خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
باءت آخر جهود “الولايات المتحدة الأميركية”، لإضافة بنود جديدة على ميزانية 2021م لـ”الأمم المتحدة” بخصوص إحياء لجنة العقوبات على “إيران”، بالفشل، بعد تصويت 110 عضو بالنفي، مقابل 10 فقط، بالإيجاب.
وقد تعلل الأميركيون بضرورة أن تستأنف لجنة عقوبات “الأمم المتحدة” عملها؛ بأنه لا وجود لـ”الاتفاق النووي” بعد الانسحاب الأميركي. بعبارة أفضل، أكد معظم أعضاء “الأمم المتحدة” أنه لن يكون من حق “الولايات المتحدة الأميركية” الاستفادة من آلية الكماشة، ولن يشتمل العام 2021م، بالنسبة لـ”الأمم المتحدة”، على تخصيص ميزانية لاستئناف العمل بعقوبات “مجلس الأمن” التعددية على “إيران”. وعليه فقد واجهت إدارة “ترامب” هزيمة جديدة بالفشل في تمديد حظر التسليح على “إيران”، ثم الاستفادة من آلية الكماشة. بحسب صحيفة (رسالت) الإيرانية الأصولية.
ثمار “الاتفاق النووي” أم المقاومة ؟
يدعي البعض أن ما حدث مؤخرًا، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، (ومجلس الأمن من قبل)، هو نتائج “الاتفاق النووي”، لكن حقيقة الأمر أن وثيقة “الاتفاق النووي” تجيز تفعيل آلية الكماشة دون موانع، خاصة من الأعضاء.
لكن ما تسبب في معارضة أعضاء “مجلس الأمن”، ثم معظم أعضاء “الأمم المتحدة”، رغم مساعي إدارة “ترامب” لتفعيل آلية الكماشة، هو الانسحاب الأميركي من “الاتفاق النووي”.
بعبارة أخرى يعتقد الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، والمستشارة الألمانية، “أنغيلا مريكل”، أن “الولايات المتحدة” بانسحابها من “الاتفاق النووي” لم يُعد بمقدورها الاستفادة من المزايا القانونية، (لأعضاء الاتفاق النووي).
لكن السؤال الرئيس: لو لم تنسحب إدارة “ترامب” من “الاتفاق النووي”، هل كان لحلفاء “الولايات المتحدة”، داخل “الاتحاد الأوروبي” أو من خارجه؛ اتخاذ هكذا موقف من “الولايات المتحدة” ؟.. الإجابة لا.
اتخذ شركاء “البيت الأبيض” هكذا موقف بسبب إصرار “الجمهورية الإيرانية”، من جهة على (إستراتيجية المقاومة النشطة)؛ بما يكبد الدول الغربية تكلفة باهظة، كما أن إدارة “ترامب” ضاعفت من جهة أخرى؛ بانسحابها من “الاتفاق النووي” التكلفة “الأميركية-الأوروبية” المشتركة في المواجهة مع “إيران”. وعليه فقد اتخذ الأوروبيون قرار عدم تفعيل “آلية الكماشة” استنادًا لانسحاب “الولايات المتحدة” من “الاتفاق النووي”.
إعادة النظر في “آلية الكماشة”..
المقطوع به؛ أن الإدارة الأميركية الجديدة قد تقدم نفسها كأحد أعضاء “الاتفاق النووي” بذريعة “العودة غير المثمرة للاتفاق النووي”، ومن ثم تفعيل “آلية الكماشة” في آخر مرحلة، (واستئناف العقوبات التعددية على إيران).
في هذه الحالة؛ فإن “وثيقة الاتفاق النووي” لن تساعد قطعًا، جهاز الدبلوماسية والسياسة الخارجية الإيرانية !.. وسوف تستفيد إدارة “بايدن”، هذه المرة؛ من حق الـ (فيتو) في فرض العقوبات على “إيران”؛ حتى في حال إلتزام “إيران” الكامل ببنود “الاتفاق النووي”.
ومن ثم يتعين على “إيران” إدارج “تعديل”، أو “ملحق”، في حالة الضرورة لاستبدال “استئناف العقوبات التعددية” باستخدم حق الـ (فيتو) إلى “استمرار تعليق العقوبات حتى مع حق الفيتو”. أو بالأحرى يجب إعادة تعريف المعادلة، بحيث لا يمكن لأحد الأعضاء الدائمين في “مجلس الأمن” استئناف العقوبات التعددية ضد “إيران”.
ممنوع السذاجة في مسألة الكماشة..
من السذاجة المفرطة أن يتصور الديمقراطيون، (إدارة بايدن الجديدة)، إساءة استغلال “آلية الكماشة”، المنصوص عليها في “الاتفاق النووي”؛ وقرار “مجلس الأمن” رقم (2231) ضد إيران.
فلقد نسب وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، رسالته بشأن حق استفادة “واشنطن” من “آلية الكماشة”، ضد “إيران”، والتي تعرضت للسخرية، إلى الرئيس الأميركي السابق، “باراك أوباما”. وكتب على (تويتر): “الحديث عن آلية الكماشة لا يخصني، وإنما الرئيس، باراك، هو صاحب هذه الآلية. وقد قال للكونغرس الأميركي بدقة: يمكن استئناف العقوبات على إيران في أي وقت وبسرعة، ولا تستطيع أي دولة أن تعوق ذلك”.
مطامع الديمقراطيون في “الكماشة”..
لا يجب تجاهل أن أفراد مثل: “ريتشارد نفيو”، عضو فريق المفاوضات النووية الأميركي، كان قد وصف “آلية الكماشة”، في “الاتفاق النووي”، بـ”نقطة قوة”؛ وأكد أن بلاده تستطيع الاستفادة من هذه الآلية في أي وقت !.. وطبقًا لـ”الاتفاق النووي” والقرار رقم (2231)؛ يحق لأي من أعضاء لجنة “الاتفاق النووي” المشتركة تفعيل مشروع “حل الاختلافات”، أو “آلية الكماشة”، مع تحويل الأمر في النهاية إلى “مجلس الأمن”.
والعضوية في “الاتفاق النووي” بالتأكيد هي الشرط الأساس للقيام بهكذا خطوة !.. وقد حُرمت “الولايات المتحدة” هذه الميزة. مع هذا تُجدر مراعاة أن “جو بايدن”، بالعودة الشكلية لـ”الاتفاق النووي”، (وهو احتمال)، فقد يستفيد من “آلية الكماشة” كأداة ضغط على “إيران”. ومما لا شك فيه أن من حق “الجمهورية الإيرانية”، (استنادًا إلى سوء تفسير إدارة “ترامب” لآلية الكماشة)، أن تطلب رسميًا إعادة النظر في البنود المتعلقة بتلكم الآلية.
على أي حال، لم يكن “الاتفاق النووي”، أو قرار “مجلس الأمن” رقم (2231)، هو ما تسبب حتى اللحظة في فشل “الولايات المتحدة” بتفعيل “آلية الكماشة”، وإنما أصالة “إستراتيجية المقاومة النشطة”؛ وإدارك المجتمع الدولي “حجم تكلفة المواجهة ضد إيران”.