24 أبريل، 2024 1:08 ص
Search
Close this search box.

بزيارة ماكرة .. “ماكرون” يسعى للإطاحة بالصين من إفريقيا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

على ما يبدو أن زيارة الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، لمجموعة من الدول الإفريقية، خلال الأسبوع الماضي، جاءت لإضعاف قبضة “الصين” على القارة السمراء، حيث تم من خلالها الإعلان عن عدد من الشراكات التعليمية والتجارية، خاصة أن “ماكرون” يعتبر إفريقيا هي مفتاح الطموح العالمي لـ”فرنسا”.

وفقًا لما ذكرته شبكة (سي, إن. بي. سي) الأميركية؛ أن زيارة “ماكرون”، لكل من “غيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا”، على مدار أربعة أيام في الأسبوع الماضي، ينظر إليها على أنها محاولة لتوطيد العلاقات الجديدة في منطقة ينمو فيها نفوذ “الصين” بسرعة.

في أول زيارة لرئيس فرنسي إلى “كينيا”، منذ استقلالها في عام 1963، أختتم “ماكرون” رحلته بإعلانه عن صفقات بقيمة 3 مليارات يورو، (3.4 مليار دولار)، مع الدولة القوية في شرق إفريقيا.

في حين لا تزال تفاصيل غامضة، أكد الرئيس الكيني، “أوورو كينياتا”، في بيان يوم الخميس، أنه تم التوصل إلى اتفاق مع (كونسورتيوم فرنسي) على سلسلة من الأعمال الرئيسة لتعزيز شبكة النقل في “كينيا”، بما في ذلك بناء خط للسكك الحديدية للركاب يربط العاصمة الكينية مع محطة السكك الحديدية المركزية.

وبرعاية بعض من الشركات العملاقة في “فرنسا” – بما في ذلك “Danone” و”EDF” و”GE Alstom” و”Total Group” – كانت رسالة “ماكرون” واضحة تمامًا.

وقال “ماكرون”، في مؤتمر صحافي مشترك مع “كينياتا”، يوم الأربعاء: “القصد من ذلك هو بالفعل فتح شراكة جديدة في الاقتصاد”. وأضاف: “الآن ما نريد أن نفعله، هو أن نكون جزءًا من أجندة النمو الجديدة الخاصة بكم… هكذا يمكن أن تكون فرنسا شريكًا اقتصاديًا طويل الأجل وذو مصداقية”.

أعرب الجانبان عن عزمهما الشديد على تحويل هذه الزيارة إلى علاقة طويلة الأمد، ومع ذلك، كان بعض ردود الفعل المحلية أقل حماسًا، حيث غمر (تويتر) ردود فعل سلبية على زيارة “ماكرون”؛ وجاءت إحدى التغريدات تقول: “الناس مثل ماكرون هم العوائق الحقيقية للتنمية في إفريقيا”.

لماذا تجري محاولات تنمية علاقات فرنسا بإفريقيا ؟

تعتبر أحد الأهداف الواضحة لـ”ماكرون”، من وراء ذلك، هو تقليص تأثير “بكين”، حيث يحاول “ماكرون” جذب نظرائه الأفارقة غير الناطقة بالفرنسية، مثل “إثيوبيا” و”كينيا”. وهذا يمثل جهدًا كبيرًا لتأكيد الميزة التنافسية لـ”فرنسا” في منطقة تسيطر عليها قبضة “الصين”.

وقال “غان بيير كابستان”، مدير إدارة الدراسات الحكومية والدولية بجامعة “هونغ كونغ”، لشبكة (سي. إن. بي. سي): “فرنسا تتنافس مع الصين في جميع أنحاء إفريقيا الآن ولفترة قادمة من الوقت”.

وأضاف “كابستان”، الذي يعمل أيضًا كعضو في “المركز الفرنسي لبحوث الصين المعاصرة”، في “هونغ كونغ”: “بالنسبة لكثير من الشركات الفرنسية؛ كان هذا يعني سابقًا صفقات يتم توقيعها خلف أبواب مغلقة”.

وإنطلاقًا من إرتباط غير موجود تقريبًا مع القارة ما قبل الألفينات، أصبحت “الصين” الآن أكبر شريك اقتصادي في المنطقة.

تشير تقديرات تقرير شركة “ماكينزين” للإستشارات الإدارية العالمية، لعام 2015، إلى أن تجارة “الصين” مع “إفريقيا” تجاوزت 185 مليار دولار. وبالمقارنة، قُدرت تجارة “فرنسا” مع المنطقة بنسبة أقل بكثير من 57 مليار دولار. وأدعى نفس التقرير أن عدد الشركات الصينية في “إفريقيا” يتراوح بين مرتين إلى تسعة أضعاف العدد الرسمي.

في “كينيا”، وجهت “الصين” ما يقدر بنحو 4 مليارات دولار لبناء سكة حديد “مومباسا” و”نيروبي”، أكبر مشروع للبنية التحتية في “كينيا”، في حين كانت “الصين” في “إثيوبيا” هي القوة المالية وراء إنشاء سكة حديد “أديس أبابا-غيبوتي”، التي تبلغ قيمتها 3.4 مليار دولار.

قرر “ماكرون”، في وقت مبكر منذ توليه الرئاسة، وضع “إفريقيا” كأولوية قصوى، وهو توجيه أعطاه بوضوح لسفراء “فرنسا”، البالغ عددهم 170 سفيرًا، في أول خطاب للسياسة الخارجية، في عام 2017، وصرح بجرأة: “إن مستقبل العالم في إفريقيا سيتلاشى إلى حد كبير”.

وبالفعل لم يضيع “ماكرون” وقتًا في تنفيذ خطته؛ وأطلق بسرعة أول مجلس رئاسي لإفريقيا على الإطلاق، وفريقه الاستشاري الخاص بالعلاقات بين “فرنسا” و”إفريقيا”، وعمل مخططه الساحر من خلال رحلة إلى غرب “إفريقيا”، في تموز/يوليو الماضي، والآن إلى شرق “إفريقيا”.

لكن بصرف النظر عن تقليص الهيمنة الصينية، فإن إلقاء نظرة فاحصة على البيانات يكشف أن المنطقة تزداد أهمية اقتصادية. في عام 2017، أصبحت “إثيوبيا” ثالث أكبر سوق لـ”فرنسا” مع ارتفاع الصادرات الفرنسية إلى مستوى قياسي؛ بلغ أكثر من 830 مليون يورو.

تضاعف عدد الشركات الفرنسية في “كينيا” ثلاث مرات تقريبًا، خلال السنوات الخمس الماضية، بشركات من أمثال “Peugeot” و”L’Oréal” و”Accor” و”Schneider Electric” و”Danone”، مما أسس قاعدة إقليمية تعكس صورة “كينيا” المتنامية كمكان لإزدهار الأعمال التجارية.

هل تستطيع فرنسا هزيمة الصين في السيطرة على إفريقيا ؟

للوهلة الأولى؛ تبدو صورة “باريس” قاتمة، حيث أن “فرنسا” لا تضاهي قوة “الصين” الاقتصادية. لكن نظرة فاحصة تكشف عن تحول طفيف في الوضع العام؛ الذي قد يمكن “ماكرون” من اليد العليا في المنطقة.

ويبدو أن نهج “الصين”، في التعامل مع “إفريقيا”، ينحدر بهدوء، حيث أعلنت “الصين” في آب/أغسطس 2018، أنها لن توسع إلتزامها المالي تجاه المنطقة. وبدلاً من ذلك، ستلتزم “بكين” بتعهدها المالي عند مستواه السابق، البالغ 60 مليار دولار، في عام 2015، وربما يكون ذلك أحد أعراض التباطؤ الاقتصادي الصيني.

بالإضافة إلى ذلك؛ يبدو أن بعض الدول الإفريقية لديها رغبة أكبر في التعامل مع دول أخرى غير “الصين”، ويبدو أن “ماكرون” سيستفيد من هذا الإتجاه.

كما أكد “كابستان” على أن: “السياسة الداخلية لها أيضًا عامل كبير هنا”، حيث أن عودة “إثيوبيا” تدريجيًا إلى الديمقراطية تخلق فجوة مع “الصين”؛ وتعيد تنظيم المصالح مع “فرنسا”.

وفي الوقت نفسه؛ تحرص “كينيا” أيضًا على التنويع بعيدًا عن اعتمادها العلني على “الصين”. وقال “كابستان”: “إن كينيا، مثلها مثل العديد من الدول الأخرى في المنطقة، لديها ديون كبيرة للصين وهناك بالتأكيد رغبة في إعادة التوازن لعلاقاتها الخارجية”.

عزز “ماكرون” تقاربه من “إفريقيا” بعنصر من القوة الناعمة؛ وتعهد بدعم تطوير التراث الثقافي لـ”إثيوبيا” والعديد من شراكات التعليم العالي. باختصار؛ “قد يكون ماكرون قادرًا على التغلب على سحر الصين في إفريقيا، بفعل شبابه وأسلوبه وصورة فرنسا، لكن فرنسا لن تحل محل الصين”، وفقًا لـ”كابستان”.

وأضاف أنه بدلًا من ذلك “ستتنافس فرنسا بنشاط أكبر مع الصين”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب