التسريبات البريطانية .. التلاسنات تزداد بين ترامب ولندن .. فهل تسحب سفيرها من واشنطن ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في واحدة من التسريبات التي من شأنها إحداث أزمة دبلوماسية بين “أميركا” و”بريطانيا”، نشرت صحيفة (الديلي ميل) البريطانية؛ مذكرات بريطانية دبلوماسية سرية، والتي كان يبعثها السير، “كيم داروش”، سفير “بريطانيا” لدى “الولايات المتحدة الأميركية” إلى مستشار الأمن القومي البريطاني، السير “مارك سيدويل”.

وأشارت إلى أن تلك الرسائل الدبلوماسية السرية، كانت متبادلة على خدمة سرية لتبادل الرسائل الدبلوماسية يطلق عليها (ديب تل).

ولم تكشف الصحيفة البريطانية الطريقة التي حصلت من خلالها على تلك الوثائق الدبلوماسية السرية، ولكنها أشارت إلى أنها تأكدت من صحتها. كما نقلت شبكة (سي. إن. إن) الأميركية؛ عن مسؤول بريطاني قوله إن تلك الوثائق “سليمة بنسبة 100%”.

وتحدث “داروش”، في برقياته السرية، عن الوضع داخل “البيت الأبيض” في رسالة، بتاريخ 22 حزيران/يونيو 2017 – أي بعد 150 يومًا من انتخاب “دونالد ترامب” -، ووصفه بأنه أشبه بـ”معركة السكاكين”.

وأضاف بقوله: “الوضع داخل البيت الأبيض أشبه بحالة من الإقتتال الوحشي والفوضى، وكل ما يقوله عن الإعلام بأنه أخبار مزيفة، هو حقيقة في واقع الأمر، لأن الوضع في الداخل أسوأ بكثير”.

وقال السفير البريطاني عن “ترامب”: “إنه غير كفؤ وغير نزيه وغير أمين، ويمكن وصفه بأنه مختل؛ ستكون نهاية العار والخزي لا محالة”.

وتابع: “يمارس الرئيس الأميركي حاليًا سياسات اقتصادية يمكن أن تدمر نظام التجارة العالمي بأكمله”.

ومضى بقوله: “لا نعتقد أن الإدارة الأميركية الحالية طبيعية إلى حد كبير، بل أقل ما يمكن وصفها بأنها مختلة وظيفيًا، ولا يمكن التنبؤ بما يمكن أن تفعله، فهي عبارة عن أكثر من فصيل ممزق، ما بين دبلوماسي أخرق وسياسي غير كفؤ، ولا تبدو إدارة البيت الأبيض مؤهلة على الإطلاق لما هو منوط بها”.

غير متماسك وفوضوي..

وأشارت المذكرات الدبلوماسية السرية إلى تفاصيل المفاوضات الحساسة للغاية حول البرنامج النووي الإيراني؛ حتى تعامل “ترامب” مع الهجمات الأخيرة على ناقلات “النفط” في “مضيق هرمز”، في رسائل بعث بها في 22 حزيران/يونيو الماضي.

ووصف تعامل “ترامب” وإدارته مع الأزمة الإيرانية؛ بأنه “غير متماسك وفوضوي”.

وتابع: “من غير المحتمل أن تصبح السياسة الأميركية أكثر تماسكًا بشأن إيران في أي وقت قريب، فتلك إدارة مقسمة ممزقة”.

وشكك “داروش” في إدعاء “ترامب” الأخير، بأنه أجهض ضربة صاروخية على “إيران”، كانت ستسبب في مقتل 150 شخصًا على الإطلاق، بقوله: “لا أعتقد أنه قادر على إيقاف مثل هذا القرار أو إصداره”.

وأردف: “من الأرجح أنه لم يفكر بهذا على الإطلاق، بل هو كان قلقًا فقط على كيفية انعكاس هذا الأمر الواضح على وعوده في حملته الانتخابية عام 2016، على حملته الجديدة لعام 2020”.

لتكوين وجهة نظر حول إدارة “ترامب”..

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن تلك المراسلات بدأت عندما كانت رئيسة الحكومة البريطانية، “تيزيزا ماي”، تسعى لتكوين وجهة نظر حول إدارة “ترامب”، عقب 150 يومًا من توليه الإدارة الأميركية، فطلبت من مستشارها للأمن القومي أن يسأل السفير البريطاني حول آرائه حول شخصية “ترامب” وإدارة “البيت الأبيض” الجديدة.

وكان أبرز ما ورد فيها؛ هو أن الدبلوماسي البريطاني وصف، “ترامب”، بأنه: “يشيع حالة إنعدام الأمن معه”، كما أن خطبه مليئة بـ”الإدعاءات الكاذبة والإحصاءات المفبركة، وتحقيق اللاشيء تقريبًا”.

وعن العلاقات “البريطانية-الأميركية”، قال: “ينبغي أن تكون العلاقات الثنائية الأكثر أهمية بالنسبة لنا، لكن لا نعتقد حقًا أن هذه الإدارة ستصبح طبيعية إلى حد كبير، فهي مختلفة في الأداء الوظيفي، وغير قابلة للتنبؤ بها، وممزقة إلى عدة فصائل، وخرقاء دبلوماسيًا”.

وتابع: “ليست الأزمة في أن تلك الإدارة ليست دقيقة، لكن الأسوأ أنها غامضة”.

ومضى: “أنصح بضرورة أن تستخدم، تيريزا ماي، سلاح الاتصال الهاتفي مع ترامب، لأنه يحبها ويحترمها، وأن يستخدم السياسيين البريطانيين سلاح الإطراء حتى يغذون أنانية وعنهجية الرئيس الأميركي”.

واستطرد: “عندما تبدأ في مدح ترامب على شيء فعله مؤخرًا، يمكنك أن تفوز بأي شيء تطلبه منه فيما بعد”.

فتح تحقيق..

من جهتها؛ أعلنت “بريطانيا” فتح تحقيق بشأن هذه التسريبات.

وعلقت “الخارجية البريطانية”، على تلك التقارير، قائلة: “نتوقع من سفرائنا أن يقدموا للحكومة تقييمات صادقة غير مبالين بسير السياسة في بلادهم”.

وتابعت: “وجهات نظرهم ليست بالضرورة آراء الحكومة أو الوزراء بالفعل، لكننا ندفع لهم كي يكونوا صريحين معنا، تمامًا كما سيرسل السفير الأميركي هنا مذكرات حول السياسات والشخصيات في حكومة بريطانيا”.

وأشارت إلى أنهم يتوقعون أن تكون تلك المراسلات والنصائح والمشورات “سرية” بصورة كاملة.

“ترامب” يشن هجومًا حاد في سلسلة تغريدات..

كما علق الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، على تلك التقارير، في تصريحات مقتضبة، نقلتها صحيفة (الديلي تلغراف) البريطانية: “يبدو أن السير، كيم داروش، يضع مسيرته الدبلوماسية على المحك”.

وتابع: “أعتقد أن السفير البريطاني لا يخدم مصالح بلاده بتلك الكلمات التي قالها، وليس من الناس المحببين لي لأني أؤمن أنه لا يود خدمة بريطانيا”.

ومضى: “لذلك أنا أتفهم ما يقوله وما يفكر فيه، لأني أعلم جيدًا أنه لا يسعى لخدمة بلاده”.

وفي سلسلة تغريدات، وصف “ترامب”، السفير البريطاني في “واشنطن”، بأنه “شخص غبي”.

وكان “ترامب” قد أعلن، قبل أيام، أنه لن يجري من الآن فصاعدًا أي اتصال بالسفير البريطاني في واشنطن، “كيم داروش”.

وقال “ترامب”، في تغريدات جديدة، أمس: “السفير السيء الذي وضعته المملكة المتحدة في الولايات المتحدة ليس بشخص نحن متحمسون للعمل معه. إنه شخص غبي جدًا. يجب عليه التحدث مع حكومته بشأن فشلهم في مفاوضات (بريكست)، وليس التفكير بانتقاداتي لهم”.

وأضاف في تغريدة أخرى: “أنا لا أعرف السفير، لكنهم أبلغوني بأنه مغفل كبير. أخبروه بأن الولايات المتحدة لديها الآن أفضل اقتصاد وقوة عسكرية في العالم”.

تصريحات “ترامب” مهينة وخاطئة..

في رد على تصريحات “ترامب” الأخيرة، وصفها وزير الخارجية البريطاني، “غيرمي هانت”، بأنها “مهينة وخاطئة”.

وأضاف، في تغريدات على حسابه بموقع (تويتر)، موجهًا حديثه للرئيس الأميركي؛ أن تصريحات الأخير مهينة لرئيسة الوزراء البريطانية، “تيريزا ماي”، ولـ”المملكة المتحدة” بأكملها.

وتابع: “دبلوماسيوك يُعبّرون عن آرائهم ودبلوماسيونا أيضًا. قلت إن التحالف “الأميركي-البريطاني” كان الأعظم في التاريخ؛ وأوافقك الرأي، لكن الحلفاء بحاجة إلى التعامل مع بعضهم البعض باحترام كما فعلنا معك”.

كما أكد على أن السفراء البريطانيون إلى دول العالم؛ تعينهم حكومات “المملكة المتحدة”، مضيفًا: “لو أصبحت رئيسًا للوزراء سيبقى سفرائنا في مناصبهم”.

هل يظل في منصبه ؟

وحول ما سيحدث مستقبلًا على المستوى الدبلوماسي بين “واشنطن” و”لندن”، تساءل المحرر الدبلوماسي في صحيفة (الغارديان)، “باتريك وينتور”، إن كان السفير البريطاني، “كيم داروش”، سيظل في منصبه بعد التسريبات حول “ترامب” ؟.

وقال إن الرئيس، “دونالد ترامب”، يريده خارج “واشنطن”، لكن الدبلوماسيين من النادر ما يتعاملون مع الرؤساء مباشرة، موضحًا “وينتور” إن أسوأ المخاوف لـ”10 داونينغ ستريت” و”الخارجية البريطانية” حدثت عندما كتب الرئيس “ترامب” تغريدة قال فيها إنه لن يتعامل مع السفير البريطاني في “واشنطن”. والإشارة في تغريدته: “لن نتعامل”؛ هي بمثابة رسالة منه لكل الوكالات الحكومية كي تقطع علاقاتها مع السفير البريطاني وإجباره على المغادرة.

وحاول وزير الخارجية، “غيرمي هانت”، تخفيف حدة التصعيد، عندما قال إن ما جاء في التسريبات لا يعكس موقف الحكومة البريطانية، ولكنه دعم موقف سفيره كي يعبر عن مواقفه الشخصية للمسؤولين الحكوميين؛ وإن كان بطريقة سرية.

ويرى “وينتور” أن “بريطانيا” وجدت نفسها أمام موازنة حساسة كي تحافظ من خلالها على ما تعرف بالعلاقة الخاصة والدور المنوط بالدبلوماسيين، وهو قول الحقيقة لمرؤوسيهم في تقاريرهم السرية. ولم تنجح الصيغة التي اقترحها “هانت” على ما يبدو، وبدا من الواضح أن “داروش”، الذي سيترك وظيفته بنهاية الشتاء أصبح رصيدًا انتهت صلاحيته.

ومن الواضح أن “ترامب” لديه مزاج متقلب؛ ويمكنه تغيير موقفه من يوم لآخر، ولكنه حساس جدًا كما أوضح “داروش” في مذكرته. وعندما يتحرك الرئيس ضد ناقد له فلا يمكن إزالة الحقد. ومع ذلك فهناك من هم في “وزارة الخارجية” ممن يريدون عقاب “داروش” على كتابته رسالة خاصة؛ يرى معظم المسؤولين في الحكومة أن ما ورد فيها بدهي. ويرون أن التسريبات والهجوم على حيادية الخدمة المدنية من قِبل الزعيم اليميني، “نايغل فاراغ”، مدعاة للدفاع والصمود.

فالنزعة الشعبوية لم تتوقف عند اختراق المؤسسات وها هي تصل إلى “وزارة الخارجية”. والمزاج في “الخارجية” هو بمثابة إشارة لما سيحدث في الأسابيع المقبلة ويقدم فحصًا مبكرًا لما ستكون عليه حكومة، “بوريس غونسون”، لو انتخب ليخلف، “تيريزا ماي”، وكيف سينظر لعلاقته مع الخدمات المدنية والأميركيين والحركة المحلية المطالبة بالخروج من “الاتحاد الأوروبي”.

إقالته سوء فهم للدبلوماسية..

ويرى “وينتور” أن القضية الأهم بالنسبة لـ”تيريزا ماي”؛ والسكرتير الدائم في وزارة الخارجية، سير “سايمون ماكدونالد”، إن كان “داروش”، الذي تضررت علاقته مع “ترامب” بشكل لا رجعة فيه، يمكنه مواصلة عمله حتى تقاعده ؟.. وأظهر “ترامب” عدم إرتياحه من السفير ويريده أن يحزم حقائبه ويعود.

ولكن هنا دوائر في إدارة “ترامب”، وكذا العلاقات الأمنية، تعتقد أنه لو أغلق “ترامب” أبوابه في وجه “داروش” فإنه سيظل مؤثرًا ومهمًا لكل من “لندن” و”واشنطن”.

ويزعم أن الجمهوريين يفهمون دور السفير ومهمته في نقل الحقيقة بدون رتوش. ولم يعبر عدد من سفراء “بريطانيا”، في “واشنطن”، تعاطفًا مع “البيت الأبيض”، وهو ما لم يمنعهم من المراقبة الدقيقة للمشهد السياسي.

ورحيل “داروش”، المبكر، قد يكون تحركًا براغماتيًا، ولكنه سيكون بمثابة انتصار للذين سربوا المذكرة ويعكس سوء فهم للدور الدبلوماسي.

والقضية الثانية الأهمية لـ”وزارة الخارجية”؛ هي اختيار رئيس الوزراء الجديد، حيث لن يتم تعيين خلف لـ”داروش” إلا في الخريف.

وكتب “توم فليتشر”، السفير البريطاني السابق في “لبنان”؛ ولا يزال على علاقة مع السلك الدبلوماسي، تغريدة دافع فيها عن “داروش”، قائلاً: “بالتأكيد فالمصالح الأميركية والبريطانية ستضرر بسبب التسريبات، ولكن القادة الجديين يعرفون أن الدبلوماسيين لديهم واجب لنقل ما يعرفونه بصراحة. وقيام رئيس بمهاجمة سفير دولة حليفة بهذه الطريقة باعث على الأسى، ولا يستطيع السفير الدفاع عن نفسه بل ويجب على الوزراء الدفاع عنه”.

كان يجب على “ماي” تبني مواقف مختلفة.. 

وعندما يتم تعيين سفير من خارج الخدمة المدنية؛ فإنه سيكون انتصارًا لـ”فاراغ” ولا أحد سيتحمس للإستفادة من الظرف وتقوية العلاقة مع “ترامب” أكثر من دعاة الخروج من “الاتحاد الأوروبي”. لكن تعيينًا سياسًا خارج الوزارة سيلقى مقاومة.

وفي حالة تمت الاستجابة لما اقترحه “فاراغ” وتعيين رجل أعمال من دعاة الخروج؛ يعني إعترافًا من الخارجية أنها لا تستطيع القيام بالمهام المطلوبة منها. وهناك سبب يدعو لخوف “وزارة الخارجية” منذ سحب ملف الـ (بريكست) منها.

ومن يناقشون أن “داروش” لم يستفد من الفرص التي أتيحت له للتقارب مع إدارة “ترامب”؛ يقترحون أنه كان على “ماي” تبني مواقف مختلفة من المناخ و”إيران” والقطبية المتعددة. ولكن من النادر أن يعطى منصب السفير بـ”واشنطن” لمعاون سياسي. ففي عام 1977؛ قام لورد “أوين بطرد بيتر رامسبوتام” وعين بدله “بيت جي”، الصحافي الاقتصادي وصهر رئيس الوزراء، “غيمس كالاهان”، إلا أن الجميع اعتبر قرار تعيينه خطأ.

واستطاع “هانت” الفوز بمعركة داخلية لفتح المناصب الدبلوماسية لأشخاص من خارجها وتم نشر الدعايات؛ ومن غير المحتمل تعيين أشخاص خارج المؤسسة الدبلوماسية المهمة لمن جاؤوا من خارج المؤسسة.

ولم يقدم “فاراغ” نفسه كسفير محتمل في “واشنطن”، لكنه اقترح العمل كمستشار أمني واقتصادي وتجاري للحكومة وهو ما يقوم به عادة السفير. ويشعر دعاة الخروج أن مؤسسة الخدمة المدنية تحفل بمؤيدي “أوروبا” بشكل لن يجعل الخروج البريطاني من أوروبا انتصارًا. ويشيرون إلى المتقاعدين من السلك الدبلوماسي المؤيدين لأوروبا والمقالات التي يكتبها سير “إيفان روغرز”، السفير البريطاني السابق لدى “الاتحاد الأوروبي” والتحذيرات التي يقدمها عمال الخدمة المدنية من الخروج بدون صفقة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب