بسبب إستراتيجيته القتالية .. التحالف الدولي لن يساعد “السيسي” على محاربة “داعش”

بسبب إستراتيجيته القتالية .. التحالف الدولي لن يساعد “السيسي” على محاربة “داعش”

كتب – سعد عبد العزيز :

تتعرض مصر في تلك المرحلة من تاريخها إلى العديد من العمليات الإرهابية التي تهدف إلي ضرب استقرار البلاد وعرقلة مسيرة التنمية التي تشهدها مصر بقيادة الرئيس “عبد الفتاح السيسي”.

وفي ظل الحرب التي تشنها مصر ضد المتطرفين وتزايد وتيرة الهجمات الإرهابية المتلاحقة ضد مواقع وأهداف مسيحية, نشرت صحيفة “هاأرتس” الإسرائيلية مقالاً تحليلياً للكاتب “تسفي برئيل”، زعم فيه أن نظام الحكم في القاهرة ليس لديه خطة مُحكمة لمكافحة الإرهابيين, كما أن الجيش المصري – في إطار تصديه لتنظيم “داعش” – يواصل التدريب والتسليح وكأنما يواجه دولة وليس تنظيماً إهابياً.

تنظيم “داعش” في مصر يصعب محاربته بالأساليب التقليدية..

يقول الكاتب الإسرائيلي: “إن الصورة التفاؤلية – التى بدا فيها كل من الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” والملك “سلمان بن عبد العزيز” والرئيس “عبد الفتاح السيسي” وهم يضعون أيديهم على مجسم للكرة الأرضية, للإشارة إلى التعاون المشترك في مجال مكافحة الإرهاب – لم يكن لها أثر يُذكر على التنظيم الموالي لداعش في مصر. فبعد قرابة شهر على الهجوم الذي استهدف “دير سانت كاترين” في سيناء وتفجير كنيستي “الأسكندرية وطنطا”, أعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن “هجوم المنيا”, الذي أدى إلى مقتل 29 مواطناً قبطياً, والذي جرى مع بداية شهر رمضان وكأنما تم التخطيط له وفق جدول زمني مُسبق”.

ويضيف “برئيل” أن تلك الهجمات الإرهابية توضح إلى حد كبير السبب في أن تحالفاً دولياً, على غرار ما تقوده الولايات المتحدة في العراق وسوريا, “لا يمكن أن يكون مُجدياً ضد الهجمات الإرهابية في مصر أو السعودية أو الدول العربية الأخرى. فتنظيم “داعش” في مصر لا يسيطر على مساحة من الأراضي كالتي يسيطر عليها في سوريا أو العراق. لذلك فمن الصعب إن لم يكن من المستحيل مهاجمة قواته من خلال حرب تقليدية. والدليل على ذلك أعداد القتلى التي تعلنها مصر”.

ما هو حجم التنظيم الإرهابي في مصر ؟

وفقاً لتقديرات مصادر غربية، فإن ذلك التنظيم الإرهابي يضم في صفوفه ما بين ألف إلى ألف وخمسمئة مقاتل داخل مصر, ولكن تقارير الحكومة المصرية منذ منتصف عام 2013، تقول إنه قد قُتل في سيناء قرابة سته آلاف من مُقاتلي “داعش” – أي قرابة أربعة أضعاف تعدادهم. “فمن أين أتى كل باقي القتلى ؟”.. فيما تُعلن بعض منظمات حقوق الإنسان وأحد رؤساء قبائل البدو, أن هناك قتل عشوائي للمواطنين, وكل مواطن يُقتل يُصنف على الفور أنه من مقاتلي داعش. وفي الشهر الماضي تم نشر فيديو على شبكة الإنترنت يوضح كيف يقوم جنود مصريون بإعدام أثنين من المواطنين بعد تحقيق سريع في الشارع, وكان بجوارهم بعض الجُثث لمواطنين آخرين. وحقيقة أن الحكومة المصرية قد نفت أن يكون هؤلاء جنود مصريين, لكن من الصعب الاقتناع بذلك في ظل الحقائق المُعلنة.

مكافحة الإرهاب تستوجب إستراتيجية مختلفة..

يدعي الكاتب الإسرائيلي أنه: “إلى جانب صعوبة الحصول على معلومات استخباراتية للتعرف على أفراد “داعش” أو مُخططاتهم, واستراتيجية التصدي الفاشلة لهذا التنظيم, هناك أيضاً انخفاض الدافع لدى الجنود المتواجدين في سيناء, والذين لا يمكنهم القيام بالمهمة. وقبل بضعة سنوات عندما كان “السيسي” لا يزال في منصب رئيس الأركان, أوضح في مؤتمر للضباط سبب عدم إمكانية قيام الجيش بمكافحة الإرهاب. حيث قال السيسي: “إن الجيش آداة قتل, ليس آداة للاعتقالات.. وليس دورنا مكافحة الإرهاب. بل إنه دور الشرطة وقوات أمن الداخلية. ويجب علينا حماية حدود الدولة”.

والآن فقد تغيرت الاستراتيجية, لكن الجيش لا يزال يواصل التدريب وكأنما يحارب دول وليس مجرد تنظيم إرهابي. حيث يشتري “السيسي” من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا طائرات مقاتلة ودبابات وعربات مدرعة من طراز لا يمكنه أن يُستخدم في حرب المُدن أو في معارك داخل كهوف سيناء. فالتدريبات الخاصة بمكافحة الإرهاب ليست ممنهجة ولا تعتمد على نظرية قتالية ثابتة.

“في بعض الحالات يسمح الرئيس “السيسي” لسلاح الطيران الإسرائيلي ولا سيما للطائرات الإسرائيلية بدون طيار (بحسب تقارير أجنبية) القيام بالمهمة داخل سيناء, بينما يستخدم سلاح الطيران المصري في شن عمليات انتقامية غير مؤثرة مثل استهداف مواقع تمركز مقاتلي “داعش” في درنا داخل ليبيا. وتلك الهجمات التي نفذ سلاح الطيران المصري مثلها عام 2015 بعدما قام تنظيم “داعش” بذبح 21 قبطياً كانوا يعملون في ليبيا, ليست سوى عمليات استعراضية الهدف منها إظهار أن الجيش المصري يقوم بشئ ما”.

الإدارة الأميركية تطالب مصر بتغيير أسلوب مكافحة الإرهاب..

إن الإدارة الأميركية تدرك تماماً إخفاقات الحرب المصرية ضد التنظيمات الإرهابية, وخلال اللقاء الأخير الذي أجراه الرئيس “ترامب” مع الرئيس “السيسي” كان ذلك من بين أهم الموضوعات التي ركز عليها اللقاء. فيما تحاول الإدارة الأميركية منذ فترة إقناع الرئيس “السيسي” بإجراء تعديل في أسلوب آداء الجيش المصري وتخصيص جزء كبير من المساعدات العسكرية التي يتلقاها بقيمة 1,3 مليار دولار, لشراء أسلحة مخصصة لمكافحة الإرهاب, لكن “السيسي” لا يسارع بتقبل تلك النصيحة. وفي هذا العام ستخفض الولايات المتحدة المساعدات المدنية بحوالي 40 مليون دولار, بينما سيتم تجميد 15% من المساعدات العسكرية إذا لم يطرأ تحسن في أوضاع حقوق الإنسان في مصر. لكن هذا القيد لن يسري على أسلحة مكافحة الإرهاب. وليس من المؤكد أن يؤدي هذا الشرط لإحداث تغيير كبير في نمط شراء الأسلحة وأسلوب القتال لدى الجيش المصري.

تنظيم “داعش” يسعى لإشعال حرب أهلية في مصر..

في المقابل فإن تنظيم “ولاية سيناء” الموالي لداعش لم يعد يكتفي منذ فترة بعملياته في شمال سيناء, حيث قام منذ عامين بتوسيع رقعة نشاطه إلى المدن الكبرى. ولكنه إن كان في السابق قد ركز هجماته الإرهابية ضد قوات الأمن المصرية المتمركزة في منطقة العريش, فإنه خلال العام الأخير قد غير استراتيجيته وهو يسعى الآن لإشعال حرب أهلية في مصر. فالعمليات الإرهابية المتعاقبة ضد أهداف مسيحية تحظى بتعاطف شريحة من السكان المسلمين, تدل على قراءة دقيقة لخريطة التوترات في الدولة المصرية. وفي المقابل, لا يبدو أن نظام الحكم في مصر لديه حالياً أي خطة منظمة لمواجهة  تلك الحرب التي تستوجب ليس فقط أسلوب قتالي عسكري مختلف وإنما أيضاً ذلك عملية قومية لنبذ الفكر المتطرف وتجفيف مصادر التمويل الذي يصل من الخارج إلى التنظيمات الإرهابية, ولا سيما من سوريا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة